أَبْوالْبَخْتَريّ، العاص بن هاشم بن الحارث بن أسد بن عبدالعزی (تـ2هـ/ 624م)، أحد وجهاء قریش في الجاهلیة. ذکرت المصادر الأخری قالت إنه «هشام» (الواقدي، 1/149؛ البیهقي، 3/140؛ ابن الأثیر، 2/63). أما أمه فهي أروی بنت الحارث بن عبدالعزی بن عثمان (الزبیري، 213).

کان أبوالبختري من زعماء قریش البارزین المعروفین وکان في بدایة بعثة النبي (ص) إلی جانب بقیة زعماء قریش، وذهب مرة برفقة عتبة وشبیة وأبي سفیان إلی أبي طالب وشکی إلیه من أن ابن أخیه – محمداً (ص) – قد تخلی عن عقائدهم و عاداتهم وتقالیدهم وأهان مقدساتهم (ابن إسحاق، 129)، ولم یسلم حتی آخر عمره. ومع کل هذا فقد کان أحد أقل زعماء قریش إیذاءً للنبي (ص) والمسلمین. وتشهد جمیع المصادر التاریخیة أنه کان دائماً یدعو إلی اتخاذ موقف مسالم ومتساهل مع النبي (ص) و بني هاشم. وخلال الحصار الذي فرض علی بني هاشم و المسلمین في شِعب أبي طالب، حدث مرة أن منع أبوجهل إیضال الطعام للشعب إلی خدیجة زوجة النبي (ص)، فثار أبوالبختري وهجم علیه بساق بعیر وشجّه ونظم أیضاً شعراً في ذمّه (م.ن، 142)، حتی قیل إنه رغم وجود صحیفة قریش، کان یوصل الطعام بنفسه إلی المحاصرین (الزبیري، ن.ص). وبعد أن طال أمد الحصار في الشعب، کان أبوالبختري واحداً من الخمسة الذین قرروا القیام بعملٍ ما لمصلحة النبي وضد زعماء قریش والصحیفة المعروفة التي کتبت بشأن فرض الحصار علی بني هاشم ووضعت في الکعبة، وتوجهوا إثر ذلک بأسلحتهم إلی بني هاشم وبني عبدالمطلب وطلبوا إلیهم الخروج من الشعب (ابن هشام، 2/15؛ ابن سعد، 1/210). وقد أثنی أبوطالب في قصیدة له علی تلک المجموعة (الزبیري، 431).

وبعد هجرة أصحاب النبي (ص) من مکة، اجتمع زعماء قریش في «دار الندوة» لیتداولوا في ذلک الأمر، فقدّم أبوالبختري الذي کان قد اشترک في تلک الشوری مع زمعة بن الأسود من قبیلة بني أسد، في مقابل اقتراحات جریئة مثل إلقاء القبض علی النبي (ص) وسجنه أو قتله، أقلَّ الاقتراحات إیذاءً وهو إخراج النبي (ص) من مکة (البلاذري، 2/259-260). وبعد أن خرج النبي (ص) مهاجراً من مکة لیلاً، انطلقت مجموعة من زعماء قریش لملاحقته، فکره أبو البختري ذلک، فقوبل بغضب و ذم أبي جهل له (الواقدي، 1/37). وفي شهر رمضان سنة 2 وقعت معرکة بدر بین المسلمین و زعماء قریش، و اشترک فیها أبوالبختري إلی جانب قریش، لکن النبي (ص) قال: من لقي أبا البختري فلایقتله. فوجده المجذَّر بن زیاد البلوي وقال له: إن النبي (ص) أمر أن لایقتلوک، وطلب إلیه أن یسلم نفسه لیأخذه إلی النبي (ص)، فطلب أبو البختري الدمان أیضاً لزمیله جنادة بن ملیحة الذي کان معه، لکن المجذر رفض، فتبارز أبوالبختري مع المجذر وقُتل علی یده (الزبیري، 213-214).

کان ابنه الأسود من رجال قریش أیضاً، ومن أحفاده طلحة بن عبدالرحمان بن عبدالله بن الأسود الذي کانت أمه فاطمة بنت الإمام علي (ع) (الکلبي، 74). کماکان له ولد آخر أیضاً یدعی إسماعیل، أسلم سنة 8 هـ عند فتح مکة (تاج العروس، مادة بختر). وطبقاً لقول ابن حزم (ص 117) فإن أعقاب أبي البختري جاؤوا من الأسود.

المصادر

ابن الأثیر، الکامل؛ ابن إسحاق، سیرة، تقـ: محمدحمیدالله، قونیة، 1401هـ/ 1980م؛ ابن سعد، محمد، الطبقات الکبری، تقـ: إحسان عباس، بیروت، دارصادر؛ ابن هشام، محمد، السیرة النبویة؛ تقـ: مصطفی السقا وآخرون، القاهرة، 1355هـ/1936م؛ البلاذري، أحمد، أنساب الأشراف، تقـ: مصطفی السقا وآخرون، القاهرة،1355هـ/1936م؛ البلاذري، أحمد، أنساب الأشراف، تقـ: محمد حمیدالله، القاهرة، 1959م؛ البیهقي، أحمد، دلائل النبوة، تقـ: عبدالمعطي قلعجي، بیروت، 1405هـ/1985م؛ تاج العروس؛ الزبیري، مصعب، نسب قریش، تقـ: لیفي بروفنسال، القاهرة، 1953م؛ الکلبي، محمد، جمهرة النسب، تقـ: ناجي حسن، بیروت، 1407هـ/1986م؛ الوافدي، محمد، المغازي، تقـ: مارسدن جونز، لندن، 1966م.

حسن یوسفي إشکوري/ هـ.