الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / التاریخ / أبوطاهر الجنابي /

فهرس الموضوعات

أبوطاهر الجنابي

أبوطاهر الجنابي

تاریخ آخر التحدیث : 1443/1/2 ۲۱:۳۲:۵۵ تاریخ تألیف المقالة

أَبو طاهِرِ الْجَنّابيّ، سلیمان بن أبي سعید حسن (تـ 17 رمضن 332هـ/13 أیار 944م)، زعیم قرامطة البحرین الشهیر. ذُکر أنه ولد في 294هـ/907م (المسعودي، التنبیه...، 391؛ العیون ...، 4(1)/223)، أو 295هـ (ظ: ثابت بن سنان، 37؛ أبوعلي مسکویه، 1/121؛ قا: دي خویه، 75). ورغم مایقال غالباً من أن أباطاهر قد تسلم مقالید الأمور بعد أبیه، إلا أننا نعلم أنه بعد مقتل أبي سعید (300، أو 301هـ)، تسلم ابنه الکبیر سعید السلطة و حکم بواسطة مجلس یدعی العقدانیة، مکون من 12 عضواً (ظ: دبلوا، 14؛ دي خویه، 73). ومع ذلک واستناداً إلی النویري (25/276) فإن سعیداً سلّم مقالید الحکم إلی أخیه. ویضیف أن الروایة المتوفرة بهذا الشأن تقول إن سعیداً لم تکن لدیه القدرة علی إدارة لادولة وإن أخاه أبا طاهر کان یتحکم فیه.

ولاتتوفر لدینا معلومات عن بدایة حیاة أبي طاهر وإلی حین رمضان 310، وهو التاریخ الذي یقول المسعودي (ن.ص) إنه تولی فیه زعامة القرامطة. کان القرامطة في العقد الأول من القرن 4هـ/10م یتجنبون لفترةٍ الصراع مع الجهاز الحاکم للخلافة العباسیة، بل وکانت لهم علاقات طیبة بهم خلال وزارة علي بن عیسی الجراح الذي منحهم امتیازات خاصة من قبیل الانتفاع بمیناء سیراف في 304هـ/916م. إلا أن القرامطة حینما دخلوا البصرة في 307هـ لم یکونوا قد اختاروا بعد أبا طاهر لقیادتهم (ابن الجوزي، 6/153؛ الذهبي، العبر، 1/451؛ EI2، مادة الجنابي). ولما کانت أول حرب مهمة خاضها القرامطة بقیادة أبي طاهر حدثت بعد مقتل أبي سعید في 311هـ (ظ: بقیة المقالة)، یمکن الاعتقاد بأن سعیداً لما لم یکن قد ورث شجاعة أبیه، اتخذ مجلس الشوری (العقدانیة) قراراً بتعیین أبي طاهر محل أبیه. وقد أید الخلیفة الفاطمي عبیدالله أیضاً هذا الاختیار (قا: سکانلون، 30)، وربما کان هو الباعث علی ذلک. إن صمت القرامطة خلال العقد الأول من القرن 4هـ، یبرر بشکل کامل اتهام سعید بانعدام الکفاءة (دي خویه، 74)، إلا أن ماقیل من أن أبا طاهر قتل سعیداً (وایل، II/604)، غیرصحیح، ذلک أن سعیداً کان حیاً خلال فترة حکم أبي طاهر، وبعد ذلک أیضاً وکان نشطاً (دي خویه، ن.ص).

وخلال تلک الأیام التي کانت فیها الأقالیم الوسطی للعالم الإسلامي وخاصة العراق عرضة لتهدید القرامطة و هجماتهم، بلغ الخوف من هذه الفرقة حداً أن وجهت تهمة الخیانة و التواطؤ مع القرامطة (العیون، 4(1)/222؛ بازورث، 223) إلی علي بن عیسی الوزیر الذي أدت سیاسته المسالمة مع القرامطة في 300هـ إلی إطلاق سراح آلاف الأسری الذین کانوا في سجونهم (القاضي عبدالجبار، 2/380)، وصیانة بغداد لمدة 10 سنوات من هجماتهم.

وبعد عدة أیام من عزل علي بن عیسی عن الوزارة، هجم أبوطاهر في 24 ربیع الآخر 311 البصرة، وبادر بعد احتلالها إلی الإغارة و إعمال السیف في أهلها. إلا أن الوزیر ابن الفرات أرسل جیشاً لمواجهته، فتراجع أبوطاهر بعد 17 یوماً عن البصرة عائداً إلي مقره (المسعودي، ن.م، 380؛ عریب، 110-111؛ أبوعلي مسکویه، 1/105). وقد أدی هذا الانتصار ألی أن یقرر مجلس الشوری (العقدانیة) تسلیم قیادة القرامطة إلیه (دي خویه، ن.ص).

وبعد سنة واحدة هاجم أبوطاهر قافلة الحجاج و أسر مجموعة من أمراء العراق مثل أبي الیجاء عبدالله بن حمدان و أحمد بن بدر عم أم الخلیفة المقتدر، ثم أطلق سراحهم لقاء مبلغ من المال (المسعودي، ن.ص؛ أبوعلي مسکویه، 1/121؛ عریب، 118)، وطلب إلی الخلیفة أن یلي مسکویه، 1/180)، عندها توجه أبوطاهر إلی دالیة، فلما لم یحصل علی شيء، اتجه إلی الرحبة وتمکن من تحطیم مقاومة أهلها (ثابت بن سنان، 50؛ أبوعلي مسکویه، 1/182؛ ابن الأثیر، 8/182). وفي 316هـ هاجم الرقة الواقعة علی بعد 30 فرسخاً من الرحبة فقاتل أهلها 3 أیام (ثابت بن سنان، 51؛ أبوعلي مسکویه، ن.ص؛ ابن الأثیر، 8/181). ومع أنه کان ینوي الهجوم علی الرملة بفلسطین، أو دمشق، فقد عاد لأسباب من هناک، وکان قد أقام في الرحبة حوالي 7 أشهر. ثم هاجم هیت مرة أخری، واتجه بعدها نحو الکوفة (المسعودي، ن.م، 385). واستناداً إلی النویري فإن أبا طاهر دخل الکوفة في 3 رمضان 316 و مکث فیها حتی الأول من ذي الحجة، إلا أنه لم یمارس القتل والإغارة في المدینة، وکان الکوفیون بدورهم یعاملونه برفق (25/293). وفي 317هـ قاد أبوطاهر جیشاً متجهاً إلی مکة. وکانت قافلة حجاج العراق قد ذهبت هذه السنة بقیادة منصور الدیلمي (ظ: أبوعلي مسکویه، 1/201)، وکان الخوف من القرامطي في السنوات الماضیة قد حال دون مرور القافلة (ظ: بازورث، 225). اجتاح أبوطاهر في 8 ذو الحجة (یوم الترویة) 317هـ/12 حزیران 930م (المسعودي، ن.ص؛ حمزة، 134؛ ظ: عریب، 136: 316هـ؛ البیروني، 212: 318هـ) مکة وقام بقتل الحجاج بوحشیة في أزقتها وفي المسجد الحرام و داخل الکعبة (قا: أبوعلي مسکویه، ن.ص؛ المسعودي، ن.م، 385، 386)، واقتلع الحجر الأسود. و قتل محمد بن إسماعیل، المعروف بابن محارب أمیر مکة (للاطلاع علی اسم ابن محارب وأشکال ضبطه الأخری، ظ: المسعودي، ن.ص؛ النویري، 25/297؛ الذهبي، سیر... 15/321؛ النهروالي، 3/163؛ أبو الفداء، 3/94؛ الیافعي، 2/271)، واقتلع أستار الکعبة و بابها واستولی علی أموال الناس وألقی بجثث القتلی في بئر زمزم (ظ: أبوعلي مسکویه، ن.ص). وقد مکث القرامطة فیها 8 أیام (العیون، 4(1)/250)، أو 11 یوماً (حمزة، ن.ص)، کانوا یدخلون خلالها مکة کل یوم للقتل والنهب، ویعودون مساءً إلی معسکرهم.ولم تمنعهم قداسة الکعبة من ارتکاب أي عمل: اقتلعواباب الکعبة وأخذوا ماغُطي به من ذهب. ولم یسلم خلال تلک الغارة سوی مقام إبراهیم، ذلک أن حراس الکعبظ کانوا قدأخفوه في أحد الأودیة المحیطة بمکة (ظ: النهروالي، ن.ص؛ بازورث، 226). ویستفاد مما کتبه الهمداني (ص 62) أنأهل مکة أیضاً قد استغلوا الفوضی تلک، فانبروا لقتل الحجاج ونهبهم. ویعتقد بعض الکتّاب و منهم النهروالي (3/162، 164-165؛ قا: ناصرخسرو، 150-151) أن القرامطة أرادوا لي مسکویه، 1/180)، عندها توجه أبوطاهر إلی دالیة، فلما لم یحصل علی شيء، اتجه إلی الرحبة وتمکن من تحطیم مقاومة أهلها (ثابت بن سنان، 50؛ أبوعلي مسکویه، 1/182؛ ابن الأثیر، 8/182). وفي 316هـ هاجم الرقة الواقعة علی بعد 30 فرسخاً من الرحبة فقاتل أهلها 3 أیام (ثابت بن سنان، 51؛ أبوعلي مسکویه، ن.ص؛ ابن الأثیر، 8/181). ومع أنه کان ینوي الهجوم علی الرملة بفلسطین، أو دمشق، فقد عاد لأسباب من هناک، وکان قد أقام في الرحبة حوالي 7 أشهر. ثم هاجم هیت مرة أخری، واتجه بعدها نحو الکوفة (المسعودي، ن.م، 385). واستناداً إلی النویري فإن أبا طاهر دخل الکوفة في 3 رمضان 316 و مکث فیها حتی الأول من ذي الحجة، إلا أنه لم یمارس القتل والإغارة في المدینة، وکان الکوفیون بدورهم یعاملونه برفق (25/293).

وفي 317هـ قاد أبوطاهر جیشاً متجهاً إلی مکة. وکانت قافلة حجاج العراق قد ذهبت هذه السنة بقیادة منصور الدیلمي (ظ: أبوعلي مسکویه، 1/201)، وکان الخوف من القرامطي في السنوات الماضیة قد حال دون مرور القافلة (ظ: بازورث، 225). اجتاح أبوطاهر في 8 ذو الحجة (یوم الترویة) 317هـ/12 حزیران 930م (المسعودي، ن.ص؛ حمزة، 134؛ ظ: عریب، 136: 316هـ؛ البیروني، 212: 318هـ) مکة وقام بقتل الحجاج بوحشیة في أزقتها وفي المسجد الحرام و داخل الکعبة (قا: أبوعلي مسکویه، ن.ص؛ المسعودي، ن.م، 385، 386)، واقتلع الحجر الأسود. و قتل محمد بن إسماعیل، المعروف بابن محارب أمیر مکة (للاطلاع علی اسم ابن محارب وأشکال ضبطه الأخری، ظ: المسعودي، ن.ص؛ النویري، 25/297؛ الذهبي، سیر... 15/321؛ النهروالي، 3/163؛ أبو الفداء، 3/94؛ الیافعي، 2/271)، واقتلع أستار الکعبة و بابها واستولی علی أموال الناس وألقی بجثث القتلی في بئر زمزم (ظ: أبوعلي مسکویه، ن.ص). وقد مکث القرامطة فیها 8 أیام (العیون، 4(1)/250)، أو 11 یوماً (حمزة، ن.ص)، کانوا یدخلون خلالها مکة کل یوم للقتل والنهب، ویعودون مساءً إلی معسکرهم.ولم تمنعهم قداسة الکعبة من ارتکاب أي عمل: اقتلعواباب الکعبة وأخذوا ماغُطي به من ذهب. ولم یسلم خلال تلک الغارة سوی مقام إبراهیم، ذلک أن حراس الکعبظ کانوا قدأخفوه في أحد الأودیة المحیطة بمکة (ظ: النهروالي، ن.ص؛ بازورث، 226). ویستفاد مما کتبه الهمداني (ص 62) أنأهل مکة أیضاً قد استغلوا الفوضی تلک، فانبروا لقتل الحجاج ونهبهم. ویعتقد بعض الکتّاب و منهم النهروالي (3/162، 164-165؛ قا: ناصرخسرو، 150-151) أن القرامطة أرادوا أن یجعلوا الدحساء محل مکة لتؤدی فیها مناسک الحج. إلا أن دي خویه (ص 103) أوضح بشکل جید عدم صحة هذا الرأي. أما بشأن القتلی في بیت الله فتوجد معلومات مختلفة أیضاً (ظ: النهروالي، 3/162؛ حمزة، 134؛ الهمداني، ن.ص؛ العیون، 4(1)/249). وقد غنم أبوطاهر في هذه الحملة غنائم هائلة، فاستناداً إلی ماورد في کتاب العیون و الحدائق الذي یبدو أنه بولغ فیه، فإن الأموال التي نهبت من الکعبة لوحدها، کانت بحاجة إلی 50 بعیراً لحملها (4(1)/250؛ قا: المسعودي، ن.م، 386). ولدی عودة أبي طاهر، قام بنوهذیل بمحاصرته، ولذا فقد أصبح الخروج من مکة عسیراً علیه (النویري، ن.ص). وقد تمکن بنو هذیل من إنقاذ الکثیر من الأسری، وأعادوا أغلب الإبل المحملة بأحمالها إلی مکة (دي خویه، 109)، وقد ظل دبوطاهر لفترة منشغلاً بذلک الحصار إلی أن تمکن بواسطة أحد الأدلاء من الذفلات من ذلک الفخ (النویري، ن.ص).

لقد ترک اجتیاح أبي طاهر لمکة ذکریات مرعبة في أذهان المسلمین، فلم تشاهد في تاریخ الإسلام مثل هذه الإهانة للمقدسات (مادیلونغ، 34)، وتظهر مرثیة الصنوبري (تـ 334هـ) الشاعر الشامي المعاصر لأبي طاهر، بشأن قتل الحجاج وانتهاک حرمة الکعبة (ص 96-98)، إلی أي حدّ کانت هذه الواقعة و إلی بلاد الشام قد آلمت بعمق المسلمین من سنة وشیعة (بازورث، 222). ویشیر قطب‌الدین محمد النهروالي إلی هذه الواقعة بوصفها واحدة من أفدح الضربات التي حلّت بالعالم الإسلامي علی أیدي القرامطة (3/165). وعلی هذا بنبغي القول إن ادعاء آدم متز الذي ذکر فیه أن هذه الواقعة قد ترکت تأثیراً بسیطاً في أهل ذلک العصر، ولم ینظر إلیه بعین السخط، إلا الأجیال التالیة (ص 304)، هو أمر مبالغ فیه (ظ: بازورث، 222-223). ویقال إن أبا طاهر أنشد خلا لمغادرته مکة أبیاتاً قال فیها إن هذا البیت لیس لله، وإن الله لم یتخذ بیتاً علی الإطلاق (الحمادي، 211؛ الهمداني، ن.ص؛ النهروالي، 3/164).

وأخیراً عاد أبوطاهر في محرم 318 إلی البحرین و مکث فیها لتفرة، ثم اتجه إلی الکوفة في رمضان 319 (النویري، ن.ص). واستناداً إلی ماکتبه ابن خلدون، فإن أباطاهر سیطر علی عمان أیضاً وأن حاکم تلک الولایة التجأ إلی إیران. وقد ذکر تاریخ هذه الواقعة في 315 هـ في موضع، وفي موضع آخر اعتبره في 317هـ 04(1)/190، 198)، وقال إن هذه الواقعة حدثت بعد اقتلاع الحجر الأسود (ن.ص). و علی هذا ینبغي اعتبار فتح عمان قد حدث بعد 317هـ.

وفي 319هـ استولی القرامطة علی الکوفة؛ و قد أدی خبر انتصارهم إلی إثارة الرعب إلی الحد الذي هرب فیه کثیر من سکان قصر ابن هبیرة إلی بغداد (حمزة، 136؛ ابن تغري بردي، 3/228). وواصل القرامطة لمدة 25 یوماً نهبهم المدینة و ما حولها (EI2، ن.ص). وأخیراً عادوا إلی بلادهم. و کان أبوطاهر ینوي العودة وإنزال ضربة ماحقة بخلیفة بغداد، وقد أعلن عن أهدافه في قصیدة له بقیت بعض أبیاتها (ظ: البیروني، 214؛ البغدادي، 173؛ ابن تغري بردي، 3/225-226؛ قا: دي خویه، 113).

وقد نزل القرامطة في 322هـ أیضاً بتَوَّج وسینیز وقدموا المدینة، فأحرق حاکم المدینة سفنهم، وقاتلهم بدعم من أهل المدینة، فقتل فریقاً وأسر 80 منهم (أبوعلي مسکویه، 1/284). ولما کان من غیر الممکن أداء الحج مع وجود أعمال أبي طاهر، فقد دخل محمد بن یاقوت حاجب الخلیفة الراضي في نفس تلک السنة في مفاوضات مع أبي طاهر لیعترف رسمیاً بالخلیفة في بغداد، ویمتنع عن مهاجمة قوافل حجاج بیت الله، ویعید الحجر الأسود؛ وفي مقابل ذلک تعیّنه الدولة حاکماً علی المناطق التي کانت تحت یده، أو تکل التي سیطر علیها. ویبدو أن دباطاهر ردّ رداً حسناً وأنه لن یهاجم الحجاج، إلا أنه لایستطیع إعادة الحجر الأسود إلی موضعه، وأنه مستعد للاعتراف بخلافة الخلیفة إذا هو أطلق یده في تجارة البصرة (EI2، ن.ص). ویحتمل أن تکون هذه الأخبار مفتقرة إلی سند تاریخي، ذلک أن موت عبید الله الفاطمي (ظ: ابن تغري بردي، 3/247-248) الذي حدث في هذه السنة، لم یؤد علی مایبدو إلی تغییر في العلاقات بین القرامطة و الفاطمیین (ظ:دي خویه، 139). ثم إن أباطاهر عاد في 323هـ إلی مهاجمة قافلة الحجاج القادمین من بغداد في منطقة القادسیة، وألحق الهزیمة بالجیش الذي کان یرافق القافلة بأمر من الخلیفة (أبوعلي مسکویه، 1/330)، واستولی علی القافلة (الصولي، 68-69؛ المسعودي، ن.م، 390). وقد کتب الصولي الذي کان آنذاک ببغداد یقول إن هذه الواقعة قد ترکت في تلک المدینة أثراً مما لم یکن قد سمع بمثله أو شوهد في أي وقت؛ وقدتألم الخلیفة الراضي لما جری بشدة وکان یقول لیتني تمکنت من الخروج بنفسي إلی البحرین (ص 69). وکان فریق من علویة الکوفة کأبي علي عمر بن یحیی العلوي قد ذهبوا إلی أبي طاهر و توسطوا لدیه کي یخلي سبیل الحجاج، فأعطاهم أبوطاهر الأمان أیضاً شریطة أن یعودوا إلی بغداد. ولذا فقد تفرق الحجاج، ولم یتمّ الحج تلک السنة (ظ: أبوعلي مسکویه، ثابت بن سنان، ن.صص؛ ابن الأثیر، 8/311؛ النویري، 25/301). وفي 23ربیع الأول أو الآخر من سنة 325، احتل أبوطاهر مرة أخری الکوفة، فخرج ابن رائق (ن.ع) منبغداد وعسکر في بستان ابن أبي الشوارب الواقع بالیاسریة (للاطلاع علی روایة أخری، ظ: ابن الأثیر، 8/334)، وأرسل أبا بکر ابن مقاتل مع رسالة إلی أبي طاهر. وکان أبوطاهر قد طلب إلی الخلیفة أن یرسل إلیه کل سنة مایعادل 120 ألف دینار من النقد و المؤونة کي یمتنع عن الخروج من مدینته، لکن قیل إنه لما لم تحقق الرسالة شیئاً، عاد أبوطاهر إلی البحرین (أبوعلي مسکویه، ابن الأثیر، ن.صص؛ الهمداني، 102؛ ابن تغري بردي، 2/260). واستناداً إلی النویري 025/301-302) فإن أباطاهر طلب إلی شفیع اللؤلؤي حاکم الکوفة أن یذهب إلی الخلیفة ویطلب إلیه تسلیم المال کي یوقف هو من جانبه هجماته، وإلا فإنه وأصحابه سیضطرون للحصول علی أرزاقهم بالسیف، فذهب شفیع إلی الخلیفة الذي أرسل أبابکر ابن مقاتل إلی أبي طاهر.

وفي 326 هـ وقع الخلاف بین القرامطة مما أدی إلی قتل فریق کبیر منهم (ن.ص؛ قا: أبوعلي مسکویه، 2/55-56؛ العیون، 4(2)/389). واستناداً إلی روایة ثابت بن سنان (ص 55-56) وابن الأثیر (8/351) فإن ابن سنبر الذي کان من خواص أبي سعید القرمطي و المطلعین علی سره و أسرار القرامطة، دعا إلیه رجلاً أصفهانیاً یدعی أبا النور و قال إنه سیطلعه علی الأسرار و العلامات التي ینبغي أن تتوفر في إمام القرامطة کي یصبح هو زعیماً لهم، شریطة أن یقتل أبا حفص الشریک القرمطي الذي کان عدواً لابن سنبر. فلما ردی أبوطاهر و أبناؤه أن ذا النور علی علم بتلک الأسرار و العلامات، قالوا: إن هذا هو الذي کنا ندعو الخلق إلیه. فأطاعوه ودانوا له حتی إنه قتل کل من أراد قتله و منهم أبوحفص. إلا أن أباطاهر الذي أدرک أن أبا النور یرید قتله لیتولی زعامة القرامطة، دبّر مکیدة قتل فیها ذلک الذي أباد فریقاً من عظماء القرامطة و شجعانهم. وتتوفر روایة أخری لهذه الواقعة أوردهاعریب بن سعد (ص162-163) ذکر فیها اسم زکري الخراساني بدلاً من الرجل الأصفهاني، واعتبر تاریخ هذه الواقعة في رمضان 319 (ظ: البیروني، 213، الذي ذکر في روایته اسم أبي زکریان الطمامي)، إلا أنه لم یشر إلی ابن سنبر وخصمه، ولهذا السبب تبدو روایته ناقصة (ن.ص). أما القاضي عبدالجبار (2/386 و مابعدها) فیری أن ذلک الرجل الماکر کان زرادشتیاً یدعی ذکیرة الأصفهاني. رغم أنه لم یحدد تاریخاً لهذه الواقعة، إلا أنه اعتبرها قد حدثت مباشرة بعد حرب مکة في 317 هـ، کما أنه لم یشر إلی ابن سنبر (قا: لویس، 87-88).

وفي 327هـ و بوساطة عمر بن یحیی الذي کانت له علاقة صداقة بأبي طاهر، أصبح من الممکن تسییر قوافل الحجاج بعد دفع 25 أو 120 ألف دینار علی روایة أخری، مع أخذ الخِفارة من الحجاج (للاطلاع علی روایة أخری، ظ: ابن خلدون، 4(1)/214)، إلا أن ذلک لم یمنع هجمات القرامطة علی جنوب العراق (دي خویه، EI2; 139-140، ن.ص). وأدقّ الأرقام علی مبلغ الخِفارة هو ماورد في کتاب العیون والحدائق (4(1)/333): 3 دنانیر علی کل عماریة، ودینار واحد علی کل هودج، ودیناران علی کل بعیر (ابن تغري بردي، 3/264: 5 دنانیر). وکان أبوالحسن ابن معمر أول من أخذ هذا المکس بزبالة في 327هـ (العیون، ن.ص)، ومنذ هذا التاریخ وإلی حین وفاة أبي طاهر الذي توفي بمرض الجدري بعد حکم استمر 21 عاماً (ابن الأثیر، 8/415؛ النویري، 25/303)، لاتتوفر لدینا معلومات تذکر عنه.

ورغم اتفاق جمیع المصادر علی التاریخ الذي توفي فیه أبوطاهر، فإن البغدادي (ن.ص) استناداً إلی روایة لم تؤید من قبل أي مصدر آخر، تحدث عن قتله بید امرأة في هیت بعد 7 سنوات من حکمه. کما کتب ابن خلدون أنه مات بعد 31 سنة من حکمه (4(1)/191)، مما ینبغي القول معه إن هذا الکلام لایعدو کونه أمراً مختلقاً.

وقد اختلفت المصادر بشدة فیمن تولی الأمر بعد أبي طاهر. إذ یری الهمداني (ص 139-140) وابن الأثیر (8/415-416) أنه کان لأبي طاهر 7 وزراء کان ابن سنبر أکبرهم سناً، کما کان له 3 إخوة کان اثنان منهما و هما أبوالقاسم سعید و أبوالعباس الفضل یتفقان مع أبي طاهر علی الرأي والتدبیر، أما الثالث فلم یکن یتدخل في أمرهما (أیضاً ظ: ابن شاکر، 10/314).

واستناداً إلی ابن تغري بردي (3/281)، فإن سعیداً هو الذي تولی الدمر بعد أخیه، إلا أن ابن خلدون ذکر أبامنصور أحمد بن الحسن بوصفه الحاکم من بعده (4(1)/192). ویعتقد النویري (ن.ص) أن أبا منصور توفي في نفس الوقت الذي توفي فیه أبوطاهر. لکن هذه الروایة غیر صحیحة. کما أن معلومات الهمداني و ابن الدثیر (ن.صص) ناقصة. ذلکأن أباطاهر إضافة إی إخوته الثلاثة المذکورین آنفاً، کان له أخ آخر یدعی أبایعقوب یوسف توفي في 366هـ. ویبدو أن سعیداً وبدعم من أخیه الفضل، تولی بشکل مؤقت إدارة الأمور، منتظراً قرار الخلیفة الفاطمي بشأن خلیفة أبي طاهر. وقد قام الخلیفة الفاطمي بتعیین أحمد حاکماً (ابن خلدون، ن.ص؛ قا: دي خویة، 143-144)، ورغم رغبة بعض أعضاء مجلس الشوری (العقدانیة) الذین أرادوا تعیین سابور الابن الأکبر لأبي طاهر.

جرت محاولات کثیرة لحث القرامطة علی إعادة الحجر الأسود. حتی أن بَجْکَم اقترح مرة أن یدفع لهم 50 ألف دینار مقابل استعادته، إلا أن أبا طاهر امتنع عن ذلک. وکان القرامطة یقولون: أخذناه بأمر إمامنا وسنعیده بأمره (قا: العیون، 4(1)/258؛ ابن تغري بردي، 3/301؛ ابن الأثیر، 8/486؛ النویري، ن.ص). واستناداً إلی ابن الأثیر (ن.ص) فإن القرامطة أعادوه في ذي القعدة 339 / نیسان 951 (قا: حمزة 134، حیث ورد أنهم أعادوه في 329هـ) من غیر أن یأخذوا شیئاً. إلا أن أغلب المصادر و من غیر أن تذکر رقماً معیناً، تحدثت عن مبالغ ضخمة بهذا الشأن (مثلاً ظ: ن.ص؛ یاقوت، 2/122)، کما أن بعضها أشار إلی رقم المبلغ (ظ: العیون، ن.ص؛ القزویني، 78؛ الجویني، 3/154).

یثیر نشاط أبي طاهر أسئلة حول علاقته بالفاطمیین، هل کان أبوطاهر یعتقد حقاً أن الخلیفة الفاطمي هو الإمام المنتظر، وأنه کان یطیع عبید الله، واقتلع الحجر الأسود بأمر سرّی منه، وأقدم علی شن الهجمات علی العباسیین؟ (EI2، ن.ص). ینبغي القول هنا لو افترضنا صحة احتمال نقل الحجر الأسود بناء علی تحریض من عبید الله، فإن هذا الأمر لایمکن أن یکون قد تم بموافقة و تأیید علني منه و هو الذي کانت تستحوذ علی ذهنه فکرة أن یحلّ محل العباسیین (ظ: حسن، 225-226). والوثائق المتوفرة تدل ععلی میل أبي طاهر إلی الخلفاء الفاطمیین، کما تدل علیمعارضته لهم ظ (ظ: لویس، 80-89). وتشیر المصادر إلی أن أباطاهر کان یعتقد بمهدویة الخلیفة عبیدالله، ویرسل إلیه الخمس، وکان عامله علی البحرین (EI2، ن.ص). وعلی سبیل المثال، یمکن أن یعزز هذا الرأي کلام أحد القرامطة خلال الاستجواب الذي قام به علي بن عیسی الجراح، و کذلک التقاریر التي کتبها محمد بن خلف النیرماني کاتب یوسف بن أبي الساج (ظ: ثابت بن سنان، 48-49؛ أبوعلي مسکویه، 1/181؛ ابن الأثیر، 8/174-175). کما روی الذهبي قول أبي طاهر الذي یقول فیه: إنني أعوکم إلی المهدي (ظ: حسن، 277). کما ذکر ابن تغري بردي (3/225) أن أبا طاهر اعتقد بمهدویة عبیدالله بعد عودته من الرحبة في 317هـ (قا: EI2، ن.ص). إلا أن الرسالة التي بعث بها عبیدالله إلی أبي طاهر وأورد البغدادي (ص 117 و مابعدها) مقاطع منها لتدعیم وجهة النظر هذه، هي مختلقة باحتمال یقرب من الیقین (ظ: EI2، ن.ص). وفضلاً عن ذلک، فإنه لایمکن لأبي طاهر أن یکون راسخ الاعتقاد بمشروعیة ادعاء عبیدالله. إضافة إلی أن أباطاهر اعتقد بمحتال من أصل إیراني بأنه هو الإمام المنتظر وأجلسه علی کرسي المهدویة (ظ: الأسطر السابقة). فإذا قبلنا برأي إیفانوف الذي یقول فیه إن القرامطة لم یکونوا یعتقدون بإمامة الخلفاء الفاطمیین، یمکن عندها فهم اتجاه أبي طاهر ونشاطه (EI2، ن.ص). ومن المستبعد أن یکون الهدف المحدد من هجمات أبي طاهر علی مناطق نفوذ العباسیین في البصرة والکوفة والقسم الجنوبي الغربي لإیران، هو مساعدة الفاطمیین للسیطرة علی مصر، إلا أن کل عمل من شأنه إضعاف مرکز الخلفاء العباسیین کان یشکل عوناً للفاطمیین. و من الجدیر ذکره أن أبا طاهر وافق في سبیل تحقیق مکاسب معینة علی الدخول في مفاوضات مع العباسیین، في نفس الوقت الذي أبقی علی علاقاته مع أعداء الخلافة العباسیة أمثال موبد موبدان إسفندیار و مرداویج و البریدي الذي التجأ لفترة إلی أبي طاهر (ن.ص؛ المسعودي، مروج ...، 8/347؛ للاطلاع علی عرفان البریدي بجمیل أبي طاهر، ظ: ابن تغري بردي، 3/278-279).

کان أبوطاهر ینظم الشعر أیضاً، وقد روي عنه شعر في عدة مواقف منها ماکان في واقعة سنة 315هـ، وکذلک بعد قلعه الحجر الأسود في 317هـ (بازورث، 227). ویقول الحمادي (ص 211-212) الذي یحتمل أن یکون أقدم مصدر روی ذلک الشعر، إن تلک الأبیات هي جزء من قصیدة طویلة. وقد نفی دي خویه نسبة تلک الأشعار إلیه (ظ: بازورث، 228-229).

 

المصادر

ابن الأثیر، الکامل؛ ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة، القاهرة، 1351هـ/ 1932م؛ ابن الجوزي، عبدالرحمان، المنتظم، حیدرآبادالدکن، 1357هـ؛ ابن خلدون، عبدالرحمان، العبر، بیروت، 1405هـ/1985م؛ ابن شاکر الکتبي، محمد، عیون التواریخ، إستانبول، مخطوطة مکتبة أحمد الثالث، رقم 2922؛ أبوعلي مسکویه، أحمد، تجارب الأمم، تقـ: هـ. ف. آمدروز، القاهرة، 1332هـ/1914م؛ أبوالفداء، المختصر في أخبار البشر، بیروت، 1959م؛ البغدادي، عبدالقاهر، الفرق بین الفرق، تقـ: محمد زاهد الکوثري، القاهرة، 1367هـ/ 1948م؛ البیروني، أبوالریحان، الآثار الباقیة، تقـ: إدوارد زاخاو، لایبزک، 1923م؛ ثابت بن سنان، «تاریخ أخبار القرامطة»، أخبار القرامطة، تقـ: سهیل زکار، دمشق، 1402هـ/1982م؛ الجویني عطاملک، تاریخ جهانگشا، تقـ: محمد قزویني، لیدن، 1355هـ/1937م؛ حسن، حسن إبراهیم وطه أحمد شرف، عبیدالله المهدي، القاهرة، 1947م؛ الحمادي، محمد، کشف أسرار الباطنیة و أخبار القرامطة، تقـ: محمدزاهد الکوثري، القاهرة، 1375هـ/ 1955م؛ حمزة الأصفهاني، تاریخ سني ملوک الأرض والأنبیاء، برلین، 1340هـ/1921م؛ الذهبي، محمد، سیر أعلام النبلاء، تقـ: شعیب الأرنؤوط وإبراهیم الزیبق، بیروت، 1404هـ/1984م؛ م.ن، العبر في خبر من غبر، تقـ: محمد السعید بن بسیوني زغلول، بیروت، 1405هـ/1985م؛ الصنوبري، أحمد، دیوان، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1970م؛ الصولي، محمد، الأوراق، قسم أخبار الراضي بالله والمتقي لله، تقـ: هیورث دن، القاهرة، 1354هـ/1935م؛ عریب بن سعد، صلة تاریخ الطبري، تقـ: دي خویه، لیدن، 1897م؛ العیون والحدائق، تقـ: عمر السعیدي، دمشق، 1972م؛ القاضي عبدالجبار، تثبیت دلائل النبوة، تقـ: عبدالکریم عثمان، بیروت، 1386هـ/1966م؛ القزویني، زکریا، آثار البلاد وأخبار العباد، بیروت، 1404هـ/ 1984م؛ المسعودي، علط، التنبیه و الإشراف، تقـ: دي خویه، لیدن، 1893م؛ م.ن، مروج الذهب، تقـ: باربیه دو منار، باریس، 1874م؛ ناصرخسرو، سفرنامه، تقـ: محمد دبیر سیاقي، طهران، 1356ش؛ النهروالي، محمد، الإعلام بأعلام البیت الحرام، تقـ: فردیناند ووستنفلد، بیروت، 1964م؛ النویري، أحمد، نهایة الأرب، تقـ: محمد جابر عبدالعال الحیني و عبدالعزیز الأهواني، القاهرة، 1404هـ/1984م؛ الهمداني، محمد، تکملة تاریخ الطبري، تقـ: ألبرت یوسف کنعان، بیروت، 1961م؛ الیافعي، عبدالله، مرآة الجنان، حیدرآبادالدکن، 1334هـ؛ یاقوت، البلدان؛ وأیضاً:

Bosworth, C. E., «Ṣanawbarī’s Elegy on the Polgrims Slain in the Carmathian Attack on Mecca (317/930)», Arabica, Leiden, 1972, vol. XIX; De Blois, F., «The Abu Sa ‘idis or So-Called ‘Qarmaŧians’ of Bahrayn», Proceedings of the Nineteenth Seminar for Arabian Studies, London, 1986; De Goeje, M. H., Mémoire sur les Carmathes du Bahrain et les Fatimides, Leiden, 1886; EI2; Lewis, Bernard, The Origins of Isma‘illism, London, 1940; Madelung, W., «Fatimiden und Baħrainqarmaten», Der Islam, Berlin, 1959, vo. XXXIV; Mez, Adam, The Renaissance of Islam, tr. S. Khuda Bukhsh & D. S. Margoliouth, London, 1936; Scanlon, G. T., «Leadership in the Qarmaŧian Sect», Bulletin de l’institut français d’archéologie orientale du Caire, 1960, vol. LIX; Weil, G., Geschichte der Chalifen, Osnabrück, 1967.

رضا رضازادۀ لنگرودي/ هـ.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: