الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفقه و علوم القرآن و الحدیث / أبو المؤثر /

فهرس الموضوعات

أبو المؤثر

أبو المؤثر

تاریخ آخر التحدیث : 1443/1/14 ۱۸:۵۱:۲۳ تاریخ تألیف المقالة

أَبو المُؤُثِر، الصلت بن خمیس البَهلَوي، فقیه إباضي عُماني في القرن 3هـ/ 9 م. لقب بالبهلوي نسبة إلی بهلا، وهي موضع بالقرب من نزوی. لاتتوفر لدینا معلومات ذات بال عن فترة صباه و شبابه. درس علی أبي عبدالله محمد بن محبوب بن رحیل (تـ 260هـ/ 874م) وربما کان ذلک في «صُحار»، فضلاً عن مشایخ آخرین کأبي زیاد الوضاح بن عقبة (ظ: ابن جعفر، 1/229، 327؛ أبوسعید الکدمي، الجامع ...، 1/17-18، 221؛ الکندي، محمد، 4/189، 7/137؛ قا: أبوالمؤثر، «الأحداث...»، 24). وکان یتمتع بمکانة مرموقة عند أساتذته و هو لایزال شاباً حتی إنهم حنما اتخذوا قراراً بسلب و لایتهم عن أحد الأئمة، أقنعهم بعدم التجاهر بهذا الأمر (الکندي، محمد، 4/175-176، نقلاً عن أبي الحواري).

وفي النصف الثاني من القرن 3هـ کان أبوالمؤثر – کما ذکر أبوسعید الکدمي – إلی جانب ابن جعفر (ن.ع) و نبهان بن عثمان، أحد أبرز علماء إباضیة عمان (الاستقامة، 1/219). وکان علی صلة حمیمة بابن جعفر، حتی إن الأخیر کان یستطلع ردیه في بعض المسائلغ والنموذج البارز علی ذلک نصّ إجابة أبي المؤثر علی ابن جعفر التي أفاد منها الأخیر في کتاب الجامع (1/202- 206)، ویحتمل أن یعود تاریخها إلی ماقبل 273هـ/ 886م، أي قبل إمامة راشد بن النظر. و في حوالي 272هـ کان أبوالمؤثر یسکن في صحار خلال الفترة التي أعلن فیها موسی بن موسی الأَزکَوي معارضته لأعمال الإمام الصلت بن مالک لبعض نقاط ضعفه، و کان أبوالمؤثر یشاهد بعقض تلک المشاکل عن کتب. و تفید وثیقة نزوانیة قدیمة أن أبا المؤثر کاتَبَ موسی بن موسی و أبلغه بما کان یحدث في صحار، وعلم آنذاک أن موسی قررأن ینطلق نحو «فرق» لاتخاذ موقف حازم. و لهذا غادر أبوالمؤثر صحاراً أیضاً و ذهب عند ابن جعفر و تباحث معه، و ظل یشارک أبا جعفر – الذي کان یوالي موسی – أفکاره بعید قیام موسی بن موسی بعزل الصلت و مبایعة راشد بن النظر في 273 هـ (الأزهر، 375-376). وطبقاً لهذه الوثیقة کان أبوالمؤثر علی علاقة حسنة مع راشد بن النظر لبعض الوقت، ثم انضم فما بعد إلی الجناح المعارض لسبب ما (م.ن، 376). والجدیر بالذکر أن کتابات أبي المؤثر والوثائق الرستاقیة لم تؤید ماجاء في هذا التقریر. و الأمر المسلم به هو دن أبا المؤثر سارع إلی إدانة حرکة موسی بن موسی في عزل الصلت بن مالک و مبایعة راشد بن النظر و براءته منهما (أبوسعید الکدمي، ن.م، 1/220). وعبّر عن موقفه هذا خلال تلک الفترة في کتابیه الأحداث و الصفات و البیان و البرهان، کاشفاً فیهما عن الأسس العلمیة لذلک الموقف، کما حذّر في رسالظ مسهبة و شدیدة اللهجة بعثها لابن جعفر من مغبة تأییده لحرکة موسی وراشد (ظ: أبوالمؤثر، «سیرة...»، 255-256، 274-275). ومن هنا برز خلافه مع ابن جعفر کممثلین لمدرستین فکریتین عُرفتا فیما بعد بمدرستي «رستاق» و «نزوی». و في هذه الآونة کف بصر أبي المرثر علی مایخمن (ظ: الکندي، محمد، 4/155؛ أبوسعید الکدمي، ن.ص).

ورغم عدم وجود مؤشرات تبرهن علی التدخل المباشر لأبي المؤثر في الثورات المتفرقة والمناوئة لراشد بن النظر، إلا أنه أعلن عن صحة إمامة عزّان بن تمیم الخروصي بعد أسر راشد علی ید معاریه في 277 هـ (ظ: سلیل بن رزیق، 20) وتأییده لتلک الإمامة. وورد في بعض المصادر أیضاً أنه کان یؤید عزّان قبل ذلک أیضاً (ظ: أبوقحطان، 137؛ الکندي، محمد، 4/152، 155، 179، نقلاً عن أبي الحواري).

وددت الصراعات السیاسیة العنیفة التي نشبت في عمان منذ 272هـ إلی استیلاء جیش الخلیفة العباسي علی عمان في 280هـ و تعرض الإباضیة لمجزرة جماعیة (الطبري، 10/33؛ المسعودي، 4/156)، وکان أبوالمؤثر من بین القلیل من علماء الإباضیة الذین نجوا من القتل (قا: الحارثي، 256). ثم لعب دوراً فاعلاً خلال تطاول قرامطة البحرین علی عمان (بعد 286هـ، ظ: الطبري، 10/71)، وقد أصدر فتواه التاریخیة في إحراق بیوت النازعین نحو المذهب القرمطي (ظ: أبوالحواري، 360).

توفي أبوالمؤثر في حوالي نهایة القرن 3هـ، وخلّف ولداً باسم محمد، وحفیداً من هذا الابن باسم عبدالله، کانا قد لعبا دوراً کبیراً في تأسیس المدرسة الرستاقیة، وفي الأحداث السیاسیة التي شهدها عصرهما. و یعد تلمیذاه أبوقحطان خالد بن قحطان و أبوالحواري محمد بن الحواري – و هما ممن لازماه لفترة من الزمن – من مشاهیر المدرسة الرستاقیة (ظ: أبوقحطان، 107، 148؛ أبوالحواري، 359؛ الکندي، محمد، 4/156).

ویمکن أن یعدّ موقف أبي المؤثر من الولایة و البراءة إزاء أئمة الإباضیة بشکل عام نوعاً من النزوع نحو الصمت والتکتم الناجم عن الشعور بالمصلة، لاالتفاؤل. وکان موقفه من الإمام محمد بن أبي عفان (حکـ 177-179هـ) الذي لم یدرکه، هو عدم وجوب البراءة منه اعتماداً علی أقوال المشایخ فقط و من غیر أن یصح معه أنه أتی مکفرة، علماً بدنه لاینفي صحة هذه الأقوال (ابن جعفر، 1/229؛ الکندي، محمد، 4/189). وفیما یخص إماما آخر لم یُشر إلی اسمه (ربما المهنا بن جیفر، حکـ 226-237هـ) فقد أقنع شیوخ الإباضیة – الذین عقدوا العزم علی توجیه کتاب یقضي بسلب ولایته – بعدم القیام بهذه الخطوة، لکي لا یؤدي ذلک إلی بث الفرقة في صفوف الإباضیة، غیر أن موقفه هذا الیعني أنه کان في غفلة عن السلوک السيء لذلک الإمام (ظ: الکندي، محمد، 4/175-176، نقلاً عن أبي الحواري؛ قا: أبوقحطان، 148؛ فتشا فالیري، 259). ورغم اندفاع أبي المؤثر في الدفاع عن إمامة الصلت بن مالک (237-273هـ) والرد علی أعدائه، إلا أنه کان یعترف بوجود بعض الهفوات و الزلات في سیرته (ظ: أبوالمؤثر، «الأحداث»، 25-27)، حتی ورد في بعض المصادر أنه لم یتول الصلت حتی استتابه، فتاب (أبوسعید الکدمي، الاستقامة، 1/220، 223). وکان یری إمامة راشد بن النظر إمامة غیر شرعیة وبیعته باطلة أساساً، أما فیما یخص عزّان بن تعمیم فقد اتخذ في آخر عمره موقف «التوقف»، رغم أنه کان من دنصاره والذابین عنه في بادئ الأمر (الکندي، محمد، 4/156-157، نقلاً عن أبي الحواري).

والقاسم المشترک تقریباً في کافة هذه المواقف، هو أن أبا المؤثر کان یری وحدة أصحاب المذهب قضیة في غایة الأهمیة، وکان یؤمن بأن لوکان للإمام ذي البیعة الصحیحة بعض الهفوات في سیرته، یجب أن تُحل القضیة بالمستوی الذي لاتتسرب إلی أوساط الناس و لاتؤدي إلی تشتتهم و تمزقهم. و من منطلق أمثال هذه المصلحة، لم یکن یذکر المهنا ابن جیفر بسوء أمام تلامذته (ظ: أبوقحطان، ن.ص). و بغض النظر عن الأئمة، کان یتخذ موقف «التوقف» إزاء تلک الفئة من الناس التي تنزع نحو جناح بالطل بحجة الشک أو الضعف، ولایبادر إلی البراءة منها، إلا إذا تبردت من المؤمنین (ظ: أبوسعید الکدمي، الجامع، 1/25).

تعرض أبوالمؤثر لسخط أولئک الذین هبوا لتأیید راشد بن النظر، ذلک أن أبا المؤثر کان بمثابة زعیم فکري للجناح الذي لایؤمن بشرعیة إمامة راشد. و من هنا لم یتبرد معارضوه آنذاک منه فحسب، وإنما أفتوا بإباحة دمه أیضاً (ظ: الکندي، محمد، 4/157، نقلاً عن أبي الحواري). وخلال الفترة التي تبلورت فیها المدرستان الرستاقیة و النزوانیة، سعی النزوانیون في آثارهم إلی إسناد مواقف لأبي المؤثر لصالحهم، کما جهاد الرستاقیون لدحض هذا الإسناد (ظ: أبوقحطان، ن.صغ الکندي، محمد، 4/155، نقلاً عن أبي الحواري؛ الأزهر، 375-376). وفي القرن التالي و بعد ظهرو الأفکار المتطرفة بین أتباع المدرسة الرستاقیة وتطور حرکة الاعتدال في المدرسة النزوانیة، لزم بعض علماء نزوانیین کأبي سعید الکدمي ولایة أبي المؤثر (الاستقامة، 1/220)، في حین حاول بعض الرستاقیین المتطرفین إلی حذف اسم أبي المؤثر من بین أسماء زعماء مدرستهم (ظ: الکندي، محمد، 3/297، نقلاً عن أبي الحسین البسیوي؛ «سیرة لبعض...»، 387؛ قا: الکندي، محمد، 3/298، 4/105)>

رغم أن أیاً من آثار أبي المؤثر الشهیرة لم تکن في حقل الفقه، إلا أنه یُطرح في الآثار الإباضیة کفقیه بارز، و أن آراءه قدانتشرت عن طریق تلامذته، حیث یمکن ملاحظتها مبعثرة علی نطاق واسع في مختلف أبواب الکتب الفقهیة في عمان مثل الجامع لابن جعفر (ظ: 1/38، مخـ، بعنوان زیادات)، والجامع للفضل بن الحواري (1/31، 36، مخـ، بعنوان زیادات)، والجامع لابن برکة (1/152، مخـ)، والجامع المفید لأبي سعید الکدمي (1/24، 25، مخـ)، وبیان الشرع لمحمد بن إبراهیم الکندي (1/51، 81، مخـ).

 

آثاره

1. الأحداث و الصفات، في سیرة الإمام الصلت بن مالک وأحداث خلعه و مبایعة راشد بن النظر و سیرة راشد؛ 2. البیان و البرهان، ألفه بعد الأحداث (ظ: أبوالمؤثر، «البیان»، 164)، ویعد تکملة لموضوعاته؛ 3. سیرة إلی أبي جابر محمد بن جعفر، رسالة مسهبة إلی ابن جعفر، انبری فیها إلی لومه و نصیحته (حول طبع هذه الآثار الثلاثة، ظ: مصادر هذه المقالة)؛ 4. قصیدة قافیة في موضوع القدر و ربما بعض الموضوعات الأخری، کانت عند محمد بن إبراهیم الکندي و نقل أجزاء منها (2/92، 93، مخـ)؛ 5.تفسیر الخمس مائة آیة، نسبته بعض المصادر إلیه (ظ: EI2)، ویستشف من عناوین موضوعاته أن الآیات المفسرة، آیات الأحکام.

وقد ورد في الجامع لابن جعفر (1/220)، وبیان الشرع لمحمد بن إبراهیم الکندي (2/109-111، 188)، والاهتداء لأحمد بن عبدالله الکندي (ص 83) بعض کتابات ابن المؤثر بعنوان «السیرة» أیضاً.

 

المصادر

ابن برکة، عبدالله، الجامع، تقـ: عیسی بن یحیی الباروني، مسقط، 1394هـ/ 1974م؛ ابن جعفر، محمد، الجامع، تقـ: عبدالمنعم عامر، القاهرة، 1981م؛ أبوالحواري، محمد، «سیرة إلی أهل حضرموت»، المتن 10 من السیر و الجوابات، ج 1، تقـ: سیدة إسماعیل کاشف، مسقط، 1406هـ/ 1986م؛ أبوسعید الکدمي، محمد، الاستقامة، تقـ: محمد أبوالحسن، مسقط، 1405هت/ 1985م؛ م.ن، الجامع المفید، مسقط، 1406هـ/ 1985م؛ أبوقحطان، خالد، «سیرة»، المتن 2 من السیر و الجوابات (ظ: همـ، أبوالحواري)؛ أبوالمؤثر، الصلت، «الأحداث و الصفات»، «البیان و البرهان»، «سیرة إلی أبي جابر محمد ابن جعفرم، المتون، 1 و 3 و 6 من السیر والجوابات (همـ، أبوالحواري)؛ الأزهر بن محمد بن جعفر، «نصیحة و کلام لأهل الدین»، مع بیان الشرع، ج 4 ( ظ: همـ، لاکندي، محمد)؛ الحارثي، سالم، العقود الفضیة، مسقط، 1403هـ/ 1983م؛ «سیرة لبعض فقهاء المسلمین»، المتن 13 من السیر و الجوابات (ظ: همـ، أبوالحواري)؛ الطبري، تاریخ؛ الفضل بن الحواري، جامع، مسقط، 1406هـ/ 1985م؛ الکندي، أحمد، الاهتداء، تقـ: سیدة إسماعیل کاشف، القاهرة، 1406هـ/ 1985م؛ الکندي، محمد، بیان الشرع، مسقط، 1404هـ/ 1984م؛ المسعودي، علي، مروج الذهب، تقـ: یوسف أسعد داغر، بیروت، 1385هـ/ 1966م وأیضاً:

EI2; Salil ibn Raziq, History of the Imâms and Seyyids of ʿOmân, tr. G. P. Badger, London, 1986; Veccia Vaglieri, L., «L’Imāmato ibāmato ibādita dell’ ‘Omān», Annali, Nuova Serie, Naples, 1949, vo. 1III.

أحمد پاکتچي/ ت.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: