أَبو عَمّار، عبدالکافي بن أبي یعقوب یوسف بن إسماعیل التَّناوَتي (تـ قبل 570هـ/ 1174م)، متکلم وفقیه إباضي وهبي من أهل وَرجلان.

لم یرد في المصادر تاریخ وفاة أبي عمار، لکن لما کان تلمیذاً لأبي زکریا الورجلاني (الدرجیني، 2/489)، وأن أبا زکریا توفي أواخر القرن 5هـ/ 11م کما أن أبا یعقوب الورجلاني (تـ 570هـ) قد تحدث عن وفاته في الدلیل و البرهان (1/63)، فینبغي أن تکون وفاته في أواسط القرن 6هـ. وینتهي نسب أبي عمار إلی قبیلة تناوَتة البریریة التي کان یعیش رهط منها بواحة ورجلان منذ القدم (لفیتسکي، «عدة نصوص ...»، 278)، وکانت أسرته تسکن في قریة تایغله («ذکر أسماء...»، 232؛ قا: الدرجیني، 2/486) . کان أبوه یوسف وجده إسماعیل ووالد جده بدجمعهم من علماء وهبیة ورجلان. وکان خال أبیه، أبویعقوب یوسف بن إبراهیم من شیوخ الوهبیة في سدراته و قاضي ورجلان («ذکر أسماء»، ن.ص؛ الشماخي، 2/147-148). ترعرع أبوعمار في أسرة کهذ واتجه منذ صباه إلی اکتساب علوم المذهب الإباضي في وطنه، ودرس العلوم علی مشایخ بلده (رجال الطبقة 11) و منهم أبوزکریا یحیی بن أبي بکر الورجلاني. وکان یحضر درسه لفترة برفقة أبي یعقوب الورجلاني وظل ملازماً له حتی وفاته (الدرجیني، 2/489-490). وبعد فترة من الدراسة في ورجلان اتجه إلی تونس لدراسة الأدب العربي وفقه و کلام أهل السنة، وفیما یحتمل المنطق و العلوم الریاضیة، وانبری هناک عدة سنوات لاکتساب العلم (ظ: م.ن، 2/485-486؛ الشماخي، 2/104).

عاد أبوعمار إلی ورجلان بعد إکماله دراسته في تونس وسافر بعد فترة إلی الحجاز برفقة أبي یعقوب. وکان لهذا السفر بطبیعة الحال أثر في تعرفه إلی الفرق الإسلامیة المختلفة (ظ: الدرجیني، 2/490؛ الشماخي، ن.ص). ورغم أنه کان علی عهد أبي عمار علماء کبار مثل أبي یعقوب الورجلاني و یوسف بن خلفون المزاتي و سلیمان بن عبدالسلام الوسیاني من الإباضیة الوهبیة في المغرب، إلا أن لامستفاد من النموذج الذي بین أیدینا عن استفتاء غیر الإباضیة من شیوخ إباضیة ورجلان، أن أبا عمار نفسه کان هو مَن توجَه له الأسئلة؛ وهذا النموذج رسالة من الفقیه عبدالوهاب بن محمد بن غالب الأنصاري سأل فیها أبا عمار عن مسائل مثل الوعد و الوعید ورؤیة الله، وتجنب أبوعمار الإجابة علیه لأسباب، غیر أن أحد تلامیذه أقدم علی کتابة جواب بعد وفاة أستاذه (ظ: الورجلاني، 1/63- 85).

وتدل کثرة مراسلات أبي عمار مع الإباضیة ممن هم خارج منطقة ورجلان و کثرة تلامذته و مؤلفاته، علی أنه بوصفه شخصیة بارزة في تاریخ إباضیة المغرب، وأدی إلی أن یبالغ في أمره فیُعدّ محیي المذهب وجامع تعالیمه المتفرقة، ویضعه کتّاب التراجم الإباضیة علی رأس قائمة رجال ذلک العصر (الطبقة 12) (ظ: الدرجیني، 2/485، 488؛ الشماخي، 2/104، 147، 174-176؛ «ذکر أسماء»، ن.ص). ومن بین الذین درسوا علی أبي عمار وروواعنه: أبویعقوب یوسف بن محمد التناوتي وأبوالربیع سلیمان بن یومر و أبویحیی إسماعیل بن یحیی و شخص یکنی بأبي الفتح، أو أبي الفتوح (الشماخي، 2/147، 170، 172، 173، 174).

کانت مقبرة أبي عمار تقع تقریباً علی بعد 5 کم شمال غربي ورقلة الحالیة و کانت مزاراً یؤمه الإباضیة.واستناداً إلی روایة سموغورزفسکي (ح 1925-1926م) فإن إباضیة ورقلة کانوا یجتمعون في ربیع کل سنة علی قبر أبي عمار ویؤدون مراسم خاصة (ظ: لفیتسکي، «مؤرخو...»، 34-35).

آثاره

ألف- المطبوعة

1. الموجز في تحصیل السؤال و تخلیص الضلال (المقال)، أثر في الکلام و الفرق، یقع في جزأین. انبری فیه لدراسة آراء أصحاب المذاهب المختلفة والرد علیها، ونقد المذاهب غیر الإسلامیة مثل الدهریة والثنویة و منکري نبوة النبي (ص)، وکذلک بعض الفرق الإسلامیة، وانبری لتبیان الاراء و النظریات الکلامیة للإباضیة الوهبیة. طبع الموجز في الجزائر بتحقیق عمار طالبي (1398هـ/ 1978م)؛ 2. الفرائض، في مسائل الإرث الذي کان قد لقي رواجاً خاصاً في المدارس الإباضیة بإفریقیة، وتوجد مخطوطات عدیدة منه بروایات مختلفة في مکتبات مزاب (ظ: لفیتسکي ن.م، 36؛ أیضاً ظ: الحارثي، 280). وقد أشار فان إس إلی أن هذا الکتاب مطبوع (EI2, S).

ب- المخطوطة

1. السیر، في تاریخ ورجال إباضیة المغرب. أُعلن عن وجود مخطوطة منه في مزاب، ویبدو أن مخطوطة أخری منه محفوظة في مکتبة جامعة لوفوف (في کراکوف حالیاً) (ظ: لفیتسکي، ن.ص؛ فان إس، 57؛ أیضاً ظ: بکلي، «ي»)؛ 2. شرح الجهالات. وهو شرح لمتن الجهالات لأبي اسماعیل بشیر المزاتي في شتی المسائل الکلامیة مثل معرفة الله والإسلام والکفر والولایة والبراءة ومسائل أخری. توجد مخطوطة منه في مکتبة قطب بمزاب، ومخطوطة أخری في مکتبة مدرسة الألس الشرقیة بجامعة کراکوف (فان إس، 43 و مابعدها؛ کوبیاک، 21؛ لفیتسکي، ن.ص).

 قد أورد عمر النامي في فهرست المخطوطات الإباضیة أثراً من تألیف أبي عمار بعنوان مختصر طبقات المشایخ (فان إس، 57)، ذکر في کتاب «ذکر أسماء بعض شیوخ الوهبیة» (ص 234) باسم المختصر. ویمکن أن یکون هو نفسه ماسمي في بعض المصادر بـ طبقات المشایخ، أو الترتیب (لفیتسکي، ن.م، 35). وعلی أیة حال، فقد کان لأبي عمار کتاب في طبقات مشایخ الإباضیة ضم العلماء من طبقة الصحابة حتی زمانه، وقد قدم فیه لأول مرة طبقات رجال الإباضیة خلال 50 سنة (ظ: الدرجیني، 1/6). وکان هذا الکتاب اللبنة الأساسیة لتألیف طبقات المشایخ للدرجیني، وقد نُقل کثیر من موضوعاته في کتاب الدرجیني (قا: السیر، أثره المنطوط رقم 1 في هذهالمقالة).

ج- المفقودة

1. الاختلاء (لفیتسکي، ن.م، 36-37)؛ 2. الاستطاعة، في مسألة القدر الکلامیة (الشماخي، 2/104).

المصادر

بکلي عبدالرحمان، مقدمة طبقات المشایخ (ظ: همـ، الدرجیني)؛ الحارثي، سالم، العقود الفضیة، مسقط، 1403هـ/ 1983م؛ الدرجیني، طبقات المشایخ بالمغرب، تقـ: إبراهیم طلاي، قسطنطینة، 1394هـ/ 1974م؛ «ذکر أسماء بعض شیوخ الوهیة»، مع ج 2 من السیر (ظ: همـ الشماخي)؛ الشماخي، أحمد، السیر، تقـ: أحمد بن سعود السیابي، مسقط، 1407هـ/ 1987م؛ کوبیاک، ف.، «المخطوطات العربیة في بولونیا»، مجلة معهد المخطوطات العربیة، القاهرة، 1378هـ/ 1959م؛ الورجلاني، یوسف، الدلیل و البرهان، القاهرة، 1403هـ/ 1983م؛ وأیضاً:

EI2, S; Lewicki, T., «De quelques textes inédits en vieux berbère», Revue des études islamiques, Paris, 1934; id, «Les Historiens, biographes et traditionnists ibāḍites- wahbites», Folia Orientalia, Krakow, 1961, vol. III; Van Ess, J., «Untersuchungen zn einigen ibāḍitschen Handschriften», ZDMG, 1976, vol. CXXVI.

أحمد پاکتچي/ هـ.