اَلْإثْبَج (الأحدب، والناتئ الصدر، ظ: ابن منطور، مادة ثبج)، قبیلة تنتسب إلی الأثبج بن أبي ربیعة بن نهیک بن هلال، أکبر أفخاذ قبیلة بني هلال. ورغم أن هناک إشارات جاءت بشأن قبیلة الأثبج في آثار مؤرخین مثل ابن الأثیر (9/ 566-567، 11/ 185 وما بعدها)، والتجاني (ص 18)، وابن أبي زرع الفاسي (ص 302، 343)، إلا أن تاریخ ابن خلدون یعد أهم مصدر قدم معلومات شاملة نسبیاً حول هذه القبیلة، وقد أخذ المؤرخون من بعده أکثر منقولاتهم عنه.

کانت قبائل و عشائر بني هلال الرحلت عیش عیشة بدویة في عصر العباسیین في أطراف جبل غُزوان بالقرب من الطائف. وکانت تشن الغارات و عملیات النهب في مناطق العراق والشام (ابن خلدون، 6(1)/ 27). وبعد ظهور القرامطة، انضم الکثیر من بني هلال مع بنيسلیم إلیهم، و عندما سیطر أتباع عبیدالله المهدي (الفاطمیون) علی مصر و لاشام، نقلوا أبناء هذه القبائل إلی مصر، وأسکنوهم في القسم الشرقي من نهر النیل في صعید مصر (م.ن، 6(1)/ 28). وفي 437هـ/ 1045م وعندما اعتنق المعز بن بادیس حاکم صنهاجة (في القیروان) مذهب أهل السنة، وثار بشکل علني علی المستنصر الفاطمي (الخلافة: 427-487هـ/ 1036-1094م) بعد مبایعته الخلیفة العباسي، قرب الخلیفة الفاطمي بإشارة وزیره الحسن الیازوري، مشایخ قبائل بني هلال وکذلک بني الأثبج، و عزم علی أن یستفید منهم ضد المعز. فأوکل المستنصر توابع إفریقیة (تونس وجزء من الجزائر الحالیة) إلی هذه القبائل، وسیطرت في 443هـ/ 1051م علی غرب إفریقیة (لمزید من التفصیل، ظ: م.ن، 6(1)/ 28-34؛ قا: التجاني، 17-18).

وعلی روایة ابن خلدون، فقد کان بعض مشایخ بني الأثبج عند استیلاء العرب المهاجمین علی إفریقیة، من الرجال المعروفین، وکانت الأثبج وهلال تتولیان قیادة هؤلاء العرب (6(1)/ 35-36)، کما کانت قبیلة الأثبج تترأس القبائل الأخری بعد تغلبهم علی الأمراء المحلیین لهذه المنطقة (م.ن، 6(1)/ 43)،ولکن تحالف هذه القبائل لم یکن ثابتاً دوماً: وعلی سبیل المثال فإن ملوک صنهاجة کانوا یشتبکون مع قبائل ریاح في زِغبة بمساعدة الأثبج (م.ن، 6(1)/ 42) وکانت قبیلة الأثبج تدخل أحیاناً في معارک ضد أمیر لمصلحة أمیر آخر (التجاني، 70؛ مقدیش، 2/ 193)، وکان الحکام المسیحیون یوقدون أحیاناً نیران هذه الاختلافات (ظ: ابن الأثیر، 11/ 185). وعندما تغلبت دولة الموحدین علی الدول المغربیة الأخری (541هـ/ 1146م) هاجم عبدالمؤمن إفریقیة، ووفد علیه اثنان من الأمراء العرب و منهم أبوالجلیل ابن شاکر أمیر الأثبج، فأکرمهما، وأبقی عبدالمؤمن أباالجلیل في رئاسة الأثبج. ومع کل ذلک، فإن قبیلة الأثبج أعلنت مع قبائل بني هلال الأخری ثورة ضد عبدالمؤمن أدت إلی هزیمة الکثیر منهم و أسرهم، ولکن عبدالمؤمن أفرج عن أسراهم، ومنذ ذلک الحین کان یطلب منهم أحیاناً أن ینضموا إلی جیش الموحدین في جهاد الأندلس (ابن خلدون، 6(1)/ 43-45). وأسکن الموحدون کل بطن من قبیلة الأثبج في مکان؛ وعلی سبیل المثال فقد أسکنوا بطن کرفة في الجانب الشرقي من جبل أوراس، وفرقوا الکثیر منهم في بلاد الزاب الشرقیة، وأوکلوا جمع الخراج في هذه المناطق إلیهم (م.ن، 6(1)/ 48-49). ولکن مع هزیمة الموحدین، وقیام دولة المرابطین، أصبحوا في جملة أعوانهم، و شارکوا في فتح إشبیلیة (683هـ/ 1284م) (ابن أبي زرع، 343)، حتی انقضی عهدهم تدریجیاً، إثر تفرقهم وامتزاجهم مع القبائل الأخری.

المصادر

ابن أبي زرع، علي، الأنیس المطرب، الرباط، 1972م؛ ابن الأثیر، الکامل؛ ابن خلدون، العبر؛ ابن منظور، لسان؛ التجاني، عبدالله، رحلة، تقـ: حسن حسني عبدالوهاب، تونس، 1377هـ/ 1958م؛ مقدیش، محمود، نزهة الأنظار، تقـ: علي الزواري و محمد محفوظ، بیروت، 1988م.

عبدالأمیر سلیم/ خ.