الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / التاریخ / أبومنصور ابن یوسف /

فهرس الموضوعات

أبومنصور ابن یوسف

أبومنصور ابن یوسف

تاریخ آخر التحدیث : 1443/1/13 ۲۱:۴۷:۲۹ تاریخ تألیف المقالة

أَبو مَنْصورِ ابْنُ یوسُف، عبدالملک بن محمد بن یوسف 0395-محرم 460هـ/ 1005 – تشرین الثاني 1067م)، المقلب بالشیخ الأجل، شخصیة دینیة حنبلیة متنفذة، وسیاسي و مستشار القائم بأمر الله العباسي. کان له دور في أحداث أواسط القرن 5 هـ المهمة.

ینحدر أبومنصور من أسرة کبیرة من حنابلة بغداد (ماسینیون، II/491). ولانعلم عن دراسته سوی أنه سمع الحدیث علی جدّه لأمه أبي الحسین أحمد بن عبدالله السوسنجردي (الذهبي، 18/333)، ومن أفراد مثل ابن یحیی البَیَّع وأبي عمر ابن المهدي وأبي الحسن ابن الصلت الأهوازي و أبي الحسین ابن بشران (الخطیب، 10/434؛ ابن الجوزي، 16/108). ویبدو من إشارات ابن الجوزي أن أبا منصور جمع ثروة ضخمة عن طریق التجارة و نال شعبیة واسعة من خلال إنفاقها لدعم علماءالدین، وهباته لأمراء الدولة ورجالها في نظام الحکم ولبعض أهالي بغداد (16/108-109؛ أیضاً ظ: الخطیب، ن.ص)، إلی درجة رجوع البغدادیین إلیه في مدلهماتهم (البنداري، 35). کما کان یحظی بمنزلة رفیعة لدی الخلیفة إلی الحد الذي کان لرأبه وقع في تعیین السیاسة الداخلیة والخارجیة لنظام الحکم. و حینما قصد طغرل بغداد في أواخر أیام البویهیین الشیعة، سعی أبومنصور للحصول علی تأیید السلاجقة ودعمهم لقاعدة الخلافة. و لذلک طلب من الخلیفة في 447هـ/ 1055م قبل بضعة أشهر من وصول طغرل بغداد، حیث توفي أبوعبدالله الحسین ابن علي بن ماکولا قاضي قضاة بغداد الشافعي، أن یعین أبا عبدالله الدامغاني الحنفي خلفاً له، وذلک لکسب تأیید السلاجقة الحنفیین کما یبدو (ابن الأثیر، 9/615؛ EI2, S). وهکذا کان أبومنصور یسعی تدریجیاً إلی الحفاظ علی الاستقلال النسبي لقاعدة الخلافة أمام هذه الأسرة الحاکمة الفنیة (ظ: تتمة المقالة).

وقد سجن أبومنصور في 450 هـ علی ید قریش بن بدران أمیر الموصل و حلیف البساسیري عندما هجم الأخیر علی بغداد وأطاح بالخیفة، إلا أنه أفرج عنه في محرم السنة التالیة بعد أن تعهد بدفع مال للبساسیري وقریش (ابن الجوزي، 16/44؛ سبط ابن الجوزي، 40، 46). وفي صفر 451 أخذ الباسیري البیعة منه، ومن أبي عبدالله الدامغاني و جماعة من العلویین و العباسیین للمستنصر بالله الخلیفة الفاطمي في مصر (ابن الجوزي،ن.ص). وفي نفس السنة، وبعد عودة طغرل السلجوقي إلی بغداد، أراد البساسیري – الذي کان موجوداً في واسط، و یبدو أن أبا منصور کان بمعیته – أن یتهیاً لمواجهته، فسیّر أبا منصور رسولاً إلی دبیس بن مزید و استنهضه لمواجهة طغرل، إلا أن دبیساً رفض و أعرض عن البساسیري (م.ن، 16/52-53). وفي هذه الأثناء، عمل أبومنصور وبدعم منمُهارِش صاحب الحدیثة الذي کان یتولی خدمة الخلیفة فیها، علی التوسط بین طغرل و قریش بن بدران لضمان حریة الخلیفة، في مقابل امتناع طغرل عن مواجهة البساسیري (ابن القلانسي، 89)، إلا أن البساسیري قُتل في نهایة المطاف بعد إطلاق سراح الخلیفة، وذلک خلال حربه مع طغرل، واعتلی الخلیفة مرة أخری کرسي الخلافة بدعم السلطان السلجوقي (ابن الأثیر، 9/6466-649).

وبمقتل البساسیري، أراد الخلیفة القائم في 453هـ أن یستوزر أباتراب الأثیريالذي أحسن إلیه أثناء سجنه، إلا أن أبا منصور الذي کان یعادیه، اقترح علی الخلیفة أن یستوزر أبا الفتح ابن دارست، وأکد علی أن الأخیر لایرید إقطاعاً فحسب، بل سیقدم أیضاً بعض الهدایا. وفي نهایة المطاف استدعی الخلیفة ابن دارست من شیراز و استوزره رغم معارضة طغرل له (البنداري، 24؛ ابن الأثیر، 10/14؛ أیضاً ظ: ن.د، 3/63). وفي هذه السنة ساءت العلاقات بین دارالخلافة و السلاجقة بسبب معارضة القائم الشدیدة لزواج ابنته من طغرل، فعزم الأخیر علی القیام بإجراءات ضد الخلیفة، إلا أن أبا منصورو أبا عبدالله الدامغاني توسطا بینهما، فأذعن الخلیفة أخیراً لهذا الزواج في أوائل السنة التالیة وتحسنت العلاقات بینهما (البنداري، 22-23؛ ابن الأثیر، 10/21؛ سبط ابن الجوزي، 80، 87، 92-94).

لاتتوفر لدینا معلومات وافیة عن أحوال أبي منصور منذ ذلک الحین وحتی أواخر 459هـ. وفي ذي القعدة من هذه السنة و عند افتتاح المدرسة النظامیة في بغداد، امتنع عن الحضر أبوإسحاق الشیرازي (ن.ع) الفقیه الشافعي الشهیر الذي عینه الخواجه نظام الملک أستاذاً لها، فبادر أبومنصور إلی تعیین أبي نصر ابن الصباغ، تالي أبي إسحاق في علوم الدین بدلاً منه، إلا أن نظام الملک غضب لذلک، وحرض في نهایة المطاف أبا إسحاق للتدریس فیها (ابن الجوزي، 16/102-103؛ ابن الأثیر، 10/55).

وفي بدایة السنة التالیة توفي أبومنصور في بغداد، و دفن في مقابر باب حرب، في مقبرة أحمد بن حنبل إلی جوار أبیه وجدّه (الخطیب، ن.ص؛ ابن الجوزي، 16/109).وقد رثاه أبوالفضل صُرّدُر في قصیدة (البنداري، 35).

قیل إن أبا منصور کان وحید دهره في الأعمال الخیریة (الخطیب، ن.ص) و من جملة أعماله إصلاح و تجهیز مستشفی عضدالدولة في بغداد، و کانت قد آلت إلی الانهیار (البنداري، ن.ص؛ ابن الأثیر، 10/58؛ حول عطایاه و کراماته، ظ: ابن البناء، 26-27؛ ابن الجوزي، 16/108-110؛ ابن کثیر، 12/97).

ویصعب إلی حدّ ما تقییم دور أبي منصور في أحداث عصره الدینیة. فبعد نهایة حکم البویهیین الشیعة في بغداد، ذکرت المصادر أبا منصور باعتباره أکبر مدافع عن السنة و المعارض اللدود لأهل البدع (ابن البناء، 26،مخـ؛ الخطیب، ن.ص). ولکن یبدو أنه لم یتعصب کثیراً لمذهبه الحنبلي، و هو مذهب أغلبیة أهل السنة في بغداد، ذلک لأنه کان أکبر مدافع عن أبي الوفاء ابن عقیل (ن.ع) الفقیه الحنبلي المثیر للجدل الذي قیل إنه ینزع للمعتزلة في الوقت الذي کان فیه الحنابلة أعداءهم. واستغل أبومنصور نفوذه بعد موت أبي یعلی ابن الفراء (أستاذ جامع المنصور في 458هـ)، فرغم وجود الشریف أبي جعفر عبدالخالق بن عیسی، الفقیه الحنبلي الشهیر، عین أبومنصور ابنَ عقیل الذي یصغر الشریف سناً بعشرین سنة خلفاً لأبي یعلی (ابن رجب، 1/173؛ ماسینیون، II/492)، مما آثار کما یبدو حفیظة الشریف أبي جعفر وأتباعه الحنابلة المتعصبین، فعارضوا ابن عقیل، إلا أنهم أخفقوا في أن یفعلوا شیئاً في فترة حیاة أبي منصور (ظ: المقدسي، «تفصیلات...»، 121-122).

ویبدو أن أبا منصور کان له دور کبیر في إقرار الصلح بین مذاهب أهل السنة، بل وحتی بین الحنابلة و المعتزلة، ذلک لأن النزاع بین الشریف أبي جعفر وابن الولید المعتزلي نشب بعد موته مباشرة (ابن الجوزي، 16/105-106؛ أیضاً ظ: ابن رجب، 1/24؛ العلیمي، 2/155؛ قا: ماسینیون، ن.ص)، وتزلزل مرکز ابن عقیل إلی درجة أن اتهمه الشریف أبوجعفر و أتباعه بالاعتزال و دفعوه إلی التوبة وقد وقّع ابن رضوان و ابن جردة، صهرا أبي منصور اللذان انضما آنذاک إلی أبي جعفر، علی إقرار ابن عقیل بالتوبة مع شاهدین اثنین من أبناء أبي منصور و هما أبومحمد و أبوالحسن (ابن البناء، 26؛ المقدسي، ن.م، 105-106, 120, 124). ومع کل ذلک، فقد کان نفوذ أبي منصور و شعبیته بین الحنابلة یبلغان حداً بحیث لیس فقط لم یتهموه بالاعتزال رغم دعمه لابن عقیل، بل أضفی علیه ابن البناء الحنبلي المتحمس هالة من القداسة في مواضع کثیرة من مذکّراته حول مطاردة ابن عقیل و إیذائه، کما أکد علی حضور الحنابلة عند مزار أبي منصور طالبین منه العون لمواجهة البدع المذمومة (ن.ص)، ویروي أیضاً عن أحد الشیوخ في موضع آخر من مذکراته أنه قال له: إن نهایة أمر ابن عقیل کان من «برکات الشیخ الأجل ابن یوسف» (ن.ص).

إن شخصیة أبي منضور السیاسیة و الدینیة المتنفذة في بغداد، وأعماله التي خالف فیها مانزع إلیه الخواجه نظام الملک الشافعي المتعصب والمدافع عن الأشعریین، کان من شدنها أن تثیر حفیظة الخواجه، و لذلک آثار موته بعض الشکوک من حینه، بحیث إن ابن البناء قد ذکر في مذکراته الیومیة التي دونها بعد وفاته ببضعة أشهر، أنه رأی في منامه أبا منصور و هو یسرع للخلیفة حافي القدمین طالباً منه إنصافه (ص 285). کما أشار ابن البناء في موضع آخر في مقطوعة شعریة من نظمه إلی «دم ابن یوسف». واستناداً إلی هذه المذکرات یری المقدسي أن أبا المنصور ربما لم یمت موتاً طبیعیاً و یمکن أن یکون قد فقد حیاته بسبب منافسته لنظام الملک («المؤسسات....»، 36)، خاصة وقد توفي أبومنصور بعد حوالي شهرین من حادثة مدرسة النظامیة ببغداد، حیث آثار حفیظة الوزیر السلجوقي الشهیر بتعیینه أبا نصر ابن الصباغ (ظ: السطور السابقة).

 

المصادر

ابن الأثیر، الکامل، ابن البناء، الحسن (ظ: ملـ، المقدسي، المذکرات)؛ ابن الجوزي، عبدالرحمان، المنتظم، تقـ: محمد عبدالقادر عطا و مصطفی عبدالقادر عطا، بیروت، 1412هـ/1922م؛ ابن رجب، عبدالرحمان، الذی لعلی طبقات الحنابلة، تقـ: هنري لاووست و سامي الدهان، دمشق،1370هـ/1951م؛ ابن القلانسي، حمزة، ذیل تاریخ دمشق، تقـ: آمدروز، بیروت، 1908م؛ ابن کثیر، البدایة؛ البنداري الأصفهاني، فتح، تاریخ دولة ال سلجوق (زبدة النصرة)، بیروت، 1400هـ/ 1980م؛ الخطیب البغدادي أحمد، تاریخ بغداد، القاهرة، 1349هـ؛ الذهبي، محمد، سیر أعلام النبلاء، تقـ: شعیب الأرنؤوط ومحمد نعیم العرقسوسي، بیروت، 1405هـ/ 1984م؛ سبط ابن الجوزي، یوسف، مرأة الزمان، تقـ: علي سویم، أنقرة، 1968م؛ العلیمي، عبدالرحمان، المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإمام أحمد، تقـ: محمد محیي‌الدین عبدالحمید و عادل نویهض، بیروت، 1404هـ/ 1984م؛ وأیضاً:

EI2, S; Makdisi, George, «Autograph Diary of an Eleventh Century Historian of Baghadād» Bulletin of the School of Oriental and African Studies, 1957, vol. XIX; id, «Muslim Institutions of Learnings in Eleventh Century Baghdad», ibid, 1961, vol. XXIV; id, «Nouveau x details sur l’affaire d Ibn’Aqīl», Mélanges Louis Massignon, Damascus, 1957, vol. III; Massignon, Louis, La Passion de Husayn ibn Mansûr Hallâj, Paris, 1975.

 أبوالفضل خطیبي/ خ.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: