الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الادب الفارسی / أبو الینبغي /

فهرس الموضوعات

أبو الینبغي

أبو الینبغي

تاریخ آخر التحدیث : 1443/1/18 ۲۱:۰۹:۴۰ تاریخ تألیف المقالة

أَبو الیَنبَغي، عباس بن طرخان (تـ بعد 227هـ/842م)، شاعر شعبي من العصر العباسي، وعلی الرغم من أننا لانمتلک عن حیاته سوی بضع روایات قصیرة، إلا أنه یحظی بالأهمیة من جهتین: الأولی، أنه – اتباعاً للشعراء المطبوعین و الواقعیین – بعد من النادرین الذین کرسوا أنفسهم بشکل کامل تقریباً للشعر الشعبي؛ و الثانیة، أن هناک شعراً، أو أغنیة فارسیة منسوبة إلیه لها أهمیة کبیرة من حیث تاریخ نشأة الشعر الفارسي. والآن تقدم دراسة مستقلة حول هاتین الجهتین:

1. لم یتبق من مجموعة أشعاره العربیة التي جمعها کما یبدو المرزباني (ظ: الصفدي، 16/664)، وکانت تبلغ 10 أوراق علی حد قول ابن الندیم (ص 189) سوی 14 بیتاً (7 مقطوعات من بیت واحد و بیتین و 4 أبیات)، وأکثر مانعرفه عن حیاته یرتبط بالأخبار المتعلقة بهذه الأبیات التي تفید بأن ابن الدورقي الشاعر رأی أبا الینبغي في باب الطاق (في بغداد)، فصمم علی أن یمزح معه، رغم تحذیر صدیقه محمد بن عمران، فما لبث أن سمع منه جواباً علی بیته الذي هجاه فیه، بلغ من الإفحام والإقذاع حداً بحیث اصفر وجهه (ابن المعتز، 130). وجاء في روایة أخری نقلت عن أبي هفان (ن.ع): عرض أبوالینبغي یوماً لیحیی بن خالد البرمکي في موکبه، والفضل وجعفر عن یمینه و شماله، فقال له رافعاً صوته:

صحبت البرامک عشراً وِلا فخبزي شراء و بیتي کِرا هنا یشیر یحیی الذي کان یعرفه جیداً إلی سوء خلقه. ومع کل ذلک، فقد أعطاه الفضل وجعفر مالاً، وأمرا بتوفیر طعامه من مطبخ البرامکة (م.ن، 132). ونقل الجهشیاري (ص 129) الروایة نفسها عن أبي القاسم ابن المعتمر الزهري والذي یقول: إنه کان جالساً ذات مرة إلی جانب یحیی، وإن أبا الینبغي دعاه، وأنشد الشعر مخاطباً إیاه (أیضاً ظ: الصفدي، 16/664-665).

وفیما یتعلق بعلاقته مع البرامکة هناک بیتان آخران في المدح یتضمنان کلمتین فارسیتین (ابن المعتز، 131). ونحن نلاحظ هنا إن أبا الینبغي کان یعرف وجهاء بغداد منذ 177 هـ علی الأقل، أي قبل 10 سنوات من زوال البرامکة، وأنه کان یتمتع بشيء من الشهرة في الشعر، ولکن یبدو أن سقوط البرامکة لم یؤثر علی حیاته، فقد کانت له علی حد قول الصفدي (16/663-664)، أخبار مع الرشید و الأمین و المأمون والمعتصم، وکان یهجو الکبار علی سبیل المزاح و المطابیة.

وتشیر الروایة التي نقلت علی وجهین إلی عاقبة أمره: فقد أغراه الخلیفة الواثق (تـ 232هـ) لیهجو الفضل بن مروان (علماً أن الفضل هو نفسه الشخص الذي أخذ البیعة للمعتصم في 218هـ، وتولی وزارته لفترة)، وقد أدی ذلک إلی أنیزج الشاعر في السجن. ویبدو أنه عومل معاملة حسنة في السجن. ومع کل ذلک فقد بقي في هذا السجن حتی مات (ابن المعتز، 132). واستناداً إلی هذه الروایة فإن تاریخ وفاته لابد وأن یکون بین سنة 227 و 232هـ (وفاة الواثق). ویری الصفدي (ن.ص) أن هجاء الشاعر کان موجهاً إلی المعتصم، وأن موته کان في سجن المعتصم. واستناداً إلی هذه الروایة – التي لاتضاهي منزلة روایة ابن المعتز – تکون وفاته قبل 227هـ.

وقد کان أبوهفان یذهب لزیارة أبي الینبغي في السجن، وذات مرة سأله عن سبب سجنه، فأجابه قائلاً: «أنا أبوالینبغي قلتُ مالاینبغي، فحُبست حیث ینبغي» (ابن المعتز، ن.ص؛ قا: الصفدي، ن.ص).

إن الاهتمام الذي أولاه ابن المعتز لهذا الشاعر هو مما یلفت النظر إلی حد بعید، لأنه یسلط الضوء من بعض النواحي علی مسار تطور الشعر، علماً بأن ابن المعتز یعلم جیداً أن شعره لایعد عملاً فنیاً قیماً، إلا أنه لایغض النظر عن الإشادة به، فبعد هذا البیت الذي یفیض ألماً:

کم من حمارٍ علی جوادٍ ومن جوادٍ بلاحمارٍ

یکتب: طار له هذا الشعر في الآفاق، ولهج به الجمیع، فهو ینشد في کل مجلس و محفل وسوق وطریق. ثم یبین سبب هذه الظاهرة قائلاً: «وإنما یرزق البیت من الشعر ذلک، إذا کان جید المعنی، عذب اللفظ، خفیفاً علی اللسان» (ص 131).

ولاشک في أن ابن المعتز بالغ في الإشارة بـ «عذب اللفظ» لهذا الشعر. کما أن الأبیات الأخری التي أعجب بها کثیراً والتي نظمها في هجاء رجاء بن الضحاک، تخلو من الکلمات الرائعة، بل إنها خارجة أیضاً عن الوزن العروضي کما یشیر الصفدي (ن.ص). والشاعر کان ینظم مثل هذا الشعر علی حد قول ابن المعتز (ن.ص) «لیسبق إلیه العامة والصبیان، فیروونه». کما ذکر ابن المعتز (ن.ص) مقطوعتین أخریتین من أشعاره لاتخلو أیة منهما من ذینک العیین. وبالإضافة إلی المعاني الغریبة التي نجدها في البیتین اللذین نظمهما في مدح البرامکة، فإنهما یتضمنان کلمتین فارسیتین هما «نیمرش» و «کش»؛ البیت الأول: «إنما الدنیا کبیض عملوه نیمرشّ» (نیم برش – نیم بِرِشت = نصف مسلوق)؛ والبیت الثاني: «فحشاه البرمکیّون وقال الناس کش» (یبدو أن المقصود هو الکلمة الفارسیة «کَش» بمعنی الجید والجمیل). وأما المقطوعة المؤلفة من 4 أبیات و التي هي «من أشهر أشعاره، ویحفظها الجمیع»، فإنها تنتهي بکلمة «الناس» في جمیع أشطارها، وتخلو من القافیة.

والمقطوعتان اللتان أوردهما الصفدي (16/664)، ولانجدهما في طبقات ابن المعتز، لاعیب فیهما من الناحیة الشعریة، وقد ضمت إحداهما التعبیر القرآني (قسمة ضیزی).

وبالطبع فإن هذه الأشعار المغلوطة غیرجذابة ولاقیمة لها، إلا أن مایحظی بالأهمیة الفائقة هو اختیار أحد أکبر الشعراء و النقاد في القرن 3هـ لها، وخصوصاً الذعجاب الذي أبداه لها، وبعبارة أخری، فإن الأدب الشعبي المشتمل علی المقطوعات الغنائیة القصیرة و الکلمات السوقیة التي لیست لها أیة علاقة بالددب الرسمي کان منتشراً أکثر مما نتصوره الیوم عادة، وذلک خلال القرنین 2 و 3، بل و حتی 4هـ. ألم یکن قسماً من هذا الأدب هو الذي انتهی بسخف ابن الحجاج (ن.ع) وحکایة أبي القاسم البغدادي (ظ: ن.د، أبوالمطهر الأزدي).

2. وفي خلال وصف ابن خرداذبه (ص 26) لمواقع سمرقند الجغرافیة وأطرافها یقول فجأة: «یقول أبوالتقی (السفی، في نسخة أخری) عباس بن طرخان»:

سمرقند کَندمَند بزینت کي افکند

از شاش نه بهي همي شد نه جهي

ولاشک في أن هذا الشعر، أو الأغنیة التي لایمکن أن تکون متأخرة عن القرن 3هـ، لفت انتباه جمیع الباحثین الذین درسوا تاریخ الشعر واللغة الفارسیة (مثلاً ظ: إقبال، «أبوالینبغي»، 735؛ صادقي، 92-93).

ولم یبد حتی الآن أي شخص رأیاً حول قائل هذا الشعر و سبب نظمه. فبارتولد (ص 837، الهامش) وریپکا (ظ: EI2؛ إیرانیکا) یریان أن قائله أبوالعباس المروزي، ولکن إقبال یری جزماً أن شکل أبي التقی، أو «السفی» في المسالک هو أبوالینبغي («دوشاعر»، 459)، ولأن اسم والد هذا الرجل طرخان (طرخون (= ترخان): في جمیع المصادر العربیة)، ولأن ترخان کان لقب أمراء سمرقند، فإنه یضطر إلی أن یقول: أبوالینبغي من أمراء سمرقند، وقد أصبح مولی للمسلمین بعد استیلائهم علی هذه المدینة؛ إلا أن الموضوع لیس بهذه السهولة، فترخان السمرقندي استسلم في 93هـ، ولم یظهر له بعد ذلک أثر. کما أن سمرقند کانت قد سقطت إلی حدما بید العرب عن طریق المصالحة قبل زوال ترخان. ویبدو أن هذه المدینة أذعنت بعد ذلک حسب الظاهر لحکم المسلمین دون حدوث أیة فتنة، إلی درجة أن أهالیها أنفسهم حالوا دون خروج العرب من المدینة إثر مبادرة عمر بن عبدالعزیز (البلاذري، 422). وبعد ذلک بفترة نری کیف کان أسد، الحاکم العربي لسمرقند یدافع عن المدینة وأهلها أمام الأتراک (م.ن، 428). وعلی هذا فإن سمرقند لم تتعرض للدمار طیلة القرن 2هـ إلی الدرجة التي یستدعي معها أن یتفجع الشاعر علیها إلی هذا الحد.

ومن جهة أخری، کیف یمکن أن یکون أبوالینبغي الذي توفي في العقد الثالث من القرن 3هـ ابن ترخان حاکم سمرقند في أواخر القرن الأول؟ فقد دخل منذ مطلع شبابه بلاط الخلفاء والوزراء العباسیین، واطلع بشکل جاد علی الثقافة واللغة العربیتین، کما لم یکن دون شک مولی أُر حدیثاً. والآن فإننا لو أذعنا إلی أن أبا الینبغي کان بعیداً دوماً عن سمرقند، وأن مدینة سمرقند لم تتعرض قط في عصره لمثل هذا الدمار الهائل، فلا مناص من أن یطرح هذا السؤال و هو: لماذا نُظم هذا الشعر الفارسي، ومن هو ناظمه؟ أو لم یکن هذا الشعر أغنیة شعبیة نظمت مثلاً خلال أولی هجمات و انتصارات جیوش العرب علی سمرقند، ثم نقله أبوالتقی، أو أبوالینبغي إلی ابن خرداذبه؟

 

المصادر

ابن خرداذبه، عبیدالله، المسالک والممالک تقـ: دي خویه، لیدن، 1889م؛ ابن المعتز، عبدالله، طبقات الشعراء، تقـ: عبدالستار أحمد فراج، القاهرة، 1375هـ/ 1956م؛ ابن الندیم، الفهرست؛ إقبال، عباس، «أبو الینبغي العباس بن طرخان»، مهر، طهران، 1312ش، س 1، عد 10؛ م.ن، «دوشاعر عصر قدیم»، یغما، 1337ش، س 11، عد 10؛ البلاذري، أحمد، فتوح البلدان، تقـ: دي‌خویه، لیدن، 1865م؛ الجهشیاري، محمد، الوزراء و الکتّاب، بیروت، 1408هـ/ 1988م؛ صادقي، علي أشرف، تکوین زبان فارسي، طهران، 1357ش؛ الصفدي، خلیل، الوافي بالوفیات، تقـ: وداد القاضي، بیروت، 1402هـ/ 1982م؛ وأیضاً:

Barthold, W. W., «To the Question of Early Persian Poetry», Bulletin of the School of Oriental Studies, London, 1974, vol. II; EI2; Iranica.

آذرتاش آذرنوش/ خ.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: