أَبوحَنیفَة الإسکافيّ، شاعر و أدیب وفقیه و مدرس في مدینة غزنة. تبدأ فترة شعره الرسمي بانضمامه إلی بلاط إبراهیم بن مسعود الغزنوي (حکـ 451-492هـ/1059-1099م).

وتوجد في المصادر التي بین أیدینا معلومات متناثرة و متناقضة عنه، إلا أن البیهقي هو الوحید من بین المؤلفین یقدم عنه حکایات یمکن الرکون إلیها بسبب مجالسته إیاه. فعبعد لقاء البیهقي به و إدراکه مبلغ علمه، طلب إلیه أن یتحدث في قصیدة عن وفاة السلطان محمود و تسنم محمد العرش و استیلاء مسعود علی الملک. و کان هدفه من هذا العمل علی مایبدو النصیحة و الاعتبار (ظ: البیهقي، 360-361). ولذا فقد شرع في قصیدة له بتسویغ هزیمة السلطان مسعود أمام السلاجقة (431هـ/1040م) قرب مرو (م.ن، 853-854؛ أیضاً ظ: النظامي العروضي، 139).

وکما قلنا فإن البیهقي عند تألیفه تاریخه (بعد 444هـ/1052م) کان قد التقی أبا حنیفة ووجده أستاذاً شاباً و أدبیاً فقیهاً، کان أقل فضائله قرض الشعر، یدرَّس مجاناً في غزنة بعیداً عن بلاطات السلاطین (البیهقي، 360-361). وفي هذه الحقبة التي کانت ملأی بالاضطرابات من عصر الغزنویین، یشیر البیهقي إلی عظمة الحقبة السابقة وازدهار الشعر والأدب و جلال شعراء بلاطات السلاطین الغزنویین ویضیف: لوسنحت الفرصة وواتت ظروف کما في الماضي، أبدي أبوحنیفة مهارته و تفوقه علی الکثیرین من الشعراء و الأباء (ص 360-372).

وفي 451هـ و عندما أطلق سراح إبراهیم بن مسعود السجن و بسبب معرفته بآثار أبي حنیفة و هو في السجن، دعاه إلی بلاطه (م.ن، 486-487). فاغتنم أبوحنیفة الفرصة ولبی دعوة السلطان و حظي باهتمامه بعد نظمه عدة قصائد (ن.ص) و بعد فترة قصیرة عین بمنصب الإشراف علی مدینة تَرنَک في منطقة بُست (م.ن، 854). ویبدو أنه ظل في عمله هذا ربما حتی بعد انتهاء بعهد إبراهیم وتولي ابنه مسعود السلطة (492هـ)، ذلک أن السنائي الغزنوي یشیر في «کارنامۀ بلخ» التي نظمها علی عهد مسعود بن إبراهیم إلی عمل أبي حنیفة بوظیفة الإشراف و کأنه مایزال متولیاً له (ص 303، 332).

وفي فترة قریبة من عصر أبي حنیفة الإسکافي کان یعیش اثنان من الأدباء و الشعراء اللذین خلط کثیر من مؤلفي کتب التراجم کالأوحدي (ص 43) وهدایت (1/208) بین تراجمهم بسبب التشابه الاسمي والتقارب الزمني الذي کان بین أبي حنیفة و بین هذین الاثنین اللذین یحملان أیضاً اسم أبي حنیفة: أحدهما أبوالقاسم علي بن محمد الإسکافي (تـ بعد 343/954م)، صاحب دیوان رسائل نوح بن نصر وعبدالملک بن نوح الساماني (الثعالبي، 4/95-100)، والآخر الذي عُدّ من تلامیذ أبي نصر لافارابي (الأوحدي، ن.ص؛ آذر، 2/655؛ هدایت، ن.ص)، هو شاعر یدعی أبا حنیفة الإسکاف الذي کان علی عهد السلطان سنجر السلجوقي (511-552هـ/1117-1157م) یقیم أوده في مرو بنظم الرباعیات و صناعة الدحذیه (العوفي، 2/175؛ الشرواني، 162، 193، 395).

وإن ما اعتبره البعض من کون أبي حنیفة شاعر بلاط مسعود بن محمود (الرازي، 1/332؛ الأوحدي، هدایت، ن.صص)، هو سهو و خطد، ذلک أنه استناداً إلی البیهقي فإن أبا حنیفة کان یعیش فترة شبابه بعد وفاة مسعود بن محمود لسنوات طویلة (ص 360-361). ویبدو أنه کان علی علاقة فحسب ببلاط مسعود بن إبراهیم.

ولاشک في أن أبا حنیفة الإسکافي کانت له مؤلفات و دیوان شعر أیضاً، ذلک أن بدایة تعرف إبراهیم بن مسعود إلی أبي حنیفة کانت في الواقع معرفة بکتاباته عندما کان في السجن (البیهقي، 486-487)، إلا أنه لم یبق من آثاره سوی عدة قصائد نقلها البیهقي في تاریخه.

المصادر

آذر بیگدلي، لطف علي، آتشکده، تقـ: حسن سادات ناصري، طهران، 1338ش؛ الأوحدي البلیاني، محمد، عرفات العاشقین، مخطوطة مکتبة ملک، رقم 5324؛ البیهقي، أبوالفضل، تاریخ، تقـ: علي أکبر فیاض، مشهد، 1356ش؛ الثعالبي، عبدالملک، یتیمة الدهر، بیروت‌، 1377هـ؛ الرازي، أمین أحمد، هفت إقلیم، تقـ: جواد فاضل، طهران، 1340ش؛ السنائي، مجدود، «کارنامۀ بلخ»، فرهنگ إیران زمین، طهران، 1334ش، ج 3؛ الشرواني، جمال خلیل، نزهة المجالس، تقـ: محمدأمین ریاحي، طهران، 1366ش؛ العوفي، محمد، لباب الألباب، تقـ: إدوارد براون، لیدن، 1324هـ/1906م؛ النظامي العروضي، أحمد، چهارمقاله، تقـ: محمد قزویني، طهران، 1327هـ/1909م؛ هدایت، رضاقلي، مجمع الفصحاء، تقـ: مظاهر مصفا، طهران، 1336ش.

علي میرأنصاري/هـ.