الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الجغرافیا / ابن الوردي، أبوحفص سراج الدین /

فهرس الموضوعات

ابن الوردي، أبوحفص سراج الدین

ابن الوردي، أبوحفص سراج الدین

تاریخ آخر التحدیث : 1442/12/17 ۲۲:۲۷:۴۷ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ الْوَرديّ، أبوحفص سراج‌الدین عمر بن المظفر المعري الحلبي الشافعي، عالم جغرافي و مؤلف کتاب خریدة العجائب و فریدة الغرائب. أسماه ابن إیاس، سراج‌الدین عمر الوروري (2/342)، ودعاه السخاوي أیضاً بعمر بن عیسی بن أبي بکر بن عیسی السراج الوروري (6/112). لانعرف عام ولادته، لکن ورد أنه توفي عام 861هـ/1457م (ابن إیاس، السخاوي، ن.صص). هذا في حین ذکر بروکلمان أن تاریخ وفاته کان 850هـ/1446م (GAL, II/163).

وهناک تفاوت کبیر في وجهات النظر حول نسبة خریدة العجائب إلیه. فقد نسبه جماعة مثل حاجي خلیفة (1/701) وآماري (ص 158) وغابریل فران (ص 408) إلی زین‌الدین ابن الوردي (تـ 749هـ/1348م) الذي سبق سراج‌الدین بقرن من الزمن، بل إنهم أسموا زین‌الدین هذا بعمر بن المظفر (حاجي خلیفة، ن.ص) وأبي حفص (آماري، فران، ن.صص)، غیر أن أکثر الباحثین یعتقدون أن سراج‌الدین هو الذي ألّف هذا الکتاب. و قد سری هذا الاضطراب الذي کان قد حدث بسبب بعض المخطوطات إلی أوروبا و صار مدعاة للتضلیل. ولعل ذیوع صیت زین‌الدین ابن الوردي هو السبب في نسبة کتاب خریدة العجائب إلیه (کراتشکوفسکي، IV/490-491)، غیر أنه لیست هناک معلومات عن سراج‌الدین ابن الوردي، وربما کان هو سلیل نفس هذه الأسرة، وبما أنّ المصنَّف مرفوع إلی نائب السلطنة وقائد قلعة حلب شاهین المؤیدي (ص 3؛ زیدان، 3/235). فقد عدّه البعض شامیاً من حلب (سوسة، 451).

ویختص القسم الأعظم من کتاب خریدة العجائب بالجغرافیا، غیر أن أغلب فصوله ترکز علی العجائب، وأهمها الفصول الخاصة بعجائب المحیط، وبحر الصین، وبحر فارس، و بحر عمان، و البحر الأحمر، و بحر المغرب، و عجائب العیون و الآبار والجبال والأنهار و غیرها. ویبدو أن عجائب العالم قد حظیت باهتمامه أکثر من غیرها، و ربما کان هذا الأمر بالذات سبباً لاشتهاره في الشرق. وکان علماء أوروبا خلال القرن 18 م لایعرفون سوی ثلاثة من مؤلفي القرنین 7 و 8 هـ/ 13 و 14م وهم أبوالفداء، وابن الوردي، وموفق‌الدین عبداللطیف بن یونس البغدادي (557-628هـ/1162-1231م) (کراتشکوفسکي، IV/26). وربما کانت شهرة ابن الوردي هي السبب في تسرب العدد الکبیر من مخطوطات کتابه إلی أوروبا. وقد لفتت هذه المخطوطات أنظار الأوروبیین إلیها، ولاسیما الباحثون المبتدئون الذین اضطروا حین لم یجدوا آثاراً أخری إلی إعداد أبحاثهم و رسائلهم اعتماداً علیها. و هم بالطبع لم تجتذبه متلک الجوانب التي عملت علی رواج الکتاب في الشرق، فقد انصبّ جل اهتمامهم علی التاریخ الطبیعي والمواضیع الخاصة بالنباتات (م.ن، IV/492). وقد بادر الباحث السویدي هولندر إلی ترجمة فصول من کتاب خریدة العجائب وطبعه عام 1823م (ن.ص). کما قام باحث سویدي آخر یدعی تورنبرغ بنشر الفصول 2، 3، 4، 5 في أوبسالا (GAL، ن.ص). وکان هناک اهتمام أیضاً بهذا الکتاب في سائر البلدان الأوروبیة. وبدأ فرن نشاطه العلمي بابن الوردي بالذات، فقد ظهر أول بحث علمي له في 1804م و هو عبارة عن متن ابن الوردي المتعلق بمصر مع ترجمة وتعلیقات (کراتشکوفسکي، ن.ص). وأفرد غابریل فران ذلک الجزء من کتابه الخاص بکتب الرحلات والمتون الجغرافیة، للحدیث عن خریدة العجائب لابن الوردي (ص 408-425). وهنا یجب أن نضیف بأنه منذ منتصف القرن 19م بدأ نجم ابن الوردي بالأفول و ذلک بعد اکتشاف آثار جغرافیة قیمة، وراح یوضع في نهایة سلم الکوزموغرافیین العرب. فإلی مائة عام کان مصنّف ابن الوردي مشهوراً في أوروبا، لکنه أخذ یتخلی عن مکانه للآثار الأخری بشکل تدریجي (کراتشکوفسکي، IV/492, 495, 496). ورغم أن الفتور في الإقبال علی کتاب ابن الوردي قد بدأ متأخراً في أوروبا، إلا أن البلدان الإسلامیة قد سبقتها في التعامل معه بشک وریبة. وفیقول حاجي خلیفة (1/701) عن خریدة العجائب: «وهو مجلد نصف أوله في ذکر الأقالیم و البلدان، والباقي في بعض أحوال المعدن و النبات والحیوان، لکنه أورد في أوله دائرة مشتملة علی صور الأقالیم و البحار زعماً منه أنه کذلک في نفس الأمر و هو الضلال البعید عن الحق المطابق للواقع، فإن الرجل لیس من أهل فن الجغرافیا وتصویره لایقاس علی سائر النقوش و التصاویر، و مع ذلک أورد فیه أخباراً واهیة وأموراً مستحیلة کما هو دأب أهل العربیة والأدباء الغافلین عن العلوم العقلیة. ثم إن هذا الکتاب متداول بین أصحاب العقول القاصرة کأمثاله. أوله الحمدلله غافر الذنب و قابل التوب، ولعل المصنف أشار إلی أن هذا التألیف و أمثاله من الذنوب».

وقد دفع نزوع مواضیع الکتاب نحو سرد القصص و العجائب بالبعض إلی عدّها شبیهة بقصص القصاصین الذین یبغون الاشتهار بین العامة بهذه الطریقة. وربما کان وراء مثل وجهة النظر هذه ما حفل به الکتاب من خیال و الإسهاب في التحدث عن العجائب. وعدّ محمد بن شَنَب خریدة العجائب مرشداً عادیاً في مجال الجغرافیة و التاریخ الطبیعي، ولایحظی بأیة أهمیة علمیة (EI1, S, 61-71). ورغم اعتقاده بقلة المعلومات الحقیقیة في هذا الکتاب، إلا أنه یری أن فیه من المعلومات مالم یصل إلینا من مصادرها الأولی (ن.ص). لهذا لایمکن نکران فوائده کما فعل حاجي خلیفة (کراتشکوفسکي، IV/493، نقلاً عن تورنبرغ).

وتعتبر خریدة العجائب في العادة انتحالاً لجامع الفنون و سلوة المحزون لنجم‌الدین أحمد بن حمدان بن شبیب الحراني الحنبلي الذي کان یعیش في مصر حوالي 732هـ/1332م (EI1, S، ن.ص). لکن کراتشکوفسکي یری (ن.ص) أن الفحص الدقیق للمسألة یحول دون قبول هذا الرأي، لأن ابن الوردي سرد المصادر التي اعتمدها في مقدمة کتابه (ص 3) وهي: شرح التذکرة للخواجه نصیرالدین الطوسي، و جفر الأنبیاء لبطلمیوس، وتقویم البلاد للبلخي، و مروج الذهب للمسعودي، و عجائب المخلوقات لابن الأثیر، والمسالک و الممالک للمراکشي و کتاب الابتداء. وتعد إشارة بعض المؤلفین إلی أسماء المؤلفین المتقدمین المعروفین عادةً نوعاً من الدفاع عن آثارهم، لکن في هذا المجال خاصة لم یرد اسم الحراني في هذا الکتاب رغم أنه لایمکن إنکار تأثیر الحراني علیه. و مع ذلک لایمکن القول بأن أثریهما متشابهان من کافة الأوجه (کراتشکوفسکي، ن.ص).

أما فیما یتعلق بضعف مادة الکتاب فلابد من القول بأن البلدان الواقعة شرقي مصر لم تکن غنیة من حیث الآثار و المصنفات الجغرافیة قبل قرن من السیطرة العثمانیة علیها. ومع ذلک یمکن أن نعدّ کتاب خریدة العجائب علی رأس تلک المصنفات في مجال الکوزموغرافیا، و هو قریب علی هذا الصعید من عجائب المخلوقات للقزویني و نُخبة الدهر لشمس‌الدین محمد بن أبي طالب الدمشقي. وقد قدّم ابن الوردي في مطلع کتابه خارطة مستدیرة للعالم معززة بالشرح (ص 4-6). وأکثر مخطوطات حمدالله المستوفي و الجغرافیین الذین تلوه کالحراني و ابن الوردي ذات خرائط مستدیرة للعالم من طراز خارطة الإصطخري، و هي لیست بأردأ من غیرها من الخرائط المماثلة ولهذا فإن انتقاد حاجي خلیفة في هذا المجال یبدو غیر مقهوم، و یمکن أن یقال عنه بأن فیه نوعاً من التعصب و التحامل (کراتشکوفسکي، IV/494). وقد عرفت هذه الخارطة في بدایة القرن 19 اعتماداً علی مخطوطة باریس واستفادة تورنبرغ من مخطوطة أوبسالا. ثم عرّف میلر فیما بعد بـ 20 مخطوطة و 17خارطة من هذا الکتاب تختلف فیما بینها في کثیر من المواضع. ویری میلر أن الاختلاف في هذه الخرائط هو نتیجة عمل النساخ الذین کانوا یضیفون أحیاناً آراءهم إلی الخرائط، ویجرون فیها التعدیلات التي لم تکن في کافة الحالات تتفق مع نص الکتاب (ن.ص). و فضلاً عن خارطة العالم المستدیرة فقد ضمّ الکتاب خارطة للقبلة مبیناً علیها اتجاهات القبلة باختلاف مواقع البلاد (ص 64-65).

ورغم عدم تشابه تواتر فصول مخطوطات الکتاب، لکن لایُشاهد تغییر في موضوعاته (کراتشکوفسکي، IV/491). ویتناول أوسع فصول الکتاب الأقطار والبلدان مع ذکر أسماء مختلف المدن (ص 17-90). کما تطرق الکتاب إلی البحار و الجزر والمضائق والأنهار و الجبال. ویبدأ الفصل التخصصي للکتاب عند التحدث عن الأحجار الکریمة و خواصها (ص 165). ویبحث في الفصول الأخری النباتات والفواکه والبقول و الحشائش و البذور و الحیوانات والطیور (ص 97-209). وفي مخطوطات الکتاب و مسوداته المختلفة، کثیراً مایلي هذا الفصل الأخیر زیادات متنوعة لعلها من عمل النسّاخ، مثال ذلک المسائل المشهورة التي سأل عنها عبدالله بن سلام الرسول الأکرم (ص) (کراتشکوفسکي، ن.ص). وقد أضیف إلی الکتاب قسم کبیر یبحث في أصل العالم و یوم القیامة تختتمه قصیدة. ولاشک في أن القسم الکوزمولوجي للکتاب متأثر بکتاب البدء و التاریخ، بل نقل عنه بشکل مباشر أیضاً (ص 249-250). ونادراً مانلاحظ في هذا الکتاب الحدیث عن الدول الأوروبیة و شمال آسیا و الهند. أما أکثر مادته طرافة فهي تلک التي تخص إفریقیات وبلاد العرب و الشام. و هو یعتمد في کلامه علی المسعودي وسلام الترجمان في الحدیث عن الأم التي کانت تسکن فيأطراف نهر الفولغا، والبرداس و البلغار و الروس (ص 85-93). ویبدو أن منقولاته عن ابن فضلان کانت عن طریق مصدر آخر (کراتشکوفسکي، IV/493).

ونظراً لما یتمیز به الکتاب من تنوع کبیر في المادة، فإنه یمکن العثور علی تفاصیل قیمة في أقسامه المختلفة. و یری آماري أن من أروع موضوعات ابن الوردي روایته المتعلقة بوجود جسر طوله 150 متراً یصل تراباني بصقلیة (ظ: کراتشکوفسکي، IV/494). کما وأن فرانز تیشنر في دراسته عن القسطنطینیة قبل التفح العثماني بیّن أن أکمل روایة لوصف المدینة هي التي أوردها ابن الوردي في کتابه (ظ: ن.ص).

 

المصادر

آماري، میکله، المکتبة العربیة الصقلیة، لایبزک 1857م؛ ابن إیاس، محمد، بدائع الزهور، تقـ: محمد مصطفی، القاهرة، 1404هـ/1984م؛ ابن الوردي، سراج‌الدین، خریدة العجائب، بیروت، 1939م؛ حاجي خلیفة، کشف؛ زیدان، جرجي، تاریخ آداب اللغة العربیة، القاهرة، 1957م؛ السخاوي، محمد، الضوء اللامع، القاهرة، 1354هـ؛ سوسة، أحمد، الشریف الإدریسي في الجغرافیا العربیة، بغداد، 1974م؛ وأیضاً:

EI1, S; Ferrand, G., «Ibn al Wardi», Relation de voyages et textes géographiques arabes, persans et turks á l’extrêmeoient du VIIIe au XVIIIE siècles, Frankfurt, 1986; GAL; KrachkovakiĮ, I. Yu., «Arabskaya geograficheskaya literature», Izbrannye sochineniya, Moscow/ Leningrad, 1957, vol. IV.

عنایت الله رضا/ ت.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: