الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / التاریخ / أتاتورک /

فهرس الموضوعات

أتاتورک

أتاتورک

تاریخ آخر التحدیث : 1443/1/20 ۲۲:۱۸:۴۵ تاریخ تألیف المقالة

أَتاتورک، مصطفی کمال باشا (1298-1357هـ/ 1881-1938م)، ضابط وسیاسي ترکي، مؤسس الجمهوریة الترکیة، وأول رئیس لها (1342-1357هـ/ 1923-1938م). ولد في سالونیک. کانت هذه المدینة تابعة للإمبراطوریة العثمانیة سابقاً، وهي الام تابعة للیونان، وتسمی تسالونیکي. کان والده علي‌رضا، موظفاً في جمارک سالونیک، وقد توفي ولم یزل ابنه طفلاً، فحملته أمه زبیدة إلی القریة التي ولد فیها لدی أخیه، ولکن مصطفی عاد إلی سالونیک، وأنهی الدراسة الابتدائیة، ودخل فیها المدرسة العسکریة (1311هـ/1893م). کان یتمتع بذکاء متوقد وذاکرة قویة، وکان موهوباً في الریاضیات، و لذلک أضاف معلم الریاضیات في تلک المدرسة والذي کان یحمل هو الآخر، اسم مصطفی، إلی اسمه لقب کمال. و في 1313هـ/1895م أنهی المدرسة العسکریة، ودخل مدرسة موناستیر العسکریة (اسمها حالیاً بیتولا و هي جزء من یوغسلافیا)، و تخرج منها أیضاً. وفي 1317هـ/1899م ذهب إلی المعهد العسکري في إستانبول، وفي 1320هـ/1902م تخرج منه برتبة ملازم أول. ثم واصل دراسته في الکلیة العسکریة، وحدة المشاة، وفي 1323هـ/1905م أنهی هذه المرحلة بنجاح أیضاً، وکلف بالخدمة في الفوج المستقر في دمشق بدرجة نقیب، وأسس فیها مع بعض أصدقائه جمعیة «الوطن و الحریة» السریة (رامساور، 99-98؛ IA, I/719-721)، ولکن نشاط هذه الجمعیة لم یتسع، وعندما عاد مصطفی في شعبان 1325هـ/ أیلول 1907م إلی سالونیک، انضم کالکثیر من رفاقه إلی جمعیة «الاتحاد والترقي» (فوسینیچ، 120-121). وکانت هذه الجمعیة قد توغلت في جمیع القوات العثمانیة المسلحة، (شاو، II/264-265؛ رامساور، 100، مخـ؛ أیضاً ظ: ن.د، الاتحاد والترقي)، غیر أن مصطفی لم تکن له خلال هذه السنوات نشاطات مهمة في هذه الجمعیة (ظ: شاو، II/281290؛ بایور، II(IV)/336 ومابعدها).

وفي 1330هـ/1911م هجمت القوات الإیطالیة علی طرابلس بلیبیا، التي کانت آنذاک تابعة للدولة العثمانیة، وقد نظم مصطفی بمساعدة مجموعات من السکان المحلیین، حرب عصابات ناجحة ضد تلک القوات . وفي هذه السنة تم ترفیعه إلی درجة رائد (م.ن، II/290؛ IA, I/722). وفي 1331هـ/1912م تولی مسؤولیة الدفاع عن شبه جزیرة غلیبولو (غالیپولي) التي کانت تعتبر منطقة مهمة من الناحیة الاستراتیجیة. وفي 1332هـ/ 1913م، أوفد إلی صوفیا بصفة ملحق عسکري، وتعرف فیها علی مظاهر الحضارة الأوروبیة وانبهر بها. وفي هذه السنة تم ترفیعه إلی رتبة عقید (ن.ص؛ بربر، 232-234).

وفي بدایة الحرب العالمیة الأولی، عین مصطفی کمال قائداً للفرقة التاسعة عشرة في چَناق قلعة (محافظة في شمال غرب ترکیا). وقد حال مرتین دون تقدم القوات البریطانیة في غلیبولو، ولذلک عرف في الصحف العثمانیة بـ «منقذ إستانبول» (الزین، 54؛ IA, I/723-725). وفي 1335هـ/ 1916م، حال عند خدمته في الجبهة الشرقیة دون تقدم القوات الروسیة باتجاه الجنوب، ورفع إلی رتبة لواء (الزین، 55-56؛ IA, I/725-726). وفي 1336هـ/1917م رافق ولي العهد العثماني وحیدالدین في سفره الرسمي إلی ألمانیا. ولکنه مرض عند عودته إلی إستانبول، وذهب للعلاج والاستراحة إلی فیینا وکارلسباد (کارلو في فري الحالیة في تشیکو سلوفاکیا). وفیها تعرف أکثر من ذي قبل علی الحضارة الأوروبیة وانبهر بها (الزین، 62 ومابعدها؛ I/721 IA,؛ «ذکري...6»، 146 ومابعدها).

وفي ذي القعدة 1336هـ/ آب 1918م تم تعیینه لقیادة الجیش العثماني السابع الذي کان متواجداً في فلسطین؛ ولکنه عندما استلم منصب القیادة، کانت الحرب مع القوات الإنجلیزیة قد انتهت تقریباً، فکانت هذه القوات تتقدم نحو الشمال دون أن تواجه مقاومة کبیرة، فانسحب مصطفی کمال بقواته نحو حلب. واستطاع في غرب هذه المدینة أن یمنع تقدم الإنجلیز. وبعد عقد معاهدة مندرس في 24 محرم 1337هـ/ 30 تشرین الأول 1918م، عاد الضباط والقادة الألمان الذین کانوا یخدمون في الجیش العثماني إلی بلدهم، وأوکلت قیادة جمیع قوات جبهة الجنوب الشرقي إلی مصطفی کمال (کوجه ترک، IA, I/272-729;1) وفي صفر 1338هـ/ تشرین الثاني 1919م أقیل عن هذا المنصب، وأوفد إلی إستانبول (کوجه ترک، 114-120).

وطبقاً لمعاهدة مندرس، فقد أوکلت السیادة علی جزء واسع من المناطق التي کانت تحت سیطرة الدولة العثمانیة إلی دول الحلفاء، وفضلاً عن ذلک فقد حظرت الدولة العثمانیة من حق امتلاک الجیش، ولکن انتشرت بعد ذلک إشاعات تفید باتفاق سري بین دول الحلفاء علی تقسیم المناطق العثمانیة. وفي ظل هذه الظروف تشکلت جمیعات کثیرة بأهداف مختلفة. فقد أسست الأقلیات القومیة، مستغلة ضعف الحکومة المرکزیة، منظمات بهدف حصولها علی الاستقلال (رابینسون، 21-23). وتشکلت جمعیات أخری علی أساس فکرة القومیة الترکیة وتحت شعار الدفاع عن الحقوق باسم «جمعیة الدفاع عن الحقوق في شرق الأناضول» و «تنظیمات الحرکة الوطنیة لرفض الضم» و «جمعیة رعایة الحقوق في طرابوزان»، وهبت لمعارضة الدولة العثمانیة المتدهورة. وکان هدف هذه الجمعیات محاربة حرکات الأقلیات القومیة المطالبة بالاستقلال وتحدي تیار تجزئة البالد. کما تأسست إزاء تنظیمات الأقلیات والجمعیات القومیة، أحزاب بهدف دعم الحکومة العثمانیة، باسم «حزب السلام و الفلاح العثماني» و «جمعیة تعالي الإسلام» و«حزب الحریة والائتلاف».

لقد جعلت کل هذه الأحوال دولة ترکیا في موقف لاتحسد علیه. وکانت أوساط الدولة العثمانیة تری أن الحل هو وضع البلاد تحت الحمایة البریطانیة لمواصلة سیطرتها علی الشعب، ولکن مجموعة من أشهر المثقفین الأتراک و منهم مجموعة من الصحفیین أخذت تدعو إلی التقرب من الولایات المتحدة، وقبول حمایتها علی الدولة العثمانیة. وکان هدف کلتا المجموعتین الحفاظ علی الوضع الجغرافي السابق للبلاد من خلال لفت أنظار قوة خارجیة کبری و تأمین مصالحها. وفي مقابل هاتین الفئتین کان هناک أشخاص آخرونن، أصبح مصطفی کمال المتحدث باسمهم، یرون أن من غیرالممکن الحفاظ علی أراضي الإمبراطوریة العثمانیة، فمن الواجب تأسیس دولة جدیدة، تقوم علی أساس الأواصر الوطنیة. وقد تحدث مصطفی في هذا المجال مع بعض کبار رجال الدولة و منهم السلطان و وزراؤه. ولکنهم لم یوافقوا علی وجهات نظره. حینئذ تحدث مصطفی مع مجموعة من رفاقه، أي القادة الساخطین علی اتفاقیة مندرس لوقف إطلاق النار وخاصة البنود المرتبطة بحل الجیش، فنال موافقتهم علی وجهات نظره (ظ: IA, I/ 729-732).

وفي 14 شعبان 1337هـ/ 15 أیار 1919 م احتلت القوات الیونانیة إزمیر (رابینسون، 40-42، مخـ؛ نخجوان، 19، مخـ؛ کوجه ترک، 38-39). وفي هذه الأثناء عین مصطفی کمال في منصب مفتش الجیش الثالث في أرضروم، ومنحه السلطان سلطة تفوق سلطات جمع المسؤولین المدنیین والعسکریین. وبدأ مصطفی بالعمل (فوسینیچ، 129). فطالب في آماسیة بعد اتفاقه مع القادة العسکریین للمنطقة، قوات الجیش من خلال تعمیم أصدره بتاریخ 23 رمضان/ 22 حزیران أن تعمل علی تقویة بنیتها، وأن لاتعیر أهمیة إلی بنود اتفاقیة وقف إطلاق النار القاضیة بحل الجیش (IA, I/729-732).

وفي 14 شعبان 1337هـ/ 15 أیار 1919م احتلت القوات الیونانیة إزمیر (رابینسون، 40-42، مخـ؛ نخجوان، 19، مخـ؛ کوجه ترک، 38-39). وفي هذه الأثناء عین مصطفی کمال في منصب مفتش الجیش الثالث في أرضروم، ومنحه السلطان سلطة تفوق سلطات جمیع المسؤولین المدنیین و العسکریین. وبدأ مصطفی بالعمل (فوسینیچ، 129). فطالب في آماسیة بعد اتفاقه مع القادة العسکریین للمنطقة، قوات الجیش من خلال تعمیم أصدره بتاریخ 23 رمضان/ 22 حزیران أن تعمل علی تقویة بنیتها، وأن لاتعیر أهمیة إلی بنود اتفاقیة وقف إطلاق النار القاضیة بحل الجیش (IA, I/736؛ کوجه ترک، 60-61). کا أعلن أن مؤتمراً سینعقد في سیواس بمشارکة 3 أشخاص من کل محافظة بهدف اتخاذ قرا وطني. کما أنذر جمیع المسؤولین المدنیین و العسکریین بدن لا یأخذوا الأوامر و التعلیمات إلا منه. وقد رحب‌ قادة الجیش بأوامره، لأن تخلص الجیش من الانحلال کان رهن امتثال هذه الأوامر، ولکن مجموعة من الموظفین المدنیین سعت من أجل أن تقاوم مخططات مصطفی کمال. ولذلک فقد سیطر الجیش علی دوائر البرید و البرق في آسیا الصغری، وأجبر الجمیع علی طاعته (شاو، II/344-346؛ کوجه ترک، 61).

وقد تحدث مصطفی کمال خلال سفره إلی سیواس مع مجموعة من الشخصیات البارزة في المدن والقصبات الواقعة في طریقه، وشرح وجهات نظره لهم. کما تحدث في سیواس مع مجموعة من الرجال المتنفذین في المدینة (م.ن، 62). ولم تکن الحکومة العثمانیة تشعر بالارتیاح من إجراءات مصطفی کمال، فأمرته بالعودة إلی إستانبول. ولکن مصطفی لم یعر أهمیة لهذا الأمر، وتوجه إلی أرضروم، ورغم أن المسؤولین المدنیین والعسکریین في أرضروم کانوا یحملون أمر اعتقاله، إلا أنه دخل المدینة بحریة (م.ن، 63). وفي 9 شوال/ 8 تموز أعلن استقالته من الجیش (م.ن، 66؛ IA, I/737). وفي 24 شوال/ 23 تموز حضر مؤتمر أرضروم بصفته عضواً عادیاً، المؤتمر الذي کان قد انعقد بدعوة من جمعیة «الدفاع عن الحقوق في شرق الأناضول». وقد انتخب لرئاسته (فوسینیچ، ن.ص). وصادق المجلس بناء علی اقتراح مصطفی کمال علی نص المیثاق الوطني الذي تم فیه تأیید السیادة الوطنیة للبلاد، و ضرورة مواصلة الحرکة الوطنیة. وتم في هذا المؤتمر الذي استغرقت اجتماعاته 14 یوماً، انتخاب لجنة مؤلفة من 9 أشخاص، ترأسها مصطفی کمال (کوجه ترک، 72-80 IA, I/736-738). وقد ذهب من هناک إلی سیواس، وافتتح المؤتمر الوطني لسیواس في 12 ذي‌الحجة/ 4 أیلول، وانتخب فیها رئیساً للمؤتمر. وأید المؤتمر جمیع القرارات التي صادق علیها مؤتمر أرضروم، ورفض مشروع وصایة الولایات المتحدة علی الدولة العثمانیة. کما وقف مصطفی کمال في وجه الفئة التي کانت قد اتخذت من إقامة دولة مستقلة في الأناضول هدفاً لها، واقرح أن تتوحد کل الجمعیات المحلیة لـ «الدفاع عن الحقوق» تحت اسم «جمعیة الدفاع عن الحقوق في الأناضول و روم إیلي». ووافق المؤتمر علی اقتراحه (کوجه ترک، 88-94؛ IA, I/739-741). وکان رجال‌الدولة العثمانیة مایزالون یعتبرون نشاطات مصطفی کمال و رفاقه، أعمال شغب مخالفة للقانون.

وفي 4 ربیع‌الثاني / 27 کانون الأول نقل مصطفی کمال قاعدة النضال إلی أنقرة. و خلال هذه الفترة حصل مؤیدو مصطفی علی الأغلبیة الساحقة خلال الانتخابات العامة لأعضاء مجلس النواب، و کسبوا مصادقة المجلس علی بنود المیثاق الوطني (IA, I/742؛ أیضاً ظ: فوسینیچ، ن.ص). وفي 24 جمادی الآخرة 1338هـ/16 آذار 1920م احتلت القوات الإنجلیزیة إستانبول، وحلّت المجلس (لاموش، 391؛ کوجه ترک، 140-141). واستغل مصطفی احتلال العاصمة العثمانیة وخاصة حل المجلس لتحقیق أهدافه. فوجود عاصمة ومجلس وطني مستقل رسمیاً، کان یحول دون الوصول إلی تحقیق أهدافه عبر تأسیس حکومة في منطقة أخری. و هکذا افتتح مصطفی في 4 شعبان/ 23 نیسان في أنقرة بعد اجراء انتخابات أخری أول مجلس کبیر في ترکیا، وانتخب رئیساً له (فوسینیچ، 129-130؛ IA/ I, 743-744). وبناء علی اقتراحه فقد تمت المصادقة علی قانون بنض علی تغییر اسم البلد إلی ترکیا. وأعلن بصراحة أن حق السیادة و السلة التنفیذیة هما من صلاحیات المجلس الوطني الکبیر والشع. وطبقاً لهذا القانون فقد تولی مصطفی کمال منصب رئاسة الوزراء، ورئاسة البلد بالإضافة إلی رئاسة المجلس (کوجه ترک، IA/ I/744; 154-157). وفي 22 شعبان 1338هـ/ 11 أیار 1920م أصدرت حکومة إستانبول حکم الإعدام علی مصطفی کمال (ظ: کوجه ترک، 163)، لکنه کان قد سیطر في سیطر في الحقیقة علی أجزاء واسعة من البلاد، وأما حرکات المقاومة التي کانت تحدث هنا و هناک في البلاد فقد قُمعت بسرعة بید العسکریین. وفي الشرق قُمع الأرمن والجبورج الذین کانوا قد رفعوا لواء الاستقلال بشدة وقد تم عقد معاهدة مع ممثلي تلک الأقلیتین، تجبرهما علی طاعة حکومة أنقرة. وذلک بوساطة الاتحاد السوفیاتي (IA, I/748-749؛ للاطلاع علی العلاقات بین ترکیا وروسیا، ظ: ألینک، 107 و مابعدها). ومن جهة دخری، فقد تم جلاء القوات الفرنسیة في الجنوب من الأراضي الترکیة بعد صراعات کثیرة وانسحبت نحو سوریة، واعترفت بحکومة أنقرة. وفي 25 ذي القعدة 1338هـ/10 آب 1920م أجبر الإنجلیز الدولة العثمانیة علی توقیع معاهدة سیفر. وحسب هذه المعاهدة سُمح للجیش الیوناني بتوسیع مناطق احتلاله. وأعلنت حکومة أنقرة عن عدم اعترافها بهذه الاتفاقیة (کوجه ترک، IA, I/748; 192-191؛ أیضاً ظ: فوسینیچ، 130؛ لاموش، 394، 398). وفي 30 ذي القعدة 1339هـ/ 5 آب 1921م، انتخب المجلس الوطني مصطفی کمال قائداً عاماً للقوات المسلحة (ظ: کوجه ترک، 274-275). وفي 21 ذي الحجة 1339/ 26 آب 1922م انهزم الجیش الیوناني و أجبر علی الانسحاب من الأناضول بشکل کامل خلال أسبوعین، بعد هجوم شامل خطط له و نفذه مصطفی کمال بشکل مباشر. و بعد هذا الانتصار الحاسم تم التوقیع علی اتفاقیة فض النزاع بین ترکیا والیونان بوساطة دول الحلفاء، حیث جلت القوات الیونانیة بموجبها عن جمیع الأراضي الترکیة. کما سلم الإنجلز چناق قلعة وإستانبول إلی حکومة مصطفی کمال 0کوجه ترک، 335؛ بایور، II(IV)/335؛ فوسینیچ، 130، 223-224؛ للاطلاع علی دور القوة البحریة في حروب الاستقلال 1918-1923م، ظ: بیوک طغرل، 110 و مابعدها). وفي 11 ربیع الأول 1341هـ/ الأول من تشرین الثاني 1922م أعلن المجلس الوطني الکبیر باقتراح من مصطفی کمال انفصال السلطنة عن الخلافة، وصادق علی إنهاء السلطنة (الزین، 138-144؛ کوجه ترک، 361-362). وإثر ذلک غادر وحید الدین، آخر السلاطین العثمانیین البلاد، وعین ابن عمه عبدالمجید الثاني (تـ 1364هـ/ 1944م) کأول وآخر خلیفة لایتمتع بامتیازات السلطنة (IA, I/768) کما أعلن مؤتمر لوزان في 10 ذي الحجة 1341هـ/ 24 تموز 1923م السیادة الوطنیة لترکیا واستقلالها الکامل (کوجه ترک، IA, I/771; 390).

وبعد أن استقر مصطفی کمال علی سدة الحکم، أسس الحزب الجمهوري الشعبي بدلاً من «جمعیة الدفاع عن الحقوق في الأناضول وروم إیلي»، وانتخب زعیماً له. وعلی إثر الانتخابات العامة التي أجریت بعد التوقیع علی إتفاقیة لوزان، سیطر هذا الحزب، باعتباره الحزب السیاسي الأوحد في ترکیا علی الحکم بشکل کامل. وفي 18 ربیع الأول 1342هـ/29 تشرین الأول 1923م انتخب مصطفی کمال کأول رئیس جمهوریة لترکیا، وفي 24 رجب 1342هـ/ 1 آذار 1924م طالب بإلغاء الخلافة في کلمة ألقاها في المجلس الوطني الکبیر (لویس، 369-371؛ إینالجیک، «خلافت...»، 353 و مابعدها؛ کوجه ترک، 399-400؛ کانسو، 3 ومابعدها). وصادق المجلس الوطني في 26 رجب 1342هـ/ 3 آذار 1924م علی إلقاء الخلافة (کوجه ترک، 409-410؛ أیضاً ظ: الزین، 160-164)، وبذلک سقطت حکومة آل عثمان الدینیة و الدنیویة التي استمرت 600 سنة، وتم نفي جمیع أفراد الأسرة العثمانیة من ترکیا (ظ: تونایا، I/37). وسعی مصطفی کمال بعد ذلک أن یحدث تغییرات واسعة في النظام الثقافي و الحقوقي للبلاد (ظ: إینالجیک، «أتاتورک...»، 189 ومابعدها؛ ساییلي، 25 ومابعدها). وألغی جمیع مراکز الدراویش، وأغلق جمیع الکتّاب و المدارس في البلاد التي کانت تدار تحت إشراف علماءالدین غالباً و أسس المدارس غیرالدینیة. ووضع بدلاً عن أحکام الفقه الاسلامي، قوانین مدنیة و جزائیة جدیدة علی أساس أنظمة القوانی الأوروبیة، ومنع ارتداء الأزیاء الشرقیة، وأحل محلها الأزیاء الأوروبیة. وشجع علی الرقص و مظاهر اللهو الأوروبیة، ولم یتوان في أي من هذه الإجراءات من استخدام أسالیب العنف و الاضطهاد (ظ: رابینسون، 85، مخـ؛ إینان، 117 ومابعدها؛ شاو، II/384-388؛ أیضاً ظ: IA, I/775-785).

وقد أسست مجموعة من رفاق مصطفی کمال، لم تکن تؤیده في أسالیبه القمعیة في إحداث التغییرات الاجتماعیة في البلاد «الحزب الدیمقراطي التقدمي». کما حدثت في بعض المناطق حرکات مقاومة ضد مخططات مصطفی کمال. وفي أواخر رجب 1343هـ/ أواسط شباط 1925م، أسس أحد الزعماء الدینیین في شرق ترکیا یدعی الشیخ سعید، حرکة ضد هذه التغییرات (لویس، 409-412؛ کوجه ترک، 429-437؛ للاطلاع علی ثورة الشیخ سعیدف ظ: شمدت، 86-87). وشاعت في إزمیر أنباء، تفید بالکشف عن مؤامرة لاغتیال مصطفی کمال، کما انتشرت أخبار حول سلسلة من المساعي المحلیة للثورة ضد تغییر القبعات و قد عاقب مصطفی کمال بشدة زعماء جمیع هذه الحرکات (ظ: بریتانیکا؛ لویس، 274-276؛ رابینسون، 90؛ لاموش، 406-407؛ الزین، 164-174)، فحل الحزب الجمهوري التقدمي، واستمر في متابعة برنامجه التغییري من خلال اللجوء إلی العنف (شاو، II/ 378-384, 395). فأعلن المساواة الکاملة بین المرأ والرجل ومنها مساواتهما في حق الانتخاب والترشیح..و في 21 صفر 1347هـ/ 9 آب 1928م، أقر الحروف اللاتینیة بدلاً من الحروف العربیة التي کانت متداولة في المجتمع الترکي لقرون طویلة (لویس، 272-276؛ کوجه ترک، IA, I/785-786; 482). کما سعی من أجل نشر الموسیقی الکلاسیکیة الغربیة، وفن المسرح في ترکیا. وفي 1349هـ/ 1930م سعی مرة أخری من خلال السماح بتأسیس الحزب الجمهوري الحر، لأن یقر نظام التعددیة الحزبیة في البلاد. ولکن هذاالحزب مالبث أن تحول إلی مرکز لنشاط معارضیه، ولذلک أصبح مصیره مصیر الحزب الجمهوري التقدمي. کما بدأ مصطفی کمال برنامجاً واسعاً بهدف إجراء الدراسات في مجال اللغة والتاریخ الترکي القدیم، وسعی من أجل أن یحل الأواصر الوطنیة محل الأواصر الدینیة في المجتمع الترکي (IA, I/787). وفي 1352هـ/ 1933م صادق المجلس علی قانون اقترحه علیه، یقضي بضرورة استخدام الاسم العائلي. وقد لقب المجلس الوطني الکبیر، مصطفی کمال نفسه بلقب «أتاتورک»، أي (أبوالأتراک)، واشتهر هذا الاسم إلی درجة بحیث حل محل اسمه السابق. و في المجال الاقتصادي سعی مصطفی کمال أولاً أن یُصنِّع البلاد من خلال اعتمادعلی الموارد الداخلیة، ولکنه لم ینجح في ذلک. ثم انتهج سیاسة تثبیت نوع من الاشتراکیة الحکومیة، ولکن أخفق مرة أخری (رابنسون، 95 ومابعدها؛ IA, I/788-791). ولم تحظ جهود مصطفی کمال لنشر الثقافة الأووبیة بالتأیید، إلا من قبل عدد من موظفي الحکومة، وأقلیة من الطبقات المرفهة في المدن.

أمضی مصطفی کمال السنوات الأخیرة من حیاته في حالة الیأس. وفي محرم 1357هـ/1938م مرض بدة، وتوفي في 16 رمضان/ 10 تشرین الثاني من نفس السنة (ظ: بریتانیکا؛ IA, I/796-798؛ وکوجه ترک، 630).

 

المصادر

رابینسون، ریتشارد، جمهوري أوبل ترکیة، تجـ: إیرج أمیني، طهران، 1356ش؛ الزین، مصطفی، أتاتورک أمة في رجل، بیروت، 1972م؛ شمدت، د. أدمز، رحلة إلی رجال شجعان في کردستان، تجـ: جرجیس فتح الله، بیروت، دارمکتبة الحیاة؛ فوسینیچ، فین، تاریخ امپراطوري عثماني، تجـ: سهیل آذري، تبریز/ طهران؛ لاموش، لئون، تاریخ ترکیة، تجـ: سعید نفیسي، طهران، 1316ش؛ نخجوان، محمد، جنگ ترکیة ویونان، شیراز، 1319ش؛ وأیضاً:

Alenik, V., «The Sources of Soviet-Turkish Goodneighbourly Relation», International Af fairs, 1981, vol. IX; Barber, N., Lords of the Golden Horn, London, 1973;Bayur, Y. H., Türk inkilâbi tarihi, Ankara, 1983; Britannica; Büyüktuğrutl, A., «Deniz Olaylarinin istiklâl savaṣi üzerindeki etkisi», Atatürk konferanslari, Ankara, 1975, vol. V; A; Inalcik, H., «Atatürk ve Türkiye’ nin Modernleṣmesi», Atatürk konferanslary, Ankara,1964, vol. I; id, «The Caliphate and Atatürk’s İnkilâb» Belleten, 1982, vol. XL VI, S. 182; İnan, R., «Alatürk’ün devraldiği egitim, öğitim, öğretim durnmu ve kurumlari», Atatürk konferanslari, Ankara, 1975, vol. V; Kansu, S.A., «Atatürk ve cumhuriyet döneminde türk antropolojisi» Atatürk kon feranslari, Ankara, 1983, vol. VIII; Kocatürk U., Atatürk ve Türkiye cumhuriyeti tarihi kronolojisi, Ankara, 1983, vol. VIII; Kocatürk, U., Atatürk ve Türkiye cumhuriyeti tarihi kronolojisi, Ankara, 1983; Lewis, B., The Emergence of Modern Turkey, London, 1968; Ramsaur, E. E., The Young Turks, Newjersey, 1957; Sayili, A., «The Place of Science in the Turkish Movement of Westernization and Atatürk» Erdem, 1985, vol. I, S 1; Shaw, S. and E. Shaw, History of the Ottoman Empire and Modern Turkey, London, 1985; «Les Souvenirs du Gâzi Monustafa Kemâl Pacha», Revue des études islamiques, Paris, 1927, vol, I; Tunaya, T.Z., Türkiye’de siyasal partiler, Istanbul, 1984.

محمدعلي مولوي/ خ.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: