اِبْنُ مالِک، أبوعبدالله محمد بن مالک الحمادي الیماني (427-487هـ/1036-1094م)، مؤرخ یمني عاصر علي بن محمد الصُّلیحي، الداعیة الفاطمي و مؤسس سلالة لاصلیحیین بالیمن. ذکرت أیضاً سنة وفاته حوالي 473هـ (الحبشي، 94) و حوالي 470هـ (سید، أیمن، 92). لانعرف شیئاً عن حیاته و أساتذته و تلامذته، و کل مانعلمه مأخوذ من رسالة باسم کشف أسرار الباطنیة وأخبار القرامطة. یقول ابن مالک إنه کان یسمع مایقال عن الصلیحي وأتباعه من سییء الإذاعیة وقبح الشناعة ماقد نطقت به الألسنة، ولایکاد یصدقه أو یکذب ماأجمع علیه الناس. لذلک رأی أن یدخل في مذهب الصلیحیین لیتیقن صدق ماقیل فیه من کذبه و لیطلع علی سرائره و کتبه (ص 192)، غیر أن شتروطمان ذکر في المقدمة التي کتبها للفصل الخامس (فصل بیان مذهب الباطنیة وبطانه) من کتاب قواعد عقائد آل محمد لمحمد بن الحسن الدیلمي – بعد بیان أن الدیملمي أفاد في تألیف هذا الکتاب من رسالة ابن مالک – أن هذا من رؤساء الزیدیة الذین کانت لهم مهارة خاصة في أخبار الإسماعیلیین (ص «ط»). ویضیف ابن مالک أنه لما تصفح کل ما عند القرامطة، ابتعد عنهم، و بادر إلی الکشف في هذه الرسالة عن کفر أتباع هذا المذهب و ضلالتهم کیلا یقع أي مسلم في شراکهم.

وتنقسم هذه الرسالة المختصرة (32ص) إلی قسمین: یختص القسم الأول بدراسة آراء القرامطة و تعالیمهم و تأویلاتهم لآیات القرآن و یتحدث فیه عن نواب هذه الفرقة و دعاتهم و عن طریقة تربیة المخدوعین بهذه الدعوة و مراحل تعلیمهم کما یلي: المرحلة الأولی، تعلیم الصلاة بتأویل الآیة 43 من سورة البقرة بإقامتها مرة في السنة. والمرحلة الثانیة تجویز الخمر و المیسر بتأویل الآیة 32 من سورة الأعراف و المرحلة الثالثة تجویز الإفطار في رمضان، و تفسیر الصیام بالصموت، تأویلاً للآیة 26 من سورة مریم و المرحلة الرابعة تفسیر کلمة الطهارة بطهارة القلب بعدم اعتبار الأحکام الشرعیة في الطهارات والنجاسات وتأویل الآیات المتعلقة بها. و المرحلة الخامسة من وجهة نظر القرامطة تعتبر غایة السعادة و هي الإقبال علی جنة الدنیا (تبعاً لجنة الآخرة) و بعبارة خاصة تنتهي بالاشتراکیة في النساء.

ویضیف ابن مالک أن الداعي القرمطي کان یتقاضی بعد تعلیم کل مرحلة، 12 دیناراً باسم «القربان» (ص 193-195). ویختص القسم الثاني من الکتاب بالحدیث عن أصل هذه الدعوة و تاریخها و دعاتها ویذکر ابن مالک أن أصل هذه الدعوة ظهور عبدالله بن میمون القداح في الکوفة. ویقول في موضع آخر من الکتاب إن القداح والد عبدالله کان من دعاة الباطنیة (ص 200)، ثم یتحدث عن أخبار میمون القداح و خروجه من سلمیة إلی الکوفة، ومما رواه من أخبار عن أبي سعید الجنابي حین دخوله مکة في 317هـ/ 929م، وقتله 13 ألفاً من الحجاج و منه فریضة الحج، واقتلاعه الحجر الأسود و نقله إلی الدحساء (ص 200-201)و قد روی ابن سمرة هذه الحادثة نقلاً عن ابن مالک أیضاً (ص 77)، بینما الذي ارتکبها هو أبوطاهر سلیمان الجنابي شقیق أبي سعید (ابن الأثیر، 8/207).

ویتابع المؤلف کلام فیذکر أحوال الحسن بن مهران، المعروف بالمقنع و محمد بن زکریا و علي بن الفضل الجدني المیاني و ما فعل للإساءة إلی الشرع و تحلیل المحرمات، ثم تحدث عن أخبار أبناء المنصور وبدء دولة الصلیحیین في الیمن و قیام علي بن محمد الصلیحي ودعوة القرامطة في حوالي 439هـ/1047م. ورغم مخالفة للصلیحیین فإن هذه الرسالة تعد مرجعاً معتمداً في دراسة بعض الحوادث و بخاصة حالة بلاد الیمن قبیل الصلیحیین من الناحیة‌الدینیة و قیام علي بن محمد الصلیحي و دراسة تاریخ الباطنیة (الهمداني، 7؛ الحبشي، 94). ووثق بها أکثر الکتّاب المخالفین لدعوة الخلفاء الفاطمیین بالیمن، وجمیع المؤرخین من أهل السنة بالیمن کابن سمرة (ص 76-78) والجندي (سد، فؤاد، 78). ویری بعض الباحثین المعاصرین أن معلومات الجندي في السلوک، والخزرجي في الکفایة عن ابن مالک مأخوذة من کشف أسرار الباطنیة و أخبار القرامطة (EI2).

ویعتبر برنار لویس رسالة ابن مالک أقدم المدونات التي جاء فیها ذکر من أصل الفاطمیین (ص 82). ویبدو أنها دونت قبل فضائح الباطنیة للغزالي (الحبشي، ن.ص؛ قا: بدوي، «ج»).

طُبع کشف أسرار الباطنیة لأول مرة في 1357هـ/1939م عن مخطوطة في مکتبة سوهاج بمصر مع مقدمة لمحمد زاهد الکوثري (سید، أیمن، 92)، ثم في 1374هـ/1955م مع التبصیر في‌الدین للإسفرایني، وأخیراً في 1379هـ/1959م بمصر.

المصادر

ابن الأثیر، الکامل؛ ابن سمرة الجعدي، عمر، طبقات فقهاء الیمن، تقـ: فؤاد سید، القاهرة، 1957م؛ ابن مالک، محمد، «کشف أسرار الباطنیة وأخبار القرامطة»، مع التبصیر في‌الدین لأبي المظفر الإسفرایني، تقـ: محمد زاهد الکوثري، القاهرة، 1374هـ/ 1955م؛ بدوي، عبدالرحمان، مقدمة فضائح الباطنیة لأبي حامد الغزالي، القاهرة، 1383هـ/ 1964م؛ الحبشي، عبدالله محمد، مصادر الفکر العربي الإسلامي في الیمن، صنعاء، مرکز الدراسات الیمنیة؛ سید، أیمن فؤاد، مصادر تاریخ الیمن في العصر الإسلامي، الاقهرة، 1974م؛ سید، فؤاد، هامش طبقات فقهاء الیمن (ظ: همـ، ابن سمرة الجعدي)؛ شتروطمان، ر.، مقدمة بیان مذهب الباطنیة و بطلانه، إستانبول، 1938م؛ لویس، برنارد، تاریخ إسماعیلیان، تجـ: فریدون بدره‌إي، طهران، 1362ش؛ الهمداني، حسین، الصلیحیون، القاهرة، 1359هـ؛ وأیضاً:

EI2.

فریبا جایدرپور/ ن.