الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الجغرافیا / أتل /

فهرس الموضوعات

أتل

أتل

تاریخ آخر التحدیث : 1443/2/1 ۲۳:۱۳:۱۰ تاریخ تألیف المقالة

أَتِل، اسم آخر لهر الفولغا، و کذلک اسم مدینة إلی جوار هذا النهر کانت یوماً عاصمة حکم الخزر.

 

نهر أتل

ورد اسمه القدیم في الجغرافیا الرومیة علی أنه «را» (BSE2, VIII/603؛ پاولي، مادة را). وما یزال الموردفا (الموردفین) الساکنون في فنلندا یسمون نهر الفولغا «راف»، أو «راو» (مارکوارت، 378، ها 4). و قد کان نهر الفولغا یسمی في روما الشرقیة (البیزنطیة) «روس» (پاولي، ن.ص). وذکره ابن حوقل (2/388) باسم نهر الروس المعروف بأتل، والإدریسي (2/831) بنهر الروس المعروف بأثل. وتعود هذه الکلمة إلی اللغة الفنلندیة، و کان للإسکیث (السکا) في جنوب روسیا تسمیتهم الخاصة لهذا النهر. وقد کان الیونانیون في أطراف البحر الأسود قد سمعوا هذا الاسم في لاقرن 6 ق.م، و کانوا یسمون هذا النهر «أوآروس». وقد جاء في الأفستا النهر المذکور باسم «فؤورو» بمعنی العریض و الواسع. ثم ترجمه الأتراک فیما بعد إلی «أتل». وقد اشتقت الکلمة الفنلندیة «را» من الکلمة السکائیة – الإیرانیة «راها» التي ذکرت في الأفستا بشکل «رانها»، وفي ریگ ودا بصورة «راسا» (پاولي، مارکوارت، ن.صص). وجاء هذا الاسم في النصوص العربیة والفارسیة بصورة أتل و أتیل، وفي المصادر العبریة بأشکال متعددة (ظ: دنلوپ، 91، ها 8). وذکر الکاشغري أن اسم هذا النهر أَتِل، بل إنه ذکر أشعاراً في وصفه، ولکن معلوماته عن الأقوام الساکنین حول هذا النهر غیر واضحة(1/70). ویسمیه البلغار الساکنون علی ساحل الفولغا أتیل، فیما یسمیه تتار الفولغا إدل والتشوفاش أدل (دانشنامه). وکان نهر الفولغا یسمی في القرون الوسطی في المؤلفات الإیرانیة و العربیة أتل. والیوم أیضاً یسمي التتار و الباشقیر و التشوفاش و بعض القومیات الترکیة نهر الفولغا إیتیل. وذکره أبو الفداء باسم نهر الأثل (ص 36). وفي المصادر الأرمنیة للقرن 7م ذکر اتل بصورة آتل (آرتامونوف، 234). وقد کتب مینورسکي نقلاً عن مارکوارت أن أهالي هنغاریا (المجر) کانوا یسمون نهر دون باسم إتول (ص 162). وقد سمی المسعودي أتل نهر الخزر (التنبیه... 62)، ولکن الاسم المذکور ضبط في أثره الآخر مروج الذهب بصورة آمل، وذلک اتباعاً للمخطوطات (1/200، 206، 208). ویحتمل أن یکون اسم آمل نتیجة خطد الناسخ، أو النساخ، ذلک لأنه ذکر في طبعة مروج الذهب تحقیق شارل پلا (بیروت، 1965م) بصورته الصحیحة آتل (موحد، 283).

یعتبر أتل (الفولغا) من الأنهار الکبری في العالم، وأکر نهر في قارة أوروبا. کان طول هذا النهر یبلغ 3,590 کم، ولکنه قل إلی 3,530 کم بعد إنشاء صهریج کبیر للمیاه علی مجراه. یبلغ حوض هذا النهر 1,360,000 کم2. ینبغأتل من مرتفعات فالداي (228 متر عن سطح البحر) بالقرب من قریة فلغوفر خوفیه (فولغا العلیا) فيمحافظة کالینین، و یصب في بحر الخزر بعد اجتیاز طریق طویل في منطقة آستاراخان (ن.ع) (BES2; BSE3, V/293، ن.ص).

 کتب الإصطخري حول دخول میاه أتل في بحر داخلاً و تغلب علی ماء البحر حتی یجمد في الشتاء بسبب عذوبته، ویتمیز لونه عن لون البحر (ص 222؛ أیضاً ظ: ابن حوقل، 2/393). لأتل حوالي 200 نبغ. ویفوق عدد و غزارة الینابیع الواقعة إلی یساره، الینابیع الواقعة إلی یمینه. ویتثل به 151 ألف جدول و نهر حیث یبلغ طول مجموعها 547 ألف کم. یحتل حوض هذا النهر ثلث سهل روسیا (BSE3، ن.ص). یبلغ عرض هذا النهر من 260 حتی 850 متراً، وعمقه من 9-12 متراً، و سرعة جریانه 40-70 سنتیمتراً في الثانیة (BSE2, VIII/603). ولاتخلو کتابات المؤلفین المسلمین من الاضطراب فیما یتعلق بمنبع نهر أتل. واستناداً إلی ماذکره الإصطخري (ن.ص) فإن نهر أتل یخرج من حد قرغیز، ویتجه من هناک إلی کیماک و أرض الغز ثم إلی البلغار، ویصب في بحر الخزر عند حدود برطاس (برتاس، برداس). و من خلال هذه المعلومات یمکن أن ندرک بسهولة أن الجغرافیین المسلمین کانوا یفتقدون المعلومات الکفایة في ذلک الوقت عن شمال روسیا و منبع نهر أتل. وقد کان الممر المائي لأتل معروفاً لهم من حدود أرض البلغار و الخزر حتی مصبه (BSE2, VIII/611) وکانوا یتصورون أن نهر کاما هو المجری الدعلی لأتل (بارتولد، V/98)، ولم یکونوا یحیطون علماً بارتفاعات فالداي في شمال روسیا. وقد تحدثت المصادر السریانیة في القرن 6م عن وجود الخزر و البلغار في جنوب روسیا. فحکومة الخزر لم تکن قد استقرت بعد في ذلک الوقت عند المجری الأسفل لنهر الفولغا (م.ن، V/269). وقد شکل البلغار الذین لایُعلم موطنهم علی وجه التحدید علی مایقول بارتولد، حکومتین في دوائل القرون الوسطی: إحداهما علی ساحل الفولغا، والأخری علی ضفة الدانوب، وقد ذکر اسم البلغار لأول مرة في القرن 6 م في المؤلَّف المنسوب إلی «زکریا الخطیب» (ح 555م) (م.ن، V/509؛ کستلر، 26). وفي حوالي 558م وصل التورکوت إلی حدود نهر أتل (أرتا مونوف، 65).

وفي منتصف القرن 6م دخل الأوغوریون السهول المحیطة بأتل، واستوطنوا منطقة یمر عبرها نهر تیل کما کتب تیوفیلاکتوس سیموکاتس، وکان الأتراک یسمونها «قارا» (م.ن، 76). وقد أدت الطبیعة الجغرافیة لأتل إلی أن تکسب منذ القرن 8م أهمیة باعتبارها طریقاً تجارباً. وقد أدی هذا الأمر نفسه إلی أن یولي علماء الجغرافیة اهتمامهم بروسیا أیضاً. ویشیر الإصطخري (ص 220) وابن حوقل (2/389) إلی مرور هذا النهر بأرض روسیا.

کان البجنک یعیشون في البدء في المناطق الشرقیة من نهر أتل، ولکنهم و کما هو واضح في المصادر البیزنطیة هاجروا إلی جنوب روسیا في أواخر القرن 9 م. وفي ذلک الوقت کان المجری الأوسط والأسفل لنهر أتل تحت سیطرة البلغار و الخزر. وفي القرنین 9 و 10 م کان لمدن أتل وبلغار و نوفغورود و روستوف – سوزدال و موروآم، دور أساسي من الناحیة التجاریة. وطبقاً للمؤلفات الروسیة المتعلقة بالقرن10م، وآثار المؤلفین الإسلامیین في القرنین 4 و 5هـ/ 10 و 11م و کذلک المصادر الأخری فإن الصقالبة (في الآثار العربیة = الروس) لم یکونوا یجتازون المجری الأوسط والأسفل لنهر أتل فحسب، بل کانوا یتوجهون أیضاً إلی مدینة أل و منها إی بحر الخزر (BSE2، ن.ص). وقد ذکر ابن فضلان الذي کان قد سافر إلی منطقة البلغار لیعرّف أهلها بالإسلام في 310هـ/ 922م، نهر أتل، و أشار إلی أن لامسافة بین عاصمة حکم ملک البلغار و بینها تبلغ یوماً واحداً (ص 136). وتؤید هذه الملاحظة وجود البلغار علی ساحل نهر أتل. کما یشیر أیضاً إلی تردد الروس في نهر أتل ولکنه لایذکر اسم مدینتهم. ویضیف أن الروس یأتون من مدینتهم، وترسو سفنهم فينهر أتل الذي یعتبر نهراً کبیراً (ص 151). ویمکننا أن نستنتج من هذه المعلومات أن الروس کانت لهم مدینة إلی جانب أتل أیضاً، وتقع دون شک في المناطق الشمالیة من منطقة البلغار. کما أشار ابن فضلان إلی مدینة کبیرة إلی جانب نهر أتل کانت عاصمة ملک الخزر (ص 172).

وفي القرن 11م قلت الأهمیة التجاریي لنهر أتل. و کانت حرکة الروس باتجاه المناطق الوسطی و السفلیمن مسار نهر الفولغا تجري ببطء. وفي القرن 13م قبیل هجوم المغول، وصل الروس إلی المنطقة التي یلتقي فیها نهر أوکا بأتل، وفیها تم تغییر اسمها في عهد الحکم السوفیاتي إلی غورکي (بارتولد، V/67). وفي هذا القرن نفسه تأسست بعد هجوم المغول و التتار إمبراطوریي المخیم الذهبي (ظ: ن.د، آلتین أردو)، حیث بنیت مدینة «سراي بزرگ» أو «سراي باتو» في 1254م إلی جانب نهر أتل کعاصمة لهم. وذُکرت فیما بعد مدینة أخری باسم «سراي برکاي» سمیت باسم «سراي جدید». وقد ذُکر أن تاریخ بناء هذه المدینة کان حوالي سنة 1260م (BSE3, XXII/588).

وأدی هجوم المغول و التتار إلی أن تنقطع العلاقات الاقتصادیة بین أتل و المناطق الأخری، و لم یکن هناک من ازدهار اقتصادي سوی في المسار الشمالي، و مناطق نوفغورود، و تفر، وفیلادیمیر – سوزدال. ومنذ القرن 14م استعادت التجارة نظاطها السابق، وازدادت أهمیة بعض المدنمثل غازان و نیجني نوفغورود وآستاراخان (ن.م، V/294). وفي 1465م توجه أفاناسي نیکیتین، أحد تجار مدینة تفر، إلی بحر الخزر عن طریق أتل، و قدم بعض المعلومات عن هذا النهر (فیتاشفسکایا، 36-41). وفي أواسط القرن 16م أخضع قیصر روسیا إیفان، الملقب بالرهیب، مقاطعتي غازان و آستاراخان للحکم الروسي، مما أدی إلی وحدة المناطق الواقعة علی مجری أتل تحت إشراف روسیا. وبعد سیطرة الجیش الروسي علی آستاراخان في 1556م، ظهرت مدن کبیرة جدیدة مثل سامارا و ساراتوف و تزاریتسین (فولغاغراد حالیاً). وقد قدم آدام أولیاریوس في 1636م معلومات حول المجری الأسفل مننهر الغولغا. ومع اتساع النفوذ الروسي، غادر التتار والأتراک المناطق المحیطة بفولغا، متخلین عن مواضعهم للروس. وظهرت المدن السلافیة – الروسیة الجدیدة علی سواحل الفولغا (أتل)، منها مدن سامارا (والتي سمیت منذ 1935م باسم کوي بیشف)، و أوفا، وسیمبیرسک التي کانت مسقط رأس فیلادیمر أولیانوف (لینین)،وأطلق علیها بعد موته في 1924 م اسم أولیا نوفسک (BSE3، ن.ص). وبذلک فإن أتل لن یتحول إلی حلقة وصل بین وسط روسیا وجنوبها فحسب، بل إنه هیأ أیضاً الأرضیي لنفوذ الروس في بحر الخزر. وبعد الثورة الروسیا فشلت جهود المسلمین الساکنین بین أتل وأورال في تأسیس دولة «إدل – أورال» و ذلک في 1917-1918م (دانشنامه).

 

مدینة أتل

کانت هذه المدینة قصبة إقلیم الخزر (ابن حوقل، 2/389). وتختلف آراء الباحثین حول عاصمة حکومة الخزر، فقد ذکر البعض أن بَلَنجَر الواقعة علی السفح الشمالي من القفقاز هي أول عاصمة لإمبراطوریة الخزر (کستلر، 62). وقد نشبت معرکة في هذه المنطقة بین جیوش المسلمین بقیادة سلمان بن ربیعة الباهلي و الخزر (البلاذري، 285-287). کما ذکر المؤلفون المسلمون سمندر أیضاً کعاصمة قدیمة للخزر. و یبدوأن هذه المدینة کانت تقع علی سفوح جبال القفقاز بالقرب من السریر، ولکن موضعها الدقیق لم یحد حتی الآن (آرتامونوف، 234). وذکر المسعودي أن تغییر عاصمة الخزر من سمندر إلی أتل قد حدث تقریباً بعد الحرب التي دارت بین الخزر و المسلمین (مروج، 1/200). ولکن آرتامونوف مؤلف کتاب «تاریخ الخزر» لایؤید رأي المسعودي هذا. فهو یری أنسمندر کانت ما تزال علی مایبدو عاصمة للخزر عند هجوم الجراح بن عبدالله الحَکَمي في 104هـ/722م و فتحه بلنجر و مناطق الخزر الأخری. ومن المحتمل أن عاصمة الخزر انتقلت إلی مدینة البیضاء في القسم الأسفل من نهر أتل بسبب هجمات المسلمین المتواصلة (ن.ص؛ أیضاً ظ: ابن الأثیر، 5/111-113).

 کانت هذه المدینة مقراً لخاقان في 119هـ/737م (آرتامونوف، ن.ص). وقد ذُکرت مدینة البیضاء کمقر لخاقان في القصة المتعلقة بهجوم مروان بن محمد في 119 هـ (ابن الأثیر، 5/215). وکتب بارتولد أن الخزر کانت مجاورة لرقعة الخلافة في الجنوب الربي من منطقة داغستان، وأنه کانت هناک معارک تحدث في الغالب بین الخزر والمسلمین. وبسبب هذه الاصطدامات اضطر ملوک الخزر إلی مغادرة عاصمتهم السابقة في داغستان لیبنوا مدینة جدیدة عند مدخل نهر الفولغا (V/61). وقد ذکر ابن خرداذبه ثلاث مدن خزریة باسم خَملیج وبلنجر و البیضاء (ص 124). ورأی عدد من الباحثین أن خملیج هو أحد أسماء أتل (آرتامونوف، 272؛ جودائیکا، III/823-824). وکتب ابن رسته (ص 139) أن شطري عاصمة الخزر کانا سار عَشِن وهَب نَلع أو حسلع (بدون آعجام). وقد احتمل دي خویه (ص 139) أنها قریبة من خملیج (أیضاً ظ: آرتامونوف، 394). وذکر الگردیزي أیضاً مدینتي الخزر الکبیرتین باسم سارغش و ختلغ (ص 272 و ها 8 و 9). ولاتخلو حسلع (دون إعجام) الواردة في کتاب ابن رسته من الشبه بختلغ في کتاب الگردیزي. وتشبه هذه المقاطع أیضاً فیما کتبه أبوعبید الکبري لما ذکره الگردیزي إلی حدما (مینورسکي، 310؛ آرتامونوف، 395). وقد اعتبر کل تلک الکلمات مأخوذ من مصدر یعود إلی زمان بعید، حیث یری آ. یو. یاکوبوفسکي، أنها کانت ساراشِن (اعتبرها مینورسکي معادلة لسَقسین) و خان بالغ (مینورسکي، 307-311؛ آرتامونوف، ن.ص). وإذا ما أعجمنا حسلع (الخالیة من الإعجام) في کتاب ابن رسته لتصبح خَنبَلِغ التي لاتخلو من الشبه باسم هَب نَلَع في نفس الکتاب (ن.ص)، فیمکن حینئذ احتمال أن الاسم المذکور هو تصحیف لخان بالغ. وقد أشار مینورسکي إلی اسم خان بالغ. وأجری هارتمن هذا التعدیل، لکنه ذکر الاسم السابق علی شکل قبغ بالغ، ولایبدو صحیحاً (مینورسکي، 311).

ولم یذکر اسم عاصمة الخزر بشکل واضح و کامل أي من المؤلفین المسلمین (آرتامونوف، ن.ص). وقد سمی فریق من المؤلفین المسلمین عاصمة الخزر بأتل؛ وماذکره الإصطخري في هذا المجال واضح، فقد کتب أن الخزر اسم قوم و أن عاصمتهم أتل نسبة إلی نهر بهذا الاسم (ص 10). وذکر ابن حوقل عاصمة الخزر باسمین هما أتل وخزران (2/389). فعلی أي ساحل من نهر أتل کانت ساراشن و خان بالغ تقعان، و أي منهما أتل، أو خزران علی ماذکر ابن حوقل؟ ذکر آرتامونوف أنه نظراً إلی أهمیة اسم خان بالغ، أو «شهرخان» والتي سمي القسم الغربي باسمها یمکن أن نحتمل أن «خزران» کانت تطابق ساراشن (بمعنی المدینة الصفراء)، و هي نفسها التي ذکرت علی الأرجح في النصوص العربیة باسم البیضاء التي تعني [المدینة] البیضاء. وللأسف فإننا لانمتلک دلیلاً مباشراً یثبت أن القسم الغربي کان یسمی خان بالغ، وأن القسم الشرقي کان یحمل اسم ساراشن. و من المحتمل أن یکون الاسم العربي البیضاء مشابهاً لاسم سارکِل (ساري = الأصفر) (آرتامونوف، ن.ص وها 20). ویمکن القول إن الاسمین خان بالغ و ساراشن أقدم من الاسمین أتل و خزران، ذلک لأننا نجد الاسمین الأولین في مصادر القرن 3هـ/ 9م في حین أن اسمي أتل و خزران یعودان إلی القرن 4هـ/ 10م، علماً بأن عاصمة الخزر بأکملها تعرف باسم أتل التي کانت تسمی في القرن 2هـ/ 8م البیضاء.

وقد أصحبت هذه المدینة في القرن 3هـ/ 9م من المراکز التجاریة، وبلغت ذروة ازدهارها في القرن 4هـ/ 10م (م.ن، 396) وفیما یتعلق بقطع أتل یوجد اختلاف بین المؤلفین. وذکر ابن فضلان أن هذه المدینة تشتمل علی قطعتین (ص 172). وأبدی الإصطخري (ص 220) و ابن حوقل (ن.ص) رأیاً مشابهاً لرأي ابن فضلان، لکن المسعودي اعتبرها مشتملة علی 3 قطع، و قد کتب أن أتل التي یقیم فیها الان ملک الخزر تتکون من 3 قطع یقسمها نهر کبیر و تقع هذه المدنیة علی جانبي النهر، و توجد وسط النهر جزیرة هي دارالملک، و یقع قصر الملک وسط هذه الجزیرة (مروج، 1/200-201). وهذا الرأي قریب مما ورد في خطاب یوسف، ملک الخزر الذي عُد تارخی کتابته بعد 954م (343هـ) و قبل 961م (350هـ) (کستلر، 79). وقد صور یوسف في خطاب إلی أحد أشراف إسبانیا، عاصمة حکمه مع ذکر التفاصیل و الطول و العرض، قائلاً: توجد في هذه المنطقة الخاضعة لحکمي 3 مدن... و تسکن إحداها زوجة الملک (زوجته) مع الخواص و الخدم. ویبلغ طول و عرض هذه المدینة مع ضواحیها و القری التابعة لها 50×50 فرسخاً. و قد سکن هذه المدینة الیهود و أتباع إسماعیل (المسلمون) و المسیحیون. و یعیش فیها أیضاً أفراد آخرون من الأقوام و القبائل. ویبلغ طول المدینة الثانیة و عرضها مع ضواحیها 8×8 فراسخ. وأنا أعیش في مدینتي الثالثة مع الأمراء والأشراف و الکبار و المقربین و الدم. و لیس هذه المدینة کبیرة کثیراً إذ یبلغ طولها و عرضها 3×3 فراسخ. و أنا أسکن في جزیرة صغیرة، تتوفر فیها مزرعة وبستان کرم و کل ما أحتاجه (آرتامونوف، 394-393). وقد کان طول کل من قسمي أتل یبلغ فرسخاً واحداً علی ماذکر الإصطخري (ن.ص) و ابن حوقل (2/389-390). وهذا الرقم هو أقل بکثیر مما أشار إلیه یوسف في رسالته. ویحتمل أن یکون هذا الرقم شاملاً لأبعاد المدینة دون الأخذ بنظر الاعتبار الضواحي و المناطق التابعة لها.

 واستناداً إلی ماذکر المؤلفون المسلمون فإن أتل کانت مدینة کبیرة تشتمل علی أبنیة تفصل بینها مسافات کبیرة، و قد شیدت هذه الأبنیة علی شکل بیوت خشبیة، وخیم من الصوف، وکذلک بیوت طینیة معدودة. ویُحتمل أن تکون هناک أوجه شبه بین هذه الأبنیة والبیوت المکتشفة في سار کل (آرتامونوف، 396). والمنطقة التي تقع فیها هذه المدینة، کانت تتمتع بأهمیة کبیرة من وجهة نظر علماء الآثار، و غُمرت بالمیاه بسبب تشیید منشآت هیدروکهربائیة (کستلر، 59). والقصر وقلعة الملک هما البناءان الوحیدان اللذان کانا یقعان في موضع أبعد من ساحل النهر في الجزیرة، ویبدو أنه قد شید جسر بین الجزبرة و الساحل من السفن (المسعودي، آرتامونوف، ن.صص؛ BSE3, XI/53). ویذکر الإصطخري أن قصر الملک مشید من الآجر، وما عدا هذا القصر لایوجد في جمیع الولایة بناء من الاجر، ولایسمح لأحد أن یبني بالآجر (ص 220). وقد کانت في هذه المدینة أشجار کثیرة، وهي تشمل علی أسواق و حمامات وکنیسة وبیعة و حوالي 30 مسجداً و مدرسة لتعلیم القرآن. وکان في المدینة مسجد جامع ترتفع فوقه مآذن أعلی من قصر الملک. وقد کان الارتباط بین أجزاء المدینة علی جانبي النهر یتم عبر السفن و الزوارق. وکانت الأسوار تحیط بجمیع أرجاء المدینة. وقد قارن المقدسي سور أتل بسور جرجانج (أورگنج)، واعتبره دکبر منه. و کان للمدینة 4 بوابات تطل إحداها علی نهر أتل (المقدسي، 360-361؛ الإصطخري، ابن حوقل، ن.صص؛ آرتامونوف، 396-397). ویری ابن حوقل أن مقر الملک و جیشه کان في القسم الغربي من المدینة (2/ 389). وکان یعیش في القسم الشرقي منها التجار و أصحاب الحرف و غیرهم و کان المسلمون یشکلون غالبیة سکان هذا القسم، و عددهم یبلغ أکثر من 10 آلاف شخص عدا من کانوا یخدمون في الجیش. ولم یکن عدد الیهود و المسیحیین و الوثنیین بالقلیل. و قد کان الصقالبة و الروس من جملة الوثنیین. و غالبیة الخزر یعیشون في القسم الغربي من المدینة، وکان أکثرهم من أتباع الدیانة الیهودیة. وعد المسعودي (مروج، 1/201) الملک و رجال البلاط و الخدم من جملة الیهود.ویبدو أن الحرس الملکي للخزر، والذي کان المسلمون یشکلون القسم الأکبر منه، یعیشون في هذا القسم (ن.ص؛ ابن حوقل، 2/390؛ آرتامونوف، 397). وفي 310هـ/ 922م أحیط ملک الخزر علماً بأن المسلمین هدموا کنیسة في إحدی البلدان الإسلامیة، فأمر بهدم مئذنة أحد المساجد و قتل المؤذنین فیها، إلا أنه لم یعمد إلی هدم المسجد کلیة خوفاً من تهدیم جمیع الکنائس في بلاد الإسلام (یاقوت، 2/440؛ بارتولد، V/600).

لم یتم حتی الان تعیین موضع مدینة أتل بشکل دقیق. فقد ذکر الإصطخري أنها تقع إلی جانب نهر بهذا الاسم، وأن المسافة بینها و بین سمندر 8 أیام، و لامسافة بین سمندر حتی دربند (باب الأبواب) تبلغ مسیرة 4 أیام (ص 227). وذکر ابن حوقل أیضاً مایشبه هذا الرقم (2/398). ورأی آرتامونوف أن مدینة أتل کانت تقع علی جانبي القسم الأسفل من الفولغا، وذکر استناداً إلی حسابات یوسف ملک الخزر أنها تقع علی مسافة تقرب من 120 کم إلی الشمال من آستاراخان في منطقة ینوتایفکا سلیتریانویه التي اکتشفت فیها أطلال أول عاصمة للتتار و هي مدینة سراي باتو (ص 390)، وجاء في جودائیکا أن هذه المدینة تقع علی بعد 144 کم شمال آستاراخان (III/824). وقد تمت في 1959م تنقیبات أثریة علی الساحل الأیمن للفولغا و الساحل الأیسر لآختویا و منطقة ینوتایفکا سلیتریانویه، و لکن لم یتم العثور علی آثار لأتل (آرتامونوف، 391-390).

وتفید الروایات الروسیة بأن عدداً من طوائف الصقالبة کانوا حتی النصف الثاني من القرن 9م یدفعون الخراج لملوک الخزر. وقد وجه الروس في القرن 9م ضربات إلی الطوائف الجنوبیة. وکان الصدام بین هذه الطوائف حتمیاً، وقد هجموا في البدء بموافقة من ملک الخزر علی الطوائف الجنوبیة، و وعدوه بأن یسلموه قسماً من الغنائم، ولکن حاکم الخزر سمح للمسلمین فیما بعد بأن یهاجموا الروس عند عودتهم. و قتل في هذه الهجوم جمیع الروس تقریباً. وقد تعاون المسیحیون في هذه الواقعة مع المسلمین (المسعودي، ن.م، 1/205-208؛ بارتولدف V/62). وفي 965م (354هـ) هاجم حاکم کییف بلاد الخزر، و دمر مدینة أتل (م.ن، BSE3, XI/53; V/63). وقد ذکر ابن حوقل أنتاریخ هجوم الروس علی الخزر کان في 358هـ (2/393). وعلی الرغم من أن الروس غادروا أتل، وأن منطقة الخزر واصلت علی مایبدو حیاتها بشکل مضطرب، إلا أن أتل لم تسعد مطلقاً وضعها الباق، کما لم یرد لها ذکر في المؤلفات.

 

 المصادر

ابن الأثیر، الکامل؛ ابن حوقل، محمد، صورة الأرض، تقـ: کرامرس، لیدن، 1939م؛ ابن خرداذبه، عبیدالله، المسالک و الممالک، تقـ: دي‌خویه، لیدن، 1889م؛ ابن رسته، أحمد، الأعلاق النفیسة، تقـ: دي‌خویه، لیدن، 1891م؛ ابن فضلان، أحمد، سالة، تقـ: سامي الدهان، بیروت، 1413هـ/ 1993م؛ أبوالفداء، تقویم البلدان، تقـ: دوسلان، باریس، 1840م؛ الإدریسي، محمد، نزهة المشتاق، بیروت، 1409هـ/ 1989م؛ الإصطخري، إبراهیم، مسالک الممالک، تقـ: دي‌خویه، لیدن، 1927م؛ البلاذري، أحمد، فتوح البلدان، تقـ: عبدالله أنیس الطباع و عمر أنیس الطباع، بیروت، 1407هـ/1987م؛ دانشنامه؛ دي‌خویه، مقأمة وحواش علی الأعلاق النفیسة (ظ: همـ، ابن رسته)؛ الکاشغري، محمود، دیوان لغات الترک، إستانبول 1333هـ؛ الگردیزي، عبدالحي، زین الأخبار،تقـ: عبدالحي حبیبي، طهران، 1363ش؛ کستلر، آرتور، خزران، تجـ: محمدعلي موحد، طهران، 1361ش؛ المسعودي، علي، التنبیه والإشراف، لیدن، 1893م؛ م.ن، مروج الذهب، تقـ: یوسف أسعد داغر، بیروت، 1385هـ/ 1965م؛ المقدسي، محمد، أحسن التقاسیم في معرفة الأقالیم، تقـ: دي‌خویه، لیدن، 1906م؛ موحد، محمدعلي، ملحقات خزران (ظ: همـ، کستلر)؛ مینورسکي، و.، حواشي و تعالیق حدود العالم، تجـ: میرحسین شاه، کابل، 1342ش؛ یاقوت، البلدان؛ و أیضاً:

Artarmonov, M. I., Istoriya Khazar Leningrad, 1962; Barthold, W. W., Sochineniya, Moscow, 1968; BSE2; BSE3; Dunlop, D.M., The History of the Jewish Dhazar, New York, 1967; Judaica; Marquart, J., Osteuropāische und ostasiatische Streifzüge, Darmstadt, 1961; Pauly; Vitashevskaya, M. N., Stanstviya Afanasiya Nikitina, Moscow, 1972.

عنایت‌الله رضا/ خ.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: