الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الادب العربی / الأبیوردي /

فهرس الموضوعات

الأبیوردي

الأبیوردي

تاریخ آخر التحدیث : 1443/1/20 ۲۰:۳۸:۰۵ تاریخ تألیف المقالة

اَلأَبیوَرديّ، أبوالمظفر محمد بن أحمد الکوفَني (تـ 507هـ/ 1113م)، شاعر وأدیب إیراني. وأول من تحدث عنه ابن القیسراني الکاتب المعاصر له والذي اکتفی بذکر نسبه، ثم تعد خریدة القصر و معجم الأدباء و وفیات الأعیان و سیر أعلام النبلاء و مسالک الأبصار من أهم مصادر جمیع الکتّاب والباحثین الذین کتبوا حتی الآن تراجم له، أو تناولوا شخصیته و حیاته بالدراسة. ویعتبر عمادالدین الکاتب الأصفهاني أول من کتب ترجمة مستقلة للأبیوردي، حیث اکتفی في الخریدة بذکر سلسلة نسبه وتاریخ ولادته و مسقط رأسه و مختارات من أشعاره. وفي القرن التالي قدم یاقوت ترجمة أکثر تفصیلاً عنه کانت أهم مصدر لجمیع المصادر التالیة ومنها وفیات الأعیان و سیر أعلام النبلاء، حیث توفر علی مصادر أکثر مثل تاریخ أصفهان لابن منده و تاریخ منوجهر بن أسفرسیان. وبالإضافة إلی ذلک، فإن دیوان أشعاره یسلط الضوء علی جوانب من حیاته و قد تتوفر فیه معلومات لم ترد الإشارة إلیها في أي من المصادر القدیمة.

إن الصعوبة التي تواجهنا في دراسة شخصیة الأبیوردي و حیاته تتمثل في الغموض وأحیاناً التناقضات التي تطالعنا في المصادر المختلفة. ویتمثل الغموض الأول في نسبه. فاستناداً إلی سلسلة النسب التي ذکرت له في المصادر القدیمة، فإن نسبه ینحدر إلی معاویة بن محمد ابن عثمان... بن عبد شمس بن عبد مناف (ابن القیسراني، 151؛ عمادالدین، الورقة 164ب؛ السمعاني، 12/332؛ یاقوت، الأدباء، 17/234؛ ابن فضل الله، 15/486). وقد استخرج یاقوت سلسلة نسبه هذه من تاریخ منوچهر بن أسفرسیان، والطریف أن ابن أسفرسیان نفسه یعتبر هذه السلسلة مختلقة (ن.ص). ولأن الانتساب إلی القبائل والشخصیات العربیة الکبیرة، والأسر الإیرانیة المعروفة، أو الملوک الأسطوریین کان في ذلک العصر وماقبله أمراً شائعاً (علی سبیل المثال فقد أرجعوا سلسلة نسب أبي منصور محمد بن عبدالرزاق إلی منوجهر حفید فریدون، ظ: البیروني، 37-38). فلیس من المستبعد أن یکون الأبیوردي الذي کان عارفاً بعلم الأنساب، قد اختلق هذه السلسلة لنفسه. وقد افتخر لمرات عدیدظ في أشعاره بشجرة النسب هذه، و ذکر نفسه باعتباره معاویاً وعبشمیاً (نسبة إلی معاویة الأصغر و عبد شمس) (ظ: 1/400، 628، 653، 676، 2/27-28، 152). کما أشار في 4 مواضع علی الأقل إلی أجداده لأمه، واعترهم تارة من أسر العجم البارزة (ظ: 2/68، 126)، وتارظ من قبیلة الأزد، کما واعتبر تارة أخر یأباه و أجداده من عدنان، وأمه من قحطان (2/17، 113، قا: 1/626، وکأنه یشیر إلی هذا الأمر، لأنه عد أجداده من یعرب ونزار بن معد، في حین أن یعرباً قحطاني، ونزاراً عدناني). وعلی أیة حال، یبدو أنه أراد أن ینسب نفسه إلی نسب شریف خاصة ولأنه لم یکن یتمتع باسم و نسب متمیزین، وبالفعل فقد اعتبر نفسه في عدة مواضع من أبناء الملوک الرفیعي النسب (ظ: 2/17، 96، مخـ).

ولد الأبیوردي في إحدی قری خراسان تدعی کوفن (بین أبیورد ونسا)، ونشأ فیها، ولذلک، فقد کان یعرف أیضاً بالکوفني (ظ: السمعاني، 11/171). وقد ذکر مسقط رأسه لمرات عدیدة في أشعاره، واعتبره موطن أجداده (ظ: 2/75، 79، 83-84، 97، 110-111). لاتتوفر لدینا معلومات عن تاریخ ولادته، ولکنه أشار إلی أنه قد بلغ من العمر 40 عاماً (ظ: 1/452) في القصیدة التي نظمها في مدح سیف‌الدولة صدقة بن منصور حاکم الحلة (حکـ 479-501هـ/1086-1108م؛ ظ: ابن الأثیر، 10/151، 440). وإذا ماکان قد نظم هذه القصیدة خلال فترة إقامته في الحلة، أي في حدود سنة 480هـ فإن بالإمکان القول إنه ولد حوالي عام 440هـ/1048م.

أمضی طفولته وحداثته في رفاه ودعة من العیش کما ذکر في مقدمة دیوانه (1/91). ولاشک في أنه انشغل بتلقي العلم منذ البدایة. فعلی حد قوله، کان یحفظ عن ظهر قلب کتاب البلغة عندما کان طفلاً (ظ: الذهبي، 19/285، 290). ومن المحتمل أنه أمضی مقدمات دراسته في کوفن، ثم غادرها لکسب المزید من العلم (حقي، 69). وبالطبع یبدو من إحدی قصائده (ظ: 1/651-655) أن أباه أباالعباس (البیت 25) کان یتمتع بمکانة و منزلة و أن ابنه أبا المظفر کان من المفترض أن یکون خلیفته من بعده (البیت 38)، إلا أنه لم یصل إلی هذا المنصب لأسباب مجهولة، فاضطر منذ ذلک الحین إلی مغادرة أبیورد (البیت 16). وفط قصیدة أخری أیضاً أشار إلی أنه لم یصل إلی المنصب الذي کان یبغیه بعد مرور مدة طویلة (1/445، البیت 39). ولم ترد الإشارة في أي من المصادر القدیمة إلی أسفاره لمواصلة طلب العلم، ولکننا نستطیع أن نجد في بعض المصادر آثار أقدامه في نیسابور و الري و جرجان. و قد سمع الحدیث في جرجان من عبدالقاهر الجرجاني، و في الري من إسماعیل بن مسعدة و أبي الفتح الشیرازي، و في نظامیة نیسابور من أبي المعالي الجویني إمام الحرمین (یاقوت، الأدباء، 17/244؛ الذهبي، 19/290؛ السبکي، 4/62-63؛ ضیف، 600). وکان یبالغ في إجلال أبي المعالي، ونظم مدائح فیه (الذهبي، 19/286). ومن أساتذته الآخرین أحمد بن الحسن ابن خیرون وأبوبکر ابن خلف والحسن بن أحمد السمرقندي و مالک بن أحمد البانیاسي (السمعاني، 12/333؛ ابن الجوزي، 9/177؛ یاقوت، ن.م، 17/235-236؛ الذهبي، 19/284). کما أمضی فترة في نجد، و«نجدیاته» تعود إلی هذه الفترة من حیاته (الأبیوردي، 2/290-295).

وبعد أن اشتهر الأبیوردي في اللغة والنحو و التاریخ و الأنساب (ظ: الذهبي، 19/289)، تولی في بغداد و همدان و غیرهما تربیة وتعلیم تلامیذ مثل أبي حفص عمر بن عثمان الجنزي و أبي محمد عبدالله بن نصر المرندي (ابن الأنباري، 281-282؛ یاقوت، البلدان، 2/132؛ السیوطي، 76). وفضلاً عن ذلک فقد روی عنه أبوبکر ابن الشهرزوري وأبو علي الأدمي وأبوطاهر السلفي وأبوعامر العبدري وأبوالفتوح الطائي وابن طاهر المقدسي في الموصل و أصفهان و همدان و مرو (ظ: السمعاني، ن.ص؛ الذهبي، 19/284؛ السبکي، 4/62).

نظم الأبیوردي منذ شبابه الشعر أیضاً. ومن أوائل ممدوحیه نظام الملک وزیر ملکشاه السلجوقي. وکما یبدو من مدائحه، أنه کانت له منزلة رفیعة لدیه (ظ: 1/505-508). وقد جمعت في دیوانه 4 قصائد في مدح نظام الملک. الأولی في 27بیتاً نظمها في فترة شبابه، والأخری في 50 بیتاً نظمها عند فتح قلعة جعبر في 479هـ، وأشار فیها أیضاً إلی دخول السلاجقة الأتراک أنطاکیة (ظ: 1/300-307؛ ابن الأثیر، 10/138-139). وفي القصیدتین الأخریین (یبلغ مجموعهما 78بیتاً) طلب الشاعر من نظام الملک أن یعید إلیه قریة جاورس (من نواحي نسا) التي کان یملکها سابقاً (1/354-359، 606-612). ومن ممدوحیه الآخرین في هذه الفترة جمشید بن بهمنیار و أبوشجاع محمد بن الحسین، حیث نظم حوالي سنة 476هـ/1083م قصیدة في مدح کل منهما (ابن الأثیر، 10/130؛ محدث، 2/783-784). وعلی حد قول الذهبي (19/291)، فقد ذهب الأبیوردي إلی بغداد في 480هـ/1087م، وأصبح أمین مکتبة المدرسة النظامیة.ومع کل ذلک، یبدو من بعض القرائن و کذلک من العبارة الغامضة نسبیاً التي أدرجها ابن البناء (4/281) الکاتب المعاصر له في مذکراته الیومیة أن الأبیوردي ذهب إلی بغداد في 461هـ/1069م ویری یاقوت (الأدباء، 17/237) أنتعیینه في منصب أمانة مکتبة النظامیة کان بعد یعقوب بن سلیمان الإسفراییني (تـ 498هـ/ 1105م)، ولکن لیس من المعلوم إلی أي تاریخ کان یعقوب بن سلیمان یشغل هذا المنصب. ومن المؤکد أن الأبیوردي لم یکن في بغداد في 498هـ (ظ: تتمة المقالة).

التحق الأبیوردي في بغداد ببلاط الخلیفتین العباسیین: المقتدي (حکـ 467-487هـ/ 1074-1094م) والمستظهر (حکـ 487-512هـ/ 1094-1118م)، وأصبح من جملة مادحیهما. وقد خصص معظم مدائحه للمقتدي، حیث تبلغ 11 قصیدة (في 432 بیتاً) عدا القصیدة التي نظمها في رثاء ابنه جعفر (تـ 486هـ) (ظ: 1/103-123، 200-206، مخـ). وله في مدح المستظهر 5 قصائد أیضاً (في 211 بیتاً) (1/124-139، 206-214، مخـ). وفي إحدی هذهالقصائد طلب الشاعر من الخلیفة مثویً لنفسه ولکتبه (1/676، البیتان 33 و 34). فمنحه الخلیفة قطعة أرض منالأجمة نائیة عن العمران، فوهبها لبعض الصوفیة، لأنها لم ترق له (م.ن، 1/676-677). عمل الأبیوردي بالتدریس في بغداد.وکما جاء في دیوانه فقد کانت له مجالس و محافل کان یتبادل فیها الأشعار مع شعراء عصره (مم.ن، 1/541).

وفي 479هـ/1086م و عندما تولی سیف الدولة صدقة بن منصور حکم الحلة (ابن الأثیر، 10/151)،دعا الدبیوردي إلی أن یقدم علیه. ومن المحتمل أن تکون هذه الدعوة قد وجهت إلیه تقدیراً للقصیدة التي کان قد نظمها الأبیوردي فيمدحه عند بدء دخوله بغداد (ظ: 2/14-15). فذهب الشاعر إلی الحلة بعد مکث، واستقبله سیف الدولة بحفاوة، و مدحه في قصیدة طویلة (101بیت)، واعتذر منه لتأخره (1/151-169). وفضلاً عن ذلک، فقد جمعت في دیوانه 3 قصائد أخری (یبلغ مجموعها 132 بیتاً) في مدح سیف الدولة (ظ: 1/246-258، 449-457، 2/14-15). وقد منحه سیف الدولة صلات کثیرة في هذا السفر، وبالغ في إکرامه. وقد نقل یاقوت (ن.م، 17/263-266) تقریراً مفصلاً عن دخوله الحلة نقلاض عن عبدالله بن علي التمیمي.

ومع مقتل نظام الملک في 485هـ/1092م، فقد الأبیوردي واحداً من أکبر حماته، إلا أنه حظي بعده بدعم أبنائه ولاسیما عز الملک ومؤید الملک و ضیاء الملک، وقدم مدائحه لهم، وکان یتمتع دوماً بدعمهم، کما أشار هو نفسه إلی ذلک في بعض الأبیات (ظ: 1/531، البیت 11؛ 1/533، البیت 20؛ مخـ). وعندما تسنم عز الملک الوزارة في 486هـ من جانب برکیارق، أرسل إلیه الأبیوردي من بغداد قصیدة في مدحه (1/529-535؛ ابن الأثیر، 10/219). کما کانت علاقته مع مؤید الملک وثیقة بحیث إن الأخیر عندما عزل عن وزارة برکیارق (ظ: م.ن، 10/252) وانضم إلی السلطان محمد، فاعتزل الأبیوردي کما یبدو المستظهر و برکیارق، وأصبح من جملة معارضي برکیارق (الأبیوردي، 1/372). فعندما هزم برکیارق أمام جیش السلطان محمد في معرکة سپیدرود في 493هـ/1100م بارک الأبیوردي في قصیدة مؤید الملک الذي کان من قادة هذه الحرب (1/516-522؛ قا: ابن الأثیر، 10/294-295). ومن المحتمل أن یکون الأبیوردي قد غادر بغداد في نفس هذه السنة‌، وأمضی فترة في الري وأصفهان و همدان. وعلی حد قول یاقوت (الأدباء 17/234-235)، فقد طلب مؤید الملک من الأبیوردي أن یهجو عمید الدولة ابن جهیر عندما حدث اختلاف بینه وبین عمیدالدولة، ونحن نعلم أن الاختلاف بین الوزیرین بلغ ذروته في 493هـ، حیث أدی في النهایة إلی عزل عمیدالدولة‌، ثم موت مؤید الملک (ظ: ابن الأثیر، 10/298-299). وإثر هذا الهجاء، وشی عمیدالدولة ضد الشاعر لدی الخلیفة المستظهر، فأباح الخلیفة دمه، فاضطر الأبیوردي إلی الهروب من بغداد إلی همدان (یاقوت، ن.ص). وقد روی السبکي حول هروبه إلی همدان روایة لم تذکر في أي من المصادر القدیمة (4/63). واستناداً إلی قوله، فعندما حصل الأبیوردي علی مکانة لدی السلطان، تکبر وألقی الشیطان في نفسه دعوی الإمامة. ولذلک اضطر إلی مغادرة بغداد. وبالطبع، فإن معظم المصادر أکدت أنانیته وتکبره، کما ذکرت أمنیته في حکم الشرق والغرب وأن من بین أدعیته أنه کان یقول: «اللهم ملکني مشارق الأرض ومغاربها» (ظ: یاقوت، ن.م، 17/235؛ سبط ابن الجوزي، 8/49؛ هوار، 110).

وتؤید الرسالة التي کتبها الأبیوردي إلی المستظهر والتي ذکر یاقوت نصها الکامل (ن.م، 17/247-250) قصة هروبه، کما أن الأشعار التي بعثها إلی مؤید الملک وطلب فیها منه أن ینتقم من أعدائه الذین تسببوا في هروبه من بغداد (1/661-663)، تدل علی أن خروجه من العراق کان قبل موت مؤید الملک (أي 494هـ). وقد نظم عند مغادرة بغداد قصیدة حزینة أبدی فیها تفجعه لأنه غادر بغداد رغماً عنه 02/19-20). وعلی أي حال، فإذا ماکان قد غادر بغداد حوالي 494هـ، فإنه لم یعش في العراق سوی 14 سنة استناداً إلی ماقاله الذهبي (19/291) الذي ذکر أن سنة دخوله العراق کانت 480هـ، وهذا یغایر مایقوله هو نفسه من أنه عاش في بغداد 20 سنة (ظ: یاقوت، ن.م، 17/244).

ویبدو أنه عاش في الري وأصهان لفترة قبل دخوله همدان. واستناداً إلی ما جاء في دیوانه: فعندما تولی عبدالجلیل بن علي الذي کان من أصدقاء الأبیوردي الوزارة لبرکیارق في 493هـ، عرض علیه دیوان رسائله ولکنه رفض، وذهب معه منالري إلی أصفهان، وعاش في أصفهان حتی تاریخ وفاة عبدالجلیل، أي 495هـ (الأبیوردي، 1/645؛ ابن الأثیر، 10/295، 335). وأخیراً ذهب إلی همدان باقتراح من أبي المحاسن مسعود بن عبدالله وزیر السلطان محمد، وانشغل بالتدریس في المدرسة التي بناها أبوالمحاسن له (الأبیوردي فن.ص). ویبدو أن سنقر (من المحتمل آق سنقر) عزم في هذه الفترة من حیاته علی أن یجعله طغرائي السلطان أحمد؛ إلا أن السلطان مات، وعاد الأبیوردي إلی أصفهان مضطرب الحال (یاقوت، ن.م، 17/235)، ولکن لیس من الواضح بالضبط المقصود من السلطان أحمد. فابن ملکشاه وابن نظام‌الملک والسلطان سنجر والخلیفة المستظهر کانوا کلهم یحملون اسم أحمد، إلا أن هذه المعلومات لاتصدق علی أيمنهم، وربما کان المقصود من أحمد، هو أحمدیل الأمیر السلجوقي الکبیر (ظ: ن.د، آق سنقر الأحمد یلي).

تولی الأبیوردي لبضع سنوات في أصفهان تعلیم أبناء زین الملک برسق حتی سارع سنقر مرة أخری إلی مساعدته، وتحدث للسلطان محمد عن فضله و علمه، فولاه السلطان إشراف المملکة‌، وبذلک حقق بعدسنوات طویلة إحدی أمنیاته القدیمظ وانضم إلی جمع کبار البلاط (ظ: یاقوت، ن.ص)، ولکن حسن طالعه لم یدم طویلاً، فقد توفي بعد فترة قصیرة فجأة، ودفن في باب دبرة من مسجد أصفهان العتیق (ن.ص). وقیل (ن.ص) إنه مات مسموماً علی ید خطیر الملک الوزیر، ولایستبعد أن یکون خطیر الملک، قد وجد فیه منافساً له، وبذلک أراد أن یتخلص منه. ولااختلاف في تاریخ وفاته. والصفدي (2/91) هو الوحید الذي أضاف سنة واحدة إلی ذلک التاریخ (508هـ)، وبالطبع فإن 557 هـ الذي جاءأیضاً في الوفیات لابن خلکان و نقله البعض لیس صحیحاً.

أثنت علیه الکثیر من المصادر القدیمة لتدینه و تقواه و ورعه (ظ: السبکي، 4/62؛ ابن شاکر، 12/34)، واعتبره البعض شیعي المذهب (الحر العاملي، 2/242) استناداً إلی الأبیات التي نظمها في رثاء الإمام الحسین (ع) (ظ: 2/153)، في حین أنه أشار في أبیات إلی شافعیته (ظ: 1/676). أضف إلی ذلک أنه کان – کما مر – أمین مکتبة المدرسة النظامیة والتي کانت خاصة بالشافعیة (ظ: صفا، 2/239).

یعد الأبیوردي شاعراً مداحاً، ویبدو أنه کان قد أدرک – کما یشیر هو نفسه في أشعاره (ظ: 1/245، البیت 37) – منذ بدء شبابه أن نظم أشعار المدیح هو أفضل وسیلة للنفوذ في قلوب الوزراء و الخلفاء. ولذلک فقد سلک هذا الطریق شأنه في ذلک شأن جمیع الشعراء المداحین لتأمین عیشه و نیل صلات الممدوحین، ولم یجد غضاضة في أي مدح مبالغ فیه. ورغم أنه ذکر في دشعاره أنه لایمدح طمعاً في الجاه و النوال (ظ: 1/149، البیت 59، أیضاً 1/91-92)، إلا أنه تشبث لمرات عدیدة بأذیال ممدوحیه طالباً منهم الهبات بتضرع (1/123، الأبیات 38-42؛ 1/168، الأبیات 92-93)، بل إنه طلب في أبیات بصراحة المنصب و المکانة من ممدوحه لکي تتحقق له أمنیته القدیمة (1/244-245، الأبیات 36-42). والطریف أنه تذرع بالفقر لتبریر هذه المدائح المبالغ فیها فقال: «لولا فقري ومسکنتي لما مددت ید الحاجة إلی اللئام» (1/151).

وعلی أیة حال، فقد أمضی وقتاً طویلاً في بلاط الحکام مادحاً لهم، وحصل علی جوائزهم السنیة، وجمع ثروة ضخمة. وعلی حد قول یاقوت، فإنه عندما ذهب إلی الحلة للقاء صدقة بن منصور فقد اصطحب معه 30 غلاماً ترکیاً، و 8 دحصنة کانت سروجها و أزمتها من الذهب، فیما حمل أثاثه 21 بغلاً (الأدباء 17/263-264).

یشکل المدح غالبیة أشعاره. ولذلک فإن الابتکار لایطالعنا إلا قلیلاً في أشعاره – کما هو الحال بالنسبة إلی المادحین الآخرین – فهو یدخل في أجواء البادیة بتکلف. وهو یبدأ مدائحه بالنسیب علی أسلوب القدماء. وهو یدعي، رغم أنه کان یعیش رافلاً بالنعمة في بلاط ممدوحه المفعم بالعظمة والجلال، أنه قطع الصحاري علی سنام الجمال للوصول إلیه (ظ: 1/116-119، 152-159، مخـ). ومما جعل أشعاره مبتذلة ومملة صوره التقلیدیة و رتابة الموضوعات و المفاهیم و استخدام الألفاظ المعقدة والغریبة و تکرار تشبیهات مثل تشبیه سخاء الممدوح بالبحر ووجه المعشوق بقرص القمر وقامته بغصن الشجرة (خوط البان، أو غصن البان)، وشَعره باللیل المظلم و ما إلی ذلک من تشبیهات تطالعنا في جمیع أرجاء دیوانه (ظ: 1/128، البیت 19؛ 1/154-155، 169، البیت 99؛ 1/226، البیت 9؛ مخـ)، بل إنه استعار الکثیر من تراکیب وعبارات أشعار الشعراء الجاهلیین (ظ: 1/99ف البیت 7؛ قا: کعب بن زهیر، 9؛ الأبیوردي، 1/339، البیت 51؛ قا: زهیر بن أبي سلمی، 77).

وله أیضاً قصیدة في مدح الرسول الأعظم (ص) أثنی فیها کثیراً علی الخلفاء الراشدین، نظمها محاکیاً کعب بن زهیر (ظ: 1/97-103). وبالإضافة إلی المدح، فإن للأبیوردي أشعاراً في الغزل والرثاء والهجاء والفخر والشکوی من الدهر. وتمثل غزلیاته في الغالب مقطوعات قصیرة نظمها مخاطباً معشوقات خیالیات مثل أمیمة وسلیمی ولیلی 0ظ: 2/15، 21، 172)، ولاتتجاوز کل منها في الغالب 10 أبیات. ولایشبه غزله الأشعار الغزلیة للشعراء العشاق والتي تصدر من أعماق القلب و تمتلئ بعواطف الحب الصادقة، بل إن أکثرها من نوع المقدمات الغزلیة المصنوعة التي نراها في الشعر الجاهلي و مدائح الدبیوردي نفسه. وقد کان له مراثٍ أیضاً (في رثاء أحمد بن ملکشاه وجعفر ابن المقتدي وأحد رجال العلویین و أبي حامد الغزالي، ظ: 1/265-270، 412-416، 668-672، 2/140) لاتخلو أحیاناً من الحِکَم. ومن الأغراض الأخری التي تطالعنا کثیراً في أشعاره الشکوی من الزمان، ونحن نعلم أن الشکوی من الدهر کان شائعاً في أواخر العصر العباسي حتی بین الشعراء الذین کانوا یرفلون في البذخ والنعمة، وشکوی الأبیوردي في أشعاره کانت في الغالب من هذا النوع.

وأما نثره فهو مسجع و متکلف أیضاً، ویمکننا أن نجد مقطوعات منه في طیات دیوانه (ظ: 1/86-97، 2/167-169) وکذلک في بعض المصادر (ظ: یاقوت، ن.م، 17/247-250).

 

آثاره

 

ألف- المطبوعة

الأثر الوحید الذي طبع له دیوانه الذي أشادت به المصادر القدیمة کثیراً، وخصوصاً نظامي العروضي الذي حرّض في جهار مقاله طلاب العلم وبخاصة الکتّاب علی قرائته، واعتبره مدعاة إلی توقد الطبع وحدة الذکاء (ص 22). یشتمل دیوان الأبیوردي علی العراقیات و النجدیات و الوجدیات، وقد طبع قسما العراقیات و التجدیات منه تحت عنوان دیوان الأبیوردي بتحقیق عمر الأسعد في بیروت (1407هـ/1987م) في مجلدین. والطبعة الأولی من دیوانه نُفذت في بیروت (1317هـ)، حیث ذکرت فیه الکثیر من قصائد الغزي (تـ 524هـ/ 1130م) خطأ فیه.

 

ب- المخطوطة

زاد الرفاق، منه مخطوطة في دار الکتب المصریة علی مایقول زیدان (3/29).

 

ج- المفقودة

1. تاریخ أبیورد و نسا؛ 2. تعلة المشتاق إلی ساکني العراق؛ 3. تعلة المقرور؛ 4. الدرة الثمینة؛ 5. صهلة القارح، في الرد علی سقط الزند لأبي العلاء المعري؛ 6. طبقات العلم؛ 7. قبسة العجلان في نسب آل أبي سفیان؛ 8. کوکب المتأمل؛ 9. المختلف والمؤتلف، في أنساب العرب؛ 10. المجتبی منالمجتنی، في علم الرجال؛ 11. نهزة الحافظ (ظ: یاقوت، ن.م، 17/243-244؛ القفطي، 3/49-50؛ الصفدي، 2/91).

 

المصادر

ابن الأثیر، الکامل؛ ابن الأنباري، عبدالرحمان، نزهة الألباء، تقـ: إبراهیم السامرائي، بغداد، 1959م؛ ابن البناء، حسن (ظ: ملـ، مقدسي)؛ ابن الجوزي، عبدالرحمان، المنتظم، حیدرآبادالدکن، 1359هـ ابن خلکان، وفیات؛ ابن شاکر الکتبي، محمد، عیون التواریخ، تقـ: فیصل السامر و نبیلة عبدالمنعم داود، بغداد، 1397هـ/ 1977م؛ ابن فضل الله العمري، أحمد، مسالک الأبصار، ط مصورة، تقـ: فواد سزگین، فرانکفورت، 1408هـ/1988م؛ ابن القیسراني، محمد، الأنساب المتفقة؛ تقـ: دي‌خویه، لیدن، 1865م؛ الأبیوردي، محمد، دیوان، تقـ: عمر الأسعد، بیروت، 1407هـ/ 1987م؛ البیروني،أبوالریحان، الآثار الباقیة، تقـ: زاخاو، لایبزک، 1923م؛ الحر العاملي، محمد، أمل الآمل، تقـ: أحمد الحسیني، قم، 1362ش؛ حقي، ممدوح، الأبیوردي ممثل القرن الخامس في برلمان الفکر العربي، دمشق، دار الیقظة؛ الذهبي، محمد، سیر أعلام النبلاء، تقـ: شعیب الأرنؤوط، بیروت، 1405هـ/1984م؛ زهیر بن أبي سلمی، «معلقة»، مع شرح المعلقات السبع للزوزني، قم 1405هـ؛ زیدان، جرجي،تاریخ آداب اللغة العربیة، تقـ: شوقي ضیف، القاهرة، 1957م؛ سبط ابن الجوزي، یوسف، مرآة الزمان، حیدرآبادالدکن، 1370هـ/1951م؛ السبکي، عبدالوهاب، طبقات الشافعیة الکبری، القاهرة، 1324هـ؛ السمعاني، عبدالکریم، الأنساب، حیدرآبادالدکن، 1400هـ/1980م؛ السیوطي، طبقات المفسرین، بیروت، دار الکتب العلمیة؛ صفا، ذبیح الله، تاریخ أدبیات در إیران، طهران، 1336ش؛ الصفدي، خلیل، الوافي بالوفیات، تقـ: دیدرینغ، إستانبول، 1949م؛ ضیف، شوقي،عصر الأول والإمارات، القاهرة، دار المعارف؛ عمادالدین الکاتب، محمد، خریدة القصر، النسخة المصورة الموجودة في مکتبة المرکز؛ القفطي، علي، إنباه الرواة، تقـ: محمد أبوالفضل إبراهیم، القاهرة‌، 1374هـ/1955م؛ کعب بن زهیر، «قصیدة بانت سعاد»، شرح علی قصیدة بانت سعاد للأنصاري، بومباي، أصبح المطابع؛ محدث الأرموي، جلال‌الدین، تعلیقات نقض، طهران، 1358ش؛ نظامي العروضي، أحمد، چهار مقاله، تقـ: محمدمعین، طهران، 1333ش؛ یاقوت، الأدباء؛ م.ن، البلدان؛ وأیضاً:

Huart, C., Littérature arabe, Paris, 1925; Makdisi, G., «Autograph Diary of an Eleventh-Century Historian of Baghidad», Bullein of the School of Oriental and African Studies, London, 1957, vol. XIX.

عنایت‌الله فاتحي‌نژاد/ خ.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: