الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الادیان و التصوف / ابن عطاءالله /

فهرس الموضوعات

ابن عطاءالله

ابن عطاءالله

المؤلف :
تاریخ آخر التحدیث : 1442/11/28 ۰۹:۳۴:۳۰ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ عَطاءِ اللَّه، أبو العباس (أبو الفضل) تاج ‌الدين أحمد بن محمد بن عبد الكریم السكندري الجذامي (تـ 709هـ/1309م)، الملقب بالشیخ الكبیر، عارف وشاعر ونحوي ومحدث ومفسر وفقیه مالكي، ومن كبار مشایخ الطریقة الشاذلیة. أجداده بني جذام الذین هاجروا إلی مصر واستوطنوا الإسكندریة (القلقشندي، 1/330-331؛ الغنیمي، 12-13)، ولد ابن عطاء الله في الإسكندریة (م.ن، 16؛ الشیال، 214)، ولانعرف سنة ولادته، ولكن یمكننا بالنظر إلی تاریخ وفاة أستاذه أبي العباس المرسي (686هـ)، وبالنظر إلی كون ابن عطاء الله فقیهاً معروفاً في الإسكندریة قبل معرفته بأبي العباس، تقدیر ولادته في النصف الأول من القرن 6هـ (قا: الغنیمي، 16-18).

لاتتوفر معلومات دقیقة عن فترة طفولته وشبابه، فقد صادفت الفترة سیرة الممالیك علی مصر، وكانت أسرته معروفة منذ القدیم بالعلوم الدینیة، كما كان جده عبد الكریم رأس سلالة ابن عطاء الله بالإسكندریة (ابن خلدون، 1(4)/813؛ دنر، 4). وذكره ابن فرحون بقوله إنه كان إماماً في الفقه والأصول والأدب، وإنه اختصر المفصل للزمخشري والتهذیب، وألف البیان والتقریب في شرح التهذیب وهو 7 مجلدات (2/43؛ أیضاً ظ: السیوطي، 1/456)، وقد أشار إلیه ابن عطاء الله مراراً في لطائفه (كنموذج ص 190-191) دون أن یذكر اسمه، ویبدو من بعض تلویحاته أن عبد الكریم كان ینكر علی الصوفیة (الغنیمي، 13-14). ولیس من شك في أن هذا الإنكار هو الذي دعا أبا العباس المرسي أستاذ ابن عطاء الله، والذي أسمی عبد الكریم بـ «فقیه الإسكندریة» (ظ: م.ن، 15) إلی أن یقول: «صبرنا علی جد هذا الفقیه (یقصد جد ابن عطاء الله) لأجل هذا الفقیه» (ابن عطاء الله، ن.ص). وما نعرفه عن حیاة محمد والد ابن عطاء الله أقل من هذا، فلقاء محمد أبا الحسن الشاذلي (ن.م، 141) شاهد علی أنه لم یكن یعارض الصوفیة خلافاً لعبد الكریم، أما قول دنر إنه كان مریداً لأبي الحسن الشاذلي (ص 7)، فلیس صحیحاً، ولاسیما أن ابنه تاج ‌الدين قال بأنه لایعرف التعالیم الشاذلیة جیداً، رغم طلبه لمختلف العلوم منذ صغره، وكان معترضاً علیه ومنكراً (ابن عطاء الله، ن.م، 194). فلوكان والد ابن عطاء الله مریداً لأبي الحسن الشاذلي، لما كان الابن جاهلاً بالتعالیم الشاذلیة إلی هذا الحد.

وتعود شهرة هذه الأسرة في الإسكندریة إلی فقهائها المالكیة، لابسبب المشایخ الشاذلیة؛ وإذا لم یكن لدینا معلوما دقیقة عن حیاته قبل تعرفه إلی المرسي، غیر أن المصادر أشارت عامة إلی دراسته للتفسیر والفقه والأصول والحدیث واللغة والنحو والبیان والكلام وغیرها من العلوم المعروفة آنذاك (ابن فرحون، 1/242؛ السیوطي، 1/424؛ مخلوف، 204). ولعله قرأ الفقه علی ناصر الدین ابن المنیِّر، وكان شهیراً فیه (ظ: الغنیمي، 20؛ نویا، 19). وسمع الحدیث من الأبرقوهي والدمیاطي (ابن عطاء الله، ن.م، 48، 69، 71؛ ابن حجر، 1/325؛ أیضاً ظ: الغنیمي، 21-22). وأخذ النحو عن المازوني (ابن حجر، ن.ص). وتعلم أصول الفقه والكلام والفلسفة كما یبدو عند شمس ‌الدين الأصفهاني (الغنیمي، 22، 23). وقد أشاد في اللطائف بشمس ‌الدين ونعته بشیخنا (ص 178)، وعلی هذا فإن ابن عطاء الله كان في شبابه فقیهاً، وفي هذه الفترة جرت بینه وبین بعض أصحاب إبي العباس المرسي مخاصمة، وأنكر علیهم أموراً یأباها ظاهر الشرع، وكان یعتقد أنه «لیس إلا أهل العلم الظاهر» (ن.م، 194). ولكنه یقول فیما بعد إن معارضته للمرسي لا أساس لها، ولذلك رأی أن یذهب إلی مجلسه ویسمع كلامه (ن.ص). وقد تكلم المرسي في ذلك المجلس في الأنفاس التي أمر بها الشارع، أي الإسلام والإیمان والإحسان، وهي الشریعة والحقیقة والتحقق (ن.م، 194-195). وكان تأثیر هذا المجلس علی ابن عطاء الله شدیداً، فمال بعد عودته إلی الخلوة، وقرر أن یعود إلی المرسي، وفي هذه المرة أفصح عن أحوال قلبه ومشاعره. وكانت أول تعالیم المرسي في الواقع، هي الأصول الأولی للطریقة الشاذلیة هذه. وبعد فترة رحل ابن عطاء الله من القاهرة إلی الإسكندریة (ن.م، 177). وذكر الشعراني أنه تتلمذ علی یاقوت العرشي بعد المرسي (2/20).

بادر ابن عطاء الله إلی تدریس العلوم الدینیة والتصوف بالقاهرة (الصفدي، الوافي، 8/57؛ السبكي، 5/176؛ ابن حجر، 1/324؛ أیضاً ظ: الغنیمي، 25)، ویتحدث الصفدي عن ذوقه وعذوبة كلامه ومعرفته بكلام الصوفیة وآثار السلف (ن.ص؛ ابن تغري بردي، 8/280)، ویقول الصعیدي في تعطیر الأنفاس: وكان یجعل غالب مجلس تقریراته بالجامع الأزهر، فیدرّس فیه العلم الظاهر والباطن (ظ: الغنیمي، ن.ص). وكان كبار رجال عصره یحضرون مجالس درسه أیضاً كتقي ‌الدين السبكي والد تاج ‌الدين السبكي (السبكي، ن.ص)؛ ولعل هذا ما دعا تاج ‌الدين إلی أن یعد ابن عطاء الله شافعیاً في كتابه طبقات الشافعیة وأن یحتمل أن یكون مالكیاً أیضاً (ن.ص). ولابد أن نذكر من تلامذته أیضاً داود ابن باخلا خلیفته في الطریقة الشاذلیة (الغنیمي، 27-28). وقد تحدث عن ابن عطاء الله ضمن بیان آرائه في التصوف في كتاب له باسم اللطیفة المرضیة بشرح حزب الشاذلیة (م.ن، 28).

لم یقتصر ابن عطاء الله علی الوعظ لنشر آرائه الصوفیة، بل كان یهتم بها بطرق أخری كدفاعه عن ابن عربي ضد ابن تیمیة، فرغم أنه كان ینتقد ابن عربي في بعض أقواله، إلا أن دفاعه عنه ضد ابن تیمیة كان دفاعاً عن الصوفیة تجاه أهل الظاهر، ذلك أن ابن تیمیة لم یهاجم ابن عربي وحده، بل هاجم جمیع الصوفیة ومنهم أبو الحسن الشاذلي. وقد ذكر الصفدي في حدیثه عن أبي الحسن الشاذلي كتاباً لابن تیمیة في رد أقواله (نكت، 213). ویقول ابن الألوسي: إن ابن تیمیة انتقد بعض عبارات الشاذلي في كتبه (ظ: الغنیمي، 67-68)، فشكی ابن عطاء الله مع جماعة كبیرة من أهل التصوف علیه (ظ: ابن كثیر، 14/45) وتقدر الجماعة بنحو الـ 500، واجتمعوا في النصف الأول من شوال 707 علی باب دار إمارة السلطان وشكوا ابن تیمیة لسبه مشایخهم ولاسیما ابن عربي (ن.ص؛ الغنیمي، 68؛ أیضاً ظ: ن.د، 2/534).

وقد دعت شهرة ابن عطاء الله الواسعة الملك المنصور (حكـ 696-698هـ/1297-1299م) للقائه، وكان ابن عطاء الله یری أن أمر السلاطین بالمعروف ونهیهم عن المنكر من واجبات الصوفیة، ولذلك بدّل هذا اللقاء بمجلس للوعظ ونصیحة الملك المنصور وإرشاده (ابن عطاء الله، ن.م، 316 وما بعدها).

ذكرت كثیر من المصادر كرامات له (السبكي، ابن حجر، ن.ص؛ الشوكاني، 1/107؛ الغنیمي، 69-76). مما یدل علی اعتقاد العامة به وذهبت أكثر المصادر إلی أنه توفي في 709هـ، ویذكر السیوطي تاریخاً أدق لوفاته هو 13 جمادی الثانیة 709 (ن.ص)، والشعراني وحده جعل وفاته في 707هـ (ن.ص). توفي ابن عطاء الله في المدرسة المنصوریة بالقاهرة ودفن بالقرافة، وقبره مشهور یزار (ظ: ابن الدواداري، 9/206؛ الصفدي، الوافي، ن.ص؛ ابن فرحون، 1/243؛ ابن تغري بردي،ن.ص؛ ابن إیاس، 1(1)/424؛ ابن حجر، السیوطي، الشعراني، ن.ص؛ الغنیمي، 34-37). ودفن إلی جواره في مزاره كثیر من رجال الفقه والحدیث أمثال ابن دقیق العید (ابن الزیات، 320-321؛ الغنیمي، 37).

 

آراؤه

«إسقاط الإرادة والتدبیر» عن الإنسان هو أساس آراء ابن عطاء الله، فیرى أن المقامات والأحوال والمعرفة بالله وعالم الذر والنفس وبعبارة أخری جمیع الوجود لامعنی له إلا بإسقاط الإرادة والتدبیر؛ وإسقاط الإرادة والتدبیر بمعنی النفي المطلق لإرادة الإنسان وتدبیره إزاء الإرادة والمصلحة الإلهیة، وتعود الإرادة الإلهیة وتدبیرها إلی «عالم الذر»، أو بعبارة أخری إلی عالم العلم والتقدیر (ابن عطاء الله، التنویر، 53). ویری ابن عطاء الله أیضاً أن عهد «ألست بربّكم» یستلزم عهد إسقاط إرادة الإنسان وتدبیره مع إرادة الله وتقدیره. وأن إسقاط التدبیر یستلزم الإقرار بربوبیته (ن.ص، أیضاً ظ: ص 68). ولایتیسر «شهود» الأحدیة إلا بإسقاط الإرادة والتدبیر (ظ: ن.ص؛ الغنیمي، 284-285). ولیس هذا الأمر الخطیر في آخر السلوك فحسب، بل یلوح في كل المقامات (ابن عطاء الله، ن.م، 48)، فمقامات ابن عطاء الله التسعة تبدأ بالتوبة وتنتهي بالمحبة، ویری أن مقام الرضا أتم المقامات؛ وأن مقامي الرضا والتوكل، أجلّ مظاهر إسقاط الإرادة والتدبیر (ن.م، 48، 51، لطائف، 110؛ أیضاً ظ: الغنیمي، 249)، وقد جعل الفناء والبقاء من الأحوال وهما اللذان یراهما أكثر العارفین آخر المقامات، واعتبر الخوف والرجاء والزهد من المقامات، وبذلك بلغت المقامات عنده من 7 إلی 9. وینبغي لسالك في أول قدم له في مقام التوبة من الذنوب أن یتوب عن التدبیر والاختیار لأنهما من الكبائر (ابن عطاء الله، التنویر، ن.ص). ویری في مقام الزهد بالإضافة إلی تقسیمه إلی زهد ظاهر جلي وباطن خفي أنه لایصح إلا بالخروج من التدبیر (ن.م، 48-49)، ثم یری أن الصبر الذي هو ثالث المقامات عنده في 3 أشیاء: صبر عن المحرمات، وصبر عن الواجبات، وصبر عن التدبیرات والاختیارات (ن.م، 49) وبعبارة أخری یری أن ترك التدبیر وإسقاط الاختیار یدخلان في كل المقامات ومن لوازم السیر والسلوك العرفاني.

وللذكر في آراء ابن عطاء الله العرفانیة منزلة خاصة، ولذلك ألّف كتاباً في هذا الموضوع. وهو یقسم الذكر إلی مطلق ومقید، وللذكر المقید زمان ومكان معینان (:الذكر في أیام الحج)، والذكر المطلق ممكن في كل الأحوال (الغنیمي، 191)؛ وللذكر مراتب أیضاً كذكر اللسان وذكر القلب وذكر السر. وذكر السر هو الذكر الخفي الذي یغیب فیه الذاكر عن نفسه، ولذلك دعاه بذكر الغیبة عن الحضور أیضاً وعن الذكر فیما یعرف بحال الفناء، وإذا استمر كان وسیلة إلی التحقیق بالمعرفة بالله (م.ن، 195-196). وربما كانت الأهمیة التي أولاها ابن عطاء الله للذكر هي التي دعت أمثال ابن تیمیة إلی نقده تلویحاً، فیری ابن تیمیة أن ذكر الخاصة الذي هو الاسم المفرد، وذكر خاصة الخاصة الذي هو الاسم المضمر مردودان، واتهم الغزالي وأمثاله بمثل هذه البدع، ونراه ینتقد بعض معاصریه في هذا أیضاً («قاعدة…»، 5/249-251، العبودیة، 48-49)، ویبدو أن ابن تیمیة یشیر في ذلك إلیه، فلابن عطاء الله كتاب باسم القصد المجرد في معرفة الاسم المفرد وكتاب آخر باسم مفتاح الفلاح، بین فیه آداب الذكر وأقسامه بإسهاب.

ولایری ابن عطاء الله طي المقامات ضروریاً لجمیع السالكین، ویعتقد بأن بین العارفین من یصل إلی معرفة الله بدون طي مراحل السلوك، ویدعوهم بالمجذوبین، فالسالك یستدل علی وجود الحق تعالی بالتفكیر والاستدلال وعن طریق السیر في المقامات، بینما یصل المجذوب إلی المقصود عن طریق الكشف والجذب (الغنیمي، 277-279). ولذلك فإن المجذوبین هم الذین اختصهم الله بعنایته (ابن عطاء الله، لطائف، 283؛ الغنیمي، 282). وهذا ما یدعو للقول إن الناس قسمان: أولئك الذین ینالون الكرامة بالطاعة، وأولئك الذین یصلون إلی الطاعة بالكرامة (ابن عطاء الله، ن.م، 282). وبعبارة أخری فإن السالك یصل إلی الله بالترقي والمجذوب بالتدلي (م.ن، «الحكم»، 185)، فالسالك یستدل بوجود الآثار علی وجود الأسماء، وبوجود الأسماء علی ثبوت الأوصاف، وبوجود الأوصاف علی وجود الذات، بینما المجذوب علی العكس من ذلك یصل إلی شهود الصفات والأسماء والآثار بالكشف عن كمال الذات (ن.م، 183-185). فنهایة السالكین هي بدایة المجذوبین، وبدایة السالكین نهایة المجذوبین (ن.م، 185). ویری أن المجذوب وإن كان یتوصل منذ البدایة إلی الطریق بدون أي سلوك ومجاهدة، ویتوصل السالك إلی هذا المقام بالسعي والمجاهدة وطي الطریق، إلا أنه لایمكن تفصیل السالك علی المجذوب لأن المجذوب طویت له الطریق ولم تطوعنه فلم تفته وإنما فاته متاعبها (م.ن، لطائف، 283). ویقول ابن عطاء الله: ومتی كان السالك مغتراً بأعمال طاعته وعبادته كانت له حجاباً عن الله ودعت إلی الاستدراج (ظ: الغنیمي، 220)، والاستدراج یعني الغفلة عن الامتحان الإلهي، والوقوع في شرك النعم التي هي في الحقیقة الحجاب (ن.ص). ویحذر ابن عطاء الله السالك من الاستدراج الإلهي في قالب الإحسان مستنداً إلی الآیة «سنستدرجهم من حیث لایعلمون» (الأعراف/ 7/182) («الحكم»، 115؛ أیضاً ظ: الغنیمي، 221). ویری أن الاستدراج علی ثلاثة أنواع: الاستدراج بالعقوبة الجلیة وبالعقوبة الخفیة وبالكرامات والخوارق (م.ن، 221-222).

ولما كان یعتقد بالكرامات المعنویة في مقابل الكرامات الظاهریة، فإنه نسب هذا الاستدراج إلی الكرامات الظاهریة. وقد أدت نظرته الخاصة إلی مسألة الوجود واعتقاده بإسقاط إرادة الإنسان وتدبیره مع الله، وكذلك استعماله بعض مصطلحات ابن عربي الخاصة في كتابه الحكم إلی أن یعتبره بعض شارحي أقواله ومنهم الشرقاوي من أصحاب وحدة الوجود. والحقیقة فإن كلام ابن عطاء الله یقرب أحیاناً من أقوال ابن عربي بشكل یصعب معه تمییز قائله فیقول ابن عطاء الله مثلاً: «الأكوان ثابتة بإثباته وممحوّة بأحدیة ذاته» («الحكم»، 143)، وهو مایتفق مع آراء ابن عربي، فیری الشرقاوي أن «الأحدیة» في هذه العبارة هي نفسها بمعناها عند أصحاب وحدة الوجود، وأن المراد من «الأكوان الثابتة» هو «الأعیان الثابتة» (1/152؛ قا: الغنیمي، 312-313). ولكن هناك جماعة كابن عباد الرندي وابن عجیبة لایعتقدون أن ابن عطاء الله في عبارات كهذه كان یقصد وحدة الوجود (ظ: ابن عباد، 1/326-327؛ ابن عجیبة، 209).

وعلی كل حال، لایمكن اعتبار ابن عطاء الله من أتباع مدرسة وحدة الوجود هذه وإن كانت بعض أقواله قریبة مما فیه من آراء وأفكار. كما دعا ذلك بعض المعاصرین إلی اعتباره حلولیاً لقوله «فلو شهدوه في كل شيء لم یستوحشوا من شيء» («الحكم»، 133؛ ظ: زكي مبارك، 2/110-111)، بینما المراد مشاهدة ظهورات الحق في مجال الأكوان ومظاهرها في مقام الشهود، ولاعلاقة لذلك بالحلول والاتحاد.

ورغم وجود تفاسیر مختلفة لبعض أقوال ابن عطاء الله یمكن القول بصورة عامة إنه كان من العارفین الملتزمین بالشریعة وقد قیل إنه كان فقیهاً قبل أن یدخل في سلك الصوفیة ولعل هذا ماجعله یقول بنوع من التدبیر في الإنسان وتقسیمه إلی تدبیر مذموم ومحمود بالرغم من أن مدرسته تقوم علی أساس إسقاط إرادة الإنسان وتدبیره (الغنیمي، 136-137).

وقد دون ابن عطاء الله مبادئ للفرقة الشاذلیة، وهیأ لها سبیل الذیوع والانتشار في الأندلس والمغرب وآسیا الصغری وغیرها من البلاد. ولم یقتصر تأثیر آرائه علی الصوفیة فحسب، بل تجاوزها إلی العارفین المسیحیین، ورجح آسین پلاثیوس تأثیر آرائه علی القدیس یوحنا الصلیبي (ظ: م.ن، 1-2). وتبدو أهمیة ابن عطاء الله في تاریخ التصوف الإسلامي في سعیه إلی تنظیم آراء من قبله من الصوفیة بالإضافة إلی إبداء آراء مبتكرة خاصة به.

 

آثاره

لابن عطاء الله مصنفات كثیرة خلافاً لأستاذه أبي العباس المرسي وشیخه أبي الحسن الشاذلي اللذین لم یتركا أثراً (ظ: الغنیمي، 59)، یدل ما فیها من تنوع في الموضوع علی إحاطته بمختلف علوم زمانه. كما أنه نظم الشعر، ولكن لم یبق له سوی قصیدتین وعدد من الأبیات المتفرقة، ولم یبق له من بعض كتب سوی اسمها.

 

آثاره المطبوعة

1. الحكم العطائیة (حكم ابن عطاء الله السكندري)، وهو أهم كتبه، لاندري سنة تألیفه، ولكن یمكن الجزم مما ذكره المؤلف في كتبه الأخری (ظ: الغنیمي، 79) أنه أول ما صنف، ویمكن القول إنه ألفه قبل 686هـ/1287م (م.ن، 79-80) لأنه قدمه لأستاذه أبي العباس المرسي (ظ: حاجي خلیفة، 1/675). ویری بعضهم أن الحكم خلاصة آراء ابن عطاء الله وتعالیمه في التصوف، وما جاء في مصنفاته الأخری لیس إلا شرحاً وتفصیلاً لما احتوتها (الغنیمي، 84، 88)، ولذلك عرف ابن عطاء الله بصاحب الحكم (ن.ص)، وبلغت شهرة هذا الكتاب المغرب والأندلس، ومن العوامل المهمة التي میزت الحكم عن كتب ابن عطاء الله الأخری وسائر الكتب العرفانیة أنه مزج في هذا الكتاب الأحكام الشرعیة وآداب السلوك بالفلسفة والحكمة وعلم المعرفة التي وردت بشكل مواعظ وحكم، استخدم في بیانها التوریة والاستعارة المجاز علی الطریقة الصوفیة (ظ: م.ن، 81، 84-85). ولذلك لم تجد الحكم طریقها إلی الصوفیة فحسب، وإنما وجدته إلی الفقهاء فكانت تذكر في إجازاتهم العلمیة (م.ن، 89). ولعل هذا ما دعا المرسي إلی قیاسه مع إحیاء العلوم للغزالي، وإلی أن یقول إن ابن عطاء الله كان أفضل من مؤلف إحیاء العلوم في بیان مقاصده (حاجي خلیفة، ن.ص). ولم یراع ابن عطاء الله الارتباط المنطقي في ترتیب الحكم بحسب موضوعاتها وفصولها، ولا في أسلوبها وتنظیمها. والحقیقة فإن كتاب الحكم لم یؤلف علی طریقة كتب ذلك العصر، ولعل هذا ما دعا إلی الاعتقاد بأنه كان نتیجة أحوال خاصة عرضت لابن عطاء الله فدونها بغیر تعمّل تصنیف أو تألیف (الغنیمي، 80). ففي هذا الكتاب معنی یبین أحیاناً بأشكال مختلفة (مثلاً: ص 177، 179)، وقد یستنبط أحیاناً من جملة فیه معاني مختلفة ولذلك وضع لهذا الكتاب الصغیر تفاسیر كبیرة مختلفة وأحیاناً متباینة، ویقرب أسلوب بیانه في بعض الأحوال من الشعر ویستخدم السجع والجناس والمقابلة وأنواع البدیع الأخری بالإضافة إلی التشابیه والاستعارات (مثلاً ظ: ص 85، 125، 153، 157، 167). وقد لفت هذا الكتاب منذ البدایة اهتمام أهل العرفان والأدب، فوضع له حتی الآن اكثر من 24 شرحاً، ونظم شعراً مرات عدیدة، وترجم إلی لغات مختلفة.

أهم شروحه: 1. شرح ابن عباد الرندي (تـ 792هـ/1390م) باسم غیث المواهب العلیة في شرح الحكم العطائیة، له مكانة خاصة بین شروح الحكم، ویقول ابن عباد الرندي إن ما حمله علی تألیف غیث المواهب «إلحاح بعض الأصحاب في ذلك» علیه (1/49-50). طبع هذا الشرح لأول مرة في بولاق (1285هـ) وتكرر طبعه بعدها في بولاق والقاهرة؛ 2. شرح شهاب ‌الدين أحمد بن محمد البرنسي، المعروف بزروق (تـ 899هـ/1494م) باسم تنبیه ذوي الهمم. وذكر حاجي خلیفة أن درّسه مرات عدیدة وكتب كل مر شرحاً بعبارة أخری (ن.ص) وكان التنبیه السابع عشر علیه (الغنیمي، 93). طبع هذا الشرح بالقاهرة في 1288 و1289هـ؛ 3. شرح ابن عجیبة الفاسي (تـ 1224هـ/1809م) باسم إیقاظ الهم في شرح الحكم، بدأه في محرم 1211، وفرغ منه في آخر هذا العام. طبع هذا الشرح لأول مرة في 1324هـ؛ 4. شرح عبد الله بن الحجازي الشرقاوي (تـ 1227هـ/1812م) والمعروف بـ المنح القدسیة علی الحكم العطائیة، طبع مراراً في حاشیة شرح الرندي ومستقلاً (للاطلاع علی شروح الحكم الأخری، ظ: الغنیمي، 90-97).

وممن نظم الحكم ابن عباد الرندي، یقول تلمیذه أبو یحیی ابن السكاك إنه «شرح الحكم وعقد درر منثورها في نظم بدیع» (المقري، 5/345-346)، وذكر زروق أنه «ترجیز في 801 بیت» (الغنیمي، 97؛ للاطلاع علی منظوماته الأخری، ظ: م.ن، 97-98).

وللحكم تراجم أیضاً فقد ترجم أسین پلاثیوس وآربري (ص 88-87) أجزاء منه إلی الإسبانیة والإنجلیزیة، ثم ترجمه دنر (ظ: المصادر اللاتینیة) كاملاً إلی الإنجلیزیة مع حواش وشروح، ونشر فهرساً للمصطلحات الخاصة بابن عطاء الله في الحكم مع مقدمة وترجمة وبیان لعقائده ومصنفاته. كما ترجمه نویا إلی الفرنسیة وطبعه ببیروت (1986م) مع مقدمة مسهبة وترجمة له وبیان آرائه وشرح مصطلحاته مع نصه العربي (ظ: ملـ، نویا).

2. المناجاة العطائیة، وهي مناجاة عرفانیة تشبه في أسلوبها نثر الحكم، ولذا ربما كان تألیفه في حدود زمان تألیفه للحكم، وقد استخرج نویا متن المناجاة من الحكم في ترجمته، ویتحدث ابن عطاء الله في هذه الرسالة عن إسقاط إرادة الإنسان وتدبیره مع الله (ظ: «مناجاة»، 219). وشرحه بعض شراح الحكم، وطبع مراراً مع الحكم وتاج العروس.

3. الوصیة إلی الإخوان بالإسكندریة، وهي وصیة أرسلها ابن عطاء الله إلی إخوان ومریدیه من أهل الإسكندریة، شرح لهم فیها بعض المفاهیم والمواضیع العرفانیة كالشكر والتوبة والخلوة، طبعت هذه الوصیة التي یری الغنیمة أنها أرسلت في مستهل ربیع الأول 694/كانون الثاني 1295 (ص 101)، لأول مرة في 1322هـ في آخر لطائف المنن.

4. التنویر في إسقاط التدبیر، تدور حول فلسفة إسقاط الإنسان لتدبیره وإرادته مع الله تعالی، ذكر بروكلمان أنه بدأ بتألیفه بمكة وفرغ منه في دمشق (695هـ/1296م) (GAL, II/143) أول ما طبع بالقاهرة (1281هـ) ثم طبع مراراً، وترجم علي بن حسام ‌الدين المتقي الهندي (تـ 977هـ) جزءاً منه إلی الفارسیة في رسالة كفایة أهل الیقین (بشیر حسین، 306).

5. لطائف المنن في مناقب الشیخ أبي العباس المرسي وشیخه الشاذلي أبي الحسن، ألّفه ابن عطاء الله بعد التنویر، ویبدو من بعض إشاراته في اللطائف (ص 316) أنه ألفه بعد وفاة السلطان لاجین (تـ 698هـ)، ویقول ابن عطاء الله إنه أول من جمع آراء وأقوال وأحوال أسلافه في الطریقة الشاذلیة وخاصة أبا الحسن الشاذلي (مؤسس الطریقة) (ن.م، 38، وأیضاً 36-37). ولم یقتصر المؤلف في هذا الكتاب علی ترجمة مشایخ الشاذلیة بل تعداها إلی تدوین أصول هذه الطریقة وبیان آرائه الخاصة في كل مواضیع التصوف المختلفة مثل الفناء والبقاء والمعرفة والعشق الإلهي. ولذلك فإن للطائف مكانة خاصة بین أتباع الطریقة الشاذلیة. ومواضیعه خلافاً لكتب ابن عطاء الله الأخری منظمة ومرتبة ترتیباً منطقیاً، طبع هذا الكتاب لأول مرة في تونس (1304هـ) ثم طبع مراراً بالقاهرة.

6. تاج العروس الحاوي لتهذیب النفوس، وهو مجموعة من المواعظ والنصائح التي وجهها ابن عطاء الله لمریدیه من أجل رعایة الآداب الشرعیة في السلوك، ولهذا الكتاب أسماء أخری، وأُلّف بعد لطائف المنن (الغنیمي، 105). ذكره بروكلمان باسم تاج العروس وقمع النفوس (GAL, II/144). شاهد الغنیمي مخطوطات منه في دار الكتب المصریة والمكتبة الأزهریة باسم النبذة في التصوف والتحفة في التصوف والطریق الجادة إلی نیل السعادة (ص 107). وأخطأ بروكلمان باعتباره التحفة والطریق كتابین مستقلین (GAL, II/143-144). ویذهب الغنیمي إلی الظن بأن ابن عطاء الله لم یُغنوِن هذا الكتاب، وأن بعض مریدیه قام بجمعه (ن.ص) وهو صحیح لأن تلامذته كانوا ولاشك یدونون المواعظ والوصایا أثناء استماعهم لها ویحفظونها. طبع هذا الكتاب مراراً في حاشیة التنویر.

7. القصد المجرد في معرفة الاسم المفرد، رسالة فلسفیة كلامیة یدور البحث فیها حول الذات الإلهیة وصفاتها وأسمائها وأفعالها علی طریقة الأشاعرة. وقد عارض ابن تیمیة آراء ابن عطاء الله في «الاسم المفرد». وذكر ابن عجیبة هذا الكتاب باسم القول المجرد في معرفة الاسم المفرد (ص 9).

8. مفتاح الفلاح ومصباح الأرواح، مجموعة عن آداب السلوك العملیة وبیان الذكر والخلوة وأنواع آدابها وأوقاتها، أول ما طبعت بالقاهرة (1331هـ) في حاشیة لطائف المنن للشعراني.

9. عنوان التوفیق في آداب الطریق، شرح لقصیدة الشیخ أبي مدین التلمساني في آداب الصحبة، طبع بالقاهرة (1303هـ).

وله بالإضافة إلی أبیات متفرقة في كتب التراجم والطبقات قصیدتان تضم الأولی 62 بیتاً طبعت مع اللطائف، والأخری 22 بیتاً طبعت مع التنویر.

 

آثاره المخطوطة

1. رسالة، عن الآیة الكریمة «وإذا جاءك الذین یؤمنون بآیاتنا فقل سلام…»، وهي رسالة موجزة عن معنی الإیمان والذات الإلهیة وصفاتها (الغنیمي، 112)؛ 2. رسالة في القواعد الدینیة؛ 3. مواعظ؛ 4. حزب النجاة؛ 5. رسالة في التصوف؛ 6. تنبیه في طریق القوم؛ 7. رسالة في السلوك؛ 8. حزب النور وتمام السرور؛ 9. دعاء؛ 10. تحفة الخلان في شرح نصیحة الإخوان (للاطلاع علی مخطوطات ابن عطاء الله، ظ: GAL, II/143; GAL, S, I/785).

 

آثاره المفقودة

1. المرقی إلی القدس الأبقی (السیوطي، 1/424)؛ 2. مختصر تهذیب المدونة للبرادعي، في الفقه (السیوطي، ن.ص)؛ 3. أصول مقدمات الوصول (البغدادي، 1/93).

 

المصادر

ابن إیاس، محمد، بدائع الزهور في وقائع الدهور، تقـ: محمد مصطفی، القاهرة، 1402هـ/1982م؛ ابن تغري بردي، النجوم؛ ابن تیمیة، أحمد، العبودیة، بیروت، 1401هـ/1981م؛ م.ن، «قاعدة في المعجزات والكرامات…»، مجموعة الرسائل والمسائل، بیروت، 1403هـ/1983م؛ ابن حجر العسقلاني، أحمد، الدرر الكامنة، حیدرآباد الدكن، 1392هـ/1972م؛ ابن خلدون، العبر؛ ابن الدواداري، أبو بكر، كنز الدرر وجامع الغرر، تقـ: هانس روبرت رویمر، القاهرة، 1379هـ/1960م؛ ابن الزیات، محمد، الكواكب السیارة في ترتیب الزیارة، مصر، 1325هـ/1907م؛ ابن شاكر الكتبي، فوات الوفیات، بولاق، 1299هـ؛ ابن عباد الرندي، محمد، غیث المواهب العلیة في شرح الحكم العطائیة، تقـ: عبد الحلیم محمود ومحمود بن الشریف، القاهرة، 1390هـ/1970م؛ ابن عجیبة، أحمد، إیقاظ الهمم في شرح الحكم، بیروت، دار الفكر؛ ابن عطاء الله، أحمد، التنویر في إسقاط التدبیر، تقـ: موسی محمد علي وعبد العال أحمد العرابي، القاهرة، دار التراث العربي للطباعة والنشر؛ م.ن، «الحكم العطائیة» (ظ: ملـ، نویا)؛ م.ن، لطائف المنن، تقـ: عبد الحلیم محمود، القاهرة، 1974م؛ م.ن، «مناجاة» (ظ: ملـ، نویا)؛ م.ن، «الوصیة إلی الإخوان بالإسكندریة»، مع لطائف المنن، القاهرة، 1974م؛ ابن فرحون، إبراهیم، الدیباج المذهب، تقـ: محمد الأحمدي أبو النور، القاهرة، 1974م؛ ابن كثیر، البدایة؛ بشیر حسین، محمد، فهرس مخطوطات شفیع، لاهور، 1351ش؛ البغددي؛ إیضاح؛ حاجي خلیفة، كشف؛ زكي مبارك التصوف الإسلامي في الأدب والأخلاق، بیروت، دار الجیل؛ السبكي، عبد الوهاب، طبقات الشافعیة الكبری، بیروت، دار المعرفة؛ السیوطي، حسن المحاضرة في تاریخ مصر والقاهرة، تقـ: محمد أبو الفضل إبراهیم، القاهرة، 1387هـ/1967م؛ الشرقاوي، عبد الله، «شرح الحكم العطائیة»، في حاشیة غیث المواهب العلیة، بولاق، 1287هـ؛ الشعراني، عبد الوهاب، الطبقات الكبری، القاهرة، 1374هـ/1954م؛ الشوكاني، محمد، البدر الطالع، القاهرة، 1348هـ؛ الشیال، جمال ‌الدين، أعلام الإسكندریة في العصر الإسلامي، القاهرة، 1965م؛ الصفدي، خلیل، نكت الهمیان، القاهرة، 1329هـ/1911م؛ م.ن، الوافي بالوفیات، تقـ: محمد یوسف نجم، فیسبادن، 1391هـ/1971م؛ الغزالي، محمد، إحیاء علوم ‌الدين، القاهرة، 1352هـ/ 1933م؛ الغنیمي التفتازاني، أبو الوفاء، ابن عطاء الله السكندري وتصوفه، القاهرة، 1389هـ/1969م؛ القرآن الكریم؛ القلقشندي، أحمد، صبح الأعشی، القاهرة، 1383هـ/1963م؛ محمود، عبد الحیم، مقدمة لطائف المنن (ظ: همـ، ابن عطاء الله)؛ مخلوف، محمد، شجرة النور الزكیة في طبقات المالكیة، بیروت، 1350هـ؛ المقري التلمساني، أحمد، نفح الطیب، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1388هـ/1968م؛ وأیضاً

Arberry, A.J., Sufism, an Account of the Mystics of Islam, London, 1950; Danner, Victor, Sūfi Aphorisms (Kitāb al- Ḥikam), Lahore, 1985; GAL; GAL, S; Nwyia, Paul, IbnʿAtā Allāh et la naissance de la confrérie Šāḏilite, Beirut, 1985.

مینا حفیظي/ن.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: