أَبوبَکْرِبنُ أَحْمَدَ الْمَرْوَزْيّ، فنان في صناعة الأدوات المعدنیة عاش في القرنین 5 و 6ه/ 11 و 12م. تستند معلوماتنا عن حیاة هذا الفنان إلی ما خلفه من آثار فنیة فحسب. و هذه الآثار 6 طناجیر مسبوکة من البـرونز، کل و احدة منهن ذات 4 زوائـد خارجة عن حافتها، مع مقبضین، وُضع شکل کذیل طائر السنونو علی کل واحد من ذلکما المقبضین المتقابلین من الزوائد الأربع تلک. یقف هذا الطنجیر علی 3 أرجل مخروطیة الشکل، وقد کتب علی واحدة من الزائدتین الخالیتین من المقبض بخط کوفي و بطریقة إیرانیة عبارة: «عمل أبو بکر بن أحمد مروزي»، مما دل علی أنه من أبناء مرو التي کانت واحدة من 4 مدن تشکل خراسان الکبری. وفي وسط کل واحدة من الزائدتین المتقابلتین یوجد مثعب لتفریغ السوائل التي توضع في داخل الطنجیر، زُین کل جانب منه بنقوش.

توجد هذه الاثار في متاحف و مجامیع مختلفة: طنجیر واحد ضمن مجموعة ستیوارت کراي ولش الخاصة بمدینة کمبردیدج بمساشوستس، وآخر ضمن مجموعة موزر في المتحف التاریخي لمدینة برن بسویسرا (مایر، 24). وقد أشار فان برخم في مذکراته التي لم تنشر بعد إلی طنجیر آخر شبیه بهذا احتمل مایر (ن.ص) أنه واحد من الوعائین المذکورین. أما أثره الثالث فمحفوظ في المتحف الأنثروبولوجي بمدینة سان بطرسبورغ، والرابع في متحف الفنون الجمیلة الجیورجیة بمدینة تبیلیسي (إیرانیکا، I/263). والخامس والسادس محفوظان علی التوالي في مجموعة خاصة بناحیة کوباتشي (داغستان) و في المتحف التاریخي لجامعة داغستان في قلعة ماخاش (ن.ص؛ شیخ سعیدوف، 41).

تشکل الطناجیر التي صنعها أبوبکر المروزي قسماً من مجموعة أوعیة متشابهة مصنوعة في خراسان کان دالماني قد عرّف بها لأول مرة (ص 352-353)، وعرض نموذجاً واحداً منها من مجموعته الخاصة في معرض موناکو (1910م) (شراتو، 687).

اعتبرد الماني (ن.ص) أن تلک الطناجیر من صناعة خراسان، لکنه نسب مصدرها إلی طوائف السکیشیین و قال: خلال عملیات التنقیب التي جرت في خراسان عثر علی عدد کبیر منها تحت الثری. وفي الدراسات التي أُجریت بعده، أُکد أیضاً علی وجود العلاقة بین هذه الدوعیة و حیاة القبائل الرحل الأوروبیین – الآسیویین لمناطق السهوب (شراتو، 688-689). والقسم الأعظم من هذه الأوعیة ذو قطر یتراوح بین 35 إلی 45سنتیمتراً وشکل بسیط. أما من حیث نقوش الزینة والکتابة التي علی الزوائد و شکل المقبض فهي تتفاوت من واحدٍ لآخر. وقد أعد شراتو فهرساً ضم وصف 33 طنجیراً من هذا النوع، وصنف عدداً منها تحت عنوان «قدور المیمنة» (ص 689, 689-692). وتثبت دراسات علم الإنسان التي قام بها سیلنغ في بلاد القفقاس الجنوبیة، وکذلک العثور علی نماذج قدیمة من الطناجیر إلی جنب الجدید منها والتي استمرت صناعتها حتی 1936م، أن الصناعات الیدویة للفنانین الخراسانیین کانت قد انتقلت في الزمن الماضي إلی القفقاس، ثم انبری اصناع المحلیون بعد ذلک للاقتباس منها (م.ن، 688). وهذه المصنوعات هي نفسها التي اشتهرت فیما بعد بأسماء القدور «الکوباتشیة» و «الشروانیة» و«الألبانیة» و «الأرّانیة» و «الجیورجیة (شیخ سعیدوف، 38-39).

ویعزو أوریلي صناعة الطناجیر ذات الکتابة ومنها آثار أبي بکر أحمد إلی القرنین 6 و 7 هـ آخذاً بنظر الاعتبار أشکال حروف الکتابة والنقوش والزینة (م.ن، 39). ورغم أن المحققین الذین جاؤوا بعده قد تابعوا هذا الرأي، إلا أن التشابه بین کتابات هذه ادوعیة و بین خطوط نسخ القرآن التي کتبت بالطریقة الکوفیة – الإیرانیة في القرن 5 هـ و منها نسخة القرآن التي کتبها عثمان بن الحسین الوراق في 466هت و النسخة الأخری مننفس هذه المجموعة المکتوبة بخط أبي بکر أحمد بن عبدالله الغزنوي في 573هـ (لنغز، 18) یمکن اعتبار زمن صناعة طناجیر أبي بکر واقعاً في القرنین 5 و 6 هـ. ولهذا السبب فإن العصر الذي حدده أوربلي لصناعة هذه الآثار مدعاة للشک و النظر، ذلک أن مدن خراسان المهمة وخاصة مرو – مسقط رأس أبي بکر وباحتمال یقرب من الیقین مکان ثناعة طناجیره – والتي دُمرت خلا الهجوم المغولي مطلع القرن 7 هـ، کانت ماتزال مدمرة حتی القرن 8 هـ (ظ: یاقوت، 4/509؛ الجویني، 1/127؛ ابن بطوطة، 1/388).

المصادر

ابن بطوطة، محمد، رحلة، تقـ: محمد عبدالمنعم العریان و مصطفی القصاص، بیروت، 1407هـ/1987م؛ الجویني، عطاملک، تاریخ جهانگشاي، تقـ: محمد قزویني، لیدن، 1329هـ/ 1911م؛ دالماني، هنري، سفرنامه أز خراسان تا بختیاري، تجـ: فره‌وشي، 1335ش؛ یاقوت، البلدان؛ وأیضاً:

Iranica; Lings, M., The Quranic Art of Colligraphy and Illumination, London, 1976; Mayer, L. A., Islamic Metalworkers and their Works, Genva, 1959; Scerrato, U., «Oggetti metalliei di età islamica in Afghanistan», Annali Napoli, 1964, vol. XIV; Shikh Saidov, A. R., Nadpisi Rasskazyvaiut, Makhachala, 1969.

محمدحسن سمسار/ هـ.