أَبوالخَطّار، الحسام بن ضرار بن سلامان بن جُشم (خیشم) الکلبي (مقـ 130هـ/748م)، أحد ولاة الأندلس في أواخر أیام الأمویین بدمشق. أوردت بعض المصادر کنیته أبا الخطاب و الخطاب الشعبي (ابن القوطیة، 32؛ ابن خلکان، 4/370). لاتتوفر لدینا معلومات وافیة عن تاریخ ولادته و حیاته قبل إمارته في إفریقیة و یحتمل أنه کان قد شارک في فتح إفریقیة علی أیدي المسلمین (قا: النیفر، 1/17). ولي بإفریقیة ولایات کبیرة في أیام بشر بن صفوان (ابن الأبار، 1/61).

فلما ولي عبیدة بن عبدالرحمان السلمي إفریقیة نکل بعمال الوالي السابق وحبسهم وأغرمهم و منهم أبوالخطار. قیل إن أبا الخطار أنشد أبیاتاً وبعث بها إلی هشام بن عبدالملک، وکان ذلک سبب عزل عبیدة عن إفریقیة (م.ن، 1/66؛ النیفر، ن.ص).

کانت أوضاع الأندلس آنذاک في غایة التدهور و لم یستطع أمراؤها أن یحرکوا ساکناً إلی أن ولّی حنظلة بن صفوان الکلبي والي إفریقیة سنة 125هـ/743م أبا الخطار – حسب روایة بأمر من الخلیفة هشام (ابن الأثیر، 5/273) – إمارة الأندلس، فجمع شمل أهالیها بعد الفرقة (ابن عبدالحکم، 221؛ الحمیدي، 1/34). توجه أبوالخطار في محرم 125 نحو الأندلس (ابن عذاري، 2/32) وقدم قرطبة علی حین غفلة و ستر خبر نفسه (ابن الخطیب، 1/102). ولدی وصله قرطبة، کان ثعلبة بن سلامة العاملي أمیرها قد جمع الأساری من البربر لیبیعهم و یقتلهم، إلا أنه دفع الأسری إلیه وأعلن عن طاعته له، فأطلق أبوالخطار الأسری وعفی عنهم، فرضي به أهالي الأندلس وأسموا عسکره «عسکر العافیة» (أخبار مجموعة، 48-49؛ ابن الأثیر، ن.ص).

وکان الصراع قائماً آنذاک بین «البلدیین» الذین قدموا الأندلس إثر الفتوحات الإسلامیة و «جند الشام» الذین قدموها مع بشر بن القشیري، ذلک لأن العرب الأوائل (البلدیین) کانوا یطالبون الشامیین بالخروج عن بلدهم (ابن الخطیب، ن.ص). فأحسن أبوالخطار إلی الشامیین، إلا أنه لما کثر عددهم ولم تحملهم قرطبة فرّقهم في بلاد الأندلس (ابن الأثیر، 5/491). وحسب روایة ابن الخطیب (1/103) فرّق أبوالخطار قبائل الشام من قرطبة – قاعدة الأندلس – في المدن لشبهها بمساکنهم في الشام، وذلک بإشارة من أرطباس قومس الأندلس و زعیم «النصاری المعاهدین» (ظ:ابن الأثیر، ن.ص). وجعل لهم ثلث أموال أهل الذمة، وبقي العرب «البلدیون» علی ما بأیدیهم من أموالهم لم یعرض لهم في شةء منها (ابن الأبار، 1/63).

ومع أن أبا الخطار کان عالماً بالأندلس و استطاع بحنکة أن یعالج الأوضاع المتدهورة، إلا أنه کان یظهر العصبیة للیمانیة علی المضریة، ولعل هذه العصبیة أدت إلی استیاء وتذمر زعماء مضر. کما أدی سوء تعامله مع الصُّمیل بن نافع، حفید شمر بن ذي الجوشن – الذي اختاره القیسیون سیداً لهم – إلی تحالف القیسیین مع ثوابة بن سلامة وکان من أهل فلسطین، ومحاربة أبي الخطار. فلقي ثوابةُ أبا الخطار بناحیة نهر شَذُونة فوقعت الهزیمة علی جیش الأخیر وأُسر أبوالخطار (أخبار مجموعة، 57-58؛ ابن الأثیر، 5/337-338). وحسب روایة مؤلف أخبار مجموعة فإنه بعد وفاة ثوابة في 129 هـ هجمت جماعة علی قصر قرطبة و أنقذت أبا الخطار من السجن لیلاً (ص 58، 59). وبعد مدة توجه أبوالخطار مع ابن حُریث نحو قرطبة، ثم دارت بینه و بین الصمیل و حلفائه معرکة في قریة شَقُندة خسر فیها أبوالخطار و قتل بعد أسره (ن.م، 60؛ ابن الأثیر، 5/491-492؛ ابن عذاري، 1/34-35).

أوردت المصادر مدة حکمه بصور مختلفة: سنتان، أربع سنین و تسعة أشهر، أربع سنین وستة أشهر (المقري، 3/24؛ ابن الأبار، 1/64؛ أخبار مجموعة، 57).

اعتبر البعض أبا الخطار من أخیار دمشق ورجالها، وعلی مایبدو کان له باع في الشعر، وقد أورد بعض الکتّاب (مثلاً الحمیدي، 1/314، 315؛ ابن الأبار، 1/65، 66) نماذج من أشعاره.

المصادر

ابن الأبار، محمد، الحلة السیراء، تقـ: حسین مؤنس، القاهرة، 1963م؛ ابن الأثیر، الکامل؛ ابن الخطیب، محمد، الإحاطة في أخبار غرناطة، تقـ: محمد عبدالله عنان، القاهرة، مکتبة الخانجي؛ ابن خلکان، وفیات؛ ابن عبدالحکم، عبدالرحمان، فتوح مصر وأخبارها، لیدن، 1920م؛ ابن عذاري، أحمد، البیان المغرب، تقـ: ج.س. کولان ولیفي بروفنسال، لیدن، 1948م؛ ابن القوطیة، محمد، تاریخ افتتاح الأندلس، تقـ: إبراهیم الأبیاري، القاهرة، 1982م؛ أخبار مجموعة، تقـ: إبراهیم الأبیاري، القاهرة، 1981م؛ الحمیدي، محمد، جذورة المقتبس، تقـ: إبراهیم الأبیاري، بیروت، 1983م؛ المقري، أحمد، نفح الطیب، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1388هـ/1968م؛ النیفر، محمد، عنوان الأریب، تونس، 1351هـ.

ناصر بقائي/ت.