الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / التاریخ / أبوطالب /

فهرس الموضوعات

أبوطالب

أبوطالب

تاریخ آخر التحدیث : 1442/9/27 ۱۰:۵۹:۳۸ تاریخ تألیف المقالة

أَبوطالِب، عبدمناف (عمران) بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبدمناف القرشي (توفي في السنة العاشرة للبعثة الموافقة لـ 620م)، عم النبي (ص) و حامیه. کان أبوه عبدالمطلب من زعماء مکة و له السقایة والرفادة. و من بین أولاده العدیدین کان له 3 أبناء هم أبوطالب والزبیر وعبدالله والد النبي (ص) من أم واحدة هي فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم (ابن هشام، 1/189؛ البلاذري، 1/85). وقد عهد إلی أبي طالب و هو علی فراش الموت (8 عام الفیل / ح 578م) (الطبري، 2/277) و حوله أبناؤه، بمحمد (ص) الذي کان عمره 8 سنوات آنذاک وکان في کفالته (الیعقوبي، 2/13). ومنذ ذلک التاریخ أخذ أبوطالب علی عاتقه کفالة محمد (ص) بوصفه الشخص الذي حل محل أبیه. و بعد بعثته بالنبوة أیضاً هبّ لحمایته (ابن سعد، 1/121؛ ابن هشام، 1/189- 190).
واستناداً إلی الروایات، فقد کان أبوطالب مثل أغلب زعماء قریش تاجراً، وفي إحدی رحلاته إلی الشام اصطحب معه محمداً (ص)، وفي هذه الرحلة بشّر الراهب النصراني بحیرا بنبوته (ص) (م.ن، 1/191-194؛ الطبري، 2/277-279).
کان سخاء أبي طالب معروفاً في قریش، وعندما کان یطعم الناس، لم یکن أي أحد في القبیلة یقوم بهذا العمل طیلة ذلک الیوم (البلاذري، 2/23). أما بشأن حنکته و عدالته و نفوذه فقد قیل إن القبائل العربیة بمکة کانت تری فیه الحکم فیما بینها، وکان هو بدوره یلتزم جانب الحق في حکمه، وکان ذا رأي وأول من سنّ القَسَم في الشهادة علی أولیاء الدم في الجاهلیة، ثم أثبتته السنّة في الإسلام (ابن أبي الحدید، 15/219؛ النسائي، 8/2-4). أعطی أبوطالب السقایة التي کان قد ورثها عن أبیه، إلی أخیه العباس عوض دَین أخذه منه و عجز عن سداده (الیعقوبي، ن.ص؛ ابن الأثیر، 2/22-23؛ قا: ابن هشام، 1/189)، ذلک أن أبا طالب ورغم أن الجمیع کانوا یقرّون له بالسیادة، کان یعاني ضیق ذات الید، لکنه کان أبيّ النفس یخفي ضیق ذات یده عن الآخرین. و خلال هذه الأیام التي تزوج محمد (ص) فیها من خدیجة بدعم من أبي طالب و کان یتمتع بقدرة مالیة، بادر في سنة مجدبة من أجل التخفیف عن أعباء عمه إلی أخذ أحد أبنائه و هو علي (ع) إلی بیته واهتم بتربیته. أما ابنه الآخر جعفر فقد أخذه العباس عم النبي (ص) الآخر (م.ن، 1/263؛ ابن قدامة، 122).
وعند بعثة النبي (ص)، لم یعارض أبوطالب إسلام ابنه علي (ع)، بل وأمره بمرافقة النبي (ص)، وطمأن النبي (ص) أیضاً بأنه سیدعمه (البلاذري، 1/113؛ ابن هشام، 1/263-264). إلا أنه في رده علی دعوة النبي (ص) – الذي کان یری عمه أکثر الناس لیاقة لقبول الإسلام – أشار علی مایبدو إلی کبر سنّه و ملامة قریش و حقدها (نن.ص). و عندما أعلن النبي (ص) عن دعوته، جاء أباطالب بعض زعماء قریش وطلبوا إلیه إما أن یمنع ابن أخیه عندعوته، أو یتخلی عن مساندته. و کان أبوطالب یتحدث إلیهم برفق أحیاناً، ویتحدث إلی النبي (ص) لفترة بهذا الشأن (الطبري، 2/322-326). وقد أثار دعم أبي طالب العلني للنبي (ص) حفیظة الکفار؛ ولما کانوا یظنون أنعطفه علی النبي (ص) الذي اشتهر في طفوته بیتیم أبي طالب، إنما هو بسبب کفالته إیاه فقط، اصطحبوا معهم عمارة بن الولید الذي کان شاباً عاقلاً و جمیلاً وجاؤوا إلی أبي طالب بهدف استبداله بالنبي (ص). فهاج أبوطالب و طردهم (ابن سعد، /202؛ الطبري، 2/326-327؛ ابن قدامة، 352). ولأبي طالب بهذا الشأن قصیدة بلیغة في ذم قریش، استشهد الشعراء فیما بعد بأبیات منها في الرد علی تفاخر قریش (علي، 9/385-386).
ولما قویت شوکة دعوة النبي (ص) في مکة، فکر زعماء قریش بقتله و طلبوا إلی أبي طالب أن یسلمه إلیهم، ولما رفض (ابن هشام، 1/375؛ الیعقوبي، 2/31)، عاهدوا أنفسهم علی الامتناع عن إقامة أیة علاقة فردیة واجتماعیة مع بني هاشم، فاختار النبي (ص) وأبو طالب والمسلمون السکن خارج مکة في المکان الذي اشتهر فیما بعد بشِعْب أبي طالب. فالتحق بأبي طالب أولئک الذین لم یوافقوا علی قتل النبي (ص) من بني هاشم و بني المطلب باستثناء أبي لهب. فنظم أبوطالب شعراً في مدح قومه وتشجیعهم وحثهم علی الثبات والدفاع عن النبي (ص) (ابن هشام، 1/287- 288، 375-376).
وتقدم السجایا المختلفة لأبناء عبدالمطلب و تباین أدوار بعضهم خلال حیاة النبي (ص) و تاریخ صدر الإسلام، صورة عن الشخصیة الحقیقیة لأبي طالب وثباته في حمایة النبي (ص) (بوهل، 115). فحمزة مثلاً کان من الذین اعتنقوا الإسلام مبکراً جداً، و نظم أبوطالب شعراً في تبجیله و أثنی علیه بین إخوته (ابن أبي الحدید، 14/76-77). أما العباس بن عبدالمطلب سیاسي قریش المحنک، فرغم أنه أمضی غالبیة عمره في الشرک وعبادة الأصنام، وأسلم مرغماً قبل فتح مکة في 8هـ/629م، إلا أنه لم یعارض علی الإطلاق النبي (ص) و دینه بشکل علني مادام أبوطالب حیاً. وکان أبولهب ألدّ أعداء النبي (ص) و الإسلام، یثیر الکفار والمشرکین ضده، فیحبط أبوطالب – في دفعاعه عنمحمد (ص)- مخططاته (بوهل، ن.ص).
وقد اعتبر أبوطالب المصلحة في السکوت عند دعوة النبي (ص) الخاصة لعشیرته لیبقي علی هیبة کلمته بوصفه کبیر القوم، إلا أنه لم یرض بإیذاء النبي (ص).
وأخیراً توفي أبوطالب و قد تجاوز الثمانین من عمره. ویعتقد الشیعة أن أبا طالب آمن بالنبي (ص) ودینه، إلا أنه رأی المصلحة في کتمان إیمانه (الراوندي، 3/1078؛ الجرجاني، 7/188)، ذلک أنه لوکان أعلن إیمانه لعرفت عقیدته شأنه شأن مسلمي مکة، ولم یکن باستطاعته بوصفه زعیم قبیلة أن یکون حکماً للمشرکین ویستفید من هیبة شیخوخته في دعم النبي الأکرم (ص) و نصرة دینه (ابن أبي الحدید، 14/81-82؛ الأمین، 8/117). وتتوفر روایات وأخبار کثیرة عن إسلام أبي طالب الذي هو من البحوث الکلامیة العقائدیة بین المذاهب الإسلامیة، وقد أُلفت فیه کتب ورسائل و مقالات لاتحصی من أقدمها تجدر الإشارة إلی کتاب إیمان أبي طالب للشیخ المفید (تـ 413هـ/ 1022). فجمهور علماء و مفسري الشیعة و بعض کبار أهل السنة یعتقدون بإسلام أبي طالب مستندین إلی روایات أهل البیت (ع)، أو اجتهاداتهم و استنباطاتهم، و یرون أن أسانید رواة حدیث فریق من مؤرخي و مفسري أهل السنة الذین أنکروا إیمان أبي طالب، ضعیفة، أو مرسلة (المحمودي، 2/28-29). ومن وجهة نظر الشیعة فإن استناد بعض علماء أهل السنة إلی آیات من الفرآن (التوبة/ 9/114؛ القصص/ 28/56) التي یرون أنها نزلت في أبي طالب، مرفوض و لاقیمة له (الجرجاني، 4/135، 7/185؛ ابن أبي الحدید، 14/69-70).
حظیت الأشعار المنسوبة إلی أبي طالب باهتمام أدباء العصر الإسلامي الأول بسبب تضمنها لحوادث مکة في فجر الإسلام، و کذلک بسبب مکانته الخاصة، وأغلب القصائد المنسوبة إلیه هي في مدح النبي (ص) و الدفاع عن الإسلام و تأیید المسلمین، کما تضم بعض القضایا التاریخیة و القبلیة (م.ن، 14/55-58، 61-63، 71-73، 76- 79؛ علي، 9/384). واعتبر ابن سلام الجمحي (ص 60) أبا طالب شاعراً مقتدراً، کما أورد ابن حبیب (ص 281) اسمه في عداد الشعراء. وکان الأدباء والنحاة أیضاً یستندون إلی الأشعار المنسوبة لأبي طالب، حیث نقل سیبویه (1/111، 3/260-261) و الجاحظ (3/22) أبیاتاً له بوصفها شواهد أبیة و نحویة في أوائل ظهور الإسلام.
ویبدو أن مسألة صحة نسبة الأشعار إلی أبي طالب قد أثارت اهتمام علماء الکلام و الباحثین في الأدب منذ القرن الأول الهجري. فابن سلام مثلاً الذي وجد في کتاب لیوسف بن سعد الجمحي، قصیدة أبي طالب الشهیرة في مدح النبي (ص) و اعتبرها فصیحة، کان یعلم أن أبیاتاً منها أُلحقت بها (GAS, II/273-274؛ علي، 9/699). وقد نقل ابن إسحاق الکثیر من الأشعار المنسوبة لأبي طالب (ص 35، مخـ)، لکن ابن هشام تجنب نقل بعض الأشعار المنسوبة لأبي طالب مما لم یکن قد حظي بتأیید نقاد الشعر آنذاک. فقد کان هو الذي لم یکن یعتبر نفسه ملزماً بنقل الأشعار المتداولة بین الرواة المتقدمین، یحذف أحیاناً بعض الأبیات غیر المناسبة من قصائد الشعراء (مهدوي، 51-52)، ومع کل هذا فقد أورد في السیرة النبویة، 94 بیتاً من القصیدة اللامیة الشهیرة لأبي طالب، إلا أنه أضاف أن البعض شککوا في صحة نسبة أغلب أبیاتها (GAS, II/274؛ علي، 9/386). وإن ما اعتبره شبرنغر من الأشعار المنسوبة لأبي طالب في السیر لابن إسحاق مختلقاً، ونبه إلی أن ابن إسحاق نفسه کان یعلم عدم صحته (ص 289)، أو مااعتبره بروکلمان من أن القصائد المنسوبة لأبي طالب کانت لإظهار إیمانه بابن أخیه، لیتخذ منها الشیعة سنداً لقداسة الإمام علي (ع) (GAL, I/38)، لایتفق والحقائق التاریخیة (GAS، ن.ص). کما أید نولدکه أیضاً صحة نسبة ذلک القسم من الأشعار الخاص بحوادث عصر أبي طالب في مکة (ص 223).
وعلی أیة حال، فإن أبا هفّان عبدالله بن أحمد المهزمي البصري (تـ 255هـ/869م) جمع لأول مرة أخبار أبي طالب و أشعاره المتناثرة في کتاب بعنوان شعر أبي طالب. وبعد قرن ألف أبونعیم علي بن حمزة البصري (تـ 375/985م) أیضاً کتاباً بعنوان دیوان أبي طالب و ذکر إسلامه، وکان لدی کل من ابن حجر العسقلاني و عبدالقادر البغدادي نسخة منه (GAS، ن.ص). وقد شوهدت نسخة من کل واحد من الأثرین ببغداد (الأمین، 8/125-126). ووصف نولدکه بالتفصیل مخطوطة أشعار أبي طالب المحفوظة في مکتبة لایبزک، والتي کان عفیف بن أسعد قد استنسخها في محرم 380 علی النسخة الخاصة بابن جني الشاعر – من أثر أبي هفان – و قرأها علیه (ص 220). وهذا الوصف ینطبق علی المخطوطتین الموجودتین في مکتبة نور عثمانیة بإستانبول (GAS، ن.ص) و بغداد (الأمین، ن.ص)، ویساعد علی إثبات أن هاتین المخطوطتین هما نفس کتاب شعر أبي طالب لأبي هفان المهزمي.
ومن الأشعار المنسوبة لأبي طالب، اشتهرت کثیراً قصیدته الالمیة، وکان النبي (ص) أیضاً یحفظ دائماً أبیاتاً منها، کما حدث عندما أصاب المدینة قحط و ارتقی المنبر للاستسقاء و دعا، فنزل المطر فقال: رحم الله أبا طالب، لوکان حیاً قرت عیناه. وکان یقصد البیت المعروف: «وأبیض یستسقی الغمام بوجهه...» (الراوندي، 1/58-59)، أو في غزوة بدر حین ألقی نظرة علی جثث المشرکین وقال لأبي بکر: لوکان أبوطالب حیاً لرأی کیف التبست سیوفنا برؤوسهم، وکان یعني مصراع أبي طالب الذي یقول فیه: «لتلتبسن  أسیافنا بالأماثل» (أبوالفرج، 17/28). وقد طبع أحمد فهمي هذه القصدة بإستانبول في 1327 هـ، کما ترجمها رشر مع قصیدة أبي طالب الدالیة إلی الألمانیة و نشرها في مجلة «دراسات في الشعر العربي» (GAS، ن.ص) . کما طبعت الأشعار المنسوبة إلیه في النجف سنة 1356 هـ تحت عنوان دیوان شیخ الأباطح أبي طالب (الزرکلي، 4/166).

المصادر

ابن أبي الحدید، عبدالحمید، شرح نهج البلاغة، تقـ: محمد أبوالفضل إبراهیم، القاهرة، 1959-1963م؛ ابن الأثیر، الکامل؛ ابن إسحاق، محمد، السیر و المغازي، تقـ: سهیل زکار، دمشق، 1978م؛ ابن حبیب، محمد، «کنی الشعراء و من غلبت کنیته علی اسمه»، نوادر المخطوطات، بغداد، 1374هـ؛ ابن سعد، محمد، الطبقات الکبری، بیروت، 1957-1960م؛ ابن سلام الجمحي، محمد، طبقات الشعراء، لیدن، 1913م؛ ابن قدامة، عبدالله، التبیین في أنساب القرشیین، تقـ: محمد نایف الدلیمي، بیروت، 1408هـ/1988م؛ ابن هشام، عبدالملک، السیرة النبویة، بیروت، دار إحیاء التراث العربي؛ أبوالفرج الأصفهاني، الأغاني، بیروت، 1390هـ؛ الأمین، محسن، أعیان الشیعة، بیروت، 1403هـ/ 1983م؛ البلاذري، أحمد، أنساب الأشراف، ج 1، تقـ: محمد حمیدالله، القاهرة، 1959م، ج 2، تقـ: محمد باقر المحمودي، بیروت، 1394هـ/1974م؛ الجاحظ، عمرو، البیان و التبیین، تقـ: حسن السندوبي، القاهرة، 1351هـ/1932م؛ الجرجاني، الحسین، تفسیر گازر، جلاء الأذهان و جلاء الأحزان، تقـ: جلال‌الدین حسیني أرموي، طهران، 1337ش؛ الراوندي، سعید، الخرائج و الجرائح، قم، 1409هـ/1989م؛ الزرکلي، الأعلام؛ سیبویه، عمرو، الکتاب، تقـ: عبدالسلام محمد هارون، بیروت، 1403هـ؛ الطبري، تاریخ؛ علي، جواد، المفصل في تاریخ العرب قبل الإسلام، بیروت، 1976م؛ القرآن الکریم؛ المحمودي، محمدباقر، حواش علی أنساب الأشراف (ظ: همـ، البلاذري)؛ مهدوي، علي أصغر، مقدمة سیرت رسول الله لابن هشام، تجـ: القاضي رفیع الدین إسحاق الهمداني، طهران، 1358ش؛ النسائي، سنن، تقـ: محمد فؤاد عبدالباقي، إستانبول، 1899م؛ الیعقوبي أحمد، تاریخ، بیروت، 1960م؛ وأیضاً:

Buhl, Frants, Das Leben Muhammeds, tr. H. H. Schaeer, Heidelberg, 1955; GAL; GAS; Nöldeke, Th., «Ueber den Diwân des Abû Ṭâlib…», ZDMG, 1864, vo. XVIII; Sprenger, A., «Ibn Isḥâq ist kein redlicher Geschichtsschreiber», ibid, 1860, vol. XIV.
عبدالکریم گلشني/ هـ.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: