الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / التاریخ / أبوموسی الأشعري /

فهرس الموضوعات

أبوموسی الأشعري

أبوموسی الأشعري

تاریخ آخر التحدیث : 1443/1/14 ۱۹:۰۵:۰۵ تاریخ تألیف المقالة

أَبوموسَی الْأَشْعَريّ، عبدالله بن قیس (تـ ح 52هـ/ 672م)، صحابي أصله من الیمن، و ینتسب إلی قبیلة الأشعر الیمنیة التي تعد فخذاً من قبیلة قحطان (ظ: ابن سعد، 4/105؛ خلیفة، الطبقات، 1/428؛ ابن عبدالبر، 4/1762). أمه ظبیة و هي عدنانیة، أسلمت فیما بعد، وماتت بالمدینة (ابن سعد، ن.ص).

هناک تضارب في تاریخ إسلامه في المصادر و الروایات، فبعضها یشیر إلی ذهابه إلی مکة و تحالفه مع أبي أحیحة سعید بن العاص بن أمیة، ثم إسلامه و هجرته مع المسلمین في هجرتهم الثالنیة إلی الحبشة (ن.ص؛ ابن هشام، 1/347؛ البلاذري، أنساب...، 1/201)، غیر أن ابن سعد (ن.ص) یصرح بأنه لم یحالف أحداً، وأنه عاد إلی الیمن بعد إسلامه. ومما یؤید هذا الرأي عدم ذکره فیمن هاجر إلی الحبشة، في آثار موسی ابن عقبة و ابن إسحاق وأبي معشر، و هم ثلاثة من أقدم کتّاب السیر (أیضاً ظ: البلاذري، ن.ص؛ ابن أبي الحدید، 13/314). کما أورد أحمد ابن حنبل (4/405-405) عن حفید أبي موسی أنه دخل مع قومه علی النبي (ص) بعد فتح خیبر بثلاثة أیام، ونالوا بعض الغنائم رغم عدم مساهمتهم في القتال. و هناک روایة أخری تفید بأنه هاجر في 7هـ/ 628م من بلدة زبید في نحو 52 جرلاً و رجع، فرکب البحر، فألقتهم الریح إلی الحبشة في نفس الفترة التي عزم فیها جعفر بن أبي طالب وصحبه علی العودة منها (ابن العماد، 1/53-54)، ووصلوا إلی النبي (ص) عند فتح خیبر و استسلام الیهود فیها. و یبدو أن هذا الحدث بالذات کان مدعاة لاعتباره في زمرة المهاجرین، وشموله بقول النبي (ص): لکم الهجرة مرتین، هاجرتم إلی النجاشي و هاجرتم إليّ (ابن سعد، 4/106؛ ابن عبدالبر، 4/1763). وتدحض هذه الروایة ماقاله البعض (ظ: ابن سعد، 6/16؛ البلاذري، ن.ص) عن مساهمته في غزوة خیبر، ذلک أن قدومه إلی المدینة کان بعد انتهاء الغزوة، و هذا الینسجم مع مساهمته في القتال وحصله علی الغنائم بشکل استثنائي.

والتضارب في الروایات المذکورة واضح جداً: الاختلاف في أساس تحالفه و الجانب الإي تحالف معه، والهجرة إلی الحبشة، أو العودة إلی الیمن، و کذلک ازدواجیة الأقال عن مشارکته في خیبر، أو قدومه إلی المدینة مباشرة، والتناقض في وصف ساعة قدوم الأشاعرة إلی خیبر واعتناقهم الإسلام، کلها قضایا تثیر الغموض عن خلفیة إسلام أبي موسی فيمکة (ابن سعد، 7/434؛ المقدسي، 5/102). ویبدو أن استناد ابن سعد (4/105-106) إلی روایة الواقدي، والتي تقول إن ابن إسحاق لم یورد اسم أبي موسی في قائمة المهاجرین إلی الحبشة، أکثر صحة من غیره، ذلک أن النسخة التي تتحدث عن سیرته بروایة یونس بن بکیر لم تشر إلی اسمه. و من خلال نظرة متأنیة إلی رواة هجرته إلی الحبشة – و هم أولاده لاغیرهم (ظ: ن.ص) – وکذلک مارواء مناوئو الإمام علي (ع) في مناقب أبي موسی (ظ: تتمة المقالة)، یمکن أن نحتمل بأن الهدف من التحدث عن قدم إسلامه بمکة وفضیلة الهجرة إلی الحبشة، هو خلق خلفیة طویلة له في الإسلام، ولایستبعد أن یکون أبناؤه قد لجأوا إلی هذا الأسلوب بهدف تسجیل الفخر و الکرامة لأبیهم. وکان مناوئو الإمام علي (ع) یعزفون علی وتر فضیلة أبي موسی وسبقه في الإسلام لکونه حکم ضد الإمام علي (ع) في التحکیم (ظ: زریاب، 181).

تولی أبوموسی مرة خلافة قائد الجیش الذي بعثه النبي (ص) لقمع قبائل هوازن للمرة الثانیة في شوال عام 8هـ، ثم قاد المعرکة بعد استشهاد الاقئد حتی تحقق له النصر (الواقدي، 3/915-916؛ ابن حبیب، 124؛ ابن سعد، 2/151-152؛ الطبري، 3/79-80). وفي هذه السنة کلّفه النبي (ص) مع معاذبن جبل بتعلیم أهل مکة القرآن و الأحکام (ظ: الواقدي، 3/959). وفي العام 10هـ/ 631م و قبل حجة الوداع (البخاري، صحیح، 8/50) قلّده النبي (ص) جزءاً من إمارة الیمن (ابن حبیب، 126؛ أحمد ابن حنبل، 4/397؛ الطبري، 3/228)، وظل في هذا المنصب حتی خلافة أبي بکر، و جابه فتنة المرتدین في تلک المنطقة (ظ: م.ن، 3/318؛ الذهبي، تاریخ...، 16)، إلا أنه برز في الساحة السیاسیة أثناء خلافة عمر، عندما ولّاه علی البصرة في 17هـ/ 638م عند استدعائه للمغیرة ابن شعبة، فکان أبوموسی عامله الرابع علی هذه المدینة، ودامت إمارته علیها مدة 12 عاماً عدا فترة قصیرة (خلیفة، تاریخ، 1/126؛ الیعقوبي، 2/146؛ الطبري، 4/50، 69-71).

ساهم أبوموسی لسنوات مدیدة و من خلال تجهیز العدید من الجیوش و المحاصرات الطویلة في فتح مدن خوزستان و فارس و بلاد الجزیرة، وکان فتح العدید من مدن خوزستان ذات القلاع الحصینة یستلزم أحیاناً العدید من علمیات الکر و الفرو استعادة السیطرة. واستخلف في حربه الأولی عمران بن حصین علی البصرة، واستعاد الأهواز (خلیفة، ن.ص؛ البلاذري، فتوح...،370)؛ ثم بعث بعد ذلک جیشاً لتعزیز جیش الکوفة بقیادة أبي سبرة ابن أبي رُهم خلال محاصرته لمدینة تستر، ورغم استمرار أمد المحاصرة لعام، أو عامین، إلا أنهم أفلحوا آخر المطاف في فتح المدینة باستخدام الخدعة الحربیة (خلیفة، ن.م، 1/138-141؛ البلاذري، ن.م، 373-374؛ الطبري، 4/83-86، نقلاً عن سیف بن عمر). وانطلق أبوموسی بعد ذلک نحو السوس ففتحها في 18هـ (خلیفة، ن.م، 1/132؛ البلاذري، ن.م، 371؛ الطبري، 4/90)؛ ثم هاجم مدناً أخری مثل مناذر، ورامهرمز وجندي سابور، وفتح بعضها صلحاً (خلیفة، ن.م، 1/122-135؛ البلاذري، ن.م، 370-375، مخـ)؛ ثم فتح الرُّها و بعدها سمیساط صلحاً في 18هـ، ثم حرّان صلحاً و نصیبین عنوة في 19هـ. وخلال هذه السلسلة من المعارک أصاب الطاعون ناحیة عمواس بالشام، إلا أن أبا موسی سلم منه (خلیفة، ن.م، 1/130-131؛ الطبري، 4/53، 60).

وبعد هذه الانتصارات، خرج أبوموسی إلی فارس (23هـ/ 644م)، وأنجد عثمان بن أبي العاص الذي کان قد خطا الخطوة الأولی لفتح هذه البلاد، ففلح الاثنان وفي فتح شیراز و سابور (البلاذري، ن.م، 380-381؛ قدامة، 388). وحاصر أبوموسی أصفهان، ثم قاتل أهلها بعد أن رفضوا دفع الجزیة، فظفر علیهم (ابن سعد، 4/110؛ ابن قتبة، عیون...، 1/214؛ الطبري، 4/183-184، 186؛ قدامة، 373-374). واختلف المؤرخون فیمن فتح ماه دنیار (نهاوند) وباقي مدن إیران کالري و قم و کاشان ودینور، غیر أن دعم أبي موسی للآخرین في فتح هذه المناطق أمر قطعي مفروغ منه (خلیفة، ن.م، 1/148، 160-162؛ البلاذري، ن.م، 304، 308؛ قدامة، 372-373؛ القمي، 25، 78). ومن الجدیر بالذکر أن أباموسی لم یکن أمر الجند في جمیع هذه المعارک و الغزوات، فقد کان في بعضها تحت إمرة الآخرین (ظ: خلیفة، ن.م، 1/130-131، 146؛ الطبري، 4/53، 84، 138، 140-141، 186؛ قدامة، 391).

توقفت إمارة أبي موسی علی البصرة لفترة قصیرة حینما بعثه عمر إلی الکوفة بدلاً من عمار بن یاسر، إلا أنه أعاده إلیها بعید ذلک (الطبري، 4/161، 163-164). کما ولي إلی جانب الإمارة قضاء البصرة أیضاً، ونلاحظ لدی دراسة النصوص التاریخیة إشارات قضائیة موجهة من الخلیفة إلیه (ظ: أبویوسف، 117، 135؛ الجاحظ، 237؛ ابن قتیبة، ن.م، 1/11، 66، 3/88؛ وکیع، 1/283-284، 286-287).

ظلت إمارة أبي موسی الأشعري علی البصرة خلال السنوات الأولی من خلافة عثمان، تنفیذاً لوصیة عمر بإیقائه علی البصرة لمدة 4 سنوات (ابن سعد، 5/45؛ الذهبي، سیر...، 2/391)، أو سنة واحدة (ابن سعد، 4/109)؛ وهذا یکشف عن مدی ثقة الخلیفة به. وماقیل أیضاًإن ابنه کان یکتب روایاته دون علمه، فلما علم بذلک أمر بمحوها (م.ن، 4/112؛ الذهبي، ن.م، 2/390)، ولعل هذا دلیل آخر یفصح عن ولائه للخلیفة الذي سبق أن أمر بمنع کتابة الحدیث. وأوکل إلیه عثمان صلاة البصرة وقضاءها (خلیفة، تاریخ، 1/196؛ وکیع، 1/283). واستمرت إمارته علی البصرة 6 سنوات بعد وفاة عمر طبقاً لروایة هي أقرب إلی الصواب من الروایة القائلة إنها دامت 3 سنوات (الطبري، 4/364)، ذلک أن المرخین یجمعون علی أنه عُزل عنها في 29هـ/ 650م أعقاب تذمر أهلها منه (خلیفة، ن.م، 1/167؛ الطبري، 4/264-265).

وعلی أي حال، رفض أبوموسی بعد عزله، قبول عطاء الخلیفة و أقام في الکوفة (ابن سعد، 5/45). وبعد 5 سنوات من ذلک، ار الکوفیون عام 34هـ/ 654م بزعامة یزید بن قیس و مالک الأشتر النخعي علی سعید بن العاص وأخرجوه من الکوفة، واختاروا أباموسی أمیراً علیهم. وبما أن الثوار کانوا یهدفون خلع عثمان، حسب مارواه سیف (ظ: الطبري، 4/331-332، 336)، انبری أبو موسی للدفاع عن عثمان، واشترط علیهم إزاء قبوله الإمارة أن یجددوا البیعة مع عمثان و قد سُرّ الخلیفة لموقفه هذا حتی إنه قرر إبقاءه علی ولایة الکوفة، وظل والیاً علیها حتی مقتل عثمان (أیضاً ظ: ابن سعد، 5/33-34؛ خلیفة، ن.م، 1/180؛ البلاذري، أنساب، 4/534-536).

وحینما اختیر الإمام علي (ع) خلیفة للمسلمین، أعلن أبوموسی في کتاب بعثه إلیه عن بیعة أهل الکوفة له (الطبري، 4/443). ورغم عزل الإمام علي (ع) لکافة عمال عثمان، إلا أنه أبقی أبا موسی علی الکوفة تلبیة لرغبة مالک الأشتر و خلافاً لرغبته (الیعقوبي، 2/179؛ الطبري، 4/499). ورغم هذا، فإن الأحداث التالیة تشیر إلی أن بیعة أبي موسی لم تکن هي الأخری عن رغبة؛ فخلال خروج طلحة و الزبیر قال و هو لایزال والیاً علی الکوفة: «الإمرة ما أمر فیه والملک ماغلب علیه» (ظ: البلاذري، ن.م، 2/213). وحینما خرج الإمام علي (ع) إلی البصرة لإخماد فتنة طلحة و الزبیر، توقف في ذي قار – قرب الکوفة – و بعث محمد بن جعفر ومحمد بن أبي بکر إلی الکوفة لحث الناس علی الخروج معه للقتال، وتملص أبوموسی من تعبئة الکوفیین من خلال قوله: القعود سبیل الآخرة، والخروج سبیل الدنیا؛ وقوله : والله إن بیعة عثمان لفي عنقي وعنق صاحب کما، فإن لم یکن بدّ من قتال، لانقاتل أحداً حتی یُفرغ من قتلة عثمان حیث کانوا؛ کما أنه هدد رسولي الإمام علي (ع) بالحسجن والقتل (الطبري، 4/481-482؛ الشیخ المفید، 242-243؛ ابن أبي الحدید، 14/8-9)، وحینما أنفذ إلیه الإمام علي (ع) ثانیة کلاً من عبدالله بن عباس و مالک الأشتر، فإنه شبّه الأوضاع آنذاک بالفتنة، استناداً إلی حدیث رواه هو عن الرسول (ص)، وطالب الناس أن یکونوا جرثومة من جراثیم العرب حتی تتجلي الفتنة (ظ: الطبري، ن.ص).

وبعث الإمام علي (ع) بعد ذلک ابنه الحسن (ع) حاملاً کتاب عزله ومعه عمار بن یاسر، وحذّر أبوموسی الکوفیین ثانیة خلال خطبة من التدخل فیما أسماه نزاعاً بین قریش لابد من مبادرتهم لإصلاحه، إلا أن الحسن (ع) أبلغه بعزله عن الکوفة، وأخرجه مالک بن الأشتر من قصر الإمارة، وحال دون نهب الناس لأمواله (البلاذري، ن.م، 2/230-231؛ الیعقوبي، 2/181؛ الدینوري، 145؛ الطبري، 4/486-487، 499-500؛ الشیخ المفید، 243-253). ویستشف من إحدی الروایات أنه تواری مدة، إلا أن الإمام (ع) آمنه فیما بعد، وربما بعد معرکة الجمل (ظ: ابن أعثم، 4/2).

وتعود شهرة أبي موسی في المصادر التاریخیة إلی دوره السیاسي المهم في التحکیم الذي أعقب وقعة صفین، وتحوله – شئنا أم أبینا – إلی أحد العوامل الفاعلة في انتقال الخلافة إلی بني أمیة. فحینما آلت الحرب في صفین إلی التحکیم بخدیعة عمرو بن العاص، وقصر نظر أمراء جیش العراق و انقسامهم، اختار بعض أمراء هذا الجیش کالأشعث بن قیس، وزید بن حصین، ومسعر بن فدکي، وجمیعهم من الیمن، أبا موسی حکماً عنهم خلافاً لرغبة أمیر المؤمنین علي (ع) و تحذیري. و من الواضح أن اختیار أبي موسی إنما کان لکونه یمانیاً من جانب، ولاعتزاله الحرب من جانب آخر. ورغم أنه کان خلال تلک الحرب فيعُرض – بین تدمر و الرصافة بالشام – إلا أنه کان یحذر الجمیع من أي تدخل فیما کان یدعوه بالفتنة، ولایجیز قتال أهل القبلة. وحینما أبلغه أحد غلمانه أن الناس قد اصطلحوا، قال: الحمدلله رب العالمین، ثم قال له: وقد جعلوک حکماً، فوافق علی ذلک، وجاء حتی دخل عسکر الإمام علي (ع) (نصر بن مزاحم، 500). وقد أشار الإمام علي (ع) في خطبة له إلی هذا السلوک المتناقض (نهج البلاغة، الخطبة 238).

وأخیراً طبقاً لکتاب الموادعة الذي بیّن أسلوب التحکیم ومحله وفترة إعلان الحکم، والذي وقّع علیه کبار رجال الجانبین، تقرر أن یلتقي أبوموسی و عمرو بن العاص في دومة الجندل بالقرب من دمشق، وأن یعلنا عن رأیهماخلال عام واحد علی أکثر تقدیر وفقاً لکتاب الله و سنة رسوله (ص)، مع ضمان الجانبین المتحاربین لأمنهما بعد إصدار حکمها. واجتمع أبوموسی وعمروبن العاص وتحادثا لأیام طویلة، فیما کان الناس یطالبون بالإسراع في إصدار قرار التحکیم للحیولة دون نشوب الحرب ثانیة. و حذّر عدد کبیر من الصحابة کابن عباس أبا موسی من خدعة عمرو بن العاص، و طرح أبوموسی آخر المطاف اقتراح خلع علي (ع) و معاویة و انتخاب عبدالله بن عمر خلیفة للمسلمین، ووافق عمرو بن العاص علی ذلک الاقتراح.و حینما تقدما لإعلان رأیهما للناس قدّم عمرو بن العاص أبا موسی علیه بحجة أسبقیته في الإسلام، وکان ذلک خدیعة منه، فأعلن أبوموسی خلع علي (ع) و معاویة، بینما خلع عمرو بن العاص علیاً (ع) و ثبّت معاویة. وحینما رأی أبوموسی ذلک شتم عمرو، وشتمه عمرو أیضاً. و بالتالي رکب أبوموسی ناقته، فلحق بمکة واحتمی ببیت الله (للاطلاع علی التفاصیل، ظ: نصر بن مزاحم، 499-507، 533 و مابعدها؛ البلاذري، أنساب، 2/334-336، 343-351؛ الطبري، 5/53-54، 67 و مابعدها؛ الدینوري، 192-193، 199-201؛ الیعقوبي، 2/189).

وذمّ الإمام علي (ع) في خطبة مشهورة سلوک أبي موسی و عمرو ابن العاص خلال التحکیم، و وصفهما بأنهما قد نبذا حکم القرآن وراء ظهریهما، وأن الله بريء منهما و رسوله و صالح المؤمنین (البلاذري، ن.م، 2/365-366؛ الطبري، 5/77)، ودعا أبا موسی في کتاب بعثه إلیه و هو في مکة، إلی التوبة من عمل کان بفعل الهوی والغرور (ظ: ابن عبدربه، 4/349). وفي الواقع، یستشف من الدور الذي لعبه أبوموسی خاصة في التحکیم أنه رجل قصیر النظر و لیس لدیه نصیب من الذکاء والفطنة، وقد وافق الإمام علي (ع) علیه في التحکیم نزولاً عند رغبة جنوده و إلا فهو – کما قال ابن عباس – لم یکن له فضل خاص علی الآخرین، والمتقدمون علیه کثر (المسعودي، 2/395).

وتعود آخر الأخبار عن أبي موسی إلی عام 40هـ/ 660م، حینما أمر معاویة بُسر بن أبي درطاة أن یأخذ البیعة ممن رفض قرار التحکیم. و کان أبوموسی في مکة آنذاک وقد داخله الخوف بسبب حکمه بعزل معاویة، إلا أن بسر آمنه (الطبري، 5/139)، وبایع معاویة، فیما بعد، وأخذ یتردد علیه في الشام، غیر أن معاویة لم یکن یعبأ به (البلاذري، ن.م، 4/43، 47-48؛ الطبري، 5/332).

قیل إنه توفي في 42 و 44 و 50 و 52 و 53 هـ (ابن سعد، 4/116؛ خلیفة، الطبقات، 1/156؛ الطبري، 5/240). ویری الذهبي (سیر، 2/398) أن أقرب التواریخ إلی الصواب هو ذو الحجة 44هـ، وتوفي عن 63 عاماً (ابن حبان، 3/222؛ الحاکم، 3/464). وهناک تضارب في الآراء حول محل وفاته و مدفنه، وهل کان الکوفة، أم مکة (ظ: خلیفة، ن.ص؛ ابن عبدالبر، 4/1764؛ أبوإسحاق، 25)، رغم أن المصادر الأقدم تعتقد أنه الکوفة، حیث کان له بیت فیها (البلاذري، ن.م، 4/280). واشتهر بعض أفراد أسرته أیضاً، أورد ابن حزم أسماء مشاهیرهم (ص 397-398). کان ابنه أبوبُردة قاضي الحجاج بن یوسف في الکوفة، وبلال نجل أبي بردة قاضیاً في البصرة (ابن حبیب، 378؛ ابن قتیبة، المعارف، 589). ویُعد المتکلم المعروف أبوالحسن الأشعري، من أشهر أبناء أسرته ویقال إنه ینتسب إلیه بـ 8 أشهر (ظ: السمعاني، 1/266-267).

وهناک و جهات نظر متباینة حول أبي موسی في مصادر التاریخ والحدیث للسنة و الإمامیة، فتفید بعض الروایات أن آیة نزلت في حقه و قومه (ابن سعد، 4/107)، کما عُدّ ضمن 6 أشخاص قیل إنهم أعلم أصحاب رسول الله (ص) (البخاري، التاریخ ...، 3(1)/22؛ الذهبي، ن.م، 2/388-389)، ولذلک عُدّ في خلافة عمر بن الخطاب أحد من کان یؤخذ الفقه عنهم (الیعقوبي، 2/161)، في حین أورد علماء الإمامیة أقوالاً غلیظة فیه نقلاً عن النبي 0ص) والأئمة المعصومین (ع)، وعدّوه ضمن من کان یلعنهم الإمام علي (ع) في قنوت صلاته بعد التحکیم (ظ: ابن بابویه، لاخصال، 485، 499، عیون، 2/126؛ الإیضاح، 61-64).

کان أبوموسی حسن الصوت، یقرأ القرآن بإیقاع حلو (ظ: ابن سعد، 4/107-109؛ أبوزرعة، 1/231؛ الحاکم، 3/466؛ الذهبي، ن.م، 2/382، 391-392، 398). کما روی عن الرسول (ص) في مختلف القضایا (ظ: أحمد بن حنبل، 4/391-419). وعدّه الذهبي (المعین...، 24) من المحدثین و من القلائل الذین قرأوا القرآن علی النبي (ص) (أیضاً ظ: سیر، 2/381). وروی عنه کثیرون أمثال: أنس بن مالک و أبوسعید الخُدري و أبو أمامة الباهلي و بُریدة الأسلمي و عبدالرحمان بن نافع و سعید بن المسیب و زید بن وهب (ابن أبي حاتم، 2(2)/138؛ أیضاً ظ: الذهبي، ن.ص).

 

المصادر

ابن أبي حاتم الرازي، عبدالرحمان، الجرح و التعدیل، حیدرآبادالدکن، 1372هـ/1953م؛ ابن أبي الحدید، عبدالحمید، شرح نهج البلاغة، تقـ: محمد أبوالفضل إبراهیم، القاهرة، 1379هـ/ 1959م؛ ابن أعثم الکوفي، أحمد، فتوح، حیدرآبادالدکن، 1391هـ/1971م؛ ابن بابویه، محمد، الخصال، تقـ: علی أکبر الغفاري، طهران، 1403هـ/ 1362ش؛ م.ن، عیون أخبار الرضا (ع)، النجف، 1390هـ/ 1970م؛ ابن حبابن، محمد، الثقات، حیدرآبادالدکن، 1397هـ/ 1977م؛ ابن حبیب، محمد، المحبر، تقـ: لیختن شتیتر، حیدرآبادالدکن، 1361هـ/ 1942م؛ ابن حزم، علي، جمهرة أنساب العرب، بیروت، 1403هـ/ 1983م؛ ابن سعد، محمد، الطبقات الکبری، بیروت، دار صادر؛ ابن عبدالبر، یوسف، الاستیعاب، تقـ: علي محمد البجاوي، القاهرة، 1380هـ/ 1960م؛ ابن عبدربه، أحمد، العقد الفرید، تقـ: أحمد أمین و آخرون، بیروت، 1402هـ/ 1982م؛ ابن العماد، عبدالحي، شذرات الذهب، القاهرة، 1350هـ؛ ابن قتیبة، عبدالله، عیون الأخبار، القاهرة، 1343هـ/ 1925م؛ م.ن، المعارف، تقـ: ثروت عکاشة، القاهرة، 1960م؛ ابن هشام، عبدالملک، السیرة النبویة، تقـ: إبراهیم الدبیاري و آخرون، القاهرة، 1375هت/ 1955م؛ أبوإسحاق الشیرازي، إبراهیم، طبقات الفقهاء، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1401هـ/ 1981م؛ أبوزرعة الدمشقي، عبدالرحمان، تاریخ، تقـ: شکرالله القوجاني، دمشق، 1400هت/ 1980م؛ أبویوسف، یعقوب، الخراج، بیروت، دارالمعرفة؛ أحمد بن حنبل، مسند، القاهرة، 1313هـ؛ الإیضاح، المنسوب إلی الفضل بن شاذان، تقـ: جلال‌‌الدین محدث الأرموي، طهران، 1350ش؛ البخاري، محمد، التاریخ الکبیر، حیدرآبادالدکن، 1377هـ/ 1958مغ م.ن، صحیح، بولاق، 1315هـ؛ البلاذري، أحمد، أنساب الأشراف، ج1، تقـ: محمد حمیدالله، القاهرة، 1959م، ج 2، تقـ: محمدباقر المحمودي، بیروت، 1394هـ/ 1974م، ج 4(1)، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1400هـ/ 1979؛ م.ن، فتوح البلدان، تقـ: رضوان محمد رضوان، بیروت، 1978م؛ الجاحظ، البیان و التبیین، تقـ: فوزي عطوي، بیروت، 1968م؛ الحاکم النیسابوري، محمد، المستدرک علی الصحیحین، بیروت، 1398هـ؛ خلیفة بن خیاط، تاریخ، تقـ: سهیل زکار، دمشق، 1968م؛ م.ن، الطبقات، ، تقـ: سهیل زکار، دمشق، 1966م؛ الدینوري، أحمد، الأخبار الطوال، تقـ: عبدالمنعم عامر، القاهرة، 1379هـ/ 1959م؛ الذهبي، محمد، تاریخ الإسلام، حوادث ووفیات 11-40هـ، تقـ: عمر عبدالسلام تدمري، بیروت، 1407هـ/ 1987م؛ م.ن، سیر أعلام النبلاء، تقـ: شعیب الأرنؤوط و آخرون، بیروت، 1406هـ/ 1986م؛ م.ن، المعین في طبقات المحدثین، تقـ: همام عبدالرحیم سعید، الأردن، 1404هـ/ 1984م؛ زریاب خوئي، عباس، بزم آورد، طهران، 1368ش؛ السمعاني، عبدالکریم، الأنساب، حیدرآبادالدکن، 1382هـ/ 1962م؛ الشیخ المفید، محمد، الجمل، تقـ: علي میر شریفي، قم، 1413هـ؛ الطبري، تاریخ؛ قدامة بن جعفرف الخراج و صناعة الکتابة، تقـ: محمدحسین الزبیدي، بغداد، 1981م؛ القمي، الحسن بن محمد، تاریخ قم،تجـ: الحسن بن علي القمي، تقـ: جلال‌الدین طهراني، طهران، 1313ش؛ المسعودي، علي، مروج الذهب، تقـ: یوسف أسعد داغر، بیروت، 1385هـ/ 1965م؛ المقدسي، مطهر، البدء و التاریخ، تقـ: کلمان هوار، باریس، 1899م؛ نصر بن مزاحم، وقعة صفین، تقـ: عبدالسلام محمدهارون، القاهرة، 1382هـ؛ نهج‌البلاغة؛ الواقدي، محمد، المغازي،تقـ: مارسدن جونس، لندن، 1966م؛ وکیع، محمد، أخبار القضاة، بیروت، 1950م؛ الیعقوبي، أحمد، تاریخ، النجف، 1358هـ.

محمدأنصاري/ ت.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: