الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفقه و علوم القرآن و الحدیث / ابن عطیة، أبومحمد /

فهرس الموضوعات

ابن عطیة، أبومحمد

ابن عطیة، أبومحمد

تاریخ آخر التحدیث : 1442/11/28 ۰۹:۴۹:۱۳ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ عَطیَّة، أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن غالب المحاربي (481-25 رمضان 541هـ/1088-28 شباط 1147م)، مفسر ومحدث مالكي المذهب ومن رجال السیاسة بالأندلس في عهد المرابطین. كان جده عطیة من المهاجرین العرب إلی الأندلس ویعود نسبه إلی قبیلة محارب من بني مُضَر (ظ: ابن عطیة، فهرس، 59-60).

كان من أهل غرناطة (ابن بشكوال، 2/386؛ ظ: ابن عطیة، ن.م، 101)، ونشأ في أسرة من أهل العلم والأدب (ظ: ابن الزبیر، 3)، وكان والده غالب من أوائل أساتذته، وله دور مهم في تكوین شخصیته العلمیة (ابن عطیة، ن.م، 59-77)، وكان جده عبد الرحمن وجد أبیه غالب من علماء الأندلس أیضاً (ابن بشكوال، 2/338، 457). سمع الحدیث في العقد الأخیر من القرن 5هـ من عدد من مشایخ غرناطة وأجازوه، منهم أبو علي الحسین بن محمد الغساني وأبو محمد عبد العزیز بن عبد الوهاب القیرواني وأبو عبد الله محمد بن علي التغلبي (ابن عطیة، ن.م، 77-78، 94، 111-112). لم یكن ابن عطیة في شبیبته علی علاقة طیبة مع دولة المرابطین (ابن الأبار، 271). ولكن هذا الاختلاف لم یمنعه من الذهاب إلی حدود طلبیرة لقتال المسیحیین في 503هـ/1109م.

لقي في جیّان أثناء نهوضه إلی غزوة طلبیرة أبا عبد الله محمد بن عمر بن أبي العصافیر ونال إجازة منه (ابن عطیة، ن.م، 137)، كما أجازه بغرناطة في 505هـ أبو بحر سفیان بن العاصي الأسدي (ن.م، 108-109)، وأجازه في رحلته إلی قرطبة التي تمت ولاشك قبل 511هـ أبو القاسم ابن النحاس وربما أبو محمد ابن العتاب أیضاً (ن.م، 106-107، 119). وفي حدود 511هـ ذهب إلی إشبیلیة فأجازه فیها أبو القاسم الحسن بن عمر الهوزني (ن.م، 121)، وتوجه كذلك قبل 514هـ إلی مرسیة وقرأ الحدیث مدة علی أبي علي ابن سُكرة الصدفي (ن.م، 100)، وربما كان ذهابه إلی مرسیة أثناء سفره إلی سرقسطة في حدود 512هـ .

وكان لمرور الزمن وربما لحضور ابن عطیة میادین الحرب كغزوة طلبیرة أن حَسُن ظن المرابطین به وقربوه منهم، كما حدث أن رافق الأمیر في الحرب التي دارت بین المسلمین والمسیحیین في سرقسطة، وانتهت بسقوط تلك المدینة (512هـ/1118م)، وإن لم یستطع لأسباب طارئة أن یلتحق بالجبهة واضطر لمتابعة الحرب من بلنسیة (ظ: الفتح بن خاقان، 214). وقد أفاد ابن عطیة حتی من هذه الفرص لنیل العلم، ولعله في هذه السفرة قرأ ببلنسیة موطأ مالك علی أبي بحر الأسدي (ظ: ابن عطیة، ن.م، 109). وزادت الحروب المتتابعة علی حدود المسلمین والمسیحیین بالأندلس من صلة ابن عطیة بالمرابطین یوماً بعد یوم، وشارك كما یقول ابن الأبار في كثیر من حروبهم (ص 271). وكان بالإضافة إلی مشاركته في الحرب یؤدي دوراً نشیطاً في استخدامه نفوذه الاجتماعي وقدرته علی الخطابة (كنموذج ظ: الفتح بن خاقان، 208-215؛ قا: ابن دحیة، 91). وفي محرم 529 ولاه المرابطون القضاء بألمریة فذهب إلیها (ابن الأبار، 270؛ ابن الزبیر، 3). وفي روایة أن أهل ألمریة أساؤا الظن بابن عطیة أثناء تولیه القضاء عندهم ونسبوه إلی الزندقة (الزركشي، 9).

ذكره الكاتب المعاصر له الفتح بن خاقان بلقب الوزیر (ظ: ص 207)، ومن الممكن، كما یقول ابن خلدون أن یكون ذلك بمعنی الكاتب المتصرف المشارك للسلطان في خاص أمره (1(2)/431). وفي 541هـ تولی ابن عطیة القضاء بمرسیة فتوجه نحوها ولكنه صُدّ عن الدخول إلیها وعند عودته توفي بلورقة (الضبي، 389؛ ابن الأبار، 272؛ ابن الزبیر، 3). وقد سجل كل من ابن بشكوال (2/387) والضبي (ن.ص) سنة 542هـ لوفاته.

كان یُنظر إلی ابن عطیة باعتباره عالماً جامعاً بالإضافة إلی منزلته الاجتماعیة، ورغم أن آثاره الباقیة تظهره بمظهر المفسر والمحدث، غیر أن تراجم المؤلفین له تنبئ عن تبحره في الفقه والأصول والفنون الأدبیة أیضاً (ظ: الفتح بن خاقان، الضبي، ابن دحیة، ن.ص). وقد أفاد مختلف العلوم من شیوخ عصره الذین مر ذكر بعضهم، وأجازه بالروایة آخرون منهم في مدن الأندلس وحتی المغرب ومصر كمالقة والمهدیة والإسكندریة (ابن عطیة، ن.م، 97، 115، 138-139). ویمكن أن نذكر من تلامذته ورواته ابن خیر الإشبیلي (ابن خیر، 437، 460) وابن حبیش (ابن الصابوني، 111) وابن أبي جمرة (ابن الأبار، 272؛ للاطلاع علی فهرست أسمائهم، ظ: أبو الأجفان، 15-19).

أهم ما بقي من تصانیف ابن عطیة كتاب تفسیره باسم المحرر الوجیز في تفسیر الكتاب العزیز، ویعتبر من أهم التفاسیر الدرائیة في القرن 6هـ ألفه في 529هـ قبل تولیه القضاء بألمریة (ظ: الضبي، ن.ص). وقد أدی التنافس الشدید حول هذا التفسیر في المغرب والكشاف للزمخشري المعتزلي (تـ 528هـ) في المشرق إلی أن یبادر أهل التفسیر للمقارنة بینهما منذ القدیم. فیری ابن تیمیة أن تفسیر ابن عطیة أتبع للسنة وأسلم من البدعة من الكشاف (ظ: ابن تیمیة، مقدمة…، 9، الفتاوی، 2/229). ویری أبو حیان أنه أجمع وأخلص من الكشاف، وفضل الكشاف بأنه ألخص وأغوص (1/10). ومما یمیز تفسیر ابن عطیة علی الكشاف أیضاً اهتمامه علی الأكثر بنقل القراءات والأحادیث، ففیه اهتمام خاص باختلاف القراءات، ولم یقتصر المؤلف علی نقل القراءات المشهورة والشاذة والاختلاف بین الرواة فحسب، بل كان یصرح دائماً خلافاً للزمخشري باسم القراء والرواة أیضاً (كنموذج ظ: ابن عطیة، المحرر…، 1/105-108، 152-153؛ قا: الزمخشري، 1/1-12، 48). ولابد من القول إن ابن عطیة كان یهتم علی الأغلب في نقله للحدیث بذكر المصدر (مثلاً ظ: ن.م، 1/51، 61). ومما یمیز تفسیر ابن عطیة أیضاً مقدمته التي تعتبر في موضوعها من أهم ما ألف في العلوم القرآنیة. فقد درس في هذه المقدمة عدداً من المسائل كتاریخ جمع القرآن وإعجامه، والألفاظ الأعجمیة في القرآن وإعجازه، وأبرز آراء مهمة في ذلك. وتدل البحوث الفقهیة التي یوردها ابن عطیة في تفسیره بمناسبات مختلفة علی سعة اطلاعه علی الآراء الفقهیة والمذاهب المختلفة ولاسیما الاختلافات بین آراء فقهاء المالكیة (مثلاً ظ: 1/484-486، 509-511). وقد تصدی ابن عطیة في تفسیره هذا مراراً إلی نقد آراء محمد بن جریر الطبري (مثلاً ظ: 1/102) مما كدّر عدة كابن تیمیة (ظ: ابن تیمیة، مقدمة، 90).

لایزال المحرر الوجیز موضع اهتمام في المغرب، وهو من المصادر الرئیسة لعدد من التفاسیر مثل البحر المحیط لأبي حیان والجامع لأحكام القرآن للقرطبي، وقد أثنی ابن خلدون علی طریقة هذا التفسیر (1(4)/794). وألف عبد العزیز بن بزیزة التونسي (تـ 662) تفسیراً جمع فیه بین ابن عطیة والزمخشري واختصره أبو عبد الرحمن الثعالبي (تـ 875هـ) أیضاً في جزأین (ظ: أبو الأجفان، 36). وطبعت أجزاء المحرر الوجیز المختلفة في القاهرة وقطر وبیروت، وتمت أكمل طبعة له في فاس بعد 1975م، وتضم علی الأقل 8 أجزاء من الكتاب، كما نشر آرثر جفري مقدمة هذا التفسیر ضمن مقدمتان في علوم القرآن بمصر في 1954م.

وكتاب ابن عطیة الثاني فهرس، أو البرنامج، ذكر فیه 30 من مشایخه، وتحدث بالتفصیل ضمن إیراد خلاصة لتراجمهم عن طریقة أخذه ومرویاتهم عنهم. وقد فرغ من هذا الكتاب في رجب 533 (ابن عطیة، فهرس، 142). ولاتقتصر أهمیة هذا الفهرس علی الناحیة التاریخة وعلم الرجال فیه، بل ومن ناحیة ببلیوغرافی أیضاً. وأورد كل من الفتح بن خاقان (ص 208-215) والضبي (ص 389-391) نماذج من شعر ابن عطیة ونثره.

ولدینا مفسر آخر بدمشق في القرن 4هـ/10م عرف بابن عطیة هو أبو محمد عبد الله بن عطیة بن عبد الله بن حبیب (تـ 24 شوال 383هـ/12 كانون الأول 993م)، فرق حاجي خلیفة بینه وبین عبد الحق بن غالب، فسمی الأول بالقدیم والثاني بالمتأخر (1/439). وكان معروفاً في القراءات أیضاً (للاطلاع علی ترجمته، ظ: بان عساكر، 6/241؛ الذهبي، 281؛ ابن الجزري، 1/433). وقد نسب له طاش كبري زاده (تـ 968هـ) لأول مرة كتاباً في التفسیر (2/94)، ویتضح مما رواه من الكتاب (مثلاً ظ: 2/484) أنه لم یكن سوی المحرر الوجیز لعبد الحق (قا: ابن عطیة، المحرر، 1/71-72). كما نسب له حاجي خلیفة (ن.ص) ذلك التفسیر نقلاً عن طاش كبري زاده. وفي القرن الأخیر ذكر في بعض الفهارس عدد من مخطوطات هذا التفسیر لابن عطیة القدیم في مكتبات إستانبول المختلفة (ظ: تذكرة النوادر، 19-20؛ GAL, I/204; GAL, S, I/335)، لایعتمد علیها، فلایمكن إثبات أن بینها مخطوطة من هذا الكتاب (ظ: GAS, I/45)، كما لابد من النظر بعین الشك إلی النسختین اللتین أشیر إلی وجودهما في مكتبتي فیض الله أفندي (هدو، 314)، وبایزید بإستانبول (الطباطائي، 2/5).

 

المصادر

ابن الأبار، محمد، المعجم، القاهرة، 1387هـ/1967م؛ ابن بشكوال، خلف، الصلة، القاهرة، 1966م؛ ابن تیمیة، أحمد، الفتاوی، القاهرة، 1385هـ؛ م.ن، مقدمة في أصول التفسیر، تقـ: عدنان زرزور، الكویت/ بیروت، 1391هـ/1972م؛ ابن الجزري، محمد، غایة النهایة، تقـ: ج. برجستراسر، القاهرة، 1351هـ/1932م؛ ابن خلدون، العبر؛ ابن خیر، محمد، فهرسة، تقـ: ف. قداره، بغداد، 1963م؛ ابن دحیة، عمر، المطرب، تقـ: إبراهیم الأبیاري وآخرون، القاهرة، 1954م؛ ابن الزبیر، أحمد، صلة الصلة، تقـ: لیفي بروفنسال، الرباط، 1937م؛ ابن الصابوني، محمد، تكملة إكمال الإكمال، تقـ: مصطفی جواد، بغداد، 1377هـ/1957م؛ ابن عساكر، علي، تاریخ مدینة دمشق، مخطوطة في مكتبة تشستربیتي؛ ابن عطیة، عبد الحق، فهرس، تقـ: محمد أبو الأجفان ومحمد الزاهي، بیروت، 1983م؛ م.ن، المحرر الوجیز، تقـ: أحمد صادق الملاح، القاهرة، 1394هـ/1974م؛ أبو الأجفان، محمد ومحمد الزاهي، مقدمة فهرس (ظ: همـ، ابن عطیة)؛ أبو حیان الغرناطي، محمد، البحر المحیط، القاهرة، 1328هـ/1910م؛ تذكرة النوادر، حیدرآباد الدكن، 1350 هـ؛ حاجي خلیفة، كشف؛ الذهبي، محمد، معرفة القراء الكبار، تقـ: محمد سید جاد الحق، القاهرة، 1387هـ/1967م؛ الزركشي، محمد، تاریخ الدولتین، تقـ: محمد ماضور، تونس، 1966م؛ الزمخشري، محمود، الكشاف، القاهرة، 1366هـ؛ الضبي، أحمد، بغیة الملتمس، القاهرة؛ 1967م؛ طاش كبري ‌زاده، أحمد، مفتاح السعادة، بیروت، 1405هـ/1985م؛ الطباطبائي، عبد العزیز، فهرس بعض المخطوطات في مكتبات تركیا، لم ینشر بعد؛ الفتح بن خاقان، قلائد العقیان، بولاق، 1284هـ؛ هدو، حمید مجید، «المخطوطات العربیة…»، المورد، بغداد، 1398هـ./1978م، ج 7؛ وأیضاً:

GAL; GAL, S; GAS.

قسم الفقه وعلوم القرآن والحدیث/ن.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: