الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الادب العربی / أبو الرقعمق /

فهرس الموضوعات

أبو الرقعمق

أبو الرقعمق

تاریخ آخر التحدیث : 1442/12/27 ۱۸:۳۳:۲۲ تاریخ تألیف المقالة

أَبو الرَّقَعمَق، أبوحامد أحمد بن محمد الأنطاکي (تـ 399هـ/ 1009م)، شاعر القرن 4هـ/10م. یبدو أن کلمة «رقعمق» لامعنی لها، ولم یجد ابن خلکان شیئاً یفسرها به (1/132؛ قا: مدرس، 7/112)، و ربما لُقب الشاعر بها احتقاراً له و استهزاء به.

وأحجم أول مصدر لنا، أي الثعالبي الذي عاصره تقریباً، عن تقدیم أي شيء من حیاته، واکتفی بالقول إنه نادرة الزمان و ممن کان ینظم الشعر في الجد و الهزل و المدح (1/269). واختار الثعالبي من آثاره 27 مقطوعة کبیرة تتألف من 504 أبیات أوردها في یتیمته. و لم نجد أي أثر آخر له عداما أورده الثعالبي، و مقطوعتین من بیتین وردتا في الوافي (الصفدي، 8/144) ومعاهد التنصیص (العباسي، 2/252، 255)، في حین أخذت المصادر الأخری عن هذین الکتابین.

ویعدّ ابن خلکان أول مؤرخ بعد الثعالبي أشار باختصار إلی حیاة الشاعر، وقد توفي ابن خلکان بعد الثعالبي بـ 250 عاماً، إلا أن ابن خلکان الذي کانت لدیه نسخة من تاریخ مصر للمسبّحي ونقل عنه تاریخ وفاة الشاعر (ن.ص؛ قا: الذهبي، سیر...، 17/77، العبر، 2/195؛ الصفدي، ن.ص؛ الیافعي، 2/452)، تصوّر أنه توفي بمصر. و یحتمل أن المعلومات التي أوردها ابن خلکان و نقلتها کافة المصادر الأخری مقتبسة من هذا الکتاب.

وعلی ضوء هذا التقریر یمکن الظن أنه ولد في أنطاکیة و نشأ فیها (ظ: ابن خلکان، 1/131-132)، لکننا لانعرف متی ولماذا هاجر إلی مصر. وکان أول ممدوحیه المعز الفاطمي (ظ: م.ن، 1/132) الذي دخل القاهرة في 362هـ (زامباور، 144). ولهذا یمکن التکهن أنه قدم إلی القاهرة بعید هذا التاریخ، والتحق ببلاط الفاطمیین و مدح بعد المعز الخلیفتین اللذین تلوه و هما العزیز (تـ 386هـ) و الحاکم (تـ 411هـ). لکن یبدو أن ممدوحه الحقیقي کان أبا جعفر یعقوب ابن کِلِّس (تـ 380هـ) الذي ولي وزارة العزیز مرتین.

ورغم هذا قلّما نجد أسماء هؤلاء في مدائحه. وحسب روایة ابن خلکان (ن.ص)، فإنه نظم أول قصیدة مذکورة في یتیمة الدهر للثعالبي (1/269-270)، والتي تعد أشهر قصائده، في مدح ابن کلس. وورد في بائیة له اسم تمیم (= المعز) (الثعالبي، 1/283)، في حین حُذفت أشعار المدح من رائیة له (م.ن، 1/284)، قیل إنها کانت في مدح الحاکم (فروخ، 2/621). وورد في قصائده الأخری أسماء أو کنی عدة أشخاص یحتمل أن تکون لأعیان مصر وأمرائها (الثعالبي، 1/272، 287، 290، 293). ولاتتوفر لدینا معلومات أخری عن حیاته، لکن یمکن أن نضیف أنه ذکر في إحدی قصائده (م.ن، 1/293-294) سفراً له إلی تنّیس و نظم هناک الشعر متذکراً القاهرة و جمال أیامها.

ومایلفت النظر في شعر أبي الرقعمق أنه اختار علی صعید المعاني الشعریة مذهباً بلغ الذروة في القرن 4هـ فحسب، ثم هبط هبوطاً شدیداً بعد ذلک. وهذا المذهب یعتمد أسلوب المجون والوقاحة الحادة و المبالغة في الکلام الذي یُعرف بـ «السُّخف». و سخف شعراء القرن 4هـ لایمکن أن یقارن بما نعرفه عن أبي نواس و بشارو أضرابهما؛ فلم تکن معاقرة الخمرة، و مجالس الفسق و الفجور التي امتزجت بحیاة هؤلاء الشعراء تشکل المادة الأصلیة للشعر السخیف. و الحقیقة فإن شاعري سخف القرن 4هـ و نعني بهما ابن الحجاج (ن.ع) في الشرق، وأبا الرقعمق في الغرب، لم یصرفا حیاتهما المادیة في هذا الطریق. ویبدو أن مایهتم به هذا المذهب هو الغرائز و العادات الإنسانیة الطبیعیة، والتي یسعی الإنسان لإخفائها عن الآخرین و یشعر بالخجل من ذکرها.

وکان کل من ابن الحجاج وأبي الرقعمق یریان أنهما لو صبّا هذه المعاني في قالب الشعر، لاهتم بها الأمراء في محافل الشعر و الغناء نظراً لحداثة هذا النوع من الأسلوب و لتشابهه بالإبداع و الفکاهة والطریفة، فإذا سُرّ أحد الأمراء به و خلع علی الشاعر، لاضطر الآخرون إلی تقلیده والإقبال علی شعره.

وقد فصل في طیات قصائده عاده بین السخف والمدح، فنراه یبدأ قصیدته بالهزل بدلاً من النسیب، الذي سار علیه القدماء، وقد یخصص جزءاً کبیراً من قصیدته لهذا الغرض، ثم یعرّج علی المدح مستخدماً ألفاظ و معاني المدح المعروفة. و یبدو أنه کان یحاول بجد إبعاد هذا الجزء من القصیدة من المفردات و المعاني المشینة (مثلاً ظ: الثعالبي، 1/270، 275-276، 277).

وکان یعلم أن «السخف» و «الحمق» یقفان وراء إقبال الناس واکتساب الشهرة والثروة، ویعتقد أن هذا الدسلوب أفضل من العفة والتدین (م.ن، 1/286)، ولهذا کان یثني علی السخف باستمرار (م.ن، 1/287، 290، 294)، ویعبر بوقاحة وبأسلوب أبي نواس عن نزعته إلی هذا الأسلوب (م.ن، 1/274).

ومن البدیهي أن تتطلب مثل هذه المعاني أوزاناً خفیفة و قصیرة، وقد تفرض علی الشاعر أحیاناً استخدام المفردات العامیة (مثلاً ظ: م.ن، 1/275؛ کشخان، أیضاً 1/284: طباهجه)؛ فشطر من قصیدة له مکوّن من تقلید صوت العصفور (صي صي صي) (م.ن، 1/281)؛ وفي الشطر الأول لبیتین معروفین نلاحظ تکرار کلمة لامعنی لها (الصفدي ن.ص)، وفي القصیدة التي مدح بها الحاکم، بدأها بالإشارة إلی مراسلة بین «الحصیر و السریر» ثم یُقْسم – بعد الهزل و الدعوة إلی المجون – بذلک الشخص «الذي نطق النبي بفضله یوم الغدیر»، أن لانظیر في البریة للحاکم الفاطمي (الثعالبي، 1/283-284). ویدل هذا البیت إما علی تشیعه، أو أنه قاله لإرضاء الخلیفة الفاطمي.

ومع کل هذا ، یبدو أن الشاعر من أجل أن یبیّن وقوفه علی آثار الماضین، یتحدث أحیاناً عن أطلال الحبیب (مثلاً ظ: م.ن، 1/285)، أو عن بطلات الحب العربیات المعروفات مثل لیلی و سلمی وسُعدی و هند (م.ن، 1/280)، لکنه کان یسخر کأبي نواس باستمرار من هذه المعاني. و هناک مقطوعة طویلة ذات وزن قصیر (بحر الهزج) و ألفاظ سلسة ومألوفة کان الجزء الأعظم منها في ترجمته، وبما تعد أجمل أشعاره وأکثرها طبیعیة. ویتأوه في هذه المقطوعة من الفاقة و الفقر وجور الزمان، ویتساءل لماذا لم یخرج شعره من نطاق مصر رغم اشتهاره في کل مکان، لکنه یعرج في هذا الشعر أیضاً علی السخف و المدح (م.ن، 1/276-278).

 

المصادر

ابن خلکان، وفیات؛ الثعالبي، عبدالملک، یتیمة الدهر، تقـ: محمد إسماعیل الصاوي، القاهرة، 1352هـ/1934م؛ الذهبي، محمد، سیر أعلام النبلاء، تقـ: شعیب الأرنؤوط و محمد نعیم العرقسوسي، بیروت، 1406هـ/1986م؛ م.ن، العبر، بیروت، 1405هـ/1985م؛ زامباور، إدوارد، معجم الأنساب والأسرات الحاکمة، تجـ: زکي محمد حسن وحسن أحمد محمود، بیروت، 1400هـ/1980م؛ الصفدي، خلیل، الوافي بالوفیات، تقـ: محمدیوسف نجم، بیروت، 1391هـ/1971م؛ العباسي، عبدالرحیم، معاهد التنصیص، تقـ: محمد محیي‌الدین عبدالحمید، بیروت، 1367هـ/1947م؛ فروخ، عمر، تاریخ الأدب العربي، بیروت، 1981م؛ مدرس، محمدعلي، ریحانة الأدب، تبریز، 1346ش؛ الیافعي، عبدالله، مرآة الجنان، بیروت، 1390هـ/1970م.

آذرتاش آذرتوش/ت.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: