اِبْنُ المُرابِع، أبومحمد عبدالله بن إبراهیم الأزدي (تـ 750هـ/ 1349م)، أدیب و شاعر أندلسي في عصر بني نصر بغرناطة. ولدببلّش في مالقة (ابن الخطیب، 3/421؛ العبادي، 163). معلوماتنا عنه یسیرة وتقتصر علی ما أورده عنه صدیقه ابن الخطیب (3/426-432). کان ابن المرابع شاعراً متجولاً، ومن أصحاب طریقة بني ساسان، أي المشعوذین والسائلین، من الطبقات الفقیرة وأحیاناً سیئة الشهرة، والتي تتخذ من الشعر والفن وسیلة لتوفیر المعاش، وقد أطلق البعض علی شعرهم اسم حماسة الجوع (فروخ، 6/461؛ العبادي، 166-167؛ غرانخا، 595؛ قا: رسالته في الإحاطة لابن الخطیب، 3/426؛ أیضاً ظ: EI1، مادة ساسان). وکما یشیر ابن الخطیب (3/421) فإن ابن المرابع کان یسعی دائماً للحصول علی معاشه بشعره وفنه (أیضاً ظ: غرانخا، ن.ص). ومع ذلک فقد کان له عمل لیس ذا أهمیة تذکر في الدیوان (ابن الخطیب، ن.ص). وکان یتقرب أحیاناً من السلاطین و ذوي النفوذ، فقد کتب مثلاً في عیدالأضحی مقامة صعبة تزخر بالصنعة إلی الأمیر أبي سعید فرج (حاکم مالقة وفاتح سبتة) لیحضل علی أضحیة. کما نظم قصیدة في وصف جبل شلیر کان قد تردّی بالثلج و تعمم، ومدح أبا عبدالله محمد (سادس الملوک النصریین، حکـ 725-733هـ/1325-1333م) فیها (ظ: م.ن، 3/425-426؛ المقري، 6/105-106). وکانت تربطه بالوزیر ابن الخطیب صداقة حمیمة وله معه مراسلات شعریة، ونظم قصیدة بمناسبة مقتل والد ابن الخطیب و أخیه في حرب طری، أورد المقري الأبیات وجواب ابن الخطیب (5/12-14). ولماولي ابن الخطیب خطة الإنشاء في 749هـ (قبیل وفاة ابن المرابع) أرسل إلیه قصیدة ثانیة (م.ن، 6/102-103)، ولکن تعلق ابن المرابع ببني ساسان حال دون و صوله إلی بلاط السلاطین شاعراً رغم علاقته بالأمراء والسلاطین. وکان یحظی أحیاناً بدعم أمیر و ینال شهرة ویمیل الحظ عنه أحیاناً أخری، فقد حدث مرة أن توجه إلی المغرب أملاً في النجاح ولکنه لم یجد فیها من یقدّر فنه رغم کل المساعي التي بذلها، فعاد أدراجه إلی مسقط رأسه (ابن الخطیب، 3/422؛ غرانخا، 592-595). لاندري سنة رحلته هذه وقد توفي ابن المرابع في مسقط رأسه بالطاعون الذي عم أرجاء أوروبا في 750هـ (ظ: المقري، 6/106؛ غرانخا، 593).

وأهم أثر له المقامة التي مرذکرها وأطلق علیها العبادي (ص 159) اسم مقامة العید، وهي في الحقیقة صورة عن حیاته، وتتناول رجلاً من بني ساسان یسعی للحصول علی أضحیة في عیدالأضحی فیتعرض لحلو الحوادث و مرّها. وقد أور ابن الخطیب (3/425-432) نص المقامة الکامل. یمتاز نثر ابن المرابع فیها بالحیویة ولکنه بالأسلوب المتداول آنذاک و هو عصر الانحطاط الأدبي، فیه تکلف وصنعة (ظ: غرانخا، 595-596). وباطن هذا الأثر المرّ ینم عن مساع لاطائل فیها یبذلها رجال من الطبقات الفقیرة التي یدفعها الإملاق و الجوع إلی کل حیلة تبدو في نظر البعض غیر صحیحة و مذمومة. وقد اعتبر العبادي (ص 167) لهذه المقامة قیمة تاریخیة أیضاً، لک أن المعلومات عن المجتمع الغرناطي في ذلک العصر یسیرة جداً، وقد أورد ابن المرابع في مقامته صورة معبرة نسبیاً عن الحیاة في عصره و العلاقات بین مختلف الطبقات الاجتماعیة (مثلاً: القصاب و المحتسب و الشرطي و …). حقق أحمد مختار العبادي هذه المقامة، و نشر تحقیقه مع مقدمة مبسوطة في صحیفة المعهد المصري (1373هـ/1954م)، کما أن غرانخا نشر ترجمتها الإسبانیة في نشرة «الدراسات الشرقیة» في کتاب ذکری لیفي بروفنسال ویبدو أن قسماً کبراً من آثار ابن المرابع و منها شعره قد فُقد، غیر أن ابن الخطیب (3/422-425) ونقلاً عنه المقري 05/12-14، 6/102-106، 256) أوردا مقطوعات متفرقة من شعره. و من مقطوعاته البدیعة و ثاؤه لدیک فقده (ابن الخطیب، 3/424-425؛ المقري، 6/104-105) ولرثاء الدیکة ماض قدیم في الآداب الأندلسیة (غرانخا، 593-594). أما أشعاره الأخری فلا تحظی بقیمة أدبیة تذکر. ولکن مایمیز آثاره عن غیره عامة، لهجته الخشنة و حدة لسانه، حیث یقول ابن الخطیب (3/421) إنه کان «مرهوب الهجاء».

المصادر

ابن الخطیب، محمد، الإحاطة في أخبار غرناطة، تقـ: محمد عبدالله عنان، القاهرة، 1395هـ/1975م؛ العبادي، أحمد مختار، «مقامة العید»، صحیفة المعهد المصري، القاهرة، 1373هـ/1954م، ج 2، عد 1-2؛ فروخ، عمر، تاریخ الأدب العربي، بیروت، 1983م؛ المقري التلمساني، أحمد، نفح الطیب، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1968م؛ وأیضاً:

EI1; Granja, F., «La Maqāma de la Fiesta de Ibn al- Murābiʿ al-Azdī», Etudes d’orientalisme dédiées á la mémoire de Lévi- Provençal, Paris, 1962, vol. II.

مینا حفیظي/ ن.