اِبْنُ مَخْلَد، أبوالحسن محمد بن محمد بن محمد بن إبراهیم البزّاز (329-11 ربیع الأول 419هـ/941-9 نیسان 1028م)، محدث وفقیه حنفي بغدادي، انبری لطلب العلم منذ شبابه و أدرک مشایخ بغداد. سمع في 339 هـ محمد بن عمرو بن البختري الرزّاز و أبا الحسین عمر بن الحسن الشیباني و أبا عمرو ابن السماک و جعفر بن محمد بن نصیر الخلدي و أبا عمر محمد بن عبدالواحد الزاهد و غیرهم، کما سمع إسماعیل بن محمد الصفار (تـ 341هـ) في نفس الفترة تقریباً (الطوسي، 1/391 و ما بعدها، 2/3 و ما بعدها؛ الخطیب، تاریخ …،3/231). ومن مشایخه أیضاً أبوبکر أحمد بن سلمان النجاد (الخطیب، ن.ص). ولسماعه في شبابه من مشایخ بغداد، وامتداد العمر به، فقد التف حوله في أواخر عمره طلاب الحدیث لأنه لم یکن بقي أعلی إسناداً منه (ظ: ن.ص؛ ابن الجوزي، 8/37؛ الذهبي، 17/370-371). سمع منه کثیرون أبرزهم الشیخ الطوسي (سمع في 417هـ) والخطیب البغدادي (ظ: الطوسي، الخطیب، ن.صص). ومن تلامذته أیضاً علي بن طاهر الموصلي وعبدالعزیز الکتاني وعلي بن الحسین الربعي وأبوبکر أحمد ابن علي الطریثیثي وأبوالقاسم ابن بیان الرزاز (للاطلاع علی تلامذته، ظ: الذهبي، 17/371). ومن الناحیة الرجالیة کان أبوالقاسم اللالکائي یفضّله في الروایة عن الصفار علی محمد بن حسین بن الفضل القطان الذي کان من طبقته، ووصفه الخطیب البغدادي بـ «الصدوق» وأثنی علیه (ظ: الخطیب، ن.م، 3/231-232).

وکان ابن مخلد إلی جانب نشاطه العلمي، یمارس التجارة أیضاً حتی جمع مالاً عظیماً. وفي الفترة 415-416هـ و بعد استیلاء الأتراک علی بغداد واضطراب الاستقرار المالي، رحل إلی القاهرة خوفاً من مصادرة ثروته، وأقام بها حوالي سنة (ابن الجوزي، ن.ص). و عند عودته إلی بغداد في 417هـ کثر تسلط الأتراک فیها، فأکثروا مصادرات الناس وأخذوا الأموال حتی إنهم قسّطوا علی الکرخ خاصة مائة ألف دینار (ابن الأثیر، 9/353). ویبدو أن جلّ ثروة ابن مخلد کانت في الکرخ فأخذت في ذلک التقسیط فافتقر (ابن الجوزي، ن.ص؛ ابن الأثیر، 9/370). ویری ابن تغري بردي (4/270) أن البویهیین هم الذین صادروا ثروته، ولابد من النظر إلی هذا الرأي بعین الشک لضعف البویهیین في بغداد خلال تلک الفترة. وعلی أي حال، أمضی ابن مخلد مایربو علی السنة من أواخر عمره في فاقة، حتی إنه توفي ولم یکن له کفن، فبعث له الخلیفة العباسي القادر بکفن (الخطیب، ن.م، 3/232).

والآثار المعروفة له مجالسه التي هي أمالي أساتذته في الحدیث. وقد جمع الشیخ الطوسي في کتاب الأمالي (1/391-2/8)، أمالي عمر بن الحسن الشیباني و أبي عمر الزاهد و ابن السماک و جعفر الخلدي و محمد ابن عمرو الرزّاز بروایة ابن مخلد. کما توجد في المکتبة الظاهریة بدمشق مخطوطة تضم أمالي الخلدي و ابن السماک، ومخطوطة أخری تضم أمالي الخدي و الرزّاز و أبي بکر النجاد بروایة ابن مخلد. ویستنبط من المخطوطة الأخیرة أن تاریخ استماع الراوي لابن مخلد کان عام 417هـ (الظاهریة، 108-109؛ فهرس …، 468-469). وأشار اروداني أیضاً إلی مجلسین من أمالي الشیباني و أمالي النجاد بروایة ابن مخلد، وبیّن سند روایته (ص 397). وفضلاً عن أمالي مشایخه، فقد اهتم أیضاً بروایة نصوص حدیث السلف، مثل روایة «جزء» من حدیث أبي علي الحسن ابن عرفة عن طریق أستاذه الصفّار، فقد حظي باهتمام کبیر، حتی إن الخطیب البغدادي أخذ عنه في مختلف آثاره (ظ: الأسماء …، 319، تقیید …، 85، تلخیص …، 2/644، 836، السابق …، 125، شرف …، 32-33) وظل علی الأقل حتی القرن 11هـ / 17م موضع اهتمام أصحاب الحدیث (ظ: الروداني، 208).

المصادر

ابن الأثیر، الکامل؛ ابن تغري بردي، النجوم؛ ابن الجوزي، عبدالرحمان، المنتظم، حیدرآبادالدکن، 1359هـ؛ الخطیب البغدادي، أحمد، الأسماء المبهمة، تقـ: عزالدین علي السید، القاهرة، 1405هـ/ 1984م؛ م.ن، تاریخ بغداد، القاهرة، 1349هـ؛ م.ن، تقیید العلم، تقـ: یوسف العش، دمشق، 1974م؛ م.ن، تلخیص المتشابه، تقـ سکینة الشهابي، دمشق، 1985؛ م.ن، السابق و اللاحق، تقـ: محمد الزهراني، الریاض، 1402هـ/ 1982م؛ م.ن، شرف أصحاب الحدیث، تقـ: محمد الزهراني، الریاض، 1402هـ/ 1982م؛ م.ن، شرف أصحاب الحدیث، تقـ: محمدسعید خطیب أوغلي، أنقرة، 1971م؛ الذهبي، محمد، سیر أعلام النبلاء، تقـ: شعیب الأرنؤوط و محمدنعیم العرقسوسي، بیروت، 1403هـ/ 1983م؛ الروداني، محمد، صلة الخلف، تقـ: محمد حجي، بیروت، 1408هـ/ 1988م؛ الطوسي، محمد، أمالي، بغداد، 1384هـ/ 1964م؛ الظاهریة، المخطوطات (الحدیث)؛ فهرس مجامیع المدرسة العمریة، تقـ: یاسین محمد السواس، الکویت، 1408هـ/ 1987م.

قسم الفقه و علوم القرآن و الحدیث/ ت.