الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الجغرافیا / أبوعبید البکري /

فهرس الموضوعات

أبوعبید البکري

أبوعبید البکري

تاریخ آخر التحدیث : 1443/1/4 ۱۲:۵۱:۰۰ تاریخ تألیف المقالة

أَبوعُبَیْدٍ الْبَکْريّ، عبدالله بن عبدالعزیز بن محمد البکري، أکبر جغرافیي عرب الأندلس، والأدیب أیضاً في القرن 5هـ/11م. اختلف کثیراً في تاریخ ولادته، فرأی البعض أنه ولد في 401هـ/1011م (فرنت، 413-414)، أو في 405هـ (حمیدة، 356؛ سوسة، 2/344)، کما رأی البعض أنه ولد في 432هـ/1041م (جنثالث پالنثیا، 309). لاتتوفر لدینا معلومات دقیقة عن تفاصیل حیاته. ذکر أن نسبه ینتهي ذلی قبیلة بکر بن وائل (فروخ، 4/702)، ویبدو أن أباه عزالدولة عبدالعزیز البکري کان أمیر منطقة ولبة وشلطیش الصغیرة في الأندلس بعد والده أبي مصعب محمد. وبعد سقوط حکومة المروانیین في قرطبة (403هـ)، أسست إمارة البکریین في القسم الجنوبي من شبه جزیرة إیبریا، أي علی ساحل المحیط الأطلسي غرابي لبلة. وفي 443هـ/1051م غادر عزالدولة إمارة شلطیش ولبلة مضطراً إثر ضغوط المعتضد بن عباد من عبادیي إشبیلیة وذهب إلی قرطبة. وهناک حظي بدعم أبي الولید محمد بن جَهوَر من أسرة الجهوریین (ابن عذاري،3/240-242؛ ابن الأبار، 2/180-183)، ویبدو أن أبا عبید ذهب إلی قرطبة في تلک السنة برفقة أبیه (حمیدة، 356). ویری البعض أنه کان خلال ذلک السفر في الثلاثین من عمره علی الأقل (EI2).

انبری أبوعبید في قرطبة التي کانت تعدو إلی فترة أحد المراکز الثقافیة المهمة، لاستکمال دراسته، واقترنت شهرته باسم المدینة بحیث دُعی بالقرطبي أیضاً (کراتشکوفسکي، 275)، إلا أنه اشتهر بالأندلسي بشکل أکبر (الصفدي، 17/290). وقد کان من تلامیذ ابن حیان (ن.ع) وأبي العباس أحمد ابن الدلائي و أبي بکر المصحفي و أیضاً ابن عبدالبر الحافظ الذي وُفق أبوعبید للحصول علی إجازة منه (ابن بشکوال، 277).

شغل أبوعبید لفترة منصب وزیر في بلاط أمیر ألمریّة. ولما کان قد حصل علی منصب مهم في بلاط المعتمد بن عباد أمیر إشبیلیة فقد کانت له علاقات وثیقة بالأدباء من معاصریه (حمیدة، ن.ص؛ کراتشکوفسکي، 275-276). وبعد استیلاء المرابطین علی الأندلس عاد أبوعبید مرة أخری إلی قرطبة و واصل نشاطه الأدبي (ن.ص؛ کرد علي، 197). وخلال ذلک کان السلطان یوسف بن تاشفین قد جعل قرطبة مرکزاً للأندلس مرة أخری. وقد توفي أبوعبید وهو مقیم في هذه المدینة (EI2). ذکر في أغلب المصادر أن وفاته کانت في 487هـ/ 1094م (ابن بشکوال، 278؛ الصفدي، 17/292؛ السیوطي، 285)، إلا أن الضبي (ص 346) الذي لقّبه بذي الوزارتین ذکر أن وفاته کانت في 496هـ/1103م.

ویبدو أن أنشطته العلمیة تبلورت في قرطبة. ورغم أن البعض یعتقد أنه لم یسافر إطلاقاً إلی المشرق و حتی إلی إفریقیة اشمالیة، أو أي بلد آخر (کراتشکوفسکي، 276؛ EI2)، إلا أنه وصف إفریقیة الشمالیة في کتاب تحت عنوان المُغرب في ذکر بلاد إفریقیة و المغرب. وبمطالعة هذا الکتاب یمکن إدراک سعةمعرفته بالبقاع المذکورة. وکان لأبي عبید مؤلفات عدیدة في شتی فروع العلم. ومن کتاباته في مجالات الدین واشعر والأدب و علم النبات و الجغرافیا یمکن إدراک أنه کان عالماً لماً بشتی العلوم. وقد عرف في الشعر و الأدب خاصة بوصفه خبیراً، بحیث شرح أمالي أبي علي القالي (تـ 356هـ/967م) أدیب إسبانیا العربي وأبدی آراء بشدنها (سمط...، 1/12، مخـ). وقد وصفه ابن بشکوال بالأدیب العراف بمعاني الأشعار و علم الأنساب و الأخبار، ونسب إلیه کتاباً في مجال الدین في باب «أعلام» النبوة، لکنه لم یذکراسم الکتاب (ص 277-278)، وکان دبوعبید رجلاً محباً للکتاب بحیث کان یلف غلاف أغلفة الکتب بقطع من النسیج لصیانتها (کراتشکوفسکي، ن.ص). وقیل إنه کان یفرط في معاقرة الخمر (الصفدي، 17/291؛ الفتح بن خاقان، 190).

 

آثاره

لأبي عبید آثار جمة من بینها: 1. الإحصاء لطبقات الشعراء، الشبیه با لمؤتلف والمختلف من أسماء الشعراء للآمدي، ولم یعثر علیه حتی الان (المیمني، «ک»؛ EI2)؛ 2. اشتقاق الأسماء، الذي ذکره السیوطي (ص 285)؛ 3. کتاب عن «أعلام» النبوة الذي مرّ ذکره فیما سبق (ظ: ابن بشکوال، 278؛ السیوطي، ن.ص)؛ 4. التدریب والتهذیب في ضروب أحوال الحروب، وهو مفقود (المیمني، «ل»)؛ 5. التنبیه علی أوهام دبي علي في أمالیه، الذي طبع سنة 1925م بتحقیق أنطوان صالحاني الیسوعي اعتماداً علی مخطوطة موجودة في القاهرة (صالحاني الیسوعي اعتماداً علی مخطوطة موجودة في القاهرة (صالحاني، 6-11)؛ 6. شفاء علیل العربیة، الذي اعتبره حاجي خلیفة (2/1050) من مؤلفات أبي عبید، لکن المیمني (ن.ص) شکک في ذلک؛ 7. صلة المفصول في شرح أبیات الغریب المصنف، الذي ورد إسمه في اللآلئ (المیمني، ن.ص)؛ 8. فصل المقال في شرح کتاب الأمثال، الذي طبع في الخرطوم سنة 1958م بتحقیق عبدالمجید عابدین وإحسان عباس؛ 9. سمط اللآلی، وهو النصف الأول من کتاب اللآلي في شرح أمالي القالي. وهذا الکتاب هو تفسیر أبي عبید لمجموعة أبي علي القالي الأدبیة والنحویة، الذي طبعه المیمني في 1354هـ/1936م؛ 10. المسالک و الممالک، لاذي یحتمل أن یکون قد انتهی من تألیفه في 460هـ/1068م (لیفي بروفنسال، 251). طبع قسم من هذا الکتاب بعنوان المُغرب في ذکر إفریقیة والمغرب بتحقیق دوسلان في الجزائر (1857م)، والقسم الآخر المتعلق بالروس والسلافیین بتحقیق کونیک وروزن فيسان بطرسبورغ. وقد صدرت للکتاب طبعة ببیروت (1992م) اعتمدت علی 10 مخطوطات لم تکن أي منها تامة بتحقیق أدریان فان لیوفن وأندري فیري اللذین تحدثابشيء من التفصیل في المقدمة عن المصادر التي استفاد منها أبوعبید في کتابه هذا منتاریخیة وجغرافیة؛ 11. معجم ما استعجم، الذيطبعه ووستنفلد تحت عنوان «المعجم الجغرافي» فيمجلدین في غوتنغن (1876-1877م)؛ 12. کتاب النبات، الذيورد اسمه في فهرسة ابن خیر (ص 377). وهذا الکتاب حلقة من سلسلة مؤلفات فيعلم النبات الوصفي في الأندلس والذي لایوجد له أثر الیوم (EI2).

والسبب الرئیس في شهرة أبي عبید البکري هو کتاباه المسالک و الممالک و معجم ما استعجم. فقد تناول المؤلف في المسالک الروایات القدیمة بشأن البلدان الإسلامیة و الحدیث عن مناطقها، واقتفی في ذلک آثار جغرافیي عصره والعصور التي سبقته، ویستشف من اسم الکتاب وأسلوب تألیفه أنه کان یرید أن یکون کتابه بشکلدلیل للطرق یورد فیه المسافات التقریبیة بین المدن و المنازل فیما بینها. ومع هذا فإن أبا عبید لم یکتف بالحدیث عن القضایا الجغرافیة بشکل محض، بل خصص أقساماً من کتابه للتاریخ السیاسي و الاجتماعي، بل و حتی للأعراق البشریة أیضاً، ویمکن إدراک هذا الدمر من الموضوعات التي أوردها نقلاً عن إبارهیم الطرطوشي فیما یتعلق بالروس و السلافیین وبلاد أوروبا (ظ: ن.د، إبراهیم بن یعقوب). وقد أدی هذا الأمر بدوره إلی زیادة قیمة کتاب أبي عبید و أهمیته.

لقد جمع أبوعبید بأسلوب علمي خلاصات تاریخیة لم یبلغ شأوه فیها أي أحد من بعده. وإضاف إلی هذا فإن أسماء أمکنة بلاد المغرب وأفریقیا والسودان التي أوردها في کتابه هي الأخری نافعة بنفس القدر (المغرب...، 163-183، مخـ). ویضم الکتاب وثائق ومستندات قیمة یعتقد أنها کانت قد أعدت في الدرجة الأولی لأغراض إداریة (کراتشکوفسکي، ن.ص). والنص الکامل للکتاب لم یعثر علیه حتی الآن کما أشرنا. ومایزال الباحثون یبحثون عن الدقسام المجهولة منه. فالأقسام المتعلقة بشمال أفریقیا و مصر و العراق و الشعوب المقیمة في المناطق المحیطة ببحر الخزر، و کذلک إسبانیا و سلافیي شرق أوروبا، قد عرفت حتی الآن وطبعت. وأکثر أقسام الکتاب تفصیلاً هو المتعلق بشمال أفریقیا والذي عرف بفضل جهود ترجمة دوسلان و نشره له. وقد استفاد أبوعبید في هذا القسم من کتابات أبي عبدالله محمد بن یوسف الوراق المؤرخ و الجغرافي الأندلسي في القرنین 3 و 4هـ، وقد وثق به ثقة کبیرة (المغرب، 4، 9، 53، مخـ؛ دوسلان، 16-15؛ جنثالث پالنثیا، 309). وهو یعرّف في هذا القسم القارئ بطرق شمال أفریقیا و سواحلها و موانئها ومساجدها وأسوارها و مراسیها (المغرب، 19-20، مخـ). وإن قسماً من الکتاب – کما ذکرنا – خاص بالروس والسلافیین. و مصدر معلومات أبي عبید عن الروس و السلافیین و إسبانیا المسیحیة و أوربا هو مذکرات إبراهیم بن یعقوب الطرطوشي. ویبدو أنه کان في متناول یده وثائق مصادر عدیدة، وکنموذج علی ذلک فهو یشیر – خلال حدیثه عن السلافیین – إلی آثار الجیهاني و المسعودي وابن رسته (کراتشکوفسکي، 277). وهو یستند أحیاناً إلی مصادر لیس لدی المؤلفین المشرقیین کثیر معرفة بها. ویری سیمونیه المستعرب الإسباني أن أبا عبید استفاد في حدیثه عن الموضوعات المتعلقة بجزر الکناري من کلمات و مصطلحات إیزیدورس إلاشبیلي (ح 560-630م) الأسقف و المؤرخ و الأدیب الإسباني (GAL, S, I/875). وقد کتب أبوعبید فضلاً عن المعلومات التي قدمها عن العصور القدیمة، موضوعات مثیرة للاهتمام أیضاً عن عصره. ویبدو أنه لم یستفد فقط من المعلومات الشفاهیة لأولئک الذین کانوا یدتون من أفریقیا و المغرب، بل استعان أیضاً بآثار الکتّاب الذین کانت لهم مؤلفات عن هذه المناطق، وربما یکون أهم هذه الآثار هو کتاب محمد بن یوسف الوراق الذي کان عالماً ذا معرفة بأوضاع المغرب وإفریقیة، وللأسف فإن هذا لاأثر لم یعثر علیه حتی الآن.

والکتاب الآخر الذي استفاد منه أبوعبید و الذي ربما لم تکن أهمیته لتقل عن کتاب الوراق هو الأثر الجغرافي لأحد أساتذته ابن الدلائي (ن.ع) مؤلف کتاب نظام المرجان في المسالک و الممالک (سوسة، 2/343). وقد أولي اهتمام کبیر لذکر العجائب في هذا الکتاب الذي کان فیما بعد موضع استفادة الإدریسي في نزهة المشتاق و زکریا القزویني في آثار البلاد و أخبار العباد. وقد خصص أبوعبید بدوره أقساماً من کتابه لذکر العجائب (EI2)، وفضلاً عن ذلک نقل مواضیع عدیدة عن عبدالله ابن عباس (تـ 68هـ/687م) خاصة عن حیاة القبائل العربیة (معجم...، 1/5، 17، مخـ). وقد أورد الهمداني (تـ 333هـ/945م) مؤلف کتاب صفة جزیرة العرب، أقوال ابن عباس في مؤلفاته (ص 83)، و ربما کان أبوعبید قد استفاد من نفس هذا الکتاب عند نقله عن ابن عباس، و قد بین بذکره روایات عن ابن عباس قیمة موضوعاته في مجال الجغرافیا، و منها سکنی القبائل العربیة (معجم، 1/5، 17، 58، مخـ؛ کراتشکوفسکي، 52). وکان أبوعبید مستفیداً أیضاً من وثائق أرشیف قرطبة (EI2). وقد استند إلیه مراراً یاقوت الحموي (1/653، مخـ) والأنصاري الدمشقي (ص 135، 234، مخـ) وابن عبدالمنعم الحمیري (ص 6، 48، 153، مخـ) وآخرون.

أما في معجم ما استعجم، فقد أحیا التقلید القدیم للتدوین الجغرافي بالطریقة الألفبائیة (المعجمیة) التي تعود إلی القرن 3هـ/ 9م، بینما لم یکن قد نُشر خلال قرنین بدءاً من القرن 9 م وإلی فترة نشاطه، أي أثر کبیر في هذا المضمار (کراتشکوفسکي، 277). وکان هذا الأثر في الحقیقة عامل ازدهار و ظهور مثل هذه الآثار. ویمکن إدراک أبي عبید وبقیة مؤلفي هذا النوع من الآثار في المقدمة التي أضافها هو إلی کتابه. و هو یقول بهذا الشأن: «ذکرت في هذا الکتاب جملة ماورد في الحدیث و الأخبار، والجبال و الآثار، والمیاه و الآبار، والدارات و الحرا، منسوبة محددة، ومبوبة علی حروف المعجم مقیدة. فإني لما رأیت ذلک قد استعجم علی الناس، أردت أن أفصح عنه بأن أذکر کل موضع مبین البناء معجم الحروف، حتی لا یُدرک فیه لبس ولاتحریف. و قد قال أبو مالک الحضرمي:رُبّ علم لم تُعجم فصوله، فاستعجم محصوله (معجم، 1/1)، فإن صحة هذا لاتدرک بالفطنة والذکاء کما یلحق المشتق من سائر الأسماء، و ما أکثر المؤتلف و المختلف...». و بعد أن یذکر أبو عبید نماذج من تلک الکلمات و الأسماء یضیف: «فهؤلاء عدة من العلماء قد اختلفوا في اسم موضع و لم یدروا وجه الصواب فیه، وسأ بین ذلک في موضعه إن شاء الله» (ن.م، 1/1- 3).

 رتب معجم ما استعجم طبقاً لحروف الهجاء، ویضم 784باباً قسم کل منها علی حروف المعجم. وقد ربط أثره في بعض المواضع بروایات عرّام بن الأصبغ السُّلمي الأعرابي (ن.م، 1/5، 10، 655). ویبدو أن أبا عبید لم یکن یعرف آثاراً بارزة من هذا النمط مما ظهر قبله بحوالي قرنین (کراتشکوفسکي، 279). وهذا الأثر هو أول معجم عُثر علیه حتی الآن. ومع هذا لایمکن اعتباره هو أول معجم ولااعتبار أبي عبید أول کاتب لمعجم جغرافي، وربما مکان أول من قدّم معجمه بشکل أبجدي. وجدیر بالذکر أن اول معجم جغرافي ألف في أوروبا تمّ سنة 1570م بجهود أبراهام أورتلیوس (1527-1598م) العالم و مصمم الخرائط الفلاندري، وتکامل في 1579م (BSE3, XVIII/533). ومعجم البکري وکما هو الحال مع الخبراء الأوائل في معرفة بلاد العرب القدیمة، لم یکن أثراً جغرافیاً فحسب، بل هو أثر لغوي أیضاً یعالج جزیرة العرب و البلدان الإسلامیة بشکل خاص. ففي هذا الکتاب صُبّ الاهتمام بشکل رئیس علی الأسماء الجغرافیة الواردة في القرآن والأحادیث و کذلک علی الشعر القدیم وقصص المغازي الأولی عن طریق شرح الشواهد المتعلقة بها (کراتشکوفسکي، ن.ص). وللکتاب مقدمة مسهبة جری فیها الحدیث عن جزیرة العرب و نواحیها المختلفة، الحجاز و تهامة و الیمن و کذلک القبائل العربیة المستوطنة فیها و هجراتها (معجم، 1/1- 90). وکانت هذه المقدمة مصدراً مهماً لدراسات ووستنفلد.ولاشک في أن العلم المعاصر مدین لخدمات هذا العالم في نشره طبعة کاملة لکتاب أبي عبید هذا (السقا، «ح، ط»). أولی المستشرقون في القرن 19م أهمیة کبیرة للمؤلَّف وقال البعض مثل دوزي إنه أثر فرید من نوعه. ویوافقه کراتشکوفسکي علی هذا الرأي ویعتقد أن هذا الکتاب أثر قیم جداً لأولئک الذین انبروا لدراسة التاریخ و الجغرافیا و الشعر و الأدب في العهد القدیم، لکن وضمن ذلک لایمکن استبعاد هذا الأمر وهو أن الأثر المذکور – وخاصة أهم أقسامه – مخصص بشکل أکبر لجزیرة العرب. إلا أنه و منذ أن أصبح معجم البلدان لیاقوت في متناول أبدي الباحثین، أفل نجم أبي عبید، ذلک أن کتاب یاقوت الذي رُتّب علی نفس المنوال تقدم کثیراً من حیث سعة الموضوعات و اعتماده علی مصادر مختلفة (ص 279).

ویستفاد من مقدمة معجم البلدان لیاقوت أنه کان علی علم بوجود معجم ما استعجم، إلا أنه لم یعثر علیه و لم یتفد منه، و هو یقول: و لم أرَ کتاب أبي عبید بعد البحث عنه و التطلّب له (1/7-8). ویبدو أن یاقوتاً کان قد تعرّف إلی موضوعات أبي عبید عن طریق آثار الآخرین، ذلک أنه استند إلیه بشکل غیر واضح، کما أشار أحیاناً إلی کتابه المسالک.

کان أبوعبید من المؤلفین البارزین و المشهورین و أکبر جغرافي عربي في الأندلس؛ و من بعده یمکن ذکر الإدریسي و ابن جبیر والآخرین. وفضلاً عن هؤلاء الجغرافیین الثلاثة في المغرب الإسلامي، نتعرف إلی علماء آخرین أیضاً ممن لاشک في وجود علاقة بین آثارهم و کتابات هؤلاء الثلاثة خاصة أبا عبید، وأحد هذه الآثار کتاب الاستبصار في عجائب الأمصار الذي لم یعرف للأسف مؤلفه حتی الآن (GAL, S, I/ 879). تم طبع هذا الکتاب في 1852م اعتماداً علی المخطوطة المحفوظة في فینا. وقد وردت في هذا الکتاب موضوعات عدیدة من کتابات أبي عبید الجغرافیة عن أفریقیا (کراتشکوفسکي، 308). أما محمد بن عبدالمنعم الحمیري فقد تأثر في کتابه الروض المعطار في خبر الأقطار بأبي عبید، ویبدو أن موضوعاته قد اقتبست في الغالب من کتاب المسالک و الممالک. و بالمقارنة مع معلومات أبي عبید بشأن البقاع التي یسکنها السلافیون، تبدو روایة ابن عبدالمنعم الحمیري أکمل (لیفیتسکي، 324؛ أیضاً ظ: ن.د، 3/473). کما استند القلقشندي أیضاً في صبح الأعشی إلی کتابات أبي عبید سواء في مجال معرفة ألفاظ اللغة الغربیة (1/149)، أو في مجال معرفة الأقوام و الأنساب (1/317-318). وقد لقب الذهبيُّ أبا عبید بالعلامة المتفنن (19/35).وربما کان سبب هذا الرأي هو تنوع مؤلفاته.

 

المصادر

ابن الأبار، محمد، الحلة السیراء، تقـ: حسین مؤنس، القاهرة، 1963م؛ ابن بشکوال، خلف، کتاب الصلة، تقـ: عزت العطار الحسیني، القاهرة، 1374هـ/1955م؛ ابن خیر، محمد، فهرسة، تقـ: فرنسشکه قداره وآخرون، بغداد، 1963م؛ ابن عبدالمنعم الحمیري، محمد، الروض المعطار، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1980م؛ ابن عذاري، محمد، البیان المغرب، تقـ: کولان ولیفي بروفنسال، بیروت، 1900م؛ أبوعبید البکري، عبدالله، سمط اللآلئ، تقـ: عبدالعزیز المیمني، القاهرة،1364هـ/1945م؛ م.ن، معجم ما استعجم، تقـ: مصطفی السقا، القاهرة، 1364هـ/1945م؛ م.ن، معجم ما استعجم، تقـ: مصطفی السقا، القاهرة، 1364هـ/ 1945م؛ م.ن، المغرب فيذکر بلاد إفریقیة و المغرب، تقـ: دوسلان، الجزائر، 1857م؛ الأنصاري الدمشقي،محمد، نخبة الدهر في عجائب البر و البحر، لایبزک، 1923م؛ جنثالث پالنثیا، آنخل، تاریخ الفکر الأندلسي، تجـ: حسین مؤنس، القاهرة، 1955م؛ حاجي خلیفة، کشف؛ حمیدة، عبدالرحمان، أعلام الجغرافیین العرب و مقتطفات من آثارهم، دمشق، 1984م؛ الذهبي، محمد، سیر أعلام النبلاء، تقـ: شعیب الأرنؤوط؛ بیروت، 1405هـ/1984م؛ الذهبي، محمد، سیر أعلام النبلاء، تقـ: شعیب الأرنؤوط؛ بیروت، 1405هـ/1984م؛ السقا، مصطفی، مقدمة و حواش علی معجم مااستعجم (ظ: همـ، أبوعبیدالکبري)؛ سوسة، أحمد، الشریف الإدریسي (عصر الإدریسي)، بغداد، 1974م؛ السیوطي، بغیة الوعاة، القاهرة، 1326هـ؛ صالحاني، أنطون، مقدمة و حواش علی التنبیه لأبي عبید البکري، القاهرة، 1925م؛ الصفدي، خلیل، الوافي بالوفیات، تقـ: دوروثیا کرافولسکي، بیروت، 1401هـ/1981م؛ الضبي، أحمد، بغیة الملتمس، دارالکاتب العربي، 1967م؛ الفتح بن خاقان، قلائد العقیان، بولاق، 1284هـ؛ فروخ، عمر، تاریخ الأدب العربي، بیروت، 1984م؛ القلقشندي، أحمد، صبح الأعشی، القاهرة، 1383هـ/1963م؛ کردعلي، محمد، «أبوعبیدالبکري»، مجلة المجمع العلمي العربي، دمشق، 1367هـ/1948م، س 23، عد 2؛ المیمني، عبدالعزیز، مقدمة سمط اللآلئ (ظ: همـ أبوعبید البکري)؛ الهمداني، الحسن، صفه جزیرة الغرب، تقـ: محمدعلي الأکوع، صنعاء، 1403هـ/1983م؛ یاقوت، البلدان؛ و أیضاً:

BSE3; De Slane, M., introd. Description de l’Afrique Septentrionale (vide: pb, ‘AbuʿUbayd-in-Bakrī); EI2; GAL, S; Krachkovskiĭ, I.Yu., «Arabskaya geograficheskaya literatura», Izbrannye sochineniya, Moscow/ Leningrad, 1957, vol. IV; Lévi-Provençal, E., La Péninsule ibérique au moyen –âge, Leiden, 1938; Lewicki, T., «Brāga et Miška d’après une source arabe inédite», Folia Orientalia, Krakow, 1960, vol. I; Vernet, J., «Al-Bakrī», Dictionary of Scientific Biography, New York, 1970, vo. I.

عنایت الله رضا/ هـ.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: