الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الادب العربی / ابن فورجة /

فهرس الموضوعات

ابن فورجة

ابن فورجة

تاریخ آخر التحدیث : 1442/11/29 ۲۲:۳۲:۲۶ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ فُوَرَّجَة، أبو علي محمد بن حمد البروجردي، شاعر وأدیب إیراني في القرن 5هـ/11م. لایُعرف معنی فورجة علی وجه الدقة. یعتقد الخوارزمي أنه اسم زرادشتي (ظ: شروح سقط الزند، 3/1387)، وربما اعتمد الدجیلي (ص12) علی هذا القول عندما قال: إن «فور» (پور) بمعنی الولد و«چه» أداة للتصغیر، فعلی هذا یكون معناها (الابن الصغیر). ورغم أن القراءة التي أوردها یاقوت (18/188)، والسیوطي (1/96) (فورّجة) هي أكثر انسجاماً مع هذا الاشتقاق، إلا أن تلفظها ثقیل جداً.

ویفهم من استقراء المصادر أن ابن فورجة اسم لشخصین مختلفین عاشا في عصر واحد هما حمد بن محمد ومحمد بن حمد بن محمد، ویحتمل أن یكونا أباً وابناً. وقد أدی التشابه في الاسم وبعض المشتركات الأخری إلی حدوث اضطراب وخلط في المصادر، بحیث لایمكننا أن نورد بسهولة ترجمة مستقلة لكل منهما. وكان الثعالبي (1/123-125)، المؤرخ المعاصر له أول من أشار إلی حیاة محمد بن حمد، فقال عنه إنه بروجردي، من أهل أصفهان المقیمین بالري، المبرزین في النظم والنثر، كما أورد حوالي 20 بیتاً من شعره. ودعاه الباخرزي (مقـ 467هـ)، وقد عاصره أیضاً، بالوزیر دون أن یورد اسمه كاملاً، وأشار إلی أنه التقاه في الري (1/25). ولم یتحدث بعد الباخرزي أي مصدر عن هاتین الشخصیتین طیلة قرنین من الزمن. والمثیر للاهتمام أن القفطي (تـ 646هـ) – ویبدو أنه كانت لدیه مصادر أكثر – قد ذكر ترجمتین مستقلتین ومتفاوتتین لكل منهما في القرن السابع، وما أورده عن محمد ابن حمد (المحمدون…، 1/349-351)، لایختلف، إلا قلیلاً عما جاء به الثعالبي، أما المعلومات التي قدمها عن حمد، والقائلة بأنه كان تلمیذاً لأبي العلاء المعري وأنه صاحب كتابي الفتح علی أبي الفتح والتجني علی ابن جني فهي جدیدة. كما أنه أورد شعراً له وذكر أنه كان متصدراً للإفادة بالري في 440هـ (إنباه…، 1/334-335). ومع هذا یُحتمل أن القفطي لم یكن علی صواب فیما أشار إلیه من وجود علاقة بین حمد وأبي العلاء، ونسبة الكتابین المذكورین إلیه. فالقصیدة التي أنشدها أبو العلاء المعري (ظ: الخوئي، 2/80-87) في 400هـ رداً علی محمد بن حمد، والتي دعاه في بیت منها بابن حمد لاتدع مجالاً للشك في أن مصنِّف هذین الكتابین، وصاحب العلاقة الحمیمة مع أبي العلاء هو محمد بن حمد ولیس حمد بن محمد (قا: ابن فورجة، 92، 140، مخـ). لكننا لاندري لماذا لم یُشر الثعالبي في ترجمته له إلی هذین الكتابین، فهل أنهما لم یؤلفا في حیاة الثعالبي (تـ 429هـ)، أو أنه لم یكن علی علم بهما. وأكبر الظن أن هذا هو الذي أوقع القفطي في الخطأ. ومنذ عهد القفطي فإن كافة المصادر ترجمت لمحمد بن حمد اعتماداً علی الثعالبي (مثلاً الصفدي، 3/24-25؛ ابن شاكر، 3/344-345)، أو ترجمت لحمد استناداً إلی المعلومات التي أوردها القفطي في إنباه الرواة (مثلاً الفیروزآبادي، 74-75؛ الیماني، 108)، غیر أن أكثر المصادر تصورت الاثنین شخصاً واحداً وخلطت بین ترجمتیهما (مثلاً السیوطي، 1/96-97، 547). ونسب یاقوت (18/188-189) قبل القفطي بقلیل هذین الكتابین إلی محمد بن حمد، لكنه ذكر أنه ولد في 330هـ وكان حیاً حتی 455هـ، وهو ما یثیر بعض العجب.

وعلی ضوء ما مر فإننا سنترجم لمحمد بن حمد، خاصة وأن أغلب المصادر الموثوقة ذهبت إلی أنه صاحب كتابي التجني والفتح. یعتقد البعض (الصفدي، 3/25؛ ابن شاكر، 3/345، نقلاً عن یاقوت)، أنه ولد في نهاوند عام 380هـ. وذكر یاقوت نفسه أنه ولد في 330هـ (ن.ص)، دون الإشارة إلی مسقط رأسه، ویبدو أن حوالي عام 380هـ هو التاریخ الأصح اعتماداً علی بعض القرائن كقصیدة أبي العلاء المعري التي نظمها في 400هـ رداً علی ابن فورجة والتي أشار فیها (ظ: الخوئي، 2/83، البیت الخامس) إلی شرخ شبابه، كما أشیر في موضع آخر (ظ: م.ن، 2/84) بشكل صریح إلی انتسابه إلی بروجرد.

قدم ابن فورجة بغداد إبان شبابه للانتفاع بعلمائها، وتزامن دخوله لها مع فترة إقامة أبي العلاء المعري فیها والتي دامت سنة وتسعة أشهر (ظ: دیاب، 1/104). ورغم أن أبا العلاء لم یبلغ آنذاك الأربعین من العمر، ولم یصل إلی ذروة الشهرة، إلا أنه كان ذا مكانة علمیة وأدبیة كبیرة (م.ن، 1/101)، ولذا هرع ابن فورجة إلیه وقرأ علیه بعض الآثار الأدبیة مثل دیوان المتنبي (ابن فورجة، 92، 140، 162؛ الدجیلي، 13-14). وبما أن أبا العلاء غادر بغداد في رمضان 400هـ قاصداً معرة النعمان (دیاب، 1/104)، فیمكن القول إن ابن فورجة لازمه فیها حوالي 9 أشهر، إلا أن هذه الفترة رغم قصرها ربطت الاثنین برباط عاطفي عمیق، حتی إن أبا العلاء أثنی علیه كثیراً في قصیدة أنشدها لدی مغادرته بغداد ووصف فراقه بأنه محزن للغایة (ظ: الخوئي، 2/82-86). ویبدو أن هذه العلاقة بینهما لم تنقطع حتی بعد عودة أبي العلاء إلی معرة النعمان. وأورد القفطي أن ابن فورجة رحل إلی معرة النعمان للأخذ عنه (إنباه، 1/334).

ترك أبو العلاء المعري تأثیراً كبیراً علی حیاة ابن فورجة العلمیة والأدبیة، وجعله مثله یعشق شعر المتنبي، حتی أصبح من رواة شعره (أبو سویلم، 16). وقد بلغت المعركة التي نشبت في أوائل القرن 4هـ حول أشعار المتنبي ذروتها في عصر ابن فورجة (عباس، 252-253). وكما یفهم من كتاب الفتح أن ابن فورجة حقق وقیم أكثر شروح دیوان المتنبي والردود علیه مثل الفسر الكبیر والفسر الصغیر لابن جني، والكشف عن مساوئ شعر المتنبي للصاحب بن عباد، ورسالة أبي علي محمد بن الحسن الحاتمي (تـ388هـ) التي اتهم فیها المتنبي بسرقة أفكار أرسطو وآرائه (ظ: ص 69، 71؛ الدجیلي، 15، نقلاً عن ابن عاشور)، ودافع عن المتنبي بالرد علی انتقاداتهم وباقي خصوم المتنبي. وقد تمیز دفاعه في كثیر من الحالات بالشدة والتقریع خاصة ردوده علی الصاحب بن عباد لما امتازت به من نقد جارح وتهكم، وفنّد فیها آراءه حول المتنبي وإصراره علی اتهامه بسرقة آراء أفلاطون الفلسفیة، وعزا تلك الاتهامات إلی الجهل، ووصفه بأنه قد فضح نفسه بها (ص 163). ویأتي القاضي الجرجاني بعد ابن جني والصاحب بن عباد في التعرض لهجمات ابن فورجة، فهو لم یعذره علی عجزه في الفهم الصحیح لبعض شعر المتنبي رغم علمه وفضله (ص 80، 150). ورغم هذا نجده لم یغفل عن بعض سیئات المتنبي في بعض أبیاته الشعریة أو یعتذر عنها (قا: عباس، 393).

ویدین ابن فورجة في جل شهرته إلی كتابي الفتح علی أبي الفتح والتجني علی ابن جني. والفتح في الحقیقة رد علی كتاب الفسر الصغیر الذي ألفه ابن جني رداً علی شعر المتنبي، وكما نعلم فقد دونت شروح وردود كثیرة جداً علی دیوانه. ومن نقاط ضعف المتنبي الذي یتشبث بها الشراح والنقاد دائماً هي الجانب اللغوي لشعره، وشرح ابن جني (الفسر الصغیر) هو أحد تلك الردود التي تهتم بهذا الجانب من شعره. وقد كتب أنصار المتنبي كالزوزني وأبي حیان التوحیدي وابن فورجة ردوداً مفصلة علی هذا الشرح، أشهرها رد ابن فورجة، أجاب ابن فورجة فیه علی مؤاخذات ابن جني واتهاماته للمتنبي اعتماداً علی عدد من الأدلة والبراهین، كما قام بشرح الأبیات المشكلة التي أغفلها ابن جني. وقام أیضاً وخلال رده علی ابن جني بالرد علی انتقادات واتهامات النقاد الآخرین، ولهذا فقد أصبح الكتاب في الواقع شرحاً للأبیات المشكلة للمتنبي وحظي بمكانة خاصة بین شروح دیوانه. واعتمد ابن فورجة في هذا الكتاب غالباً علی أفكار وكتابات أستاذه أبي العلاء، بل وقد بدت شروحه في بعض الأحیان وكأنها شروح أبي العلاء مع بعض التفصیل (ص 58-59، أیضاً 63؛ قا: أبو العلاء، 2/338-339، أیضاً 2/440-441).

ومع‌ ذلك لایمكن تجاهل دقة رأیه وسعة معلوماته في الأدب واللغة والتي تظهر بوضوح في سائر فصول الكتاب، ومما یؤید ذلك استناد أستاذه أبي العلاء أحیاناً علیه في شرح دیوان المتنبي (1/149). وفضلاً عن أبي العلاء، فقد أشار إلی آرائه أیضاً باقي شراح دیوانه كأبي عبید الله الصقلي (ظ: 1/196، 229)، والعكبري (1/60، 71، مخـ) في شروحهم لبعض الأبیات. وكان ابن سیدة – الكاتب المعاصر له – مطلعاً علی هذا الأثر كما أشار إلی ذلك في شرح مشكل شعر المتنبي (ظ: الدایة، 11)، ویبدو أنه اعتمد عليه أحیاناً دون الإشارة إلی اسمه مباشرة (ظ: ابن سیدة، 12؛ قا: ابن فورجة، 89-90). ورغم اتفاق وجهات نظر ابن سیدة وابن فورجة في الدفاع عن المتنبي، إلا أنهما نهجا نهجین مختلفین في هذا الشأن: فابن فورجة قد تخیر أبیات المعاني المشكلة بذوقه الخاص ورتبها ترتیباً أبجدیاً كاشفاً عن غریب معاني المتنبي ومبیناً غوامضها، كما صرح هو بذلك في مقدمة كتاب الفتح (ص 35)، دون أن یهتم بالجوانب الفنیة والملامح الجمیلة في شعره. في حین انصب اهتمام ابن سیدة علی المعاني والتراكیب وصناعة البدیع، وراعی في انتخابه التطور التدریجي لشعر المتنبي، فبدأه بأبیات من أوائل ما قاله في صباه، ثم بعض مدائحه في أمراء حمص أو سیف‌ الدولة وكافور الإخشیدي (عبد الرحیم، 587-588). وثمة فارق آخر بینهما أن ابن فورجة وقف موقفاً صلباً من الاتهامات الموجهة للمتنبي – سیما سرقة أفكار الفلاسفة – ورفضها رفضاً باتاً، فیما صمت ابن سیدة حیال تهم الخصوم. وعلی العموم یمكن القول إن دفاع ابن سیدة قد تمیز بالاعتدال، بینما كان في دفاع ابن فورجة شيء من التعصب (قا: م.ن، 613-614).

ویحاول ابن فورجة في مطلع الفتح تعلیل وتبریر عُقَد شعر المتنبي وصعوباته، وقد أورد أدلة لهذا الغرض، منها الغرابة، مثل وجود الألفاظ المهجورة والنادرة؛ واستعمال المجاز بكثرة (ظ: ابن فورجة، 35-41). طبع هذا الكتاب لأول مرة ببغداد عام 1973م في مجلة المورد باسم شرح مشكلات دیوان أبي الطیب المتنبي، أو الفتح علی فتح أبي الفتح بتحقیق محسن غیاض، وأعید طبعه ببغداد عام 1974م باسم الفتح علی أبي الفتح بتحقیق عبد الكریم الدجیلي.

وكتاب ابن فورجة الآخر هو التجني علی ابن جني، وهو ردّ علی كتاب الفسر الكبیر لابن جني، وقد ألّفه قبل الفتح وأشار إلیه مراراً في الفتح (ص 314، مخـ). وذكر سزكین (GAS, II/492) أو منه مخطوطة بإسكوریال، ولكن یقول الدجیلي (ص 17-26) إن هذه المخطوطة لم تكن سوی التفح علی أبي الفتح، ولم تعرف حتی الیوم أي مخطوطة لكتاب التجني. وفضلاً عن هذین الكتابین، توجد مخطوطة منسوبة إلیه باسم رسالة في تقویة الباه في المكتبة الحمیدیة بالسلیمانیة في تركیا (ششن، 82)، إلا أن أغلب الفهارس نسبت هذه الرسالة إلی ابن سینا. كان ابن فورجة یقرض الشعر أیضاً وله أبیات في آثار الثعالبي (1/124-125)، والقفطي (المحمدون، 1/349-351)، وابن شاكر (3/344-345)، والصفدي (3/24-25).

 

المصادر

ابن سیدة، علي، شرح مشكل شعر المتنبي، تقـ: محمد رضوان الدایة، دمشق، 1395هـ/1975م؛ ابن شاكر الكتبي، محمد، فوات الوفیات، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1974م؛ ابن فورجة، محمد، الفتح علی أبي الفتح، تقـ: عبد الكریم الدجیلي، بغداد، 1394هـ/1974م؛ أبو سویلم، أنور، مقدمة التكملة… (ظ: همـ، الصقلي المغربي)؛ أبو العلاء المعري، أحمد، شرح دیوان أبي الطیب المتنبي، تقـ: عبد المجید دیاب، القاهرة، 1986م؛ الباخرزي، علي، دُمیة القصر، تقـ: محمد التونجي، دمشق، 1391هـ/1971م؛ الثعالبي، عبد الملك، تتمة الیتمیة، تقـ: عباس إقبال، طهران، 1353هـ؛ الخوئي، یوسف، شرح التنویر علی سقط الزند، القاهرة، 1286هـ؛ الدایة، محمد رضوان، مقدمة شرح… (ظ: همـ، ابن سیدة)؛ الدجیلي، عبد الكریم، مقدمة الفتح… (ظ: همـ، ابن فورجة)؛ دیاب، عبد المجید، مقدمة شرح دیوان… (ظ: همـ، أبو العلاء)؛ السیوطي، بغیة الوعاة، تقـ: محمد أبو الفضل إبراهیم، القاهرة، 1384هـ؛ شروح سقط الزند، تقـ: مصطفی السقا وآخرون القاهرة، 1366هـ/1947م؛ ششن، رمضان، فهرس مخطوطات الطب الإسلامي باللغات العربیة والتركیة والفارسیة، إستانبول، 1404هـ/1984م؛ الصفدي، خلیل، الوافي بالوفیات، تقـ: هلموت ریتر، بیروت، 1381هـ/1961م؛ الصقلي المغربي، الحسین، التكملة وشرح الأبیات المشكلة من دیوان أبي الطیب المتنبي، تقـ: أنور أبو سویلم، عمان، 1985م؛ عباس، إحسان، تاریخ النقد الأدبي عند العرب، بیروت، 1401هـ/1981م؛ عبد الرحیم، مصطفی علیان، تیارات النقد الأدبي في الأندلس، بیروت، 1404هـ/1984م؛ العكبري، عبد الله، دیوان أبي الطیب المتنبي، تقـ: مصطفی السقا وآخرون، بیروت، دار المعرفة؛ الفیروزآبادي، محمد، البلغة في تاریخ أئمة اللغة، تقـ: محمد المصري، دمشق، 1392هـ/1972م؛ القفطي، علي، إنباء الرواة، تقـ: محمد أبو الفضل إبراهیم، القاهرة، 1369هـ/1950م؛ م.ن، المحمدون من الشعراء، تقـ: محمد عبد المعبد خان، حیدرآباد الدكن، 1385هـ/1966م؛ یاقوت، الأدباء؛ الیماني، عبد الباقي، إشارة التعیین، تقـ: عبد المجید دیاب، الریاض، 1406هـ/1986م؛ وأیضاً:

GAS.

عنایت‌ الله فاتحي‌نژاد – حسن یوسفي إشكوري/ت.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: