أَبوالخَیرخان قَزّاق، ابن آیرش بن آچه (1104-1161هـ/1693-1748م)، رئیس إحدی قبائل القوزاق و قد مهَد لنفوذ روسیا في ترکستان من خلال قبوله التابعیة الروسیة، تمزق القوزاق خلال القرن 11هـ/17م وانقسموا إلی ثلاثة معسکرات طبقاً لحجم البطون القبلیة: أولوغ (الکبیر)، وأورتا (الأوسط)، و کیچي (الصغیر)، و هذا الأخیر و خلافاً لاسمه کان یضم أعداداً أکبر من الأفراد الرحّل. و کان أبوالخیرخان یتزعم المعسکر الأخیر الذي کان یقمی أفراده في المنطقة الواقعة بین بحیرة آرال و بحر الخزر (آکینر، 288؛ بارتولد، 405).

ونظراً للغزو الذي کان یتعرض له القوزاق من القبائل المجاورة، قرروا الاتضواء تحت حمایة بطرس الکبیر، ولهذا نال أبوالخیرخان و باقي رؤساء القوزاق التابعیة الروسیة بشکل غیررسمي في 1717م (ن.ص). ومنذ ذلک الحین أفلح القوزاق في إلحاق الهزیمة بعدوهم الرئیس أي قبیلة «أوبرات» وأرغموها علی الانسحاب (GSE, II/507). وبعد وفاة بطرس الکبیر، عقد أبوالخیرخان العزم علی إلحاق معسکره بروسیا رسمیاً و ذلک في 1726م، إلا أن الروس رفضوا ذلک (ن.ص). ومع ذلک فکرت الحکومة الروسیة بعد مضی مدة النفوذ إلی السهوب التي یتمرکز فیها القوزاق، مما دفعها إلی الاهتمام في عام 1730م باقتراح یتعلق بتابعیة أبي الخیر، فبعثت مندوباً عنها یدعی میرزا توکل أوف للتباحث معه بهذا لاشأن و بالتالي نجم عن ذلک حصوله علی التابعیة الروسیة بعد سنتین، أي في 1146هـ/1733م و أدائه قسم الوفاء (بارتولد، ن.ص؛ الرمزي، 2/518). وکان أبوالخیرخان یتطلع من خلال الدعم الروسي إلی تعزیز قوته وربما تمکنه من تزعم جمیع قبائل القوزاق ولهذا شیدت له الحکومة الروسیة قلاعاً ومدناً ضمن المناطق القوزاقیة بناء علی طلبه (بارتولد، 405-406؛ أیضاً ظ: GSE، ن.ص).

وبعد عام 1737م بعث الروس مجموعة إلی سهل سیحون لمتابعة أهدافهم. و عندما علموا بذهاب أبي الخیر إلی خیوة – عاصمة خوارزم – انطلقوا خلفه إلی هذه المدینة (بارتولد، 407). وکان نادرشاه الأفشاري قد حاصرها آنذاک (1740م)، فخرج أبوالخیرخان مع جیش من القوزاق والأوزبک لنجدة خان خیوة إیلبارس، لکنه لم یفلح في تحقیق أي شيء و انبری للمصالحة مع نادرشاه (إسترابادي، 458)، فوافق نادر علی ذلک شریطة أن یحضر أبوالخیرخان بین یدیه و یوقع علی معاهدة السلام بین الجانبین. إلا أنه انتهز الفرصة فأبقی ممثلي الحکومة الروسیة في خیوة و عاد إلی موطنه الأصلي. وبعد انسحاب جیش نادر عن خیوة، انتخب أهلها نور علي ابن أبي الخیرخان قائداً عسکریاً لهم. وأحجم هذا الأخیر عن قبول التابعیة الروسیة و تأکید وفائه لها رغم طلب الروس (بارتولد، ن.ص). ویبدو أن أبا الخیرخان أخذ یحجم عن التنسیق مع الروس بعد تعاظم نفوذه و تحقیق بعض أهدافه، فقرر الروس الاتصال بالقبائل الأخری إزاء عناده. و في 1742م تعرضت قبیلة القره قالباق – المستوطنون في الأجزاء الوسطی والسفلی من نهر سیحون و التابعون لقوزاق المعسکر الصغیر – لغزو القبائل المجاورة، فطلبوا التابعیة الروسیة، فوافق الروس علی ذلک، غیر أن أبا الخیرخان شن هجوماً علی القره قالباق بعد سنة من ذلک و طردهم من هناک (GSE, II/422).

وأخیراً قُتل أبوالخیر خان علی ید السلطان باراق (براق) خلال الصراعات الداخلیة التي نشبت بین القبائل القوزاقیة نفسها، وعُیّن ولده نور علي قائداً للمعسکر الصغیر بدعم روسي (رضانور، 6/13؛ GSE, II/507).

المصادر

إسترآبادي، میرزامهدي خان، تاریخ جهانگشای نادري، طهران، 1368ش؛ رضانور، تورک تاریخي، إستانبول، 1344هـ/ 1925م؛ الرمزي، م.م.، تلفیق الأخبار و تلقیح الآثار، أورنبورغ، 1908م؛ وأیضاً:

Akiner, Sh., Islamic Peoples of the Soviet Union, London, 1986; Bartold, V. V., «Istoriya izucheniya vostoka v Evrope I Rossii», Sochineniya, Moscow, 1977, vol. IX; GSE.

 مجید سمیعي/ ت.