اِبْنُ یوْنُس، أبوالمظفر جلال‌الدین عبیدالله بن أحمد البغدادي الأزجي (تـ 17 صفر 593هـ/10 کانون الثاني 1197م)، فقیه حنبلي ووزیر الناصر لدین الله العباسي. ولد ببغداد وتوفي فیها (هندوشاه، 327). کان أبوه وکیلاً لأم الخلیفة الناصر (ابن رجب، 1/392). تلقی دروسه في القرآن و الفقه عن أبي حکیم إبراهیم بن دینار النهرواني، و في الأصول و الکلام عن أبي الفرج صدقة بن الحسین ابن الحداد، و سمع الحدیث عن أبي العبا أحمد بن محمد و أبي الوقت عبدالأول و أبي القاسم نصر بن نصر العکبري وأبي بکر محمد بن عبداله الزاغوني و أبي منصور مسعود بن عبدالاحد وآخرین. ثم ذهب إلی همدان فقرأ القرآن علی أبي العلاء العطار وسمع منه الحدیث (ابن النجار، 1/169-170). کما کانت له معرفة أیضاً بعلم الفرائض والحساب والهندسة والجبر والمقابلة (ن.ص؛ أبوشامة، 12؛ ابن رجب، 1/395). وقد روی عنه أبوالحسن القطیعي و ابن دلف (ابن النجار، 2/171؛ ابن رجب، 1/392).

ولدی عودة ابن یونس إلی بغداد (575هـ)، رفض قاضي القضاة أبوالحسن علي بن أحمد الدامغاني قبوله شاهداً رسمیاً، إلا أنه أصبح وبوساطة من مجدالدین ابن أستاذ الدار، واحداً من الشهود الرسمیین ومن العدول في مجلس القضاة (بان النجار، 2/170؛ ابن الطقطقی، 435؛ هندوشاه، ن.ص). ثم تولی بعد وفاة والده المنصب الذي کان یشغله أبوه و هو الإشراف علی إدارة شؤون أم الخلیفة. وفي رجب 582 أصبح ناظراً في دیوان الزمام، ثم بدأ نجمه بالصعود یوماً بعد یوم إلی أن ولي الوزارة في شوال 583 (ابن النجار، ن.ص؛ ابن الأثیر، 11/562؛ أیضاً: زامباور، 10).

بعد تولیه منصب الوزارة، کلفه الناصر بمحاربة طغرل بن أرسلان السلجوقي (حکـ 573-590هـ). فخرج من بغداد في 583هـ/ 1187م (الحسیني، 17)، وفي أوائل 584هـ اتجه نحو همدان (ابن النجار، ن.ص؛ ابن الأثیر، 12/24). وفي المعرکة التي دارت رحاها بین الجیشین في ربیع الأول من تلک السنة قرب همدان، لحقت الهزیمة بجیش بغداد و تشتت شملهم، بینما روقع الوزیر في أسر قوات طغرل (م.ن، 12/24-25؛ أبوحامد، 87)، ثم حمل إلی همدان، و بعد أن قضی عدة أشهر في الأسر هناک، نقل إلی آذربیجان، ثم أُطلق فتوجه إلی الموصل؛ وفي رمضان 584 جاء منها إلی بغداد مستتراً فدخلها وبقي في بیته لایظهر مدة (ابن النجار، 2/170-171؛ هندوشاه، 328؛ الذهبي، المختصر …، 230).

بعد أن علم الناصر بقدوم ابن یونس إلی بغداد، استدعاه في 585هـ و عهد إلیه بمنصب ناظر دیوان الخزانة، وفي الحقیقة أوکلت إلیه نیابة الوزارة. وبعد مضي فترة عزل من منصبه هذا، إلا أنه سرعان ما أصبح بمنصب أستاذ الدار و ذلک في سنة 587هـ. وفط رمضان 590 أصبح ابن القصاب وزیراً، فعز لابن یونس من مناصبه و قبض علیه و سجنه في بیته (هندوشاه، 329؛ ابن النجار، 2/171)؛ وحین توفي ابن القصاب (592هـ/ 1196م) ظل ابن یونس معتقلاً، إلی أن توفي ودفن في سرداب دارالخلافة (م.ن، 2/171؛ أبوشامة، ن.ص؛ الذهبي، سیر …، 21/300).

کان ابن یونس ذکیاً وفطناً وغزیر الفضل، إلا أن سیرته في أیام وزارته لم تکن محمودة ولاطریقته مرضیة (ابن النجار، 2/171). ومنأعماله التي لم تحمد تخریبه لبیت الشیخ عبدالقادر الجیلاني و نبش قبره و تشتیته أولاده (أبوشامة، ن.ص).

ألّف ابن یونس کتاباً في أصول‌الدین (ابن النجار، ابن رجب، ن.صص)، وکان یدرّسه في بیته للفقهاء و العلماء، لکنه لم یتیسر له أن یدرسه بکامله. و من الاثار الأخری المنسوبة إلیه یمکن أن یشار إلی کتاب حول أوهام أبي الخطاب الکلوذاني في باب الفرائض والوصایا (ابن رجب، ن.ص).

المصادر

ابن الأثیر، الکامل؛ ابن رجب، عبدالرحمان، الذیل علی طبقات الحنابلة، تقـ: محمدحامد الفقي، القاهرة، 1372هـ/1952م؛ ابن الطقطقي، محمد، الفخري، باریس، 1894م؛ ابن النجار، محمد، ذیل تاریخ بغداد، تقـ: قیصر فرح، بیروت، دارالکتب العلمیة؛ أبوحامد، محمد، «ذیل سلجوقنامه»، سلجوقنامه لظهیرالدین النیسابوري، طهران، 1332ش؛ أبوحامد، عبدالرحمان، الذیل علی الروضتین، تقـ: محمد زاهد الکوثري، القاهرة، 1366هـ/1947م؛ الحسینيف ناصر، أخبار الدولة السلجوقیة، تقـ: محمد إقبال، بیروت، 1984م؛ الذهبي، محمد، سیر أعلام النبلاء، تقـ: بشار عواد معروف و محیي هلال السرحان، بیروت، 1406هـ/1986م؛ م.ن، المختصر المحتاج إلیه من تاریخ ابن الدبیثي، بیروت، 1405هـ/1985م؛ زامباور، معجم الأنساب والأسرات الحاکمة، تجـ: زکي محمد حسن بک و حسن أحمد محمود، بیروت، 1400هـ/ 1980م؛ هندوشاه بن سنجر، تجارب السلف، تقـ: عباس إقبال، طهران، 1313ش.

أبوالحسن دیانت/ هـ.