الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الجغرافیا / أبوالحسن الطبري /

فهرس الموضوعات

أبوالحسن الطبري

أبوالحسن الطبري

تاریخ آخر التحدیث : 1442/12/22 ۲۱:۵۰:۱۷ تاریخ تألیف المقالة

أَبوالحَسَنِ الطَّبَريّ، أحمد بن محمد، طبیب و عالم إیراني من القرن 4هـ/ 10م. ولد في ترنجة من طبرستان (ظ: یاقوت، 1/845)، ولذا یذکر بنسبة الترنجي أیضاً (ظ: البیروني، الصیدنة، 48، 131، 494، الجماهر...، 244، 325، 327).

لانعلم شیئاً عن فترة تعلم أبي الحسن، ولم یعرف من أساتذته سوی ابن سیار (ن.ع). فقد أشار أبوالحسن نفسه في المعالجات إلی ابن سیار بهذا السم حیناً وباسمي أبي ماهر و أبي عمران، وتحدث عن الأسالیب التي کان یستخدمها في علاج الأمراض، وکان هو شاهداً علیها (الورقة 38 ألف، 43ألف، 45ب، 47 ألف، 52ب، 68ب، 76 ألف، مخـ) . ولاشک في أن مهارته کانت موضع تأیید أستاذه أیضاً. وتحدث أبوالحسن نفسه عن أنه تولّی مرة معالجة عین ابن سیار، وأعانه مرة أیضاً في علاج مرض قلبه (الورقة 146ب، 346ب). ویحتمل أن یکون قد توفي حوالي 375هـ/985م (GAS, III/307).

ذاع صیت أبي الحسن الطبري بسرعة بوصفه طبیباً متبحراً. فقد عمل خلال شبابه مع أستاذه في جهاز أبي عبدالله البریدي (ظ: ن.د، آل البریدي) من الأمراء العباسیین والذي تسنم منصب الوزارة مرتین. کما کان علی علاقة بابنه أبي القاسم البریدي الذي یعد هو الآخر من کبار شخصیات جهاز الخلافة. کما أرسله أبوعبدالله البریدي لفترة إلی الأهواز لعلاج نوع من أنواع المالیخولیا لدی معزالدولة الدیلمي. و بعد وفاة أبي عبدالله البریدي انضم إلی حاشیة رکن‌الدولة الدیلمي و کان غالباً یعالج أقاربه أیضاً (ظ: أبوالحسن، الورقة 109 ألف، 183ب، 234ب؛ ابن أبي أصیبعة، 1/321؛ GAL, I/272).

اشتهر أبوالحسن أکثر مااشتهر عن طریق تألیفه کتاب المعالجات البقراطیة. وهذا الکتاب منهج نفیس لدراسة الطب ولامثیل له خلال عهد المؤلف علی الأقل. وتختلف هیکلیة هذا الأثر اختلافاً بیناً عن بقیة الکتب الدراسیة الشهیرة الأخری مثل الکتاب المنصوري للرازي و کامل الصناعة الطبیة للأهوازي والقانون لابن سینا. وقد وصفه هیرشبرغ وبأخذه هذه الناحیة بنظر الاعتبار بأنه أثر ملفت للنظر یبدو حدیثاً تماماً (ص 107-108). وقد شکک البعض في کون أصل هذا الأثر بالعربیة أم الفارسیة. ومهما یکن فإن جمیع المخطوطات الباقیة من هذا الأثر هي بالعربیة (سارتون، I/677).

وکانت المهمة الرئیسة لأبي الحسن في هذا الأثر هي إرشاد الأطباء إلی تشخیص الأمراض و علاجها. وقد ذکّر في الکثیر من مواضع هذا الکتاب بأخطاء الأطباء في تشخیص بعض الأمراض. فمثلاً حذّر في الباب الثالث من المقالة الثالثة (أمراض المخ) من أن الکثیر من الأطباء یقعون في الخطأ في تشخیص نوع المرض بسبب اختلاف العلامات الناجمة عن اختلاف أعمار المرضی وأمزجتهم و کذلک زمان ظهور المرض (الورقة 104 ألف)، کما نوّه في الباب الرابع من المقالة الرابعة إلی أن بعض الأطباء عزوا خطأً ألم العین الناجم عن عدم وصول المواد الغذائیة إلی الشبکیة والزجاجیة و الجلیدیة إلی نوع من أمراض المخ (الورقة 133 ألف، للاطلاع علی نماذج من نقوده لغیره من الأطباء، ظ: الورقة 131ب، 161ألف، 175ألف، 177ب، 304ألف، 328ب).

ألف أبوالحسن الطبري هذا الأثر في وقت کان قد ترجم فیه الکثیر من الآثار الطبیة الیونانیة و السریانیة إلی العربیة، و من الطبیعي أن یکون قد تأثر بمثل هذ ه المصادر خاصة آثار بقراط و جالینوس و کذلک کتب حنین بن إسحاق. و یدل اسم هذا الأثر علی أنه کان یجلّ بقراط کثیراً، إلی الحدّ الذي تحدث في کثیر من صفحاته عن بقراط وجالینوس کذلک وأسالیبهما اعلاجیة (الورقة 3 ألف، 4 ألف، 23ب، 43ب، 45ب، 46ب، 53 ألف، 55 ألف، 93ألف، مخـ؛ أیضاً ظ: فریدمان، 167).

وأغلب الأسالیب العلاجیة المذکورة في هذا الأثر هي کما یقول المؤلف الأسالیب التي کانت متداولة آنذاک، وقد تعلمها من أطباء المناطق المختلفة و من الناس العادیین، أو حتی من العجائز. و کما یلاحظ في الکثیر من صفحات هذا الأثر فإن أبا الحسن و رغم خدمته في بلاطات الأمراء و المشاغل الناجمة عن ذلک، فقد سنحت له فرص کثیرة للسفر وزار مدناً عدیدة واستفاد من تجارب شتی أصناف الناس: فقد مکث في طبرستان (الورقة 252 ألف، 301 ألف) والري (الورقي 43ب، 122ألف) والأهواز (الورقة 65ب، 251ب) و عبادان (الورقة 52ألف) والبصرة (الورقة 62ب، 73ألف، 131 ألف، 155ألف، 159ألف، 168 ألف، 171ب، 201ألف) و بغداد (الورقة 63ب، 105ألف) و الموصل (الورقة 52ب، 65ب، 161ب) و الشام (الورقة 251ب). وتعلم من کحالي و ملاحي البصرة (الورقة 146ب، 155ألف) طریقة علاج بعض أمراض العین؛ و من أهل الموصل خواص میاه العیون المعدنیة في علاج الأمراض الجلدیة (الورقة 65 ب)؛ ومن أهالي منطقة بین أصفهان والأهواز علاج لدغة الأفعی (الورقة 190ب)؛ ومن أهل خوزستان علاج عضة ابن عرس الذي یکثر کما یقول في هذه المنطقة أکثر من أي منطقة أخری (الورقة 298ب)؛ ومن أهالي سجستان طریقة علاج عضة الخلد (ن.ص، أیضاً ظ: الورقة 66 ألف، 256ب، 260ب، مخـ).

قال النظامي العروضي وهو یصف هذا الأثر: لم یکتب أحد في الطب کتاباً کهذا (ص 125)ف ووصفه ابن أبي أصیبعة (ن.ص) بأنه من أجلّ الکتب وأنفعها، رغم أنه لم یر هذاالأثر علی مایبدو، ذلک أنه یقول و بدلاً من أن یذکر العدد الدقیق لمقالاته التي هي طریقته المألوفة: «وهو یحتوي علی مقالات کثیرة». کما لم یتحدث عن الأثر الآخر لأبي الحسن في أمراض العیون الذي ذکره المؤلف في هذا الأثر (ظ: أبوالحسن، الورقة 186ب؛ ابن أبي أصیبعة، ن.ص؛ أیضاً ظ: هیرشبرغ، 40).

وقد نقل نجیب‌‌الدین السمرقندي في الأسباب و العلامات، وخلیفة ابن أبي المحاسن الحلبي في الکافي في الکحل، وصدقة بن إبراهیم الشاذلي المصري في العمدة الکحلیة في الأمراض البصریة، موضوعاتکثیرة من هذا الکتاب بذکر المصدر حیناً ودون ذکره حیناً آخر، إلا أن الشاذلي لم یقرأ أثر أبي الحسن بدقة کافیة، ذلک أنه یقول مثلاً في الفصل الثالث من الباب الثالث لکتابه:أضاف السمرقندي في باب أمراض غشاء الملتحمة نوعین آخرین من هذه الأمراض إلی ماورد في القانون (ظ: هیرشبرغ، 107). بینما کان أحد هذین النوعین هو نزول الدمع من العین الذي أشار إلیه أبوالحسن في نفس أثره هذا قبل السمرقندي (الورقة 152ب؛ أضاً ظ: نفیس بن عوض، 170). وذکر نفیس بن عوض الذي استنسخ بنفسه هذا الأثر (آقابزرگ، 21/196) في شرح الأسباب و العلامات، المواضع التي نقلها السمرقندي عن أبي الحسن دون ذکره المصدر. فباب التخیلات الشاذة في الأسباب و العلامات نُقل حرفیاً تقریباً عن المعالجات البقراطیة. ویقول نفیس بن عوض بهذا الصدد: إن السمرقندي ولحسن ظنه بأبي الحسن لم یزد شیئاً علی کلامه أو ینقص منه (ص 137، 207-211؛ قا: أبوالحسن، الورقة 128 ألف، 185ب- 186ب). ومن جهة أخری فإن نفیس بن عوض – الذي ینقل هو الآخر موضوعات عن أبي الحسن أحیاناً – یصف بعض کلامه بأنه مغلوط و من ذلک انتقاده الشدید لأبي الحسن بعد نقله رأیه في عضلات المريء، ویعتبر أیضاً کلام أبي الحسن الطبري في عضلات فم المريء وفم الحلقوم غیرصحیح ویصفه بأنه غیرعارف بفن التشریح، و یخطئ في موردٍ السمرقنديَ أیضاً لنقله کلاماً لأبي الحسن دون تدقیق (ص 137، 287؛ قا: أبوالحسن، الورقة 128 ألف).

لم یحظ المعالجات البقراطیة رغم أهمیته و شهرته و قیمته في الشرق، بالاهتمام الکبیر من قبل المستشرقین وأساتذة تاریخ الطب الغربي حتی بدایة القرن 20 م، لأنه لم یکن هناک من هذا الأثر سوی مخطوطات عربیة وفي 1905م تحدث هیرشبرغ لأول مرة عن أهمیة أبي الحسن الطبري و کتابه هذا في تاریخ الطب، واستناداً إلی مایراه فإن أبا الحسن کان طبیباً مجرباً ومبتکراً ظلت قیمة علمه و خاصة نظریاته في أمراض العین مجهولة تماماً (ص 114). وفي 1927م ترجم محمد رهاب وبعد أن لفت زیغریست أستاذ المعهد الطبي في جامعة لایبزک نظره إلی أبي الحسن و مخطوطة أثره هذا في مونیخ، أقساماً منه إلی اللغة الألمانیة وخاصة القسم الأعظم من المقالة السابعة في الأمراض الجلدیة، و منذ ذلک الحین تعرف العلماء الأوروبیون إلی هذا الطبیب الإیراني وإبداعاته.

کشفت الدراسات الحدیثة عن وجه أبي الحسن الطبري بوصفه باحثاً مثابراً، فطبقاً لقول هیرشبرغ فإن کل واحدة من مقالات المعالجات البقراطیة تبعث في القارئ شعوراً بأن اهتمام مؤلفه منصب علی موضوع هذه المقالة فحسب وأن لدیه تخصصاً فیه (ظ: فریمدمان، 166-167؛ أولمان، 140).

لم تتوقف الدراسات عن أبي الحسن عند هذا الحد، ففي 1938م أعلن فریدمان في مقالة له أن مکتشف العامل الرئیس المسبب لمرض الجرب هو أبوالحسن الطبري. وکان شرف هذا الاکتشاف قد سجل قبل هذا باسم اثنینمن الإیطالیین هما بونومو و تشستوني وادعي أن هذین الاثنین قد اکتشاف ذلک في حزیران 1687. وقبل سنة من نشر مقالة فریدمان کان قد احتفل بالذکری السنویة الـ 250 لمناسبة ذلک الاکتشاف المسجل باسمي ذلکما الاثنین بحضور ممثلین عن المجامع العلمیة الأجنبیة المرموقة (فریدمان، 163). فبعد أن عرض فریدمان في هذه المقالة مختصراً عن تاریخ الجهود الذي بذلت لاکتشاف العالمل المؤدي إلی الجرب، وکیف أن بعض أساتذة تاریخ الطب اعتبروا مستندین إلی سطور من کتاب التیسیر في المداواة والتدبیر لأبي مروان عبدالملک ابن زهر (ن.ع) أن مکتشفه هو ابن زهر، بینما اعتبر آخرون أنها القدیسة هیلده غارده (1099-1179م) رئیسة راهبات دیر روبرتزبرغ (م.ن، 165)، أضاف قائلاً: إن هذه الادعاءات فقدت قیمتها بعد أن نشر محمد رهاب أقساماً من أثر أبي الحسن. وبعد أن یقدم خلاصة للأبواب العشرة من مقالة أبي الحسن عن الجرب مع دراسة لکلامه یخلص إلی نتیجة مفادها أنه کان أول من اکتشف وجود دیدان الجرب في الجروح التي یحدثها هذا المرض واکتشف أیضاً دواء فعالاً في سبیل القضاء علی تلک الدیدان (أبوالحسن، الورقة 244ألف – 251 ألف؛ فریدمان، 166-175).

ومع کل ذلک فإن القیمة الحقیقیة لأبي الحسن الطبري في تاریخ الطب مازالت غیرمعروفة تماماً. فلیس هناک أي أثر من آثار هذا العالم قد استوفی نصیبه من التحقیق العلمي، ولم یتمسوی ترجمة أقسام صغیرة من کتابه الکبیر المعالجات البقراطیة إلی اللغات الأوروبیة. إن التحقیق في هذه الآثار سیفصح ولاشک عن مقامه الشامخ.

 

آثاره

1. المعالجات البقراطیة. توجد بعض مخطوطات هذا الأثر محفوظة في مکتبتي السلیمانیة و بودلیانا (GAS, III/308) وکذلک في مکتبة مجلس الشوری الإسلامي رقم 1 (شوری، 2/308-309). کما توجد نسخة منه بخط الطبیب الشهیر نفیس بن عوض الکرماني في مکتبة محیط طباطبائي (آقابزرگ، ن.ص؛ للاطلاع علی مخطوطاته الأخری، ظ: GAS، ن.ص)؛ 2. رسالة في ذکر القارورة. توجد مخطوطة من هذا الأثر في جامعة طهران (المرکزیة، 8/105)؛ 3. علاج الأطفال، توجد مخطوطة منه بجامعة طهران (ن.م، 15/4158-4159)؛ 4. مقالة في طب العین. توجد مخطوطة منه في حلب (GAS، ن.ص)؛ 5. کتاب العین في المعالجات (أبوالحسن، الورقة 186ب)؛ 6. القراباذین (م.ن، الورقة 143ب، 145ب، 198ب، مخـ). ولم یبق أثر للکتابین الأخیرین.

 

المصادر

آقا بزرگ، الذریعة؛ ابن أبي أصیبعة، عیون الأنباء في طبقات الأطباء، تقـ: أغوستمولر، القاهرة، 1299هـ؛ أبوالحسن الطبري، أحمد، المعالجات البقراطیة، النسخة المصورة الموجودة في مکتبة المرکز؛ البیروني، أبوریحان، الجماهر في الجواهر، تقـ: یوسف الهادي، طهران، 1416هـ/1995م؛ م.ن، الصیدنة في الطب، تقـ: عباس زریاب، طهران، 1370ش؛ شوری، المخطوطات؛ المرکزیة، المخطوطات؛ النظامي العروضي، چهار مقاله، تقـ: محمدمعین، طهران، 1333ش؛ نفیس بن عوض، شرح الأسباب والعلامات، کلکتا، 1251هـ؛ یاقوت، البلدان؛ وأیضاً:

Friedman, R., «At Tabari: Discoverer of the Acarus Scabiei», Medical Life, Philadelphia, 1938, vol. XLV, no. 6; GAL; GAS; Hirschberg, J., Geschichte der Augenheilkunde, Leipzig, 1908; Sarton, G., Introduction to the History of Science, Baltimore, 1927.

محمدعلي مولوي/ هـ.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: