الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الادب العربی / أبوخراش الهذلي /

فهرس الموضوعات

أبوخراش الهذلي

أبوخراش الهذلي

تاریخ آخر التحدیث : 1442/12/27 ۱۴:۱۳:۵۸ تاریخ تألیف المقالة

أَبو خِراشٍ الهُذَليّ، خُویلد بن مُرَة (تـ ح 20هـ/641م)، شاعر مخضرم من قبیلة هذیل. وکان جده قرد بن معاویة من شعراء العصر الجاهلي (ابن حزم، 198). ویری البعض أن قرد بن معاویة هو نفسه الذي اشتهر في أمثال العرب بسبب الشرط المعروف الذي اشترطه لإسلامه (ابن الکلبي، 1/506؛ ابن حزم، ن.ص؛ الزمخشري، 1/23-24؛ ابن الأثیر، 5/179)؛ لکن و مع الأخذ بنظر الاعتبار أن أبا خراش قد أمضی أکثر عمره في الجاهلیة وأسلم في شیخوخته (الصفدي، 13/439)، فإنه یستبعد أن یکون جده قرد بن معاویة قد أدرک الإسلام. وسماه ابن کثیر أبا خراشة (7/105)، ویبدو أن هذا الأمر هو الذي أوقع بعض المعاصرین في الخطأ، فاعتبره وبشيء من الشک هو نفس أبي خراشة خفاف بن ندبة (ظ: مدرس، 7/89-90).

وتقتصر معلوماتنا عن حیاة أبي خراش علی الروایات القلیلة التي جمعت في الأغاني (أبوالفرج، 21/205-228) أکثر مما هي في جمیع المصادر. إلا أن هذه الحکایت بأسرها هي من صنف الروایات المتشابهة، تقلید و تکرار لما قیل عن الشعراء الصعالیک.

وللصعالیک سجایا مشترکة وخاصة: السرقة وقطع الطرق و مهاجمة القوافل و القبائل، العنف و القسوة مع الأعداء و الرحمة و العطف علی من هم علیمذهبهم و علی الفقراء، العطاء بین الحین و الآخر، القوة البدنیة المدهشة خاصة السرعة المذهلة في الرکض (بحیث قیل إن أبا خراش کان یسبق خیل السباق؛ وإن صعلوکاً آخر کان حین یجوع یطارد غزالاً فیصطاده، ظ: أبوالفرج، 21/207-208؛ الخطیب التبریزي، 1/326)، العیش في البادیة و الطرد من القبیلة و غیرذلک. و قصص العرب حول هؤلاء اللصوص الشعراء فقیرة من حیث المضمون وسعة الخیال، یغلب علیها طابع المبالغة والسذاجة. وهذه الأساطیر دائماً إما أن تحاک لتوضیح شعر، أو أن یُنظم شعر التزویق هذه لاأساطیر. و قد بحث شعر هؤلاء الشعراء بوصفه مدرسة متمیزة في أغلب کتب تاریخ الأدب (مثلاً ظ: خلیف، مخـ؛ حسنین، 91 و مابعدها؛ علي، 9/608 و مابعدها؛ ضیف، 1/375 و مابعدها؛ و بشکل خاص بلاشیر، 281).

ومع الأخذ بنظر الاعتبار مامرّ آنفاً، فإنه لایمکن بطبیعة الحال معرفة شيء من حیاة أبي خراش في الجاهلیة سوی مجموعة من الأساطیر. واستناداً إلی هذه فإنه کان وإخوته التسعة الذین کانوا جمیعاً شعراء یعیشیون عن طریق المغامرات و قطع الطق (أبوالفرج، 21/215؛ البصري، 1/213-214؛ بلاشیر، ن.ص؛ ضیف، 1/376؛ EI2). وقد قتل کل واحد من إخوته بشکل ما في المغامرات و الهجوم علی القبائل الأخری (ظ: المبرد، 2/712؛ علي بن حمزة، 141-142؛ أبوالفرج، 21/215-217، 225)؛ فهبَ أبو خراش للثأر لدمائهم و نظم أشعاراً في رثائهم بلغ مجموعها 45 بیتاً في 5 مقطوعات (ظ: دیوان الهذلیین، 2/116-125، 157-159؛ أبوالفرج، 21/216-220). وإن الشعر المتعلق بهذه الفترة من حیاته، نظم أکثره – فضلاً عن الرثاء – في وصف بطولاته و أعماله الانتقامیة و حروبه مع أفراد القبائل الأخری.

