أَبوالخَصیب، اسم نهر قدیم و مدینة جنوبي البصرة بالعراق:

1. النهر

شُقّت منذ القدم ولاسیما بعد تأسیس مدینة البصرة في العصر الإسلامي أنهار کثیرة من نهر دجلة لاستخدامها في الري والشرب، وقدّم البلاذري معلومات مفصلة نسبیاً حولها (ص 361-363). ولم تحظ أنهار الضفة الشرقیة من دجلة بأهمیة کبیرة، في حین لعبت أنهار الضفة الغربیة دوراً مهماً سواء من حیث عددها، أو من حیث أهمیتها في إنشاء المدن والقری. ویری أبوالفداء أن عدد أنهار الضفة الشرقیة تبلغ أکثر من 100,000 نهر (ص56). ورغم أن شتراک (I/42) یعتقد أنه رقم مبالغ فیه، إلا أن الإصطخري - الذي شاهد بعض هذه الأنهار - ذکر أن عددها یبلغ 120,000 نهر یُدعی کل منها باسم الشخص الذي شقّه (ص 80). ویتصدّر هذه الأنهار تسعة، أحدها أبوالخصیب (أبوالفداء، 56-57؛ أیضاً ظ: سهراب، 135-136؛ شترک، ن.ص)، ویقع بین نهري الیهودي و الأمیر و یبعد مسافة فرسخ واحد عن کل منهما (أبوالفداء، 57)، ویعد أهم هذه الأنهار التسعة (لسترنج، 48؛ EI2). وینسب شق هذا النهر إلی أبي الخصیب مرزوق، وهو مولی المنصور العباسي و حاجبه (البلاذري، 362؛ یاقوت، 4/831؛ المسعودي، 342)، ویبدو أنه شُقَّ في القرن 2هـ/ 8م (لسترنج، ن.ص؛ EI2).

وقد تعرضت هذه الأنهار و المناطق الواقعة علی ضفافها إلی الخراب منذ مطلع القرن 8هـ/14م (أبوالفداء، ن.ص)، کما خُرّب جزء من نهر أبي الخصیب في هذه الفترة أیضاً (ن.ص)، ثم دُمّر النهر بأسره خلال الفترات اللاحقة، حتی لم یبق منه في الوقت الراهن سوی حوضه (EI2).

2. المدینة

أنشئت في العصر الإسلامي مدن وقری بمحاذاة دجلة (ظ: أبوالفداء، 56؛ الإصطخري، 80-81)، ومنها مدینة أبي الخصیب الواقعة عند نهر أبي الخصیب. و یبدو أن هذه المدینة قد شیّدها الزنج أیام ثورتهم و دعوها «المختارة» (لسترنج، ن.ص؛ EI2). وکانت إحدی أهم قلاعهم (لوریمر، II/1032)، وقد صمدت بوجه عسکر الخلیفة الموفق بعض الوقت لاستحکام جدارنها (لسترنج، ن.ص). وتقع الیوم مدینة أبي الخصیب علی بعد 20 کم جنوبي البصرة (الحسني، 186)، وتُعد من مدن منطقة البصرة المهمة (المقدسي، 114؛ الحسني، 92). ویقول لوریمر إنها تقع علی بعد میلین أعلی الخور الذي یقع ملتقاه بالنهر (أروندرود) علی بعد میل واحد أسفل اللباني، في حین یتصل الجزء الیابس منها بخور أبی المغیرة (II/1031).

وکانت أبوالخصیب تقسم منذ القدم إلی محلتین رئیستین، تقع کل منهما في جانب من الخور: و کانت المحلة الشرقیة تدعی باب السلطان، والمحلة الغربیة باب سلیمان (م.ن، II/1032)، ولکل محلة سوق مستقلة کانت تعرض فیها البضائع الأوروبیة أیضاً في مطلع القرن 20 م (ن.ص). وقد أشیر إلی سوقي المدینة و جانبیها الشرقي و الغربي خلال المعارک بین الخلیفة الموفق و الزنج في 267 هـ (ابن الأثیر، 7/383-393).

وقد قدر عدد نفوسها في مطلع القرن 20م حوالي 12,000 نسمة وکان سکانها یتألفون من طوائف مختلفة، من بینهم بنو مالک (لوریمر، ن.ص).و خلال هذه الفترة کان فیها 400,000 نخلة، و 1,000 بقرة، و 3,000 نعجة وماعز، و 800 حصان و حمار، و 50 جملاً (ن.ص). و تعد التمور منذ القدم أحد أهم منتوجات أبي الخصیب و صادراتها (الحسني، 186؛ لوریمر، ن.ص).

وأبوالخصیب من الناحیة الإداریة مرکز قضاء یحمل نفس هذا الاسم، ویحتوي – فضلاً عن هذه المدینة – علی ناحیتي ومدینتي السیبة والفاو، وتبلغ مساحتها 2,690کم2 (الحسني، 92، 186-187). و تعد منذ القدم من نواحي البصرة المهمة لاحتوائها علی إدارة للجمارک و مخفر للشرطة و مقر لرئیس المیناء (لوریمر، ن.ص) الذي کان یتولی مهمة جبایة المکوس و المحافظة علی الطرق البحریة (م.ن، II/878). وحسب إحساء عام 1957م، بلغ عدد سکانها 11,245 نسمة (البستاني).

المصادر

ابن الأثیر، الکامل؛ أبو الفداء، تقویم البلدان، تقـ: رینو و دوسلان، باریس، 1840م؛ الإصطخري، إبراهیم، مسالک الممالک، لیدن، 1927م؛ البستاني؛ البلاذري، أحمد، فتوح البلدان، تقـ: دي خویه، لیدن، 1865م؛ الحسني، عبدالرزاق، العراق قدیماً وحدیثاً، صیدا، 1377هـ/1958م؛ سهراب، عجائب الأقالیم السبعة إلی نهایة العمارة، تقـ: هانس فون مژیک، لایبزک، 1930م؛ المسعودي، علي، التنبیه والإشراف، لیدن، 1893م؛ المقدسي، محمد، أحسن التقاسیم، لیدن، 1906م؛ یاقوت، البلدان؛ وأیضاً:

EI2; Le Strange, G., The Lands of Eastern Caliphate, London, 1966; Lorimer, J. G., Gaxetteer of the Persian Gulf, 'Omān and Central Arabia Calcutta, 1908; Streck, M., Die alte Landschaft Babylonien, Leiden, 1900.

عباس سعیدي/ ت.