اِبْنُ الْوَنّان، أبوالعباس أحمد بن محمد الحمیري الفاسي (تـ 1187هـ/ 1773م)، أدیب وشاعر مراکشي. وونّان کان اسم جده الذي یرجع في نسبه إلی عرب بني معقل المقیمین في تُوات بصحراء المغرب، والذین انتقلوا فیما بعد إلی فاس (کنون، شرح …، 5؛ الزرکلي، 1/243). وکانت أسرته تعرف في فاس ببني الملوک. ولقبوه بالحمیري لانتساب أسرته لقبائل الیمن القدیمة أول لأنصار (کنون، ن.م، 52-54). ولایعرف تاریخ ومحل ولادته.

تلقی دروسه أولاً من نحو وأدب وشعر لدی أبیه، ثم تلقی الفقه و اللغة لدی علماء فاس أمثال محمد بن قاسم جَسّوس و عمر الفاسي و محمد بن الحسن البنّاني وآخرین (ن.م، 6؛ البستاني، 4/140).

أما والده فرغم کونه أصم، إلا أنه ولتمتعه بطبیعة شاعریة و ظرافة وخفة روح، تمکن من أن یشق طریقه إلی بلاط السلطان العلوي محمد بن عبدالله (1170-1204هـ/ 1757-1790م) وأصبح ندیمه. وکان من أثر إعجاب السلطان به أن کنّاه بأبي الشمقمق (ن.ع) شاعر الکوفة الماجن، وذلک لطبعه المرح و ظرافته. فلز مته هذه الکنیة و صارت علماً علیه، کما دعي بها ابنه أیضاً، ولهذا السبب دعیت أرجوزته الشهیرة بالشمقمقیة أیضاً (کنون، ن.م، 5-6، النبوغ…، 1/326).

لم یتمکن ابن الونان خلال حیاة أبیه من شق طریقه إلی بلاط السلطان العلوي. وبعد وفاته، ورغم أنه نظم أرجوزته الکبیرة لهذا الغرض، لم یتمکن أیضاً لفترة من الوقت و بسبب عراقیل و ضعها الحساد في طریقه، من قراءة شعره لدی السلطان. فلما أعیاه الدمر تحین خروج السلطان یوماً و صعد مرتفعاً عالیاً من الأرض و قرأ قصیدته بصوت عال، فعرفه السلطان، ومنذ ذلک الحین و ماتلاه تمتع بصلات لاسلطان (م.ن، شرح، 6-7، النبوغ، ن.ص).

یدین ابن الونان بجمیع شهرته لأرجوزة الشمقمقیة هذه التي تضم 275 بیتاً بقافیة الـ «ق»، وقد نظمها في مدح محمد بن عبدالله (السلاوي، 8(2)/71؛ کنون، شرح، 9، مخـ). وموضوعات القصیدة العامة هي النسیب وذکر رفیق السفر، والبکاء علی الأطلال والدمن، والفخر وتبکیت الحسود، والدمثال و المواعظ و الحکم، ومدح الشعر ومدح السلطان، وثناؤه علی أرجوزته. والنصف الأول من الأرجوزة الذي یشتمل علی الحکم والأمثال والوصایا، مشحون بألفاظ البادیة الغریبة. أما في النصف الثاني منها فقد سعی الشاعر إلی تقلید أسلوب ابن درید في المقصورة، فسلک إلی ذلک طریقاً غامضاً في الکلام، حتی إنه لایمکن أن یفهم شيء من کلامه من غیر شرح أو تفسیر (ن.م، 11). والفائدة الوحیدة التي یمکن الحصول علیها من هذه الأرجوزة هي دلالتها علی تبحر الشاعر في لغة العرب وأیامهم و أخبارهم، ولهذا یمکن اعتبارها أثراً تعلیمیاً، وبلاشک فإن هذا الأمر هو سبب شهرتها الواسعة (ظ: ابن سودة، 478؛ کنون، ن.ص؛ EI2). ومع کل ذلک، فقد بالغ بعض أدباء المغرب في الثناء علیها، فقد قال عنها ابن سودة (ن.ص): تدل علی جودة الشعر المغربي و مما یفتخربه.

طبعت هذه الأرجوزة بشکل مستقل ضمن مجموعة من النصوص العلمیة، طبعة حجریة في فاس سنة 1315هـ. وقد کتبت علیها شروح کثیرة منها: 1. زهر الأفنان من حدیقة ابن الونان، لأبي العباس أحمد بن خالد اسلاوي، فاس، 1314هـ/1896م؛ 2. اقتطاف زهرة الأفنان من دوحة قافیة ابن الونان، لأبي حامد محمد مکي بن محمد البطاوردي، فاس، 1333هـ/ 1915م؛ 3. شرح الشمقمقیة، لعبدالله کنون الحسني، الذي طبع مراراً، کما کتبت علیها شروح أخری أیضاً توجد مخطوطاتها في مراکش و مکناس (ظ: ابن سودة، 479-480).

المصادر

ابن سودة، عبدالسلام، دلیل مؤرخ المغرب الأقصی، تطوان، 1369هـ/ 1950م؛ البستاني؛ الزرکلي، الدعلام؛ السلاوي، أحمد، الاستقصاء، تقـ: جعفر الناصري ومحمد الناصري، الدار البیضاء، 1956م؛ کنون، عبدالله، شرح الشمقمقیة، بیروت، 1970م؛ م.ن، النبوغ المغربي، بیروت، 1395هـ/ 1975م؛ وأیضاً:

EI2.

سیمین محقق/ هـ.