ویقال إن أبا خراش عمّر طویلاً حتی أدرک الإسلام، لکننا لانعلم متی أسلم. ویستشف من الشعر الذي رثا به دُبیّة سادن صنم العزّی، أنه لم یکن قد أسلم حتی 8 هـ علی أیة حال، ذلک أن خالد بن الولید توجه إلی غطفان بأمر من النبي (ص) و هدم العزی وقتل أبیة بعد فتح مة (8هـ) (دیوان الهذلیین، 2/155-156؛ الواقدي، 3/873؛ ابن الأثیر، ن.ص؛ قا: الخطیب التبریزي، ن.ص، الذي اعتبر أن إسلامه کان في معرکة حنین).

کان أبوخراش حیاً حتی عهد الخلیفة الثاني عمر، وإن الأشعار التي خلفها في هذه الفترة من حیاته هي أبیات موجهة للخلیفة تأوه من کبر سنّه و طلب إلیه فیها أن یعید إلیه ابنه خراش الذي کان یقاتل في المناطق النائیة من الشام مع جیش المسلمین (دیوان الهذلیین، 2/170-171؛ أبوالفرج، 21/226-227؛ ابن حجر، 1/148-149). کما أن الشعر الذي نظمه في رثاء ابن عمه زهیر بن عَجوة (26 بیتاً في مقطوعتین) یرجع إلی هذه الفترة من حیاته، و کان زهیر قد قتل في معرکة حنین (8هـ) علی ید جمیل بن مَعمَر (دیوان الهذلیین، 2/148-150، 161-164؛ ابن هشام، 4/114-116). وقد شکی أبو خراش في هذه الأشعار بجرأة من أن الإسلام قد حدّ من حریاته و تحلله الخلقي لاسابق (دیوان الهذلیین، 2/150، البیت 11).

وقد أثني کثیراً علی کرم الشاعر وإقرائه الضیف، حتی قیل إنه خسر حیاته في هذا السبیل، فاستناداً إلی روایة أبي الفرج فإن مجموعة من حجاج الیمن نزلوا علیه ضیوفاً، وحینما ذهب لیلاً لیأتیهم بالماء نهشته حیة فقتلته. وقد أشار إلی هذالاأمر بدبیات هو هو یعالج سکرات الموت (21/227-228؛ قا: ابن قتیبة، 2/554)، وقیل إن الخلیفة عمر حزن کثیراً لسماعه نبد وفاته واستوفی دیته من أولئک الحجاج (دیوان الهذلیین، 2/171؛ أبوالفرج، 21/228؛ ابن عبدالبر، 4/ 1639؛ ابن کثیر، ن.ص).

وأشعار أبي خراش – حقیقة کانت، أم مختلقة – تصویر لحیاة الصحراء. فهو یتحرر – کما هو شأن الصعالیک – من جمیع قیود القبیلة ویؤثر الحیاة بمفرده في الصحراء علی الحیاة القبلیة، لذلک فهو یکتسب السجایا القاسیة للصحراء، وباستلهامه من مظاهر الطبیعة یکمن کالحیوانات المتوحشة علی التلال وفي الشعاب ومغاور الجبال (و«المرقبة» التي لها مکانة خاصة في شعر الصعالیک تتضمن هذا المفهوم، ظ: خلیف، 185-187)، لینقضّ في الفرصة السانحة علی قافلة أو أفراد قبیلة و یغنم ما لدیهم (دیوان الهذلیین، 2/159-160)، وحین تنقصه القدرة علی مجابهة الخصم یهرب من التهلکة بمساعدة قدمیه القویتین اللتین فخر بهما في جمیع أشعاره (ن.م، 2/144، 147-148). وهو لایعتبر الفرار أمام العدو عاراً، بل یفخر به أیضاً (ن.م، 2/145؛ خلیف، 212-213). وتحمل الجوع لذیذ عنده، بل إنه یوصي زوجته أن لاتأخر أي طعام للغد، إذ ینبغي الحصول علی زاد کل یوم في نفس الیوم، وإلا وجب الإمساک عن العطعام و عدم تناول غیر الماء (دیوان الهذلیین، 2/125-127). وکان یعتبر أن منافسیه في الرکض هم النعامة و الغزال وحمار الوحش فقط (ظ: ن.م، 2/130-131، 132، 133، 145، 147، 148، 169؛ أبوالفرج، 21/207؛ خلیف، 43)، لذلک أورده الرواة ضمن قائمة العدّائین (ظ: الأیوبي، 129؛ خلیف، 213-214).

وکما أشیر فإن هذا الصعلوک المقاتل العنیف، قد قلّ نظیره – بطبیعة الحال – في مجال العواطف الإنسانیة الرقیقة وروح الفتوة. فهو رغم ‌کونه بائساً رث الثیاب، یؤثر الآخرین علی نفسه دائماً، بحیث یظل جائعاً لیشبع بطن غیره (ظ: دیوان الهذلیین، 2/127-128، 131، 144؛ علي، 2/613-614)؛ وینظم أحیاناً مرثیة غیرةً منه علی فتی أریق دمه ظلماً وبلعن قاتلیه (دیوان الهذلیین، 3/164-166).

وموضوعات أغلب أشعار أبي خراش هي – وبمقتضی روح المغامرة – في الفخر و الحماسة و الحدیث عن بطولاته و معارکه. و تشکل المراثي المرتبة الثانیة من أشعاره و یبلغ عدد أبیاتها 98 بیتاً: 41 بیتاً في رثاء أشقائه، 4 أبیات في رثاء دبیة، 26 بیتاً في رثاء زهیر بن عجوة، 27 بیتاً في رثاء خالد بن زهیر (ن.م، 2/116-125، 148-150، 151-153، 154-156، 157-158، 161-164). وکان لمراثیه من الشهرة ماجعلها تجري علی الألسن وإلی فترة طویلة في المجالس الأدبیة للخلفاء و کبار رجال البلاط (ظ: أبوالفرج، 5/401-402). وقد اشتهرت قصیدته في رثاء أخیه عروة بوصفها إحدی مراثي العرب المعروفة، ووضعها أبوتمام في بدایة باب المراثي من مجموعته الحماسة (1/326-327)، وأوردها المبرد أیضاً (3/1377).

ولوصف مظاهر الطبیعة و منها الصحراء اللاهبة و الحیوانات المتوحشة و شروق الشمس و غروبها و أیام القیظ و اللیالي المظلمة الممطرة و الحر و القر، مکانة خاصة في أشعاره و بطبیعة الحال بنفس المعاني و التراکیب و الأخیلة الجاهلیة و الکلمات الوحشیة (ظ: دیوان الهذلیین، 2/117، 119، 122، 130، 131، 133؛ خلیف، 280). وقد منح کثیر من النقاد العرب القدماء و کتّابهم أبیاتاً من أشعاره لقب أفضل الأشعار (ظ: الجاحة، 1/140؛ أبوهلال العسکري، 1/172؛ ابن عبدالبر، 4/1638؛ الخالدیان، 1/172-174)، لذلک أصبحت أشعاره موضع استشهاد الکثیرین من الکتاب و اللغویین و النحاة مثل المبرد (1/220، 3/1444) و الخالدیین (1/172-179) و الحصري (3/759) و البصري (1/211-214) و السیوطي (421-422) و البغدادي (1/211، 2/316-317) وآخرین.

لاتوجد في أي من المقطوعات المنسوبة إلیه مقدمة فیها نسیب وتشبیب، ولانعلم إن کانت تلک المقدمات قد فقدت، أم أنها کانت منذ البدایة خالیة من النسیب. کما روی أشعاره کثیر من الرواة الکبار و منهم أبوعمرو بن العلاء و الأصمعي و أبوسعید السکري (ظ: أبوالفرج، 21/208-209)، مخـ).

کان لأبي خراش دیوان فقد (حاجي خلیفة، 1/771). وقد وصلتنا مجموعة من أشعاره (مامجموعه 209 أبیات في 22 مقطوعة) عن طریق مصادر مثل دیوان الهذلیین، ینبغي أن تکمّل بالاستعانة بمصادر أخری مثل الأغاني (21/216-217). وقد نشر یوسف هل أشعاره لأول مرة ضمن مجموعة أشعار الهذلیین في لایبزک (1933م).

 

المصادر

ابن الأثیر، علي، أسد الغابة، بیروت، 1377هـ؛ ابن حجر العسقلاني، أحمد، الإصابة، القاهرة، دارالکتب؛ ابن حزم، علي، جمهرة أنساب العرب، بیروت، 1403هـ/ 1983م؛ ابن عبدالبر، یوسف، الاستیعاب، تقـ: علي محمد البجاوي، القاهرة، مکتبة نهضة مصر؛ ابن قتیبة، عبدالله، الشعر و الشعراء، بیروت، 1964م؛ ابن کثیر، البدایة؛ ابن الکلبي، هشام، جمهرة النسب، تقـ: عبدالستار أحمد فراج وعمر خلیفة، الکویت، 1403هـ/ 1983م؛ ابن هشام، عبدالملک، السیرة النبویة، تقـ: مصطفی السقا و آخرون، بیروت، دار إحیاء التراث العربي؛ أبوتمام، حبیب، دیوان الحماسة، شرح الخطیب التبریزي، دمشق، مکتبة النوري؛ أبوالفرج الأصفهاني، الأغاني، تقـ: عبدالکریم إبراهیم الغرباوي و محمود محمدغنیم، القاهرة، 1393هـ/1973م؛ أبوهلال العسکري، الحسن، دیوان المعاني، تقـ: أحمد سلیمان معروف، دمشق، منشورات وزارة الثقافة؛ الأیوبي، یاسین، معجم الشعراء في لسان العرب، بیروت، 1987م؛ البصري، علي، الحماسة البصریة، حیدرآبادالدکن، 1383هـ/1964م؛ البغدادي، عبدالقادر، خزانة الأدب، بیروت، 1299هـ؛ الجاحة، عمرو، البیان و التبیین، تقـ: حسن السندوبي، القاهرة، 1351هـ/1932م؛ حاجي خلیفة، کشف؛ حسنین، حنفي، الشعر الجاهلي، القاهرة، 1971م؛ الحصري القیرواني، إبراهیم، زهرالآداب، تقـ: زکي مبارک و محمد محیي‌‌الدین عبدالحمید، القاهرة، 1373هـ/1953م؛ الخالدیان، محمد وسعید، الأشباء و النظائر، تقـ: محمدیوسف، القاهرة، 1958م؛ الخطیب التبریزي، شرح دیوان الحماسة (ظ: همـ، أبوتمام)؛ خلیف، یوسف، الشعراء الصعالیک في العصر الجاهلي، القاهرة، 1959م؛ دیوان الهذلیین، القاهرة، 1367هـ/1948م؛ الزمخشري، محمود، المستقصی في أمثال العرب، بیروت، 1397هـ/1977م؛ السیوطي، شرح شواهد المغني، تقـ: محمد بن محمود الشنقیطي، دمشق، 1386هـ/1966م؛ الصفدي، خلیل، الوافي بالوفیات، بیروت، 1404هـ/1984م؛ ضیف، شوقي، العصر الجاهلي، القاهرة، 1960م؛ علي، جواد، المفصل في تاریخ العرب قبل الإسلام، بیروت، 1972م؛ علي بن حمزة، «التنبیهات»، مع المنقوص و الممدود للفراء، تقـ: عبدالعزیز المیمني، القاهرة، 1387هـ/1967م؛ المبرد، محمد، الکامل، تقـ: محمد أحمد الدالي، بیروت، 1406هـ/1986م؛ مدرس، محمد علي، ریحانة الأدب، تبریز، 1346ش؛ الواقدي، محمد، المغازي، تقـ: مارسدن جونز، لندن، 1966م؛ وأیضاً:

Blachère, R., Histoire de la littérature arabe, Paris, 1964; EI2.

محمدعلي لساني فشارکي/ هـ.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: