أَبوالحَسَنِ المِعمار، الحاج أبوالحسن معمار باشي الأصفهاني، المقلب بصنیع الملک (ح 1245-1305هـ/ 1829-1888م). کان من بین البنائین العاملین بإشراف محمدحسن خان اعتمادالسلطنة في القصور والحدائق الملکیة بطهران منذ 1291هـ (اعتماد السلطنة، روزنامه...، 632). تطور أبوالحسن کثیراً بسبب مواهبه و حسن أدائه و کذلک تخطیطه وإنشائه أبنیة جمیلة، وحظي باهتمام کبیر منناصر‌الدین شاه.

وقد شیدت بعض القصور الملکیة بهندسته و تخطیطه و من بینها «قاعة التحیة» و «قاعة المرایا» والبهو وغرف الأحواض التابعة لها في قصر گلستان. وقد بدأ العمل في مبنی قاعة التحیة التي أطلق علیها اسم قاعة العرش و المتحف أیضاً في 1291هـ.

وقاعة التحیة من البنایات الجمیلة في العهد الناصري من حیث الهندسة بسبب سعتها وتغطیة عقودها المتصالبة بفتحات کبیرة (شرف، عد 6؛ ذکاء، 219؛ اعتماد السلطنة، ن.م، 175). وقد بدأ العلمل في مبنی قاعة المرایا أیضاً تزامناً مع العمل في مبنی قاعة التحیة وانتهت عملیة الزخرفة فیه سنة 1299 هـ. ورغم أن هذه القاعة غیرواسعة جداً، لکنها تتمتع بشهرة واسعة بسبب مواضع المرایا و جمالها و کیفیة رصفها علی سقفها وجدرانها. وقد حفر تاریخ الانتهاء من العمل في القاعة بشکل قصیدة بخط میرزا أبي الفضل الساوجي في الحد الفاصل بین سقف الطاق و الجدار المقام علیه، وورد في نهایته: «تمّ في محرم سنة الف ومائتین وتسع و تسعین، بعنایة الحاج أبي الحسن البناء النوائي» (ذکاء، 216-226). وفي نفس هذه لاسنة وتزامناً مع سفر ناصر‌الدین شاه إلی أحد مصایف ضواحي طهران، صدر أمر بهدم البنایة الداخلیة التي کان قد بناها الحاج علي خان حاجب الدولة. وعلی الفور تم بناء القسم الداخلي وبیت حریم جدید خلال 7 أشهر بتخطیط الحاج أبي الحسن (اعتماد السلطنة، المآثر...، 65؛ شرف، عد 3).

في 1300هـ رُقي الحاج أبوالحسن بأمر من میرزا إبراهیم خان أمین السلطان وزیر البلاط، إلی منصب «معمار باشي» [کبیر البنائین] (اعتماد السلطنة، تاریخ ...، 3/2046، روزنامه، 234). ومن بین البنایات التي بناها یمکن الإشارة إلی مدرسة و مسجد «الحاج أبوالحسن معمار باشي» الشهیرة بـ «الصنیعیة» قرب مرقد «إمام زاده یحیی» بطهران، انتهی العمل من هذه البنایة في 1303هـ؛ و تضم اللوحة الحجریة الموضوعة علی بابها نصّ الوقفیة واسم الواقف والموقوفات التي وقفت للإنفاق علی المدرسة والمسجد و صیانتهما، و هي بخط محمد إبراهیم الطهراني، المعروف بمیرزا عمو. أما حفرها علی الحجر فقد أنجزه الأستاذ عبدالرسول الحجار (م.ن، المآثر، 84؛ البلاغي، 180-181).

ویتمثل الدور المهم للحاج أبي الحسن في تاریخ العمارة الذیرانیة خلال القرون الأخیرة في إدخاله عناصر العمارة الغربیة علی العمارة الإیرانیة التقلیدیة. ففي ذلک کان أسلوب الهندسة المعماریة في إیران یسیر تدریجیاً نحو تقلید الأنماط الأوروبیة خاصة في بناء القصور الملکیة الجدیدة و ترمیم الأبنیة القدیمة للبلاط وبیوت کبار الشخصیات والأثریاء.

وقد أدت رحلات الشاه و کبار شخصیات ذلک العصر إلی الدول الأوروبیة و مدن البلدان المجاورة لإیران مثل إستانبول و باکو و تفلیس التي کانت هندستها المعماریة مزیجاً من هندسة الشرق و الغرب، وکذلک وصول مجامیع من صور و خرائط الدبنیة الأوروبیة إلی إیران، إلی حدوث تحولات في الهندسة المعماریة بإیران، فانبری أبوالحسن تلبیة لرغبة الشاه والذوق الذي بدأ ینتشر آنذاک بین سکان طهران لتخطیط وإنشاء أبنیة علی الطراز الحدیث. و أثره البارز من هذه الأبنیة هو «عمارة خوابگاه» [مهجع] ناصر‌الدین شاه الذي بني وسط حدیقة بیت الحریم، بطراز مختلف تماماً عن طراز الأبنیة الإیرانیة التقلیدیة. وتاریخ إنشاء هذه البنایة هي أن ناصر‌الدین شاه و بعد انتهاء العمل في بنایة بیت الحریم، قرر بناء قصر جدید لنومه وسط الحدیقة الداخلیة.

بدأ العمل ببناء القصر بمراسم خاصة یوم الأول من رجب 1303، وانتهی في 9 رجب 1304 (ظ: اعتماد السلطنة، روزنامه، 482، 558). وکانت تلک هي المرة الدولی التي یقام فیها بناء طبقاً لمواصفات الهندسة الأوروبیة بین القصور الملکیة في إیران (شرف، عد 65). وقد أنشئ القصر علی غرار قصر «کوچوک سو» بإستانبول (ظ: أصلان آیا، 512-513) وزین من الخارج بأحجار و سوّر سطحه بسور من الحدید، ومنالداخل بالقاشاني ذي الصور البارزة علی المواقد وفتحاتها مع نقوش و صور علی الجدران، و من بینها سور السطح وجدران هذا القصر التي رسمها الأستاذ بهرام النقاش الکرمانشاهي وصور فیه مجالس لإقامة الحفلات و الدنس (ذکاء، 255-256). وقد هُدم هذا القصر في 1338ش.

حاول أبوالحسن الذي کان قد جمع في بلاط ناصر‌الدین شاه ثروة طائلة ونال منصب «معمار باشي» ولقب «صنیع الملک» (اعتماد السلطنة، روزنامه، 632) ولأجل تعزیز مکانته، تزویج ابنته للشاه بتخطیط مسبق، إلا أن الشاه بمجرد أن وقع نظره علی ابنته أعادها إلی بیتها، وأدت هذه الواقعة إلی انتشار قصائد هزلیة عنها بین سکان طهران (ظ: مستوفي، 1/377-380). توفي أبوالحسن في الستین من عمره تقریباً بمرض التیفوئید. وبعد وفاته قررت الحکومة الاستیلاء علی أمواله التي أصبح نصیب الشاه لوحده منها 45,000 تومان (اعتماد السلطنة، ن.م، 632، 642).

المصادر

اعتمادالسلطنة، محمدحسن خان، تاریخ منتظم ناصري، تقـ: محمد إسماعیل رضواني، طهران، 1367ش؛ م.ن، روزنامۀ خاطرات، تقـ: إیرج أفشار، طهران، 1345ش؛ م.ن، المآثر و الآثار، طهران، مکتبة سنائي؛ بلاغي، السید عبدالحجة، تاریخ، طهران، قم، 1350ش؛ ذکراء، یحیی، تاریخچۀ ساختمانهاي أرگ سلطنتي طهران و راهنمای کاخ گلستان، طهران، 1349ش؛ شرف، طهران، 1300-1307هـ؛ مستوفي، عبدالله، شرح زندگاني من، طهران، 1341ش؛ وأیضاً:

Aslanapa, Oktay, Osmanlt devri mimarisi, Islanbul, 1986.

یحیی ذکاء/ هـ.