الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / التاریخ / أبوجعفر بن شیرزاد /

فهرس الموضوعات

أبوجعفر بن شیرزاد

أبوجعفر بن شیرزاد

تاریخ آخر التحدیث : 1442/12/21 ۲۰:۵۰:۵۵ تاریخ تألیف المقالة

أَبوجَعفَرِ بنُ شیرزاد، محمد بن یحیی بن زکریا بن شیرزاد (کان حیاً في 335هـ/946م)، کاتب ووزیر و أمیر أمراء بغداد. لانعرف شیئاً عن بدایة حیاته و کیفیة دخوله إلی بلاط الخلافة.

تحدث عنه أبوعلي مسکویه 01/163-164) في أحداث 315هـ/927م وقال بأنه کان یکتب لهارون بن غریب الخال – المقربمن الخلیفة – و ینظر في جمیع أموره، فأُطمع هارون فیه و قُرِّف بجنایات عظیمة، فقبض علیه وسلمه إلی مؤنس الخادم. و کان له أخ یدعی أبا الحسن زکریا یعمل کاتباً لخالة المقتدر، فتوسل عن طریقها بالسیدة – أم المقتدر – فأطلقت سراحه، إلا أن هارون بنغریب تقدم بشکوی إلی الوزیر علي ابن عیسی ابن الجراح ادعلی فیها أن أبا جعفر اقترض منه أموالاً کثیرة، وبرّأه علي بن عیسی منتلک الاتهامات بعد تحقیقة في الأمر (ن.ص) وألحقه في زمرة المقربین و الکتّاب.

وخلال تلک السنوات التي کانت فیها الخلافة والوزارة تعانیان من الاضطراب، استطاع أبوجعفر أن یحصل علی أموال و أملاک کثیرة من خلال تولیه لعدد من المناصب الدیوانیة. و قد استقطبت أمواله اهتمام أبي جعفر محمد بن القاسم بن وهب وزیر القاهر فألقاه في السجن بعد اتهامه بأنه قد تقلد أعمالاً جلیلة وابتاع من المبع ضیاعاً کثیرة. فتوسط أبویعقوب إسحاق بن إسماعیل فأخذ الوزیر خطه بعشرین ألف دینار وأطلق إلی منزله (الهمداني، 1/79؛ أبوعلي مسکویه، 1/270).

وفي بدایة خلافة الراضي بالله (322-329هـ) زحف هارون بن غریب من‌‌الدینور إلی دار الخلافة طمعاً في الإمارة و تقلُّد رئاسة الجیش ببغداد. وقدم أبو جعفر بن شیرزاد علیه مراراً موفداً من قبل الخلیفة لصرفه عن قراره، وقد قُتل هارون في ظل تلک الظروف (م.ن، 1/306-309). وفي 323هـ توفي إبراهیم بن خفیف صاحب دیوان النفقات و تقلد أبوجعفر بن شیرزاد موضعه (الصولي، 61). ثم أنفذه ابن رائق (ن.ع) أمیردمراء بغداد إلی آل البریدي في 324هـ و کانوا یحکمون علی الأهواز و البصرة (ظ: ن.د، آل البریدي) (م.ن، 86)، کما أنفذه أیضاً في 326 و 327 هـ حتی أصلح بینه و بینأبي عبدالله البریدي (الهمداني، 1/108، 113).

وفي شعبان 325هـ زجّ به أبوعبدالله الکوفي في السجن و کان کاتباً لبجکم، وحُکم علیه بدفع غرامة مقدارها 90,000 دینار (الصولي، 89). وبعد وفاة أبي الفتح الفضل بن جعفر بن الفرات (ظ: ن.د، ابن الفرات) وزیر الراضي، ولّی الخلیفة أبا عبدالله أحمد بن محمد البریدي الوزارة في 327هـ بفضل أبي جعفر ووساطته (الهمداني، 1/113؛ ابن تغري بردي، 3/264). وفي نفس هذا العام أنفذ ابنُ رائق أبا جعفر إلی بجکم بواسط یلتمس الصلح، وکان بجکم قد عُیّن أمیراً لأمراء بغداد بدلاً من ابن رائق (الهمداني، 1/112). فاتخذه بجکم کاتباً له لکنه عزله بعد سنة (م.ن، 1/117). وطبقاً لما أورده الولي (ص 147) فقد جمع بجکم الکتّاب في 329هـ لیعملوا عملاً للأموال في النواحي وکانت حیلة منه، فلما اجتمعوا قبض علی أبي جعفر بن شیرزاد و عیاله. و عزا البعض اعتقاله إلی إشارته عل بجکم بمصاهرة أبي عبدالله البریدي (الهمداني، 1/116)، لکن یبدو أن الثروة التي أخرها هي التي أثارت طمع بجکم، حیث إنه حکم علیه بدقع 150,000 دینار بعد عزله مباشرة (الصولي، ن.ص)، کما استولی علی أمواله بمکیدة (الهمداني، 1/117).

وفي مطلع محرم 329 خرج أبوجعفر من واسط إلی بغداد. وفي صفر من نفس العام دخل أبوعبدالله الکوفي – کاتب بجکم – بغداد لمطالبة أبي جعفر بالمال، فکتب سندات أملاکه باسم بجکم (الصولي، ن.ص). وروی التنوخي هذا الحدث بصیغة أخری یُستشف منها أنه کانت لأبي عبدالله الکوفي علاقة ودیة مع أبي جعفر و کان في موقف الوسیط، حیث أعاد إلیه تلک السندات بعد مقتل بجکم (4/28-42). وطبقاً لهذه الروایة فقد تنکّر أبوجعفر في زي النساء ولجأ إلی دار خالة المقتدر بعد أن بعث إلیه بجکم کلاً من محمد بن ینال الترجمان وأبا بکر النقیب لإلقاء القبض علیه و ظل یعیش مختفیاً في دعة حتی قُتل بجکم فخرج من مخبئه. ثم أمضی بعد ذلک فترة في خدمة بني البریدي. لکنه انفصل عنهم خلال الحرب التي نشبت بینهم و بین حاکم عمان یوسف بن وجیه، فهرب إلی واسط في سفن کثیرة، منضماً إلی أمیر الأمراء توزون، حیث تولّی الکتابة والنظر في أعماله. أما في مرکز الخلافة فقد کان محمد بن ینال الترجمان حاکم بغداد والوزیر أبوالحسن ابن مقلة یخشیان مننفوذ توزون، لهذا کانا یلقیان في روع الخلیفة المتقي أن انضمام أبي جعفر إلی توزون، لهذا کانا یلقیان في روع الخلیفة المتقي أن انضمام أبي جعفر إلی توزون إنما کان بسبب التصالح مع أبي عبدالله البریدي، فکانا یخیفان الخلیفة بهذه الطریقة. وازداد خوف لامتقي عندما دخل أبوجعفر إلی بغداد في محرم 332 مع 300 شخص مبعوثاً من قبل توزون للإمساک بزمام الأمور فیها، وجلس یأمر وینهی دون أن یراجع الخلیفة بشيء (الصولي، 244-245؛ الهمداني، 1/135؛ ابن الأثیر، 8/400-401، 406). ووصل في تلک الأثناء إلی بغداد الجیش الذي استدعاه الخلیفة المتقي من ناصر الدولة ابن حمدان کي یصحبه في ذهابه إلی الموصل، وکان علی رأس ذلک الجیش أبوعبدالله الحسین بن سعید بن حمدان ابن عم ناصرالدولة. واختفی أبوجعفر بن شیرزاد، ثم ظهر ثانیة بعد خروج الخلیفة من بغداد فظلم الناس و عسفهم وصادرهم (م.ن، 8/406). وأشار الهمداني (1/137-138) أن الفسادو الغلاء و المجاعة وانعدام الدمن قد ازداد ببغداد في هذا لاعام حتی هبطت قیمة‌‌ الدینار إلی درهم. وقد ألزم أبوجعفر أهالي المدن الأخری بدفع الإتاوات.

وأورد الصولي (ص 258) أن توزون قد ألحق هزیمة نکراء بالحمدانیین في 332هـ، وقد تصالح الجانبان في شوال من نفس العام بفضل أبي جعفر بن شیرزاد الذي کان یری في قدوم معزالدولة أحمد بن بویه إلی واسط وأخذه لخراجها تهدیداً جدیاً له. وظلت العلاقة بین أبي جعفر وتوزون ودیة، حیث انحاز إلی جانب توزون في حربه مع سیف الدولة (الهمداني، ن.ص). کما أمدّه بالمال والرجال عندما زحف معزالدولة إلی بغداد، بل إنه حرّض فئة من العیارین لمحاربة البویهیین إلی جانب توزون. وانتصر توزون في نهایة المطاف وهرب البویهیون (الصولي، 262)، وازداد أبوجعفر تقرباً من توزون.

وفي 333 هـ عزل توزونُ المتقيَ عن الخلاف وأحلّ المستکفي محله و تصدی أبوالفرج محمد بن علي السامري للوزارة، لکنه لم یکن له من الوزارة سوی الاسم حسبما ذکر الهمداني (1/144)، في حین کان زمام الأمور بید أبي جعفر بن شیرزاد، وفي ربیع الدول من نفس العام قام توزون بتنحیة أبي الفرج من الوزارة و مصادرة أمواله واستوزر أبا جعفر (المسعودي، 4/262؛ أیضاً ظ: الهمداني، 1/145). وانبری خلال وزارته أیضاً لکنز الأموال وانتزاعها من الناس ولم یسثن من ذلک أي أحد، فقد أخذ المال حتی من علي بن عیسی الذي کان قد أسعفه أثناء وزارته وامتنع حتی عن مقابلته. وذهب في نفس هذا لاعام سفیراً للخلیفة وتوزون إلی ناصرالدولة الحمداني الذي تأخّر في إرسال الخراج، وأقرّ الصلح بین الجانبین (ابن الأثیر، 8/446-447).

وفي ذي الحجة 333 توجه أبوالحسین البریدي إلی بغداد مستنجداً بتوزون وأبي جعفر بن شیرزاد علی ابن أخیه أبي القاسم فوعداه بالنصر، لکنه شرع یفسد بین هذین الاثنین عندما علم أنهما قد بعثا بخلعة إلی أبي القاسم إزاء مقدار عظیم من المال، فسارع أبوجعفر إلی إلقاء القبض علیه، وضُربت عنقه في حضور الخلیفة بعدما أظهر فتوی سبق أن أصدرها فقهاء بغداد بإباحة دمه (الهمداني، ن.ص؛ ابن کثیر، 11/211).

وفي مطلع محرم 334 زحف أبوجعفر إلی هیت لتخلیص أموالها، فتصالح حاکمها معه بعد أن دفع مبلغاً من المال. وفي 12 محرم وصل إلیه خبر وفاة توزون و هو مایزال في هیت. ویبدو أنه کان یرید الإمارة لناصر الدولة، إلا أنه تولاها بنفسه في أخر المطاف وقدم بغداد وحلف للخلیفة بحضور القضاة والعدول وقسّط أرزاق الجند علی الکتّاب والعمال والتجار وقد بالغ في الاستیلاء علی أموال الناس، حتی قیل إذا استطاع أحدٌ أن یجلب قوتاً لعیاله، فإن اثنین من المخبرین یدعی أحدهما هاروت والاخر ماروت، کانا یخبران الأمیر بذلک فیأخذه منه. وانقطعت المؤن والبضائع عن بغداد و عمّها القحط بسبب الضرائب التي کان یفرضها علی کل شيء (الهمداني، 1/146-147؛ ابن الأثیر، 8/338-449). وتسلّط الجند علی العامة وهرب دعیان بغداد (ابن تغري بردي، 3/285).

وزحف في تلک السنة أبوالحسن أحمد بن بویه (معزالدولة) إلی بغداد فتواری ابن شیرزاد عن الأنظار خوفاً منه، وکان قدمرّ علیه في إمارة الأمراء ثلاثة أشهر و خمسة أیام. استتر الخلیفة هو الآخر عند دخول ابن بویه إلی بغداد، ثم ظهر عندما غادرها الأتراک والتقی ابن بویه وقلّده منصب إمارة الأمراء و أخذ منه الأمان لمجموعة من بینهم ابن شیرزاد (الهمداني، 1/148؛ ابن الأثیر، 8/449-450)، غیر أن معز الدولة عزل المستکفي في شعبان من نفس العام وبایع المطیع بدلاً منه. وحصل أبوجعفر بن شیرزاد بوصفه کاتباً علی مقام الوزارة و هو وإن لم یکن یسمی وزیراً، إلا أنه قام بتدبیر کافة الأمور (المسعودي، 4/277؛ الهمداني، 1/149-150).

واشتدت حدة القحط والموت بسبب الجوع ببغداد في شعبان 334 حتی اضطر الناس إلی أکل الجِیَف. وتغیر معزالدولة علی أبي جعفر واستخانه في الأموال (ابنتغري بردي، 3/286). والتحق أبوجعفر بناصر الدولة ابن حمدان الذي کان في حرب مع معزالدولة وذلک في رمضان من هذا لاعام. ثم عاد مع جیش ناصرالدولة إلی بغداد واستولی علیها وأخذ یدبر أمورها نیابة عنه (ابن الأثیر، 8/453). وراح یدعم ناصرالدولة من بغداد حتی حرّض العیارین علی مقاتلة قوات معز الدولة. وظفر ابن شیرزاد خلال ذلک القتال بکافور خادم معزالدولة. ورداً من معزالدولة علی ذلک صلب شقیقه حیاً ویدعی أباالحسین بن شیرزاد بعد أن ظفر به، فاضطر أبوجعفر إلی إطلاق سراح کافور فحطّ معزالدولة أخاه أیضاً (الهمداني، 1/151). وعندما استولی معزالدولة علی بغداد ثانیة، تحالف معه ناصرالدولة بدون علم الأتراک (بقایا توزون) ولهذا ثاروا علیه فأجبر علی الذهاب إلی الموصل ومعه ابن شیرزاد. ولما تصور أن ابن شیرزاد هو الذي حرض الأتراک علیه فقد سمل عینیه عندما وصل إلی مرج جهینة (م.ن، 1/158) وسلمه إلی وزیره الصیمري (ابن الأثیر، 8/467). وبعث به في الیوم التالي إلی بغداد فحکم علیه معزالدولة بدفع 500 ألف درهم (أبوعلي مسکویه، 2/110). ولانعرف عن حیاته ولاتاریخ وفاته شیئاً منذ ذلک التاریخ.

ویستشف من مناظرته للمستکفي أنه کان یمیل إلی الشعر والأدب أیضاً (المسعودي، 4/263). وکان هناک اعتقاد بأنه کاتب مبارک ومحظوة، حیث یقول لاصولي (ص 255): إنه مازال هارون بن غریب الخال یعلو مادام یکتب له، فلما ترکه، أدبر و انحل أمره؛ وکتب لبجکم فبلغه مالم یبلغ أمیر من المال و الهیبة، وکتب لتوزون فبلغ به مالم یظن الناس أن توزون یبلغه أبداً.

 

المصادر

ابن الأثیر، الکامل؛ ابن تغري بردي، النجوم؛ ابن کثیر، البدایة؛ أبوعلي مسکویه، أحمد، تجارب الأمم، تقـ: ف. آمدروز، القاهرة، 1332هـ/1914م؛ التنوخي، المحسّن، الفرج بعد الشدة، تقـ: عبود الشالجي، بیروت، 1398هـ/1978م؛ الصولي، محمد، أخبار الراضي بالله والمتقي لله، تقـ: هیورث دن، القاهرة، 1936م؛ المسعودي، علي، مروج الذهب، تقـ: یوسف أسعد داغر، بیروت، 1385هـ/ 1965م؛ الهمداني، محمد، تکملة تاریخ الطبري، تقـ: ألبرت یوسف کنعان، بیروت، 1968م.

محمدآصف فکرت/ ت.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: