الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الادب العربی / أبو إسحاق الإلبیري /

فهرس الموضوعات

أبو إسحاق الإلبیري

أبو إسحاق الإلبیري

تاریخ آخر التحدیث : 1442/12/19 ۲۱:۵۰:۵۳ تاریخ تألیف المقالة

أَبْو إسْحاقَ الإِلبیريّ، إبراهیم بن مسعود بن سعید التُّجیبي (تـ 459 أو 460هـ/1067 أو 1068م)، شاعر وفقیه مالکي من أواخر العصر الأموي و عهد ملوک الطوائف في الأندلس. تعود شهرته لقضائده الزهدیة والحکمیة من جهة، وإلی دوره في قتل یهود غرناطة في 459هـ من جهة أخری. لایعلم تاریخ مولده، لکن لما کان تلمیذ أبي عبدالله ابن أبي زمَنین (تـ 399هـ) (ابن عطیة، 1234؛ القاضي عیاض، 4/828؛ ابن الأبار، 1/136)، یمکن الحدس بأنه ولد في أواسط النصف الثاني من القرن 4 هـ/ 10م (الدایة، 8). واختلف أیضاً في مسقط رأسه فقد اعتبره ابن الأبار من أهل غرناطة (ن.ص)، لکن ابن سعید ذکر أن مسقط رأسه کان في حصن العُقاب من توابع إلبیرة (2/132). کما أن نسبة «الإلبیري» دالة علی أن مولده في إلبیرة. ومع الأخذ بنظر الاعتبار قرب هذه المدن الثلاث من بعضها، یمکن قبول الرأي الذي جمع بموجبه الدایة بین هذه الروایات الثلاث و القول بأن أبا إسحاق ولد في حصن العقاب، ثم ذهب بعد ذلک إلی إلبیرة وآثر الإقامة مدة طویلة فیها، وأخیراً وعندما بدأت إلبیرة في مطلع القرن 5هـ/ 11م توشک علی الخراب إثر الهجرة الجماعیة للناس عنها (ص 115-166)، اتجه إلی غرناطة والقی عصا الترحال فیها (م.ن، 7؛ قا: البستاني).

کان أشهر أساتذته في إلبیرة – کما ذکرناه آنفاً – هو أبا عبدالله ابن أبي زمنین الذي روی أبوإسحاق جمیع آثاره (ابن عطیة، القاضي عیاض، ن.صص). وقد بلغ بعد ذلک درجة الأستاذیة في الفقه و الحدیث والقراءات، وقد استفاد من مجالس درسه فقهاء أمثال أبي محمد عبدالواحد بن عیسی الهمداني و أبي حفص عمر بن خلف الهمداني وصاروا من بین تلامیذه والرواة عنه (ابن عطیة، القاضي عیاض، ابن الأبار، ن.صص؛ ابن جابر، 183؛ الدایة، 8). واشتغل لفترة أیضاً کاتباً لدی أبي الحسن علي بن توبة الذي کان خلال فترة حکم بادیس بن حَبّوس (430-466هـ) قاضیاً لغرناطة (ابن الزبیر، 78؛ ابن الخطیب، الإحاطة، 4/82؛ الدایة، 9).

اتفقت سنوات إقامته بغرناطة مع العهد الذي کان یحکم فیه بنوزیري في تلک المدینة. ومن أجل إدارة المجتمع العربي لغرناطة، قام أمراء هذه السلالة الذین کانوا من بربر صنهاجة بفسح المجال لعائلة یهودیة تعرف ببني نَغریلة (أو نَغرالّة) ووضعوا بأیدیهم مقالید الأمور (دوزي، III/19؛ عبدالله زیري، 31-32؛ مونرو، 27). وقد تسنم اثنان من أفراد هذه الأسرة منصب وزارة الأمراء الزیریین: الدول إسماعیل بن نغریلة (تـ 448هـ) الوزیر المتنفذ لتلک السلالة، ثم ولده یوسف من بعده. لکن یوسف الذي کان رجلاً محباً للظهور، سعی شیئاً فشیئاً إلی أن یسیطر علی کافة شؤون الدولة، بل و تمکن من خلال تشکیله شبکة من عملائه، من أن یتحکم في الأمیر بادیس و حاشیة بلاطه (ابن عذاري، 3/264-265؛ ابن الخطیب، ن.م، 1/439-440، أعمال …، 230)، کما قیل إنه تمکن باستخدام الحیلة من دس السم لسیف الدولة بُلُقّین نجل وولي عهد بادیس الذي کان یکنّ له العداوة فقتله (عبدالله زیري، 40؛ ابن عذاري، 3/265؛ ابن الخطیب، الإحاطة، 1/442، أعمال، 230-231؛ عنان، 2/134-135).

أدی تحکّم یوسف والمقربین منه وأبناء دینه في جهاز الدولة من جانب، وثروته الهائلة و تصرفه المتعجر، من جانب آخر، إلی أن یثیر ضده عداوات کثیرة، و کان سبباً في أن یقوم أبوإسحاق، الفقیه الذي کان منذ عهد طویل علی مایبدو غیر مرتاح لتحکم أسرة ابن نغریلظ في المجتمع المسلم (أبوإسحاق، 89-92؛ البستاني) بمعارضته بشکل علني (EI2). ومع کل هذا، یبدو أن أبا إسحاق لم یکن في هذا الأمر یحظی بتأیید جمیع الفقهاء، حتی إن بعضهم انتقده لهذا السبب. و یحتمل أن یکون هذا هو السبب الذي جعل أبا إسحاق فیما بعد یهاجم في شعرٍ له فقهاء غرناطة، بل و یری أن الجلوس مع الذئاب أفضل من الجلوس معهم (البستاني؛ قا: پرس، 444-445).

ومهما یکن، فإن مجابهته العلنیة کانت سبباً في أن یحرض ابنُ نغریلة الأمیرَ علی نفیه إلی حصن العقاب (ابن سعید، 2/132-133؛ البستاني؛ أیضاً ظ: أبو إسحاق، 62). وعند ذاک نظم أبوإسحاق قصیدته الشهیرة في هجاء یوسف ویهود غرناطة، وفیها لام بادیس لأنه سلَط و فضّل فریقاً من الهیود علی المسلمین (ابن سعید، ن.ص). وهذه القصیدة (ظ: أبو إسحاق، 89-92) التي هي سهلة و متینة من حیث البناء و الکلمات، ومهیّجة من حیث الوزن و الموسیقی، کانت قد نظمت في الواقع لتتناسب وإدراک وأذواق عامة أهل غرناطة والبربر الذین کانوا محکومین بروابطهم و تعصبهم‌الدیني والقبَلي قبل أن یکونوا متعلقین، بل حتی قادرین علی فهم دقائق الشعر أ الصناعة اللفظیة المعقدة (ظ: دوزي، III/73؛ پرس، 272-273؛ مونرو، ن.ص). وفي هذا الوقت (10 صفر 459) اندلعت في غرناطة الثورة التي قیل إن سببها – طبقاً للمصادر القدیمة – هو الکشف عن المؤامرة التي کان یوسف قد حاکها ضدالأمیر. تلک الفتنة التي انتهت بمجزرة جماعیة معبظ قتل فیها یوسف ابن نغریلة و ماتراوح بین 3-4 آلاف یهودي آخر علی أیدي بربر صنهاجة (عبدالله زیري، 50-54؛ ابن بسام، 1(2)/270-272؛ ابن عذاري، 3/265-266؛ عنان، 2/135-139؛ قا: جودائیکا، IX/1325). ویربط کثیر من المصادر بشکل مباشر بین قصیدة أبي إسحاق و هذه الواقعة وتعتبرها العامل الرئیس لسقوط ابن نغریلة و قتل یهود غرناطة (ظ: ابن سعید، 2/133؛ ابن الخطیب، ن.م، 231-233؛ المقري، 6/100؛ دوزي، پرس، ن.صص). ومع کل هذا، فلیس ممکناً تبیان کیفیة وسعة نطاق تأثیر هذه القصیدة في حوادث غرناطة بوضوح، خاصة وإن أقدم مصادرنا التاریخة بشأن هذه الحوادث لم تشر إلی أبي إسحاق ولا إلی قصیدته (ظ: عبدالله زبري، ابن بسام، ابن عذاري،ن.صص)، لکن علی أیة حال، لاشک في أن شعر أبي إسحاق الذي یدل علی عدم ارتیاح فریق علی الأقل من مجتمع غرناطة العربي من سیاسات الحکام البربر الزیریین، قد عمل علی خلق الأجواء اللازمة (البستاني؛ جودائیکا، ن.ص) من خلال إثارة الناس (ابن الخطیب، الإحاطة، 1/440). ولم یعش ابن إسحاق نفسه أیضاً طویلاً إذ توفي بعد عدة أشهر من هذه الحادثة (ابن الأبار،1/137؛ البستاني).

یعد أبوإسحاق من الممثلنی البارزین للشعر الزهدي في الأدب الأندلسي. فقد اعتبر سلف الشاعر الزاهد أبي محمد ابن العسّال الطلیطلي (تـ 487هـ) (ابن الأبار، 1/136؛ عباس، 135). لاتصل المجموعة الشعریة التي بقیت منه إلی 800 بیت. ویلاحظ بین تلک المنظومات مایتراوح بین قطع صغیرة ذات 3 و 4 أبیات و قصائد طویلة تضم الـ 50 و 60 و حتی مایزید علی 110 أبیات. والموضوع الغالب علی هذه القصائد هو الزهد و ذم حب الدنیا. و تشاهد بینها مرثیتان جدیرتان بالاهتمام و کذلک قصائد في المدح و الهجاء. و أهم قصائده من غیر الشعر السیاسي الذي أشی إلیه، قصیدة تقع في 113 بیتاً (ظ: أبوإسحاق، 25-33) جمیعها في مدح العلم و التقوی و ذات مواعظ زهدیة، وُجّه فیها الخطاب إلی شخص یدعی أبا بکر یبدو أنه ابن أخت أو ابن أخ الشاعر (کنون، 25-26).

والصفة البارزة في شعر أبي إسحاق هي سهولته و جزالته، والمعاني و التعبیرات البسیطة و المحسوسة في قوالب الکلمات المتداولة التي یفهمها عامة الناس. وقد أورد قصائده غالباً بشکل نثر أو مواعظ منظومة (الدایة، 12-13؛ أیضاً ظ: البستاني)، وکان بین هذه الخاصیة و النزعات‌الدینیة والاجتماعیة لأبي إسحاق انسجام قائم. فهو لم یکن زاهداً ینشد العزلة ویفر من الناس، و کان یری اشتراکه في القضایا الاجتماعیة والسیاسیة حقاً له (الدایة، 12). وکانت وسیلته الناجعة دائماً في هذا السبیل هي التحدث بلغة عامة الناس و الاستفادة من روابطهم وأحاسیسهم. وإن قصیدته السیاسیة الشهیرة نموذج علی هذا التناغم بینه و بین أسلوب البیان و أحاسیس عامة الناس. وقد جعلت هذه العوامل بمجموعها، سواء من حیث اللغة أو الرؤیة، من أبي إسحاق شاعراً یحظی بتأیید العامة (قا: م.ن، 13). ومع کل هذا، ورغم ضیق الأفق الفکري والفني لأبي إسحاق وذوقه و قریحته الشعریة ذات المستوی المتوسط (EI2)، فلاینبغي غض النظر عن بعض الجوانب الرائعة والأصیلة في شعره سواء في بیان الحالات و الانفعالات النفسیة، أو في بعض الصور والملامح (ظ: عباس، 136-139).

یبدو أنه کان لشعر أبي إسحاق عشاق کثیرون في الأندلس و کانوا یحفظون الکثیر منه (ابن خیر، 418؛ أبو الحجاج، 1/13؛ ابن سعید، ن.ص؛ البستاني). أما مخطوطة دیوانه التي بقیت من القرن 7هـ/13م، فقد قام غارثیا غومث بتحقیقها و کتابة مقدمة وإیضاحات وتعلیقات علیها و طبعها بمدرید و غرناطة في 1944م للمرة الأولی، ثم طبعت مرة أخری في 1396هـ/1976م ببیروت بتحقیق محمدرضوان الدایة الذي کتب لها مقدمة ووضع علیها حواشي و تعلیقات.

 

المصادر

ابن الأبار، محمد، التکملة لکتاب الصلة، تقـ: عزت العطار الحسیني، القاهرة، 1375هـ/1955م؛ ابن بسام، علي، الذخیرة في محاسن أهل الجزیرة، القاهرة، 1361هـ/ 1942م؛ابن جابر الوادي آشي، محمد، برنامج، تقـ: محمد محفوة، بیروت، 1982م؛ ابن الخطیب، محمد، الإحاطة، تقـ: محمد عبدالله عنان، القاهرة، 1397هـ/1977م؛ م.ن، أعمال الأعلام، تقـ: لیفي بروفنسال، بیروت، 1956م؛ ابن خیر الإشبیلي، محمد، فهرسة، تقـ: فرنسشکه قداره، بغداد، 1382هـ/1963م؛ ابن الزبیر، أحمد، صلة الصلة (القسم الأخیر)، تقـ: لیفي بروفنسال، الرباط، 1937م؛ ابن سعید، علي، المغرب في حلی المغرب، تقـ: شوقي ضیف، القاهرة، 1955م؛ ابن عذاري، أحمد، البیان المغرب، تقـ: لیفي بروفنسال وکولن، بیروت، دارالثقافة؛ ابن عطیة، عبدالحق، فهرس، تقـ: محمد أبو الأجفان و محمد الزاهي، بیروت، 1983م؛ أبوإسحاق الإلبیري، إبراهیم، دیوان، تقـ: محمدرضوان الدایة، دمشق، 1401هـ/1981م؛ أبوالحجاج البلوي، یوسف، ألف باء، تقـ: مصطفی وهبي، بیروت، 1405هـ/ 1985م؛ البستاني؛ الدایة، محمد رضوان، مقدمة و حواش علی الدیوان (ظ: همـ، أبوإسحاق الإلبیري)؛ عباس، إحسان، تاریخ الأدب الأندلسي (عصر الطوائف والمرابطین)، بیروت، 1971م؛ عبدالله زبري، مذکرات، تقـ: لیفي بروفنسال، القاهرة، 1955م؛ عنان، محمد عبدالله، دولة الإسلام في الأندلس، دول الطوائف، القاهرة، 1408هـ/1988م؛ القاضي عیاض، ترتیب المدارک، تقـ: أحمد بکیر محمود، بیروت/ طرابلس، 1387هـ/1967م؛ کنون، عبدالله، «تائیة أبي إسحاق الإلبیري»، مجلة مجمع اللغة العربیة، دمشق، 1393هـ/1974م، عد 49؛ المقري التلمساني، أحمد، نفح الطیب، تقـ: یوسف محمد البقاعي، بیروت، 1406هـ/1986م؛ وأیضاً:

Dozy, R., Histoire des Musulmans d’Éspagne, Leiden, 1932; EI2; Judaica; Monroe, James, Hispano-Arabic Poetry, Berkeley, 1974; Pérès, Henri, La poésie andalouse en arabe classique, Paris, 1953.

قسم الأدب العربي/ هـ.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: