الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الادب العربی / ابن عنین /

فهرس الموضوعات

ابن عنین

ابن عنین

تاریخ آخر التحدیث : 1442/11/28 ۲۲:۵۶:۲۷ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ عُنَین، أبو المحاسن شرف‌ الدين محمد بن نصر الله بن الحسین بن عنین (549-630هـ/1154-1233م)، شاعر هجاء دمشقي. یتصل نسبه بالأنصار، هاجر أجداده من المدینة إلی الكوفة وأقاموا في موضع باسم مسجد بني النجار (یاقوت، 19/81؛ ابن خلكان، 5/18). ولكنه ولد بدمشق. عاصره یاقوت وترجم له بإسهاب (19/81-92).

أخذ في مسقط رأسه عن ابن عساكر، ودرس النحو واللغة علی أبي الثناء محمود بن أرسلان الشیزري، وقرأ شیئاً من الفقه علی قطب‌ الدين النیسابوري – وكان یتولی آنذاك رئاسة الشافعیة وله حلقة درس في الجامع الأموي بدمشق – وعلی كمال‌ الدين الشهرزوري قاضي قضاة دمشق، وسمع ببغداد من منوجهر بن تركان شاه راوي مقامات الحریري (م.ن، 19/82؛ الصفدي، 5/122-123). وكان بارعاً في نقد الشعر (ابن خلكان، 3/351) ویستحضر كتاب الجمهرة لابن درید (یاقوت، ن.ص؛ ابن خلكان، 5/14) وقد اختصره.

بدأ نظم الشعر في 565هـ وعمره 16 سنة (مردم بك، 4-5)، وكان ذلك في عهد نور الدين محمود بن زنكي الذي كان قلیل الاهتمام باشعر والأدب لأنه كان زاهداً لایری مجالسة الشعراء تلیق به، أو أنه ربما كان لایدرك جمال الشعر ودقائقه لكونه تركي اللغة، وقد أشار الشعراء المعاصرون له إلی هاتین النقطتین في أشعارهم (م.ن، 5). ویبدو أن الشاعر الشاب یئس من إهمال الأمراء والكبار له فانصرف إلی نظم أنواع الشعر منها الألغاز التي هي أقرب إلی التسلیة وإرضاء النفس (ظ: ابن عنین، 149-178)، وكانت أهم هوایاته آنذاك حضور المجالس الأدبیة ومجالسة الشعراء (ن.ص؛ ابن ظافر، 402). وآل به الأمر بعد فترة إلی الهجاء والمجون والتهتك، ولم ینج معاصروه من حد لسانه واستهزائه، ونظم قصیدة في 500 بیت سمّاها «مقراض الأعراض» (ابن الجوزي، 8(2)/606؛ ابن تغري بردي، 6/294) هجا فیها الأعیان وأشراف عصره ولم یفلت منهم أحد (ن.ص). لم یبق من هذه الصیدة سوی 52 بیتاً في دیوانه (ص 179-184).

وفي 570هـ استولی صلاح‌ الدين الأیوبي علی دمشق. ورغم أنه كان ألین حجاباً للشعراء والأدباء (مردم بك، 5، 32) فلا ندري ما الذي دعا ابن عنین إلی الابتعاد عنه وعدم التقرب منه، بل وهجوه ورجال دولته بصراحة بدلاً من ذلك (ص 210-211؛ ابن الجوزي، 8(2)/697).

وقد سعی ابن المطران الطبیب عند صلاح‌ الدين – وكان مقرباً منه – بابن عنین لینفیه دمشق، فنفي، لكنه لم یسكت عنه فهجاه هجاء مراً (ص 133؛ ابن الجوزي، 8(1)/411-412). ثم قضی مایقرب من 20 سنة من عمره یطوف في بلاد مختلفة منها العراق وخراسان وآذربایجان وخوارزم وما وراء النهر والهند والیمن، وحضر في خوارزم والري حلقة درس فخر الدين الرازي (یاقوت، 19/82؛ ابن خلكان، 4/251؛ السبكي، 8/87؛ قا: مردم بك، 6-8) وكانت تربطه به مودة خاصة ومدحه مراراً بشعره (ن.ص). وسعی في هذه الفترة للحصول علی المال والثروة بمدح بعض الحكام (ابن الفوطي، 52؛ الذهبي، 87) ویبدو أنه لم یفلح في مسعاه هذا (ابن عنین، 33). وكان أینما حل تناول الحكام والأشراف بهجائه وسخریته (م.ن، 127، 144، 231)، وأخیراً قصد الیمن وكان یتردد بینها وبین مصر للتجارة (ابن الوردي، 2/240). وشارك في مجالس شعراء وأدباء مصر واشتهر بینهم بشاعر الشام (ابن خلكان، 6/62). ومدح في الیمن سیف الإسلام طغتكین أخا صلاح‌ الدين الأیوبي (ص 34-40) ونال منه أموالاً (ابن الوردي، ن.ص)، ولكن لم یخمد في نفسه حبه لدمشق التي كان یحبها أكثر من أي مكان آخر ویتمنی العودة إلیها (ظ: ص 68-90؛ مردم بك، 13) وقد نظم في حنینه إلیها والتعبیر عن أمنیته هذه الكثیر من القصائد، وهي تملأ جانباً من دیوانه بما فیها من جمال ورافة كبیرة (ابن خلكان، 5/17). ویبدو أن عصبیته العربیة (مردم بك، 23) زادت من شوقه هذا إلی العودة، ومع ذلك لم یخف استیاءه من حكام دمشق (ابن عنین، 84-85، 108). وفي 595هـ تفوي عثمان بن صلاح‌ الدين واستولی الملك العادل علی الحكم في الشام ومصر (مردم بك، 12) فكتب له قصیدة یستأذنه في الدخول إلی دمشق (ابن خلكان، 5/16؛ مردم بك، ن.ص) فأذن له ودخلها بكبریاء وأنفة كما یبدو في شعره (ص 94). ولكنه ما لبث أن هجا الملك (ص 239؛ ابن الجوزي، 8(2)/697؛ یاقوت، 19/87؛ ابن تغري بردي، 6/294). وتبدأ الفترة الذهبیة من حیاته باستیلاء الملك المعظم علی دمشق فصار من خواص بطانته، «ومجالسه معمرة بقبائحه وهناته» (ابن الجوزي، 8(2)/606) ونال عنده حظوة كبیرة (ابن عنین، 92؛ ابن خلكان، 5/18). وسَفَر عن الملك المعظم في 623هـ ولقي ابن خلكان بمدینة إربل في سفره هذا (ابن خلكان، 5/15). وفي أواخر دولة الملك المعظم تولی الوزارة وبقي فیها حتی نهایة حكم ابنه الملك الناصر. وفي بدایة حكم الملك الأشرف لدمشق في 626هـ أبعد عن الوزارة وتوفي بعد 4 سنوات فیها وعمره 81 عاماً (ابن خلكان، 5/18؛ مردم بك، 15-16).

أهم میزات ابن عنین هجاؤه وسخریته وكثرة مثل هذا الشعر في دیوانه بالنسبة إلی أغراضه الأخری. ونتصور أن وراء هذا اللسان الحاد والوجه الهازل (ابن الفوطي، ن.ص) شخصیة أخری خفیة لابد من الكشف عنها من خلال أشعاره، فلم تكن مدائحه وأهاجیه عبثاً ودون مبرر أو للتسلیة ولكسب المال والجاه فحسب، فنادراً ما كان یهجو العوام من الناس، بل كان یتناول بلسانه المقذع الحاد الأشراف وأصحاب النفوذ والقدرة منهم الأمیر بدر الدين مودود شحنة دمشق (ابن عنین، 203، 204، 208) وصفي‌ الدين ابن القابض أحد رجال دولة صلاح‌ الدين الأیوبي (م.ن، 206، 207) وأبو الفضل یحیی قاضي القضاة بدمشق (م.ن، 221) وجمال‌ الدين محمد بن أبي الفضل الدولي خطیب دمشق (م.ن، 182، 188) والقاضي الفاضل (م.ن، 182، 188، 189، 190، 219) وجمال‌ الدين عبد الرحیم بن علي بن شیث وزیر الملك المعظم (م.ن، 190، 224، 225) والقاضي ابن أبي عصرون (م.ن، 191-193) ونائبه الحرستاني (م.ن، 184) والقاضي شرف‌ الدين (م.ن، 131).

وكان لایتحفظ في هجائه وتهكمه فلم یراع حرمة الملك المعظم أیضاً والذي كان شدید الاحترام له (م.ن، 243؛ ظ: الصفدي، 5/123). كما كان ینتقد ویستهزئ بالفساد الجاري في أسر الأشراف ویری أن الخلیفة ببغداد یشارك فیه (م.ن، 144). وأن الملك العادل سیف یقطع الأرزاق (م.ن، 239) ویری أن أصحاب القدرة حمل ثقیل علی عواتق الناس، وكان یثني علی صفتي العدل والمعرفة، ویزدري رجال الدولة لخلوهم من هاتین الصفتین (م.ن، 229). ولم یبالغ في مدح فخر الدين الرازي إلا لعلمه ومعرفته ودینه (ظ: م.ن، 53-55؛ یاقوت، 19/89-90)، ولم تكن صلته حسنة بالفقهاء ورجال الدين، ولم یزل یستهزئ بهم دائماً (ظ: ابن عنین، 132، 137، 202؛ مردم بك، 20). فكانت إحدی هوایاته أن یذهب إلی جامع دمشق ویطوف في أروقته ویجد في حلقات الدرس والوعظ ما ینفع مادة لهزله وتهكمه (م.ن، 19-20). وقد هجا أیضاً بعض أهل العلم والأدب كاشاعر رشید النابلسي وابن السائق وابن القلانسي وابن الجوزي (ظ: ص 185، 186، 187، 226، 227، 231، 237). ولیس اعتباطاً أن یصفه ابن الجوزي بأنه «كان خبیث اللسان فاسقاً متهتكاً» (8(2)/696). والطریف أن عدداً من أساتذته كانوا بین من هجاهم مثل كمال‌ الدين الشهرزوري (ابن عنین، 197) وأبیه أیضاً (م.ن، 239؛ الأمین، 166). وكان لسلوكه هذا ومیله إلی معاقرة الخمر (یاقوت، 19/82) وإخلاله بالفرائض الدينیة (ابن عنین، 138، 139؛ یاقوت، ن.ص؛ الصفدي، 5/123) ما دعا إلی اتهامه بالزندقة والكفر (یاقوت، الصفدي، ن.ص)، فقد اعتبر ابن الجوزي (ن.ص) مصاحبة ابن عنین أحد آثام الملك المعظم الكبیرة. ویقول إنه حینما اعتزل مدة وانقطع إلی العبادة لم یحمل عمله محمل الجد، وأرسل إلیه الملك المعظم بأسباب الهو واللعب وقال له: سبّح بهذا (م.ن، 8(2)/606، 698)، ومع ذلك لما تولی الوزارة حسن سیاسة الأمور (الدلجي، 124)، ولم تغفل ذلك المصادر التي تحدثت عن سوء عقیدته (ظ: الصفدي، 5/123). وكان هو نفسه یدعي حسن السیرة والصدق ویقول: إن ذنبه الوحید في نفیه من دمشق هو صدقه (ص 94؛ ابن الجوزي، 8(2)/697). وكان یتوجه إلی العامة من الناس في شعره الهجائي. ومن هنا ینبع إقبال الناس الشدید علی شعره وتقریظه (یاقوت، 19/92؛ ابن خلكان، 5/14) فجمع له بعضهم مقاطیع من شعره (ابن خلكان، 5/17). ویؤید میله إلی عامة الناس إیراده الألفاظ العامیة في شعره هذا (مردم بك، 26، 246). ویذكر بعض شعره بزجل شعراء القرون التالیة (ظ: ابن شدّاد، 87). وربما أمكن تكوین صورة واضحة للمجتمع الأرستقراطي بدمشق آنذاك بدراسة شعره والنظر فیه.

 

آثاره

ینسب إلیه كتابان بالإضافة إلی دیوان شعره هما: 1. التاریخ العزیزي، في سیرة الملك العزیز، ألفه كما یبدو لطغتكین بن أیوب الذي كان یحكم الیمن آنذاك (الزركلي، 7/126)؛ 2. مختصر الجمهرة لابن درید، في اللغة (كحالة، 12/79) یدل علی مهارته في اللغة.

 

المصادر

ابن تغري بردي، النجوم؛ ابن الجوزي، یوسف، مرآة الزمان، حیدرآباد الدكن، 1371هـ/1952م؛ ابن خلكان، وفیات؛ ابن شداد، محمد، الأعلاق الخطیرة، تقـ: سامي الدهان، دمشق، 1375هـ/1956م؛ ابن ظافر، علي، بدائع البدائه، تقـ: محمد أبو الفضل إبراهیم، القاهرة، 1970م؛ ابن عنین، محمد، دیوان، تقـ: خلیل مردم بك، دمشق، 1365هـ/1946م؛ ابن الفوطي، عبد الرزاق، الحوادث الجامعة، بغداد، 1351هـ؛ ابن الوردي، عمر، تتمة المختصر في أخبار البشر، تقـ: أحمد رفعت البدراوي، بیروت، 1389هـ/1970م؛ الأمین، حسن، دولة الموحدین الإسلامیة، بیروت، 1406هـ/1986م؛ الدلجي، أحمد، الفلاكة والمفلوكون، بغداد، 1385هـ؛ الذهبي، محمد، المختصر المحتاج إلیه من تاریخ ابن الدبیثي، بیروت، 1405هـ/1985م؛ الزركلي، الأعلام؛ السبكي، عبدالوهاب، طبقات الشافعیة الكبری، تقـ: عبد الفتاح محمد الحلو ومحمود محمد الطناحي، القاهرة، 1324هـ؛ الصفدي. خلیل، الوافي بالوفیات، تقـ: س. دیدرینغ، بیروت، 1389هـ/1970م؛ كحالة، عمر رضا، معجم المؤلفین، بیروت، 1975م؛ مردم بك، خلیل، مقدمة دیوان (ظ: همـ، ابن عنین)؛ یاقوت، الأدباء.

محمد سیدي – حسن صفري نادري/ن.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: