الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الکلام و الفرق / أبوحاتم الرازي، أحمد /

فهرس الموضوعات

أبوحاتم الرازي، أحمد

أبوحاتم الرازي، أحمد

تاریخ آخر التحدیث : 1442/12/22 ۰۸:۱۷:۲۳ تاریخ تألیف المقالة

أَبو حاتِمٍ الرّازيّ، أحمد بن حمدان بن أحمد (تـ 322هـ/ 934م)، من مفکري ومؤلفي ودعاة الإسماعیلیة الکبار في إیران. دعاه ابن حجر (1/164) باللیثي، ولایعرف سبب هذه النسبة (ظ: الهمداني، حسین، مقدمة الزینة، 1/26 و الهامش)، وکذلک الحال بالنسبة لنسب الکلابي الذي أطلقه علیه القاضي عبدالجبار (ص 165). ودعاه ابن الندیم (ص188، 189) و الکاشاني (ص 22) بأبي حاتم ابن عبدانالرازي الورسناني. وورسنان کانت کما یقول یاقوت (4/921) من قری سمرقند. واعتبره الخواجه نظام الملک من پشاپویه، موضع قرب الري (ص 255). ویبدو أنه اشتهر بالمنعم أیضاً (الکاشاني، ن.ص؛ القزویني، 312).

ومعلوماتنا عن حیاته یسیرة، و هناک خلاف أیضاً بشأن کونه إیرانیاً. یقول حسین الهمداني (ن.ص) إن اسمه ولقبه یدلان علی کونه عربیاً ویعتبر کلام الإسفراییني الغامض (ص 124-125) بإشارته الضمنیة إلی کونه من أهل المغرب، مدعماً لهذا الأمر. ولایعتبر حسین الهمداني معرفة أبي حاتم باللغة الفارسیة دلیلاً علی کونه إیرانیاً، بل یعد إصراره، علی تفضیل اللغة العربیة علی کافة اللغات مدعماً لرأیه (ن.ص)، إلا أن افتراض کونه إیرانیاً هو الأقربإلی الصواب. ولأبي حاتم نفسه اعتراف ضمني بأنه نشأ مع اللغة الفارسیة وامتزج بها. وإن تقدیمه معلومات عن اللغة الفارسیة وطریقة لفظ الإیرانیین لها مما یؤید هذا الدمر (الزینة، 1/64-65). وفضلاً عن ذلک فإن من أخذ علی عاتقه مهمة نشر الدعوة الإسماعیلیة في أرجاء إیران و حقق نجاحاً ملموساً في عمله، لابد أن یکون في العادة إیرانیاً. و من المستبعد جداً أن یتمکن عربي (من المغرب؟) و مبلِّغ لمذهب جدید من الحصول علی مکانة بارزة کهذه في زمن قصیر.

کما لاتوجد لدینا معلومات کثیرة عن حیاته قبل انضمامه إلی الدعوة الإسماعیلیة؛ بل یحتمل فحسب أنه درس في مدرسة دعاة الیمن، وأُرسل من هناک إلی الري (غالب، 97، ها 1). وکان داعیة جزیرة الري (الکرماني، الأقوال ...، 2). ویقول تامر ضمن إشارته إلی هذا الأمر إنه رغم هذا فقد ذهب أبوحاتم إلی بغداد واتخذها مقراً لإقامته (ص 8)، لکنه لم یذکر تاریخ ذ لک.

کان أبوحاتم عذب الحدیث بلیغ العبارة مما مکنه من استقطاب الأمراء وعامة الناس إلی مذهبه، وکان له باع في علوم الشعر واللغة والحدیث (نظام الملک، ابن حجر، ن. صص). وبلغت منزلته العلمیة حداً أن أوکلت معه إلیه مهمة إصلاح الأخطاء و إقامة الوئام والانسجام بین عقائد شتی التجمعات الإسماعیلیة (في جزء من إیران) (إیفانوف، «الأدب...»، 25). وکان الإسماعیلیة یکنّون له من حیث کونه داعیة احتراماً فائقاً، وکان حمید‌الدین الکرماني یصفه بأنه من بین من عرفوا بسداد الطریقة (راحة ...، 109). وقد انبری أبوحاتم بمؤلفاته للدفاع عن المذهب الإسماعیلي (غالب، 97) إلی الحد الذي عُدّ معه هو واثنان من أصحابه: أبویعقوب السجستاني و محمد بن أحمد النسفي، من أساطین الدعوة الإسماعیلیة الذين کان لجهودهم أثر ملحوظ في نشر الثقافة الإسماعیلیة و فلسفتها الجدیدة (الهمداني، عباس، 369؛ حسن، عبیدالله ...، 186).

ویصل ماضي الدعوة الإسماعیلیة في ولایة الجبال إلی رجل یدعی خلفاً أوکل إلیه عبدالله بن میمون القدّاح أمر الدعوة ببلاد الري وقم وکاشان و آیه کما یقول نظام الملک (ص 253). و لما توفي أخذ ابنه أحمد علی عاتقه مهمة الدعوة. فعیّن أحمد بن خلف بدوره خلفة له یدعی غیاثاً، فانبری هذا بعد فترة للدعوة برفقة أبي حاتم الذي کان قد انضم إلی تنظیم المؤمنین الإسماعیلیین، إلا أن الناس انفضوا عنه بعد أن لم یتحقق في الزمن المقرر ما وعد به من ظهور المهدي القریب، فاضطر للاختفاء عن الأنظار. ثم آل اک؟ مر إلی شخص یدعی أبا جعفر من أسرة خلف، إلا أن أبا حاتم تمکن من نیل زعامة الإسماعیلیة (ح300هـ)، والمضي بمهارة قدماً بأمر التبلیغ للمذهب (م.ن، 252-255؛ أیضاً ظ: ابن الندیم، 188؛ سترن، 57).

لم تبق الدعوة الإسماعیلیة علی عهد عبیدالله مقتصرة علی الیمن أو البحرین، بل اتسعت لتشمل کافة البقاع الإسلامیة، لکنها رغم ذلک لم تتمکن من الحصول علیجذور راسخة، ولم یکن أتباع هذه العقیدة سوی أقلیة بین الأکثریة السنّیة، ولم یکونا مستعدین للعمل العسکري، بل کانت دعوتهم تنزع بشکل رئیس إلی الإقناع العقلي والتأثیر الفکري والعلمي، أي إن هذه الدعوة کانت في إیران علی الأقل بید فلاسفة وعلماء و مفکرین بارین مثل أبي حاتم الرازي والنسفي والسجستاني وغیرهم. وکان هؤلاء یستفیدون من الفلسفة استفادة لائقة وخاصة التعلیم الإسماعیلي المشهور القائل إن الإمام – ظاهراً أو مستوراً – مصدر الحقیقة التي یمکن أن یستمدها المرء منه مباشرة، أو عن طریق دعاته کانت أداة مهمة لإقناع الآخرین (حسن، ن.م، 243-244).

کان هؤلاء الدعاة و منهم أبو حاتم یولون في دعوتهم عنایة أکبر للمناطق الجبلیة، المناطق التي لم یکن الإسلام قد تغلغل فیها، أو تأصل في نفوس أهلیها. وکانت أنظار هؤلاء الذین کانوا أنفسهم أساتذة في الجدل و النقاش‌‌الدیني، ترکز بشکل أکبر علی الناس الذین لم تکن لدیهم درایة في مثل هذه المسائل (ن.م، 246-247).

ومع کل هذا، ولما لم یتمکن أوائل دعاظ الإسماعیلیة (في إیران) علی مایبدو من تحقیق نجاح في مجال استمالة قلوب العامة، فقد اتجه الزعماء المحلیون لهذه الحرکة الفتیة نحو الطبقات الراقیة في المجتمع و تصوروا أنهم یستطیعون تحقیق نجاح بتغلغلهم في صفوف طبقة الأشراف و الحکام، إلا أنهذا الأسلوب لم یحالفه التوفیق في نهایة المطاف. وکان العامل الرئیس في تغییر الاتجاه المذکور في سیاسة الدعوة الإسماعیلیة هو أبا حاتم الذي وجه اهتمامه إلی وجهاء القوم (سترن، 61 و مابعدها)، وتمکن من استمالة بعض کبار الشخصیات (ظ: ابن حجر، ن.ص). وفي الحقیقة فإن دعوة أبي حاتم علی عهد عبیدالله المهدي مؤسس الدولة الفاطمیة (خلافته: 297-322هـ/910-934م) کان لها أثر کبیر في الشؤون السیاسیة لبلاد طبرستان والدیلم و بعض مناطق إیران الأخری؛ فلما تسلم مسؤولیة الدعوة، أرسل دعاة إلی البلدان، فأصبحت المناطق المحیطة بالري مثل طبرستان و جرجان وآذربایجان وأصفهان ضمن حدود دعوته (نظام الملک، 255). وقد استطاع أبوحاتم من خلال علمله النخم بتغییره اتجاه عمل الدعوة کسب أحمد بن علي أمیر الري إلی جانبه و جعله یعتنق مذهبه کما یقول نظام الملک (ن.ص؛ أیضاً ظ: سترن، 61).

وعندما انهارت السلطة السیاسیة التي کانت تدعم أبا حاتم في الري، هرب هو بدوره إلی بلاد الدیلم، واستمال بمواصلته السیاسة السابقة أسفارَ بن شیرویه و مجموعة أخری من الدیلم أیضاً إلی مذهبه (البغدادي، 170). ویعزل أسفار و تسلم مرداویج بن زیار السلطة لم یحدق الخطر بمکانة أبي حاتم، بل قیل إن مرداویج قبل دعوته (الکاشاني، 22). والحققة فإنه ینبغي الشک في اعتناق أسفار، أو مرداویج، أو حتی حاکم الري المذهب الإسماعیلي، ذلک أن منح حریة العمل لداعیة ما و تحقیق النفع السیاسة من ذلک أن منح حریة العمل لداعیة ما و تحقیق النفع السیاسي من ذلک فیما یحتمل – عداءً للخلافة العباسیة – هو أمر آخر غیر اعتناق مذهب أو دین.

وفي تلک الفترة وربما في الوقت الذي کان فیه أبوحاتم یتمتع بمکانة مؤاتیة لدی مرداویج، حدثت مناظرات بینه و بین محمد بن زکریا الرازي (تـ 313هـ/925م) بحضور مرداویج (ظ: الکرماني، الأقوال، 2-3) مما له أهمیة خاصة في المدرسة الإسماعیلیة من حیث الأثر الذي ترکته علی المفکرین اللاحقین. وقد أورد أبوحاتم تفاصیل هذه المناظرات في کتابه أعلام النبوة، وانبری بشکل خاص لشرح آرائه هو في الرد علیه، ولم یذکر الرازي بالاسم في هذا الکتاب بل اکتفی بالإشارة إلیه بالملحد (مثلاً ظ: ص 3، 71، 117، مخـ)، إلا أن حمید‌‌الدین الکرماني الذي کان من بین من جاؤوا بعده کشف عن هویته وأعلن أنه کان محمد بن زکریا الرازي (ظ: ن.م، 9).

أفل نجم أبي حاتم والإسماعیلیة في بلاد الدیلم و طبرستان سریعاً. یقول نظام الملک إن أبا حاتم بشر الناسَ في الدیلم بأن إماماً سیظهر في القریب العاجل، فمال إلیه کثیر من الناس. ولما لم یتحقق ماقاله عاداه الناس و عزموا علی قتله فاضطر للفرار (ص 256-257)، إلا أن مایبدو أقرب إلی الصحة بشأن سبب فرار أبي حاتم هو أن مرداویج الذي کان یدعم الإسماعیلیة بادئ الأمر غضب علیهم في 321هـ/933م و شرع بقتلهم (سترن، 66-67؛ بدوي، 2/190). وقد اضطر أبوحاتم منذ ذلک الحین حتی وفاته إلی أن یعیش مستتراً (حسن، ن.م، 248؛ غالب، 98). وتحدث الإسفراییني عن قتل أبي حاتم (ص 125)، إلا أنه لایُعلم مدی صحة ذلک.

وبعد وفاة أبي حاتم عمت الفوضی صفوف الإسماعیلیة في إیران فتخلی کثیر منهم عن مذهبه، وظل الإسماعیلیة لفترة من بعده في حیرة، وأخیراً أوکلوا الزعامة إلی الثنین: عبدالملک الکوکبي في «گرده کوه» وإسحاق في الري (نظام الملک، 257). وربما کان إسحاق هذا هو أبایعقوب إسحاق بن أحمد السجزي (أو السجستاني) مقـ: 331هـ/ 943م) الذي کان تلمیذ أبي حاتم أو صدیقه (ظ: حسن، ن.م، 251-252، تاریخ، 471). ویری الإسفراییني أن خلفاء أبي حاتم کانوا اثنین: محمد ابن أحمد النسفي في ماوراء النهر، وأبویعقوب السجزي في سجستان (ن.ص).

کان تلأبي حاتم في بعض المسائل خلافات مع رفیقه و مثیله في المعتقد أبي عبدالله محمد بن أحمد النسفي، وألّف کتاب الإصلاح في تقویم آرائه التي کانت قد وردت في المحصول. فألف أبویعفوب إسحاق ابن أحمد السجستاني تلمیذ النسفي کتاباً بعنوان النصرة تأییداً لکتاب أستاذه المحصول، وحاول حمید‌‌الدین الکرماني فیما بعد في کتابه الریاض في الحکم بین لاصادین صاحب الإصلاح و صاحب النصرة، التوفیق بین آراءأبي حاتم و السجستاني (ظ: ص 49-50؛ أیضاً ظ: إیفانوف، ن.م، 25، «دراسات...»، 119)، وقد أعطی الحق في أغلب الحالات لأبي حاتم، کما دافع أحیاناً عن السجزي (إیفانوف، ن.ص).

 

آراؤه

لم یکن أبوحاتم إسماعیلیاً في بادئ الأمر کما یستفاد من لسان المیزان لابن حجر، ثم اعتنق هذا المذهب وأصبح فیما بعد من دعاة الإسماعیلیة (ن.ص). لکن لایعرف الأساس الذي قام علیه قول ابن الندیم من أنه کان ثنویاً أولاً، ثم أصبح دهریاً و عندها مال إلی الزندقة (ن.ص).

وعلی أیة حال، فإن أبا حاتم هو أحد کبار الإسماعیلیة وله أهمیة ومکانة خاصة في تاریخ المذاهب و لافرق، وقد عاش في الزمن الذي ظهرت فیه الخلافة الفاطمیة بمصر، وحدث انشقاق کبیر في صفوف الإسماعیلیة، لذا فإن معرفة الموقف الذي اتخذه تجاه الفاطمیین یحظی بأهمیة خاصة. فاستناداً إلی الشواهد المتوفرظ فإن دعوة أبي حاتم کانت من قِبَل الفاطمیین ولأجلهم (ظ: الهمداني، حسین، الصلیحیون، 251). ووصفه الإسفراییني بأنه من دعاة عبیدالله المهدي (ص 124). وقیل إن أباحاتم زار المغرب قبل قلیل من تسلم المهدي الحکم (297هـ/ 910م) في القیروان (الهمداني، حسین، مقدمة الزینة، 1/26). کما تدل روایة الإسفراییني (ن.ص) علی أنه کان في المغرب یوماً ما. واستناداً إلی إیفانوف فقد جرت العادة أن یرجع دعاة تلک الفترة إلی مرکز الحرکة لأجل نیل درجات أعلی، أو الحصول علی تعالیم خاصة (ن.م، 118). وفضلاً عن ذلک یبدو أن أبا حاتم کان قد تأثر کثیراً بالمدارس التي أسسها عبیدالله في شمال إفریقیا لنشر الدعوة (حسن، عبیدالله، 245).

ورغم أن أبا حاتم – شأنه شأن إسماعیلیة فترة الستر – کان یعتقد برجعة محمد بن إسماعیل بن جعفر الصادق (ع) في آخر الزمان (إیفانوف، ن.م، 156)، لکنه ظل وفیاً للمهدي بعد انشقاق الإسماعیلیة علی مایبدو. وإن أحد الأدلة علی هذا الأمر، رأي القائم بأمرالله (خلافته: 322-334هـ/934-946م) خلیفة المهدي بشأنه. فقد قیل إن کتاب أبي حاتم الزینة حین عُرض علی القائم أثنی علیهکثیراً (إدریس، 169-170). ولو کان یری أبا حاتم معارضاً للمهدي، فمن المستعبد أن یؤیده. وإن قول الکاشاني: إن أبا حاتم کان علی اتصال دائم بأبي طاهر الجنابي و کانا یتبادلان الرسائل بشکل مستمر (ن.ص)، لایمکن أن یحظی بالقبول کثیراً، إلا أن تکون هذه العلاقة والمراسلات في سبیل الدعوة إلی الطریق الذي یبغیه أبوحاتم و منع أبي طاهر من مواصلة السیر علی الطریق الذي کان قد اختطه لنفسه.

ومن حیث المبدأ فقد کان أبوحاتم نفسه من أصحاب الرأي في مسألة الإمامة وجاء بتعالیم جدیدة بشأن مبدأي الستر والظهور، وصاغ نظریات الإسماعیلیة في هذا المجال بأسلوب جدید (حسن، عبیدالله، 243، 247؛ غالب، 97). وکان أبوحاتم کبقیة الإسماعیلیة یعتقد بمذهب التعلیم وأن المصدر الحقیقي الوحید للمعرفة هو الإمام، وهو یثبت في أعلام النبوة بمهارة ضرورة وجود إمام وهادٍ إلهي للبشر (ص 4-9).

ومن آراء أبي حاتم الملفتة للانتباه رأیه في باب مراتب صدور العالم عن ذات البارئ. ویقول استناداً إلی حدیث ینسبه إلی الإمام الصادق (ع): إن أول خلق الله التوهم. وإذا توهم الله شیئاً أبدعه، وقبل أن یظهر فهو في غایة اللطافة. ولیس للتوهم وزن ولون و حرکة ولایُسمع ولایُحس. والخلق الثاني هو الحروف. والحروفلیس لها وزن ولون، ولاتُری، إلا أنها تُسمع و تجري علی الألسن. والخلق الثالث کل ماکان بالحروف موصوفاً في الأنواع کلها، و هو ملموس محسوس ذو وزن، منظور إلیه. والله سابق للتوهم و التوهم سابق للحروف، والحروف التي تکلم الله بها غیر منعونة بالإحداث، والحروف المحدثة هي غیر کلام الله (الزینة، 1/66-68). إضافة إلی هذا الرأي فإنه یستشف منکتابه الإصلاح أنه کان قائلاً بنظم من الأفلاطونیة الحدیثة لمراتب العالم. ففي هذه النظریة یکون أول مخلوق یظهر (المبدَع الأول) هو العقل. و من العقل تصدر النفس عن طریق الانبعاث. ویقوم العقل و النفس کلاهما یصنع العالم اللطیف، ثم یدتي بعدهما العالم الکثیف، أو العالم المادي. وأعلی المراتب في هذا العالم هما الهیولی والصورة. وهذا الاثنان غیر منبعثین من النفس، بل هما آثار تفکیره. یعتقد أبوحتم بعد قوله بالخالق الواحد و المخلوقینِ الأولینِ بثلاثة أنواع من المادة: الأول: وهمي صرف وهي حالات النفس؛ الثاني: الأفراد، أو الطبائع الأربع؛ الثالث: العناصر، أو الدمهات التي تتکنون من ترکیب الطبائع الددربع، و من امتزاجها تظهر الجواهر الأربعة (إیرانیکا، I/315؛ إیفانوف، ن.م، 141-142).

وبعض المسائل التي یرتضیها أبوحاتم مما ورد في الریاض لحمید‌‌الدین الکرماني هي: النفس بذاتها تامة لأنها انبعثت من العقل الأول الذي هو تام (ص 53). وکما أن النفس المنبعثة من العقل الأول تامة فإن الهیولی المنبعثة من النفس تامة أیضاً. وکذلک الصورة المنبعثة عن الهیولی (ص 129). الإنسان نتاج العالم بکلیته، ووجود العالم هو لأجله. الإنسان نظیر العالم بأسره ولاجزء من أجزاء العالم نظیره، جمع کل جواهر العالم في نفسه، وبذلک دعي بالعالم الصغیر (ص 127، 143). إلا أن الإنسان و بسبب الجوهر الشریف الذي یملکه (النفس الناطقة) له فضیلة علی کل العالم (ص 148-149).

إن إحدی القضایا المهمة في المنظومة الفکریة والعقائدیة لأبي حاتم هي أنه کان یری القدر مقدماً علی القضاء.فقد تحدث في بابین من کتابه الزینة عن تقدم القدر علی القضاء 2/135-141). ودلیله هو أن القدر هو التقدیر، والقضاء تفصیل، والتفصیل لایقبل الصورة إلا بعد التقدیر (ظ: الکرماني، الریاض، 153).

 

آثاره

1. الزینة في الکلمات الإسلامیة العربیة، کتاب في لامصطلحات الإسلامیة دونت دون ترتیب. وقد سعی فیه أبوحاتم للعمل کعالم لغوي، ولم یبدِ فیه آراءه الخاصة. حقق حسین بن فیض الله الهمداني الجزأین الأول والثاني ن هذا الکتاب و طبعهما في القاهرة (1957 و 1958م). بینما حقق الجزء الثالث منه عبدالله سلوم السامرائي و طبعه ببغداد مع کتابه الغلو والفرق الغالیة (1392هـ/1972م).

2. أعلام النبوة، ردود أبي حاتم الرازي علی آراء محمد بن زکریا الرازي، وهو یتضمن الأدلة علی تدعیم الأصول والعقائد‌‌الدینیة. وفي هذا الکتاب أیضاً لم یشر المؤلف کثیراً إلی آرائه الخاصة و مذهبه الذي یرتضیه، إلا أن شواهد من المذهب الإسماعیلي تلوح في شتی مواضع الکتاب. طبع هذا الکتاب عدة مرات و منها طبعة بطهران بتحقیق صلاح الصاوي، و غلام رضا أعواني (1356ش).

3. الإصلاح، کتبه أبوحاتم في إصلاح نظریات أبي عبدالله النسفي (صاحب المحصول). وقد دعاه بروکلمان الإصلاح في التأویل، وقال إنه في معرفة القصص القرآنیة (GAL, S,I/323؛ أیضاً ظ: إیفانوف، «الأدب»، 25-26). واستناداً إلی سزگین فإن هذا الأثر هو تفسیر للقرآن قائم علی أساس الفکر الإسماعیلي (GAS, I/573)، ویبدو أنه أقدم کتاب إسماعیلي موجود شرح فیه کلام هذا لامذهب علی أسس الفلسفة الأفلاطونیة الحدیثة (إیرانیکا، ن.ص). وقد فقد في العصور السالفة قسم من بدایة الکتاب الذي یحتمل أنه کان یضم مقدمته وجزءاً من بدایة المتن (إیفانوف، ن.ص، «دراسات»، 127). توجد منه نسخة کتبت في 1313 هـ محفوظة في بومباي (مجموعة فیضي، رقم 11).

4. الجامع، في الفقه، وکان موجوداً علی عهد ابن الندیم الذي رآه (ص 189).

5. الرجعة، کتاب منسوب لأبي حاتم لا أثر له الیوم (إیفانوف، «الأدب»، 26؛ بدوي، 2/192).

 

المصادر

ابن حجر العسقلاني، أحمد، لسان المیزان، بیروت، 1390هـ/1971م؛ ابن الندیم، الفهرست، تقـ: فلوغل، لایبزک، 1872م؛ أبوحاتم الرازي، أحمد، أعلام النبوة، تقـ: صلاح الصاوي و غلام رضا أعواني، طهران، 1356ش؛ م.ن، الزینة، تقـ: حسین بن فیض‌الله الهمداني، القاهرة، 1957-1958م؛ إدریس بن الحسن، عیون الأخبار و فنون الآثار، تقـ: مصطفی غالب، بیروت، 1975م؛ الإسفراییني، شاهفور، التبصیر في‌‌الدین، تقـ: محمد زاهد الکوثري، القاهرة، 1374هـ/1955م؛ بدوي، عبدالرحمان، مذاهب الإسلامیین، بیروت، 1973م؛ البغدادي، عبدالقاهر، الفرق بین الفرق، تقـ: محمد زاهد الکوثري، القاهرة، 1367هـ/1948م؛ تامر، عارف، مقدمة و حواش علی الریاض (ظ: همـ، الکرماني)؛ حسن، حسن إبراهیم، تاریخ الدولة الفاطمیة، القاهرة، 1964م؛ م.ن و طه أحمد شرف، عبیدالله المهدي، القاهرة، 1947م؛ غالب، مصطفي، أعلام الإسماعیلیة، بیروت، 1964م؛ القاضي عبدالجبار، «تثبیت دلائل نبوة سیدنا محمد (ص)»، أخبار القرامطة، تقـ: سهیل زکار، دمشق، 1402هـ/1982م؛ القزویني الرازي، عبدالجلیل، نقض، تقـ: جلال‌‌الدین محدث أرموي، طهران، 1358ش؛ الکاشاني، عبدالله، زبدة التواریخ، تقـ: محمدتقي دانش پژوه، طهران، 1366ش؛ الکرماني، أحمد، الأقوال الذهبیة، تقـ: صلاح الصاوي، طهران، 1356ش؛ م.ن، راحة العقل، تقـ: مصطفی غالب، بیروت، 1983م؛ م.ن، الریاض، تقـ: عارف تامر، بیروت، 1960م؛ نظام الملک، الحسن، سیاستنامه، تقـ: جعفر شعار، طهران، 1358ش؛ الهمداني، حسین، الصلیحیون و الحرکة الفاطمیة في الیمن، القاهرة، 1955م؛ م.ن، مقدمة وحواش علی الزینة (ظ: همـ، أبوحاتم الرازي)؛ الهمداني، عباس، ملحق الصلیحیون (ظ: همـ، الهمداني، حسین)؛ یاقوت، البلدان؛ وأیضاً:

GAL, S; GAS; Iranica; Ivanow, W., Ismilli Literature, Tehran, 1963; id, Studies in Early Persian Ismaillism, Leiden, 1948; Stern, S. M., «The Early Ismāīlī Missionaries…», Bulletin of the School of ORIENTAL AND African Studies, London, 1960, vol. XXIII.

مسعود جلالي مقدم/ هـ.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: