الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / التاریخ / أبوبکرة /

فهرس الموضوعات

أبوبکرة

أبوبکرة

تاریخ آخر التحدیث : 1442/12/20 ۱۶:۴۰:۳۶ تاریخ تألیف المقالة

أَبو بَکْرَة، نُفَیْع بْن مسروح (تـ 52هـ/672م)، صحابي وأحد موالي النبي (ص). کان اسم أمه سمیة، وهي حسب روایة ابن قتیبة (ص 2889 من أهلِ زندوَرْد (قرب واسط)، وقد أهداها کسری ملک إیران لأبي الخیر ملک الیمن. ولما مرض الملک و عالجه الطبیب العربي الحارث بن کَلْدة الثقفي، أهدی سمیة للحارث. لکن لیس بین أیدینا مصدر آخر یدعم هذا الأمر أو یعرفنا بکسری أو أبي الخیر. کما ذُکر أیضاً أن سمیة کانت تدعی أمَنج حین کانت في زندورد. وقد اختطفها أبوعبدالله ابن الکوّاء الیَشکُري وأسماها سمیة، وظلت عنده حتی عالجه الحارث بن کلدة من مرضه، فأهداها إلی الحارث. واستناداً إلی روایة أخری، فإن سمیة قبل أن تصبح لدی الحارث کانت أمة لدهقان الأبلة (البلاذري، 1/489).

وعن نسب نفیع ذُکر أن سمیة قد وَلَدت في الطائف و ببیت الحارث، نافعاً أولاً ثم نفیعاً. ولما کان نفیع أسود، فقد قال الحارث إن هذا لیس ابني، ولا کان في آبائي أسود؛ فنُسب نفیع إی مسروح غلام الحارث (ن.ص). ونثل عن أبي بکرة نفسه أنه قال: أنا مولی رسول الله (ص)، فإن أبي الناس إلا أن ینتسوني، فأنا نفیع بن مسروح (بن عبدالبر، 4/1614-1615). وقیل أیضاً إنه حین کتب الکاتب في وصیة أبي بکرة: هذا ما أوصی به أبوبکرة صاحب رسول الله، طلب إلیه أبوبکرة أن بمحوه ویکتب: نفیع الحبشة مولی رسول الله (ص9 (الذهبي، تذهیب…، 4/195)، کما طلب إلی ابنته حین حضرته الوفاة أن تندبه في عزائه باسم ابن مسروح الحبشي (ابن سعد، 7/16). ویؤید کلام ابن قتیبة الذي یشیر لعقم الحارث بن کلدة 0ن.ص) هذه الروایات أیضاً.

وحین حاصر المسمون في 8 هـ/ 629م الطائف، نادی منادي النبي (ص): أیما عبد نزل من الحصن و خرج إلینا فهو حر. فکان نفیع في عداد من نزلوا منه، ولما کان قد نزل بواسطة بکرة، فقد اشتهر بأبي بکرة (الواقدي، 2/931؛ ابن سعد، 2/158-159؛ ابن عبدالبر، 4/1615؛ ابن خلکان، 6/363). لکن یستنبط من أنساب البلاذري (1/490) أنه کان معروفاً في الطائف أیضاً بأبي بکرة، و کان ذلک بسبب حبه للبکرة (الفتي من الإبل). وحین أسلمت ثقیف وأرادوا استرجاع عبیدهم، فقال النبي (ص): هؤلاء طلقاء الله وطلقاء رسوله (ابن سعد، 7/15). وکان أبوبکرة حین أسلم في الثامنة عشرة من عمره (ابن حبان، 38)، فأوکل النبي أمر مؤونته إلی عمرو بن سعید بن العاص (الواقدي، 2/932).

وقد شارک أبوبکرة وإخوته في فتح البصرة (ابن الفقیه، 187؛ یاقوت، 1/638)، وکان حاضراً أیضاً عند فتح الأبلة في 14هـ/635م (الطبري، 3/595؛ یاقوت، 1/639). وبعد فتح البصرة أقام هناک، وقیل إنه کان أول من زرع نخلة في البصرة، کما کان ابنه عبدالرحمان أول مولود في تلک المدینة (ابن الفقیه، 188؛ یاقوت، 1/640-641). ونقل عن الحسن البصري أنه لم یقم في البصرة من بین الصحابة من هو أفضل من عمران بن حصین و أبي بکرة (ابن عبدلابر، ن.ص). عین أبوبکرة في 20هـ/641م من قبل الخلیفة الثاني عاملاً علی البحرین والیمامة (ابن الأثیر، 2/569)، وولد ابنه عبدالله في البحرین (ابن سعد، 4/362). وکان من بین الذین لم یشترکوا في معرکتي الجمل وصفین (الخزرجي، 3/99). وعندما دخل علي (ع) البصرة بعد معرکة الجمل، و جاءه عبدالرحمان بن أبي بکرة في المستأمنین لمبایعته، سأله علي (ع) عن حال أبیه، فأقسم عبدالرحمان بأن أباه مریض، ثم تحدث عن محبة أبیه للإمام. فذهب معه الإمام ألی أبیه، فجلس عنده و قال: تقاعدتَ بي وتربصتَ؟ فوضع أبوبکرة یده علی صدره و قالک هذا وجع بیّن. فقبل علي (ع) عذره، واقترح علیه ولایة البصرة فاعتذر أبوبکرة، إلا أنه وافق علی أن یکون مستشاراً للحاکم الذي یعینه الإمام. فعین علي (ع) ابن عباس علی البصرة و أمره أن یتشاور مع أبي بکرة و یسمع کلامه، وأسند الخراج و بیت المال أیضاً إلی زیاد بن عبید أخي أبي بکرة لأمه (ابن الأثیر، 3/256).

ومن بین الأحادیث الـ 132 التي رویت عن أبي بکرة، انفرد البخاري في الصحیح بخمسة، بینما انفرد مسلم في صحیحه بحدیث واحد (المقدسي، 1/169).

کا لأبي بکرة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنکر أسلوب صریح، بل و حاد مع الخلفاء و الأمراء. وقد روی عنه ابنه أنه قال: أخشی أن أدرک زماناً لا أستطیع أن آمر بمعروف ولا أنهی عن منکر (ابن عساکر، 12/87). قد ددی التزامه بالأمور الشرعیة و صراحته وصدقه إلی أن یُعرَّض للاعتداء مرتین علی الأقل. وتقدم مواقفه مع رجال عصره، صورة ناطقة عن أخلاقه و تصرفاته، وفي الحقیقة فإن مابقي عن أبي بکرة في المصادر التاریخیة یتعلق بهذه المواقف:

ففي المرة الأولی وفي 17هـ/ 638م، جلد بأمر من الخلیفة الثاني و کان سبب ذلک أن المغیرة بن شعبة والي البصرة کان علی علاقة غیرشرعیة بامرأة تدعی أم جمیل، فعلم أبوبکرة بتردد المغیرة علی بیتها، وعندما کان المغیرة لدیها، قاد أبوبکرة نافعاً وزیاداً و شبلاً إلی المکان، فرأوا المغیرة وأم جمیل في وضع منکر. وحین وصل الخلیفة نبأ فسق المغیرة استدعی الشهود، فشهد الشهود الثلاثة علی زنی المغیرة بکل حذا فیره، أما الشاهد الرابع زیاد بن عبید، ورغم أنه شهد علی قبح عمل المغیرة، إلا أن ضهادته لم تکن صریحة واضحة إلی الحد الذي یقنع الخلیفة، لذا اعتبرت الشهادة ناقصة، فأمر الخلیفة بجلد الشهود الثلاثة بتهمة القذف، وطلب إلیهم أن یتوبوا عن شهادتهم فتاب شبل و نافع، إلا أن أبابکرة لم یتب بل شهد مرة ثانیة علی ارتکاب المغیرة الزنی، فهمّ الخلیفة بجلده مرة أخری، إلاأن علیاً (ع) قال: لاتفعل ذلک، فإنک إن جعلتها شهادة رجمنا المغیرة لأنه قد تمت علیه أربع شهادات، عندها عفا عنه الخلیفة (البلاذري، 1/490-492). وقد أوردت أغلب المصادر التي ترجمت لأبي بکرة هذه الواقعة بتفاصیلها وقالت إن جسم أبي بکرة أصیب بأذیً بالغ إثر الثمانین جلدة إلی الحد الذي ذبحت معه شاة ثم أُلبس جلدها لتلتئم جروحه (ابن عساکر،12/88؛ الذهبي، سیر …، 3/8؛ ابن خلکان، 6/364-366).

وکانت المرة الثانیة، عندما ولّی معاویة، بسرَ بن أبي أرطاة، البصرةَ، وکان یسبّ علیاً (ع) علی المنبر، فکذبه أبوبکرة الذي کان حاضر المجلس ووصفه بالمفتري، فأمر بسر بضربه فضرب حتی غشي علیه (البلاذري، 1/492)، ویقال إنه أمر بخنقه، إلا أن أبا لؤلؤة الضبي تدخل وحال دون ذلک (ابن الأثیر، 3/414). وعندما لامه أبناؤه علی ذلک، قال إن تکذیبه لبسر لم یکن بنیة تأییدٍ لعلي (ع)، بل لأنه تفوّه بکلام باطل لایتناسب أي جزء منه مع مکانة علي (ع) (البلاذري، ن.ص).

کما خالف أبوبکرة أمر الخلیفة الثاني بشأن مشاطرة أموال العمال (استیفاء نصفه لبیت المال)، و قال للخلیفة: لئن کان هذا المال للَّه فما یحلّ لک أن تأخذ بعضاً و تترک بعضاً، وإن کان للناس فلیس لک أخذه، لکن عمر أغلظ له في القول (الیعقوبي، 2/157). کذلک ذُکر أنه علی عهد سمرة بن جندب (أحد رجال شرطة زیاد) جاء رجل خراساني إلی البصرة ودفع الزکاة وأخذ سنداً بذلک، ودخل المسجد و شرع بالصلاة، إلا أنه قطع رأسه في المسجد بأم من سمرة وبتهمة کونه من الخوارج. فخاطب أبوبکرة الذي شهد ذلک المشهد الوالي قائلاً: «قد أفلح من تزکّی وذکر اسم ربّه فصلّی» (الطبري، 5/292؛ ابن أبي الحدید، 4/77).

وکان أبوبکرة متألماً جداً من أخیه لأمه زیاد بن عبید، وعندما أدت شهادة زیاد إلی إنقاذ المغیرة وجلد أبي بکرة، أقسم الأخیر علی أن لایکلم زیاداً مادام حیاً. وهکذا فعل (ابن سعد، 7/16)، إلا أن أکثر تألمه کان مبعثه أن زیاداً ربط نسبه بمعاویة وأبي سفیان. ولم یکن أبو بکرة لیقبل هذا الادعاء، بل کان یقول إن زیاداً هو ابن عبید (العبد الرومي لسفیة ابنة عبید بن أسید الثقفي)، وإن أباسفیان لم یرّ سمیة قط في لیل ولانهار (البلاذري، 1/493).

وعندما عزم زیاد علی الحج، خاطب أبوبکرة ابنَ زیاد و أبوه یسمع، فقال: إن أباک هذا أحمق، قد فجر في الإسلام ثلاث فجرات؛ أما الأولی: فکتمانه الشهادة عن المغیرة، والله یعلم أنه رأی مارأینا؛ والثانیة: انتفاؤه من عبید وادّعاؤه إلی أبي سفیانغ والثالثة: إنه یرید الحج وأم حبیبة بنت أبي سفیان وزوج رسول الله (ص) هناک، وقد آدعی أنها أخته، فإن أذنت له کما تأذن الأخت لأخیها، فأعظم بها مصیبةً علی رسول الله (ص)، وإن هي حجبته و تستّرت منه فأعظم بها حجةً علیه. و حین أتم أبو بکرة کلامه قال له زیاد: ما تترک النصیحة لأخیک علی حالٍ. ثم لم یذهب تلک السنة إلی الحج (م.ن، 1/493-494).

کان أبوبکرة علی فراش المرض حین زاره أنس بن مالک لیصالحه مع زیاد، و خلال الحدیث معه ذکّره کیف أن زیاداً منح أبناء أبي بکرة جاهاً و مقاماً! فقال أبوبکرة: هل زاد علی أنه أدخلهم النار؟ فلما قال أنس في جوابه: إن زیاداً مجتهد، قال أبو بکرة: إن خوارج حروراء أیضاً کانوا یرون أنفسهم مجتهدین (الذهبي، ن.م، 3/9)، بل وأوصی بأن لایصلي زیاد علی جنازته (ابن عبد ربه، 5/9). ومع کل هذا فعندما ولي بسر بن أبي أرطاة البصرة، ط 41هـ/661م وألقی بأبنائ زیاد في السجن و عزم علی قتلهم، هرع أبوبکرة إلی معاویة لإنقاذهم من الموت، بسرعة إلی الحد الذي ماتت تحته دابتان في الطریق (الطبري، 5/167).

وعندما أبلغ الحکم بن أبي العاص الثقفي أهل البصره بنبأ وفاة الإمام الحسن (ع)، فبکی الناس، وسمع أبوبکرة الضجة و هو علی فراش المرض، فسأل ما الخبر؟ فقالت امرأته میسة مات الحسن فالحمدلله الذي أراح الناسَ منه، فقال أبوبکرة: اسکتي ویحک، فقد أراحه الله من شرکثیر، وفَقَدَ الناس بموته خیراً کثیراً (ابن أبي الحدید، 16/11).

توفي أبو بکرة في البصرة، فصلی علیه أبو برزة الأسلمي وکانا متأخیین (خلیفة بن خیاط، 1/125). واعتبر تاریخ وفاته في 51هـ (ابن عبدالبر، 4/1615)، و53 و 59هـ أیضاً (ابن حبان، 38). وقد وردت وصیته المختصرة في تهذیب الکمال للمزي (19/180)وبعض المصادر الأخری. روی عنه الحدیث أمثال إبراهیم بن عبدالرحمان بن عوف والأحنف بن قیس والأشعث بن ثرملة البصري و الحسن بن أبي الحسن البصري وربعي بن حراش الغطفاني وعبدالرحمان بن أبي بکرة وأم عبدالرحمان زوجة أبي بکرة (ابن عساکر 12/82؛ المزي، تحفة …، 35-58).

خلف أبوبکرة 40 ولداً من بینهم 7 ذکور صار لهم أعقاب وأولاد: عبدالله و عبیدالله و عبدالرحمان و عبدالعزیز و مسلم وروّاد و عتبة (ابن قتیبة، 288)، وقد قرّبهم زیاد و منحهم الإمارات و الولایات، وقد تخلوا عن نسبنهم بالولاء إلی رسول الله (ص) والتحقوا بالحارث بن کلدة الثقفي حتی ردّهم المهدي الخلیفة العباسي مرة أخری أخری إلی زمرة موالي النبي (ص) (ابن الأثیر، 6/47).

 

المصادر

ابن أبي الحدید، عبدالحمید، شرح نهج البلاغة، تقـ: محمد أبوالفضل إبراهیم، القاهرة، 1378-1383هـ/ 1959-1964م؛ ابن الأثیر، الکامل؛ ابن حبان، محمد، مشاهیر علماء الأمصار، تقـ: م. فلایشهمر، القاهرة، 1379هـ/1959م؛ ابن خلکان، وفیات؛ ابن سعد، الطبقات الکبری، بیروت، دار صادر؛ ابن عبدالبر، یوسف، الاستیعاب، تقـ: علي محمد البجاوي، القاهرة، مکتبة نهضة مصر؛ ابن عبدربه، أحمد العقد الفرید، تقـ: أحمد أمین و آخرون، بیروت، 1402هـ/1982م؛ ابن عساکر، علي، تاریخ مدینة دمشق، النسخة المصورة الموجودة في مکتبة المرکز؛ ابن الفقیه، أحمد، مختصر کتاب البلدان، تقـ: دي خویه، لیدن، 1302هـ؛ ابن قتیبة، عبدالله، المعارف، تقـ: ثروت عکاشة، القاهرة، 1960م؛ البلاذري، أحمد، أنساب الأشراف، تقـ: محمد حمیدالله، القاهرة، 1959م؛ الخزرجي، أحمد، خلاصة تذهیب تهذیب الکمال، تقـ: محمود عبدالوهاب فاید، القاهرة، مکتبة القاهرة؛ خلیفة بن خیاط، کتاب الطبقات، تقـ: سهیل زکار، دمشق، 1966م؛ الذهبي، محمد، تذهب التهذیب، النسخة المصورة الموجودة في مکتبة المرکز؛ م.ن، سیر أعلام النبلاء، تقـ: محمد نعیم العرقسوسي و مأمون صاغرجي، بیروت، 1405هـ/ 1985م؛ الطبري، تاریخ؛ المزي، یوسف، تحفة الأشراف، تقـ: عبدالصمد شرف‌الدین، بومباي، 1397هـ/1977م؛ م.ن، تهذیب الکمال، النسخة المصورة الموجودة في مکتبة المرکز؛ المقدسي، عبدالغني، الکمال في معرفة الرجال، النسخة المصورة الموجودة في مکتبة المرکز؛ الواقدي، محمد، المغازي، تقـ: مارسدن جونز، لندن، 1966م؛ یاقوت، البلدان؛ الیعقوبي أحمد، تاریخ، بیروت، 1379هـ/1960م.

محمد آصف فکرت/ هـ.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: