الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الادب العربی / ابن وهب، أبوالحسین /

فهرس الموضوعات

ابن وهب، أبوالحسین

ابن وهب، أبوالحسین

تاریخ آخر التحدیث : 1442/12/19 ۱۰:۵۷:۲۹ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ وَهْب، أبوالحسین إسحاق بن إبراهیم بن سلیمان بن وهب، کاتب من مطلع القرن الرابع الهجي. وقد بقي لهذا الکاتب کتاب قیم، لکننا لانعرف شیئاً عن حیاته، وحتی اسمه و کتابه لم یکتشفا إلا في العقود الأخیرة.

ویمکن الجزم بأن ابن وهب من نفس الأسرة المعروفة التي کان أفرادها یحترفون الکتابة منذ عهد یزید بن أبي سفیان (في الشام) حتی أواخر القرن الثالث الهجري (في بغداد). وکان وهب کاتب جعفر البرمکي و الفضل و الحسن ابني سهل، کماکان والي کرمان وفارس أیضاً؛ وکان سلیمان وزر للمهتدي والمعتمد (ابن خلکان، 2/415)؛ ومانعرفه عن إبراهیم والد إسحاق الي کان حیاً حتی سنة 264هـ، فهو أن المعتمد صادر أمواله و أموال أخیه وهب و أموال أبیهما سلیمان (شرف، 25-27). کماکان لإسحاق عم آخر یدعی أحمد و کان شاعراً، وقد توفي سنة 285هـ. أما عمه الثالث عبیدالله فکان من الشخصیات المشهورة، ومن ممدوحة شعراء کبار کابن الرومي (ن.ع)، وکان یعمل في بلاط المعتضد (ظ: مطلوب، 37-40؛ شرف، 30-31).

ویلاحظ أن إسحاق رغم کونه من أسرة عرفت بالعلم والأدب واشتهرت إلی حدّما، و صاحب رأي ولاشک في الأدب، إلا أن أحداً لم یشر إلی حیاته. وقد دأب هو في کتابه علی الإشارة إلی أفراد أسرته وخاصة أولئک الذین یحتمل أنه التقاهم عن کتب أو أفاد من مجالسهم (ظ: مطلوب، 39)، إلا أن أهم إشاراته تلک هي قوله: «رأیت شیخنا علي بن عیسی رحمه الله أنه …» (البرهان، ط شرف، 281؛ ظ: شرف، 11). ولما کانت وفاة الوزیر علي بن عیسی سنة 335هـ، فلابد أن المؤلف دوّن کتابه بعد هذا التاریخ. و یخمّن حفني محمد شرف استناداً لمجموعة روایات الکتاب أنه توفي أواخرالقرن الرابع الهجري، وقد قضی جلّ حیاته ببغداد (ص 33-34).

ولاشک في أن إسحاق کان شیعیاً، یدلّ علی ذلک إشاراته للتقیة والعصمة والظاهر والباطن والتأویل ورموز القرآن والکتمان والبداء (ظ: EI2, S). وقد نص علی ذلک أیضاً جمیع المحققین أمثال طه حسین (ص 19) و علي حسن عبدالقادر (ص 79) تقریباً، خاصة وأنه دأب علی نقل أقوال عن أئمة الشیعة (ع) و أنه کان یشیر إلیهم بأسماء «الأئمة علیهم السلام» أو «الأئمة الصادقون» أو «الصادق علیه السلام» (ن.ص). ومع کل ذلک، سعی شرف (ص 40-44) من خلال دراسة وافیة إلی عدّه محباً للشیعة و لیس من أتباع ذلک المذهب.

ویبدو أنه کان لإسحاق – إضافة إلی الکتاب الذي سنتناوله بالبحث – أربعة کتب لم یبقأثر مها. ولو لم یشر هو إلیها في البرهان، لکنا نجهل حتی أسماءها أیضاً. وتلک الکتب هي: 1. أسرار القرآن (البرهان، ط شرف، 113)؛ 2. الحجة؛ 3. الإیضاح (ن.م، 77)؛ 4. التعبد (ن.م، 186).

کما أن کتاب البرهان نفسه کان یکتنفه قدر من الغموض و اللبس: فقد طبع أول مرة باسم البرهان في وجوه البیان سنة 1930م (شرف، 1). وفي سنة 1938م قام طه حسین و عبدالحمید العبادي اللذان عثرا علی قطعة منه في مکتبة إسکوریال بطبعها باسم نقد النثر لقدامة بن جعفر. والملفت للنظر أن هذین المحققین لم یتفقا في نسبة الکتاب إلی قدامة. فقد أشار طه حسین في مقدمته التي هي في الحقیقة نفس کلمته التي ألقاها باللغة الفرنسیة في مؤتمر المستشرقین في لیدن سنة 1931م، بشکل صریح إلی أنه یشکک في صحة نسبة الکتاب إلی قدامة، حیث قال: «… یکتشف القارئ أن هذا الکتاب لایمکن أن یکون لقدامة، بل یغلب علی الظن أنه لکاتب شیعي» (ن.ص). ثم نقل بعد ذلک رأي بروکلمان الذي ظن أنه لتلمیذ قدامة (ص 42). وبالمقابل فإن العبادي واستناداً إلی عدة أدلة تاریخیة و بعد مقارنته بین هذا الکتاب وکتاب الخراج لقدامة ورغم علمه بوجود عنوان «البیان» علی الورقة الأولی من المخطوطة، اعتقد بأن هذا الأثر هو نفسه نقد النثر لقدامة. وبعد فترة، وفي سنة 1368هـ/1949م، أوضح علي حسن عبدالقادر (ص 73-81) أنه عثر علی مخطوطة جدیدة من هذا الکتاب في مکتبة تشستربیتي. وتثبت هذه المخطوطة أن ماطبع باسم نقد النثر، لیس في الحقیقة إلا ثلث البرهان في وجوه البیان.

کما أن المؤلف نفسه ذکر سامه في بدایة «البیان» الرابع من کتابه (البرهان، ط شرف، 254). إضافة إلی أن عبدالقادر قام بتفنید الأدلة التي کان قد قدمها المحققان المذکوران آنفاً، ومنها أنه نفی وجود أي تشابه بین هذا الکتاب و مؤلفات قدامة، وأشار إلی أنه لم ینسب أي أحد کتاباً کذها لقدامة (ص 76-77)، وأن هذا الکتاب أثر شیعي بینما لم یکن قدامة شیعیاً (ص 79). ثم جاء بعد عبدالقادر محققون آخرون أیضاً فأکملوا أو أیدوا هذا البحث ومنهم عبدالمنعم خفاجي و شوقي ضیف وبدوي طبابنه (ظ: شرف، 14-18؛ مطلوب، 15-19).

وأخیراً وفي سنة 1967م، نشر کتاب البرهان بتحقیق أحمد مطلوب و خدیجة الحدیثي، اعتماداً علی مخطوطة تشستربیتي، و قد ضمت مقدمة الکتاب بحثاً تفصیلیاً عن حکایة الکتاب، ونقاد نقد النثر، وأدلة عدیدة علی نفي نسبته لقدامة، إضافة إلی أدلة علی صحة نسبته لابن وهب، وطبع الکتاب بشکل جمیل مع فهارس، وإن کانت ناقصة کثیراً أحیاناً.

مع کل هذا، أقدم حفني محمد شرف بعد سنتین علی طبع الکتاب اعتماداً علی مخطوطة تشستربیتي أیضاً، ودون أن یکون له علم بالطبعة الأولی علی مایبدو. ولاتمتاز هذه الطبعة بأي شيء عن الطبعة الأولی، إضافة إلی أن شکل بحث قضیة الکتاب وطریقة استنباط المحقق واستدلاله، بل و حتی مجموع معلوماته التي أوردها في المقدمة، ذات شبه بطبعة أحمد مطلوب مثیر للتساؤل.

والبرهان في وجوه البیان، هو من أوائل وأهم المؤلفات المتعلقة بـ «البیان». وکان البیان في بادئ الأمر، أي خلال القرن لاثالث و بدایة القرن الرابع الهجري، ذا مدلول أوسع بکثیر مما نجده الیوم في الکتب المتأخرة لعلوم البلاغة. فالحقیقة والمجاز و التشبیه والاستعارة والکنایة التي تشکل لدی المتأخرین الرکائز الرئیسة لموضوع البیان، یبدو أنها کانت تحتل المرتبة الثانیة في برهان ابن وهب.

کان الجاحظ قد عرض موضوعات البیان لأول مرة، وقد اعتبر أنواع «الدلالة علی المعنی» تنحصر في خمسة أمور: 1. اللفظ (اللغة أو القول: 1/56)؛ 2. الذشارة (التعبیر عن شيء بواسطة الإشارة: 1/56-57)؛ 3. الحساب (أو «العقد»: 1/58-59)؛ 4. الخط (البیان بواسطة الکتبابة، في مقابل اللفظ أو البیان الشفهي: 1/58)؛ 5. الحال أو النصبة (الحال الناطقة لکل مخلوق بغیر اللفة، أو بیان الخلق و قدرة الخالق: 1/59).

ومن وجهة نظر ابن وهب أیضاً فإن أساس البیان هو نفسه الذي ذکره الجاحة، مع قلیل من الاختلاف، وإن تأثیر الجاحظ علیه واضح تماماً. وقد اعترف هو بنفسه أیضاً بهذا الأمر بشکل غیر مباشر: کتب مرة (ط شرف، 51) أنه لم یأت بشيء جدید علی آثار المتقدمین، بل قام بتنسیق آرائهم و شرحها. کما قال في بدایة کتابه (ن.م، 49) و هو ینقل قول من خاطبه بذلک: فإنک کنت ذکرت لي و قوفک علی کتاب الجاحظ الذي سماه البیان و التبیین، وإنک وجدته إنما ذکر فیه أخباراً منتخلة خطباً منتخبة، ولم بأت فیه بوظائف البیان ولا أتی علی أقسامه. ثم أضاف قائلاً: وسألتني أن أذکر لک جملاً من أقسام البیان آتیة علی أکثر أصوله، محیطة بجماهیر فصوله، یعرف بها المتبدئ معانیه، وأن أختصر ذلک لئلا یطول به الکتاب.

والبیان بحسب رأي ابن وهب یقوم علی أربعة مبادئ: 1. «الاعتبار» أو بیان الأشیاء بذواتها (ظ شرف، 56، 65 و ما بعدها). وهذا البیان علی نوعین : ظاهر وباطن . والباطن یقوم أیضاً علی القیاس و الخبر. و«الاعتبار» هذا هو نفسه الذي یدعی لدی الجاحظ الحال أو النِّصبة (ن.ص)؛ 2. «الاعتقاد»، و هو المعرفة أو العلم الحاصل للإنسان من حقائق الموجودات. وهذا العلم علی ثلاثة أقسام. الحق و المشتبه والباطل. وهذان النوعان من أنواع البیان ثابتان و لایتغیران بتغیر الأفراد (ن.م، 58، 86 و مابعدها)؛ 3. «العبارة»، أو القول و اللغة أو النطق (مایقابل «اللفظ» لدی الجاحظ). وهذا الباب أهم أبواب الکتاب وأکثرها تفصیلاً (ن.م، 92-253)، ویشتمل علی أقسام کثیرة مثل: الخبر والتشبیه و الاستعارة والشعر و أنواعه، والنثر و الخطابة و الجدل و … ومن البدیهي أن یتطابق القسم الأعظم من هذا الباب مع الکتابة؛ 4. «الکتاب» (ن.م، 254 و مابعدها) وهو نفسه الذي یسمیه الجاحظ «الخط». لکن ابن وهب تطرق في هذا الباب المفصل نسبیاً إلی موضوعات مدهشة للغایة نافعة کثیراً في علم البیان فضلاً عن کثیر من المجالات الأخری. فبعد أن فصل القول في الخط وأهمیته واعتباره والخصائص التي ینبغي توفرها في الخطاطا و کذلک الاصطلاحات الخاصة بالخط، شرع في الحدیث عن الأمور التي ینبغي لکاتب الدیوان أن یعلمها عادة، حیث وردت هنا أمور مثل علم النحو و الصرف و اللغة، وواجبات کثیر من کتّاب الدواوین، وواجبات «صاحب الشرطة» و«صاحب السر» و«صاحب الخبر» و«الحاجب»، وکذلک «وجوه الأموال» و الضرائب المختلفة و حکم الأراضي التي تفتح عنوة أو صلحاً وأحکام الخراج وقضایا أخری من هذا القبیل. بینما ینبغي العثور علی هذه لاتأمور عادة في کتب «أدب الکاتب» أو في کتب الخراج أحیاناً.

إن مالت انتباه طه حسین و المحققین الذین جاؤوا بعده في هذا الکتاب، هو التأثیر المباشر لأرسطو علی موضوعاته، حیث یری طه حسین (ص 23) أن هذا الأثر «بیان» جدید تماماً، لم تستق مواده الأساسیة من الأدب العربي و شعر و خطابة أرسطو فحسب، بل رکز بصورة أکبر علی کتابیه أنالوطیقا (التحلیل و القیاس) و طوبیقا (الجدل)، وبذلک أراد أن یجعل الفکر منظماً في ذهن الکاتب و الشاعر العربیین أولاً، ثم الخطابة و أسلوب البیان. ویؤید ضیف (ص 101-102) رأي طه حسین ویضیف أن ابن وهب مزج ما أخذه عن أرسطو بعقیدته الشیعیة و مباحث المتکلمین و مسائل الفقهاء، لکنه لم یوفق في ذلک کثیراً، ولم یحسن تطبیق ما أخذه بشکل لائق علی اللغة العربیة علی نحو مانراه عند قدامة. ولهذا السبب استخدم البلاغیون مصطلحات قدامة وابن المعتز وهجروا المصطلحات التي وضعها ابن وهب. ولیس من شک في أن ذلک یرجع إلی أن ابن وهب أوغل في الاستعارة من التفکیر الیوناني من جهة، کما أوغل في ضغط الکلام بحیث سری في الکتاب غیر قلیل من الموض بل من الصعوبة والاستغلاق.

 

المصادر

ابن خلکان، وفیات؛ ابن وهب، إسحاق، البرهان في وجوه البیان، تقـ: حفني محمدشرف، القاهرة، 1389هـ/ 1969م؛ ن.م، تقـ: أحمد مطلوب و خدیجة الحدیثي، بغداد، 1386هـ/ 1967م؛ الجاحة، عمرو، البیان و التبیین، بیروت، 1968م؛ حسین، طه، مقدمة وحواش علی نقد النثر لقدامة بن جعفر، بیروت، 1402هـ؛ شرف، حفني محمد، مقدمة وحواش علی البرهان (ظ: همـ، ابن وهب)؛ ضیف، شوقي، البلاغة، تطور وتاریخ، القاهرة، 1965م؛ عبدالقادر، علي حسن، «کتاب البرهان في وجوه البیان»، مجلة المجمع العلمي العربي، دمشق، 1368هـ/1949م، ج(1)24؛ مطلوب، أحمد و خدیجة الحدیثي، مقدمة و حواش علی البرهان (ظ: همـ، ابن وهب)؛ وأیضاً:

EI2, S.

آذرتاش آذرنوش/ هـ.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: