الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الادب العربی / ابن المعذل /

فهرس الموضوعات

ابن المعذل

ابن المعذل

تاریخ آخر التحدیث : 1442/12/6 ۲۱:۰۰:۳۷ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ الْمُعَذَّل، أبوالقاسم عبدالصمد بن المعذل (تـ 240هـ/854م)، شاعر عربي هجّاء. کانت أسرته أحد بطني قبیلة عبدالقیس، وقد رحلت من الکوفة إلی البصرة (المرزباني، 305؛ أبوالفرج، 12/57؛ زاهد، 5-6). وکان عبدالصمد واحداً من أبناء المعذل بن غیلان الأحد عشر، والذین کان لهم باع في الشعر والأدب (المرزباني، ن.ص). وکان یربط بین المعذل الذي کان شاعراً هجاءً وماجناً وبین الشاعر أبان بن عبدالحمید اللاحقي صلات حمیمة، ولکن هذه الصداقة لم تمنعهما عن توجیه کل منهما للآخر أسواً الهجاء وأبذئه (ظ: الصولي، الأوراق، 6-8؛ أبوالفرج، ن.ص؛ البغدادي، 3/458). وکان المعذل صدیقاً لعیسی بن جعفر والي هارون الرشید بالبصرة أیضاً، ولعل هذه الصداقة هي التي دعته للذهباب إلی البصرة والإقامة فیها (المرزباني، ن.ص). وکان غیلان جد عبدالصمد من الشعراء أیضاً وقد روي عن المعذل و غیلان روایات قلیلة في الحدیث و اللغة وأخبار العرب (أبوالفرج، ن.ص).

لاتعرف سنة ولادة ابن المعذل بدقة، وربما کانت في نحو 185هـ/ 801م (ظ: زاهد، 7-10)، ولیس من شک في أن أسرته کانت تملک ثروة وقدرة کافیة، فنحن نعلم أن الأخفش الأوسط النحوي المعروف بالبصرة وتلمیذ سیبویه تولی تعلیمه و تربیته (الثعالبي، 222-223). وربما قرأ علیه النحو والعروض والقرآن (ظ: زاهد، 12-14)، وأخذ شیئاً عن الأصمعي (م.ن، 13؛ الزبیدي، 187). ویبدو أنه قنع بهذا القلیل من العلم، وکان تردده علی جامع البصرة وتعلمه الفقه والحدیث والکلام الذي استنبطه زاهد (ص 14-16) من إحدی قصائده، کان هوایة وللتفنن علی الأغلب. ذلک أن شعره هذا لایدل بأي حال علی طلبه للعلم في حلقات درس جامع البصرة، وإنما هو دلیل علی استهتاره.

عاش ابن المعذل في عصر زاخر بالاضطرابات، وأدرک في حیاته غیر الطویلة خمسة من الخلفاء العباسیین (ظ: م.ن، 3). ومن الحوادث التي عاصرها، الصراع بین الأمین و المأمون و ثورة ابن طباطبا و دخول جیوش أبي السرایا إلی البصرة (ظ: الطبري، 8/428، 445، 478، 528-530؛ زاهد، 5)، وحکم الحسن بن سهل للعراق، والصراع الواسع النطاق بین العلویین وأنصار الخلافة العباسیة (ظ: زرین کوب، 214-218). وکانت البصرة بالإضافة إلی ذلک من أکبر المراکز الثقافیة والعلمیة في العالم الإسلامي في القرنین 2 و 3هـ. ونشأ فیها الکندي أول فیلسوف في عالم الإسلام و عدد من کبار المعتزلة کإبراهیم بن سیار النظام وأبي الهذیل العلاف معاصري ابن المعذل. کماکان ازدیاد نشاط المعتزلة وظهور «المحنة» من التطورات الثقافیة و السیاسیة آنذاک (ظ: الطبري، 8/631 و مابعدها)، و مع ذلک لم تنعکس تلک الحوادث في شعر ابن المعذل، بل یشاهد في شعره التشبیب بالنساء و التغزل بهن (ابن المعذل، 80، 84، 141؛ القالي، 1/30) و الغزل بالمذکر (ابن المعذل، 105، 148-151، 196-197، 204) و وصف الخمرة و شرها و السکر (م.ن، 77، 208، 209؛ رقیق الندیم، 193، 218) والحدیث عن ملذاته الکثیرة (ابن المعذل، 75-76، 82-83، 109-110).

وکان ابن المعذل من أولاد الطبقة المترفة، منشغلاً بشرب الخمرة واللهو بعیداً عن الضجیج السیاسي والتطورات الثقافیة، ویبدو أن کل همه کان في عقد مجالس اللهو و الخمر (ظ: م.ن، 79؛ الراغب، 1/673). وکان الشعر عنده وسیلة للاستهزاء بالآخرین، وکشف أمرهم والحدیث عن علاقاته الخاصة مع أشراف البصرة الآخرین (ابن المعذل، 73-74؛ أبوالفرج، 12/63)، ویظهر أنه کان ذا شخصیة مریضة روحیاً وکأنه کان یجد متعة في السخریة بالآخرین (ظ: ابن المعذل، 147، 193؛ أبوالفرج، 12/59) وکان مع ما اتصف به من مجون واستهتار یهتک نوامیس الآخرین بوقاحاته و عدم حیائه (ابن المعذل، 73-76، 179، 202-203؛ الحصري، 3/675؛ أبوالفرج، ن.ص)، بحیث لم ینج من حد لسانه السام أحد حتی شقیقه وابن أخیه وأصدقاؤه و جیرانه (ابن المعتز، 368؛ أبوالفرج، 12/71-72؛ القالي، 1/275؛ أبوعبید، 1/325). وکان أخوه الأکبر أبوالفضل أحمد بن المعذل الذي کان شاعرنا یحسده لمنزلته الاجتماعیة (أبوالفرج، 12/57) أکثر الجمیع تألماً من سلوکه هذا (ابن المعتز، ن.ص؛ الحصري، 3/671). وکان یعیش معه في بیت واحد، وکلما شکامنه تعرض لاستهزائه وهجائه (ابن المعذل، 64، 69-70، 183-184؛ القالي، الحصري، ن.صص؛ زاهد، 13) مما اضطره لتشبیهه بالإصبع الزائدة التي إن قطعت آلمت وإن ترکت شانت (ابن أبي عون، 312).

وکان ابن المعذل نموذجاً کاملاً لجماعة من أشراف البصرة، نالوا الثروة والراحة في ظل امتداد رقعة الخلافة، فقضوا حیاتهم في اللهو والمجون، ویُری من أصدقائه عدد من شعراء البصرة آنذاک، منهم أبوقلابة الجرمي وابن أبي عیینة (أبوالفرج، 12/65-66). ورغم ماکان یربطه من صداقة مع بعض الأعیان کعلي بن عیسی أمیر البصرة مثلاً (ابن المعذل، 181-182؛ أبوالفرج، 3/160؛ زاهد، 22)، لکن الشاعر لم یکن من أهل البلاط لینال الهبات الوافرة. وفي المصادر التي بین أیدینا إشارات إلی حیاته، ولکن لم یذکر شيء فیها عن کیفیة تدبیره أمور معاشه (ظ: ابن المعذل، 79، 81-82؛ أبوالفرج، 12/62-63، 65-67). ویدل علی لهوه و عبثه معرفته للموسیقي الشهیر إسحاق الموصلي (رقیق الندیم، 141-142) و دعوة مغني البصرة الشهیر شروین لبیته (أبوالفرج، 12/65)، ولکن تعالل ذلک المغني علیه دعاه إلی هجائه هجاء مراً دفعه إلی ترک البصرة (ن.ص). کما کان أصدقاء الشاعر یتعرضون لمثل هذا الهجاء إذا ما سلبوه متعة أو غنیمة (ابن المعذل، 66-68، 73-74؛ أبوالفرج، 12/58-59، 65-66؛ زاهد، 27-28). ولم یتعرض هؤلاء فحسب إلی هجائه، بل لحق أیضاً أهل الفضل والعلم کأبي العباس المبرد وأبي عثمان المازني (ظ: ابن المعذل، 125-128، 144-145، 207؛ الخطیب، 3/383؛ رقیق الندیم، 438-439).

وقد کان لسانه حاداً وساماً بحیث لقب بأبي السم (أبوالفرج، 12/68) ولذلک لابد من عده خَلَف المعذل (ظ: الصولي، الأوراق، 7). ولکن لایمکن مقارنته بالشعراء الهجائین کابن بسام وابن عنین، فرغم أنه شاعر متمرد وقلق (زاهد، 21)، إلا أن تمرده و قلقه لیس ثورة ضد قدرة الحاکم السیاسیة و لاخوفاً علی الأدب و الثقافة العربیة، کما أنها لیست ثورة نابعة من النزاعات القبلیة، فثورته محاجة و اعتراض علی أمة مغنیة بالبصرة (أبوالفرج، 12/60)، أوعلی صدیق استقل بمتعة اللذة، کماکان جاحداً إحسان الآخرین له (الحصري،3/675)، ولذلک کانت حیاته الملیئة بالفضائح تزخر بنزاعه مع معارضیه الکثیرین (بلا، 168). ویمکن اعتباره کوالده من أولئک الشعراء الذین عاشوا بالبصرة في القرنین 2 و 3هـ واعتبروا الهجاء نوعاً من الاختصاص (م.ن، 167)، ومع ذلک فقد کان یبدي أحیاناً عفة وإباءً فیری أن الطلب من الأعیان إذ لال لنفسه (ابن عبدالبر، 1(1)/170)، کما هجا أبا تمام لأنه لاینفک یضیع ماء وجهه طالباً لوصالٍ أونوالٍ (الصولي، أخبار …، 34-35؛ قا: أبوالفرج، 12/70) معا دعا أبا تمام أن یعرض عن دخول البصرة (الصولي، ن.م، 241-242؛ ابن خلکان، 1/335).

وعلی کل حال، فقد کان لابن المعذل شأن في عصره، فقد نال مثلاً أبوعثمان المازني الذي لم یسلم من هجائه أیضاً، صلة من المتوکل لإنشاده شعراً لابن المعذل في هجاء قاضي البصرة (الزبیدي، 95-97). ویعکس شعره وحیاته جوانب من حیاة جماعة من أهل البصرة آنذاک، ولذلک ورغم ماقیل عنه لم یبتعد عنه الناس، واعتبر من أتباع طریقة أبي نواس (رقیق الندیم، 193)، وتأثر به عدد من الشعراء کالبحتري حتی إن أبا هلال العسکري (ص 176، 364) فضله علی البحتري، وقد بلغ من الأهمیة مادعا المرزباني (297-384هـ) إلی تألیف کتاب مستقل عن حیاته باسم أخبار عبدالصمد بن المعذل (ابن الندیم، 191). ویذکر ابن الندیم (ص 234) کان دیوانه یشتمل علی 150 ورقة ولیس لدینا الیوم سوی قطع متفرقة منه، جمعها زهیر غازي زاهد من مصادر مختلفة، ونشرها في بغداد (1390هـ/1970م) مع مقدمة وافیة.

یدو أن ابن المعذل مات مقتولاً بسبب هجوه إبراهیم التیمي قاضي البصرة، وذلک علی ید جماعة القاضي من أقربائه أو من المتعصبین له (زاهد، 31-32). وفي شعره إشارات إلی تهدید القاضي المذکور له (م.ن، 32).

 

المصادر

ابن أبي عون، إبراهیم، التشبیهات، تقـ: محمدعبدالمعیدخان، کمبریدج، 1369هـ/1950م؛ ابن خلکان، وفیات؛ ابن عبدالبر، یوسف، بهجة المجالس وأنس المُجالس، تقـ: محمد موسی الخولي، بیروت، 1981م؛ ابن المعتز، عبدالله، طبقات الشعراء، تقـ: عبدالستار أحمد فراج، القاهرة، 1375هـ/1956م؛ ابن المعذل، «الشعر» (ظ: همـ، زاهد)؛ ابن الندیم، الفهرست، مصر، المطبعة الرحمانیة؛ أبوعبید البکري، عبدالله، سمط اللآلي، تقـ: عبدالعزیز المیمني، القاهرة، 1354هـ/1936م؛ أبوالفرج الأصفهاني، الأغاني، بیروت، 1390هـ/1970م؛ أبو هلال العسکري، الحسن، کتاب الصناعتین، القاهرة، 1319هـ؛ البغدادي، عبدالقادر، خزانة الأدب، بولاق، 1299هـ؛ الثعالبي، خاص الخاص، تقـ: صادق النقوي، حیدرآبادالدکن، 1405هـ/1984م؛ الحصري، إبراهیم، زهر الآداب، تقـ: محمد محیي‌الدین عبدالحمید، القاهرة، 1373هـ/ 1953م؛ الخطیب البغدادي، أحمد، تاریخ بغداد، القاهرة، 1349هـ؛ الراغب الأصفهاني، حسین، محاضرات الأدباء، بیروت، 1961م؛ رقیق الندیم، إبراهیم، قطب السرور في أوصاف الخمور، تقـ: أحمد الجندي، دمشق، 1969م؛ زاهد، زهیر غازي، شعر عبدالصمد بن المعذل، بغداد، 1390هـ/ 1970م؛ الزبیدي، محمد، طبقات النحویین و اللغویین، تقـ: محمد أبوالفضل إبراهیم، القاهرة، 1373هـ/ 1954م؛ زرین کوب، عبدالحسین، دو قرن سکوت، طهران، 1336ش؛ الصولي، محمد، أخبار أبي تمام، تقـ: خلیل محمود عساکر وآخرون، بیروت، المکتب التجاري؛ م.ن، الأوراق، قسم أخبار الشعراء، تقـ: هیورث دن، القاهرة، 1934م؛ الطبري، تاریخ؛ القالي البغدادي، إسماعیل، الأمالي، القاهرة، 1373هـ/1953م؛ المرزباني، محمد، معجم الشعراء، تقـ: عبدالستار أحمد فراج، القاهرة، 1379هـ/ 1960م؛ وأیضاً:

Pellat, Charles, Le milieu basrien et la formation de Ğaħiz, Paris, 1953.

محمد سیدي/ ن.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: