الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفلسفة / ابن مسرة /

فهرس الموضوعات

ابن مسرة

ابن مسرة

تاریخ آخر التحدیث : 1442/12/6 ۱۸:۳۴:۳۴ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ مَسَرَّة، محمدبن عبدالله بن مسرَة الجبلي القرطبي (7 شعبان 269-319هـ/19 نیسان 883-931م)، مفکر وعارف أندلسي. یبدو أن والده عبدالله کان من موالي بني أمیة، أو أحد أبناء قبائل البربر و یدعی أباقُرة بالأندلس، لکن حمرة وجهه وبیاضه ینم عن أنه من أصل إسباني (ابن الفرضي، 1/217؛ آسین پلاثیوس، 30). غادر عبدالله في شبابه قرطبة مع أخیه الأکبر إبراهیم متوجهاً نحو الشرق في 240هـ/ 854م ووصل إلی البصرة، وکانت إذ ذاک من مراکز العلم والأدب المهمة، ویقصدها الکثیر من الأندلسیین طلباً للعلم. أخذ عبدالله الحدیث فیها عن عدد من المحدثین الشهیرین. کماکان یتردد علی أوساط المعتزلة وأخذ بعقائدهم، فاتهم فیما بعد بالقَرَر، مما دعاه إلی کتمان عقائده ونزعاته الاعتزالیة حتی عن أقرب تلامذته، ولایظهرها إلا للمقربین منه والخواص ولاسیما ابنه محمد. وبعد فترة عاد عبدالله إلی قرطبة والتف حوله الطلاب ولکنه کان یحاول نقل آرائه و علومه إلی ابنه محمد.

اضطر والده الذي رکبه‌الدین إلی ترک مسقط رأسه ثانیة و لایزال ابن مسرة في أوائل شبابه فقضی أواخر حیاته بعیداً عن الوطن، ثم مالبث الوالد أن رحل بعد أن ترک کسبه بید ابنه، حیت لجأ إلی مکة، وفیها توفي عام 286هـ/ 899م (ابن الفرضي، 1/217-218؛ آسین پلاثیوس، 31-30). کان ابن مسرة حین وفاة والده في الـ 17 من عمره. والمؤرخون لحیاته لم یترکوا لنا معلومات تذکر عن هذه المرحلة منها، غیر أنهم ذکروا من أساتذته سوی والده، ابن وضاح و الخُشَني، وکلاهما من فقهاء المالکیة (ابن الفرضي، 2/39؛ القفطي، 16). یتحدث کتّاب التراجم الذین ترجموا لابن مسرة بأنه وفي أواخر خلافة عبدالله بن محمد بن عبدالرحمان سابع الحکام الأمویین بقرطبة (حکـ 275-300هـ/ 888-913م)، کان یقضي حیاته في معتزله الذي بناه علی صخور جبال قرطبة، یصحبه تلامذته وأتباعه.

وکان ابن مسرة شدید الحیطة والحذر في بیان عقائده و نشر آرائه و مع ذلک ما لبث أن اتهم بالزندقة، وشاع خاصة في أوساط المتعلمین أنه کان ینشر عقائد أنباذقلس (492-432ق.م) الفیلسوف الیوناني الذي عاش قبل سقراط، وآراءه بالإضافة إلی عقائد المعتزلة (آسین پلاثیوس، 33). وعلی کل حال یبدو أن ابن مسرة کان یتفهم جیداً حساسیة الأوضاع السیاسیة والاجتماعیة ولاسیما خطورة رد فعل الفقهاء، ذلک أن القاضي والفقیه والمحدث الشهیر آنذاک أحمد بن خالد، المعروف بالحَبّاب نشر في هذه الظروف، رسالة ضد ابن مسرة وعقائده (م.ن، 34)، فغادر ابن مسرة قرطبة إلی مدن شمال إفریقیة یصحبه اثنان من أوثق تلامذته هما محمد ابن المدیني وابن صیقل، وکان یحضر في المدارس و الأوساط العلمیة کأي طالب. ولم یکن أحد یعرفه هناک لأن شهرته لم تتجاوز حدود الأندلس بعد. ونعلم أنه کان یحضر درس الفقیه الشهیر أحمد بن نصر في القیروان (ابن عذاري، 201-202؛ آسین پلاثیوس، ن.ص). ولانعلم إلا القلیل عن رحلاته في مدن الشرق الإسلامي، إذ نعرف أنه ذهب إلی المدینة و قضی مدة في مکة، ولابد أنه لقي أبا سعید ابن العربي (تـ 314هـ/ 925م) تلمیذ عدد من العارفین والمتصوفین الشهیرین کالجنید و سفیان الثوري وغیرهما من کبار الصوفیة.

ثم لانعلم شیئاً عن ابن مسرة حتی عودته إلی الأندلس ولاتاریخ دخوله إلیها بدقة. ولکن یمکن الحدس بأن ذلک کان مع بدایة حکم عبدالرحمان الثالث الناصر لدین الله (حکـ 300-350هـ/ 912-961م) أکبر الحکام الأمویین وأول خلیفة علی جمیع أرجاء الأندلس، الذي غدت قرطبة في عهده أکبر و أهم مرکز سیاسي واقتصادي بالأندلس، فبعد أن أخمد عبدالرحمان عدداً من الثورات وأطاح بمراکز المقاومة التي سقط آخرها بموت عمر بن حفصون (تـ 305هـ/917م) وفّر للأندلس فترة طویلة من الأمن والاستقرار. ومارس مع أهل العلم سیاسة أکثر صبراً ووداً حتی لیمکن الظن بأنها دعت ابن مسرة للعودة إلی مسقط رأسه. وقد ذهب إلی معتزله ذاک بعد رجوعه إلی قرطبة وتابع نفس حیاة الزهد التي مارسها (م.ن، 36-37)، والتف حوله تلامذته وأتباعه ثانیة. ویبدو أنه استمر علی طریقته وسلوکه السابق في الحذر من إظهار عقائده وآرائه في هذه المرة أیضاً.

ومن أهم وأقرب تلامذته في هذه الفترة حي بن عبدالملک وخلیل بن عبدالملک القرطبي وأحمد بن منتیل. ویقال إن ابن مسرة کان لایُخرج کتاباً حتی یتعقبه حولاً کاملاً، ولایسمح لأحد باستنساخ کتبه أثناء هذه المدة، غیر أن حي بن عبدالملک استنسخ نسخة من کتاب التبصرة دون إذن أستاذه، ولما علم الأستاذ بذلک، دعا علیه، ولم یخرج الکتاب بعد ذلک إلی أحد (ابن الأبار، 1/284-285؛ آسین پلاثیوس، 37-38). لاتتوفر أي معلومات عن حیاة ابن مسرة في هذه الفترة ولکن یظهر أنه قضی السنوات الأخیرة من عمره في أمن وطمأنینة وکان یحظی باحترام معاوضیه ومحبة مریدیه و طلایه الوافرة.

کان لعالم مثل ابن مسرة ولاشک مصنفات عدیدة، ولکننا لانعلم منها سوی اثنین هما التبصرة الذي أشرنا إلیه وکتاب الحروف الذي ذکره ابن عربي (2/581). ویبدو مما أورده ابن حزم أن بعض مصنفات ابن مسرة کانت موجودة حتی القرن الـ 5 هو (5/41).

 

عقائده وآراؤه

ذکرت بعض المصادر أن ابن مسرةکان کلفاً بعقائد أنباذقلس مؤمناً بها (ظ: صاعد الأندلسي، 73؛ ابن أبي أصیبعة، 1/59؛ القفطي، ن.ص). ولابد من القول إنه یشاهد شخصیتان باسم أنباذقلس: أنباذقلس الأصیل وأنباذقلس المختلق، ذلک أنه ظهرت في الفترة الهیلینیة الثقافیة ولاسیما في دوائر الأفلاطونیة الحدیثة رغبة في تعریف شخصیات الیونان القدیمة الفلسفیة کما یطیب لهم، وقد نسبوا لهم عقائد وآراء لاتعود لهم، ولاتوجد أیة إشارة إلیها فیما خلفوا من مصنفات. وکان هذا مصیر أنباذقلس أیضاً، وقد تعرف إلیه مؤرخو العقائد العرب عن طریق ترجمة هذ المصادر واعتبروا ابن مسرة تابعاً له. وعلی هذا یجب البحث عن أصول عقائد ابن مسرة فیما وصل إلینا عن أنباذقلس المختلق (ظ: ن.د، أنباذقلس؛ عن أنباذقلس الأصیل، ظ: شرف، 339-392). ومن المحتمل أیضاً أنه کانت لدی ابن مسرة مصادر لاتتوفر حالیاً. ومع ذلک، لایمکن القطع في الأفکار والآراء التي أخذها عن أنباذقلس المختلق وادعاها لنفسه، أو عما أدخل فیها من تغییرات ومزجها بآرائه و عقائده الخاصة. ولابدهنا من الإضافة أن مقارنات آسین پلاثیوس واستنتاجاته في کتابه عن ابن مسرة بعیدة في کثیر من الحالات عن هدفه الشخصي و تصوراته. فلایشاهد فمیا نجده في أمهات المصادر المعتبرة الموجودة عن عقائد وآراء ابن مسرة مایشیر إلی اتباعه لعقائد أنباذقلس المختلق. ثم إن أبا سلیمان السجستاني الذي کان معاصراً تقریباً لابن مسرة لم یشر في صوان الحکمة الذي هو من أقدم المصادر العربیة عن فلاسفة الیونان إلی ابن مسرة أثناء حدیثه عن أنباذقلس المختلق. فقد وردت نسبة ابن مسرة إلی أنباذقلس المختلق لأول مرة في طبقات الأمم (ن.ص) لصاعد الأندلسي (تـ 462هـ/ 1070م). ویذکر ابن الفرضي في تاریخ علماء الأندلس و هو أقدم المصادر التي تتحدث عن حیاة ابن مسرة أنه اتهم بالزندقة فخرج فاراً من الأندلس، و تردد مدة بالمشرق الإسلامي واشتغل بملاقاة أهل الجدل والکلام و المعتزلة ثم عاد إلی الأندلس و أظهر نسکاً وورعاً واغتر الناس بظاهره، فاختلفوا إلیه وسمعوا منه، ثم ظهر الناس علی سوء معتقده، فانقبض من کان له إدراک وعلم، وتمادی في صحبته آخرون غلب علیهم الجهل (2/39). ثم یضیف: إن ابن مسرة یقول بالاستطاعة وإنفاذ الوعید و یحرف التأویل في کثیر من القرآن ومع ذلک یدعي التکلم علی تصحیح الأعمال و محاسبة النفوس في نحو من کلام ذي النون المصري (تـ 245هـ/859م) وأبي یعقوب النهر جوري (تـ 30هـ/941م). وکان له لسان یصل به إلی تألیف الکلام و تمویه الألفاظ وإخفاء المعاني. والناس فیه فرقتان: فرقة تبلغ به مبلغ الإمامة في العلم و الزهد، وفرقة تطعن علیه بالبدع لما ظهر من کلامه في الوعد والوعید و بخروجه عن العلوم المعلومة بأرض الأندلس، الجاریة علی مذهب التقلید والتسلیم (2/39-40). وکان ابن حزم (تـ 456هـ/1064م) أول من أشار إلی عقائد ابن مسرة أیضاً من بین مؤرخي العقائد، فیقول: کان ابن مسرة یوافق المعتزلة في القدر وکان یقول إن علم الله و قدرته صفتان محدثتان مخلوقتان و إن لله علمین أحدهما أحدثه جملة و هو علم الکلیات و هو علم الغیب کعلمه أنه سیکون کفّار و مؤمنون والقیامة و الجزاء، والثاني علم الجزئیات و هو علم الشهادة وهو کفر زید و إیمان عمرو، فإنه لایعلم الله من ذلک شیئاً حتی یکون و ذکر قوله تعالی: «عالم الغیب و الشهادة» (الأنعام/ 6/73). ویضیف ابن حزم: والذي حمل ابن مسرة علی هذه العقیدة میله لأصول المعتزلة، فإن من قال منهم إن الله تعالی لم یزل یعلم أن فلاناً لایؤمن أبداً وأن فلانا لایکفر أبداً ثم جعل الناس قادرین علی تکذیب کلام ربهم وعلی إبطال مالم یزل. وهذا تناقض فاحش لاخفاء به (5/40). ثم یشیر ابن حزم خلال ذلک إلی آراء أحد معاصریه ویُدعی إسماعیل بن عبدالله الرُّعَیني وکان من أتباع ابن مسرة فیقول: إنه کان متعبداً زاهداً ولکنه أحدث أقوالاً فبرئ منه سائر المسریّة، ومما أحدث قوله: إن الأجساد لاتُبعث أبداً وإنما تبعث الأرواح، کما یعتقد بأنه حین موت الإنسان وفراق روحه لجسده تلقی روحه الحساب و یصیر إما إلی الجنة أو إلی النار ومن عقائد الرعیني الأخری أن العالم لایفنی أبداً، بل هکذا یکون الأمر بلانهایة، ویقول أیضاً إن العرش هو المدبر للعالم، وإن الله أجل من أن یوصف بفعل شيء أصلاً، وکان ینسب هذا القول إلی ابن مسرة. ولکن ابن حزم یقول: إنه لم یجد في کتب ابن مسرة مثل هذا القول.

ومن عقائد الرعیني أیضاً القول باکتساب النبوة، وأنه من بلغ الغایة من الصلاح وطهارة النفس أدرک النبوة وأنها لیس اختصاصاً أصلاً. وینسب کثیر من أتباع الرعیني هذه النظریة لابن مسرة ویستدلون علی ذلک بعبارات في کتبه هي کما یقول ابن حزم تشیر إلی ذلک (5/40-41).

ثم إن محیي‌الدین ابن عربي یورد اسم ابن مسرة في موضعین من الفتوحات المکیة، ویشیر إلی آرائه. فیشیر في موضع إلی حدیث الرسول (ص) حول «حملة العرش» بأن حکمهم في الدنیا 4 و في القیامة 8، ثم یضیف قائلاً: إنه روی عن ابن مسرة و هو من أکبر أهل الطریق علماً وحالاً و کشفاًف أن العرش المحمول هو المُلک و هو محصور في جسم وروح و غذاء ومرتبة، فآدم وإسرافیل للصور، وجبریل ومحمد (ص) للأرواح، ومیکائیل وإبراهیم للأرزاق ومالک ورضوان للوعد و الوعید. ولیس في الملک إلا ماذکر (1/147-148). وبعد أن یورد ابن عربي بحثاً مهماً في العرش بمعنی الملک و عن هذه الثمانیة للنسب الثمانیة التي یوصف بها الله: أي الحیاة والعلم والقدرة والإرادة والکلام و السمع والبصر وإدراک المطعوم والملموس، یقول: لهذا انحصر الملک في ثمانیة، فالظاهر منها في الدنیا 4. الصورة والغذاء والمرتبتان (أي السعادة والشقاء) ویوم القیامة تظهر الثمانیة بجمیعها للعیان وهو قوله تعالی: «ویحمل عرش ربّک فوقهم یومئذ ثمانیة» (الحاقة/ 69/17)، فقال (ص) و هم الیوم أربعة، هذا في تفسیر العرش بالملک، وأما العرش الذي هو السریر، فإن لله ملائکة یحملونه علی کواهلهم هم الیوم أربعة وغداً یکونون ثمانیة لأجل الحمل إلی أرض الحشر، وورد في صور هؤلاء الأربعة الحملة مایقاربه قول ابن مسرة فقیل: الواحد علی صورة الإنسان والثاني علی صورة الأسد والثالث علی صورة النسر و الرابع علی صورة الثور (1/149).

ویقول ابن عربي في موضع آخر بعد شرح و إیضاح معنی تنزیه التوحید، إن منزل التنزیه هذا وإن کان یطلب الأحدیة و التنزیه من جمیع الوجوه فإنه یظهر في الکشف الصوري المقید بالظاهر کالبیت القائم علی خمسة أعمدة علیها سقف مرفوع محیط به حیطان لاباب فیها مفتوح، فلیس لأحد فیه دخول بوجه من الوجوه، لکن خارج البیت عمود قائم ملصق إلی حائط البیت یتمسح به أهل الکشف، وإن کان هذا العمود لایضاف إلی هذا المنزل وإن کان منه إلا أنه لیس هو خاصاً به فإنه موجود في کل منزل إلهي وکأنه ترجمان بیننا و بین ماتعطیه المنازل من المعارف وقد نبّه علی ذلک ابن مسرة في کتابه الحروف، وهذا العمود له لسان فصیح یعبر لنا عما تحویه المنازل فنستفید منه علم ذلک (2/581).

 

المصادر

ابن الأبار، محمد، التکملة لکتاب الصلة، تقـ: عزت العطار الحسیني، القاهرة، 1956م؛ ابن أبي أصیبعة، أحمد، عیون الأنباء، بیروت، 1376هـ/1956م؛ ابن حزم، علي، الفصل، القاهرة، 1964م؛ ابن عذاري، محمد، البیان المغرب، تقـ: دوزي، لیدن، 1841-1851م؛ ابن عربي، محمد، الفتوحات المکیة، بولاق، 1329هـ؛ ابن الفرضي، عبدالله، تارخی علماء الأندلس، القاهرة، 1966م؛ أبوسلیمان السجستاني، محمد، صوات الحکمة، تقـ: عبدالرحمان بدوي، طهران، 1974م؛ شرف، شرف‌الدین خراساني، نخستین فیلسوفان یونان، طهران، 1357ش؛ صاعد الأندلسي، طبقات الأمم، تقـ: حیاة بوعلوان، دارالطلیعة؛ القرآن الکریم؛ القفطي، علي، تاریخ الحکماء (اختصار الزوزني)، تقـ: لیبرت، لایبزک، 1903م؛ وأیضاً:

Asin Palacios, Miguel, Aben Masarray su escuela origenes, Madrid, 1914.

شرف‌الدین خراساني (شرف)/ ن.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: