اِبْنُ عَقیل، أبو محمد بهاء الدين عبد الله بن عبد الرحمن (9 محرم 698-23 ربیع الأول 769هـ/17 تشرین الأول 1298-17 تشرین الثاني 1367م)، نحوي وفقیه وقاض شافعي. یتصل نسبه بعقیل بن أبي طالب (الصفدي، 17/252)، فهو إذن قرشي هاشمي، لكنه نُعت أیضاً بالآمدي (ابن رافع، 2/326-327؛ ابن الجزري، 1/428) والهمداني (السیوطي، 2/47) لاحتمال أن أجداده المتأخرین كانوا یقیمون في هاتین المدینتین. كما نسب إلی بالس وحلب أیضاً (ابن قاضي شهبة، 3/129). ورغم أنه نشأ بالقاهرة (ابن تغري بردي، 11/101)، لكن ما أورده ابن حجر في أنه نزیل القاهرة، وما ذكره عن قدومه إلیها مملقاً (3/42) یوحي بأنه لم یولد فیها؛ هذا في حین یری ابن الجزري أنه ولد بمصر (ن.ص).

قرأ النحو في القاهرة علی أبي حیان الغرناطي ولازمه في ذلك اثنتي عشرة سنة، وتعهد أبو حیان وصار من أشهر تلامذته (الإسنوي، 2/240؛ ابن قاضي شهبة، ابن حجر، ن.ص). وقدّم الصفدي – وهو من تلامذة ابن عقیل في الفقه واحدیث – شرحاً وافیاً نسبیاً عن مشایخه، والدروس التي تلقّاها علی أیدیهم (17/253-255). وتعلّم القراءات السبع علی تقي‌ الدين الصائغ. وكان أقرب إلی علاء الدين القونوي من باقي شیوخه، وقرأ علیه الأدب العربي والفقه والأصول والمنطق والتفسیر. كما قرأ أیضاً علی زین‌ الدين الكتاني وابن الصابوني و بدر الدين ابن جماعة (ن.ص).

وعندما ووفد الخطیب القزویني علی مصر في 727هـ وولي منصب قاضي القضاة (ابن حجر، 5/251)، انضم ابن عقیل إلی زمرة المقربین إلیه وصادر معلماً لأولاده. ودرّس أیضاً بالمدرسة القطبیة الكبری، كما درّس الفقه بالجامع الناصري. وكان له درس في التفسیر بالجامع الطولوني (الصفدي، 17/254-255؛ الإسنوي، ن.ص) وختم به القرآن تفسیراً في مدة 23 سنة (ابن قاضي شهبة، 3/130).

وفضلاً عن التدریس والتفسیر، فقد مارس ابن عقیل القضاء مراراً، فناب عن الخطیب القزویني ثم عن قاضي القضاة عز الدين ابن جماعة مدة. وقد عزله ابن جماعة لواقع وقع منه في حق القاضي موفق‌ الدين الحنبلي، وفي 759هـ ولاه الأمیر صرغتمش قضاء القضاة بمصر بعد عزله لابن جماعة. ورغم أنه لم یستمر في هذا المنصب أكثر من 80 یوماً، إلا أنه أبطل خلال هذه الفترة القصیرة بعض الأحكام التي كان یراها غیر صحیحة، وفرّق أموالاً عظیمة علی الطلبة والفقهاء (الإسنوي، ن.ص؛ ابن قاضي شهبة، 3/131؛ ابن حجر، 3/44-45).

بلغ في النحو درجة قال فیه أستاذه أبو حیان: «ماتحت أدیم السماء أنحی من ابن عقیل» (ظ: ابن حجر، 3/42). ومن أبرز تلامذته – غیر الصفدي – سراج‌ الدين البلقیني الذي تزوج بابنة أستاذه. وروی عنه سبطه جلال‌ الدين، وولي‌ الدين العراقي (السیوطي، 2/48). ویُعد ابنه فتح‌ الدين من تلامذته أیضاً، وقد خلف أباه للتدریس في زاویة الخشابیة بجامع العمري، لكنه وخلافاً لأبیه كان قصیر الرتبة في العلم، ولهذا سرعان ما صرفه البلقیني عنها (السخاوي، 183).

اجتمع به ابن الجزري في مكة والمدینة قبل عام من وفاته خلال موسم حج عام 768هـ (ابن الجزري، ن.ص). توفي ابن عقیل بالقاهرة دفن بتربة قریبة من الشافعي (الإسنوي، ن.ص).

آثاره

ألف- المطبوعة

1. شرح ألفیة ابن مالك، وقد أملاه علی أولاد الخطیب القزویني خلال تدریسه لهم (الصفدي، 17/254). وحظي هذا الشرح بالاهتمام في زمان تألیفه وذاع صیته في النصف الأول من القرن التاسع (ابن حجر، 3/44؛ قا: الإسنوي، ن.ص؛ ابن قاضي شهبة، 3/130)، ولازال هذا الكتاب یدرّس حتی یومنا هذا في بعض المدارس الدينية والجامعات، وأقدم طبعة له هي طبعة بولاق عام 1251هـ، ثم أعید طبعه بتحقیق عدد من المحققین، منها طبعة محمد محیي‌ الدين عبد الحمید مرفقة بتألیف له یدعي منحة الجلیل في 1350هـ بالقاهرة، تُرجم هذا الشرح إلی الألمانیة وطبع في برلین عام 1852م؛ 2. المساعد علی تسهیل الفوائد لابن مالك، طبع بدمشق عام 1980م بتحقیق محمد كامل بركات.

ب- المخطوطة

تیسیر الاستعداد لرتبة الاجتهاد، وهو تلخیص في إملاء كتابه المطوّل الجامع النفیس (ابن الجزري، 1/428)، توجد منه نسخة قیّمة بخط المؤلف في أربعة مجلدات بدار الكتب المصریة (الخدیویة، 3/212).

ج- المفقودة

1. الجامع النفیس في مذهب الإمام محمد بن إدریس، وهو علی وصف الصفدي (17/254-255) تتبع مفصّل في مسائل الخلاف وأدلة المذاهب الإسلامیة من الكتاب والسنة (أیضاً ظ: ابن الجزري، ن.ص)؛ 2. الذخیرة، في تفسیر بعض القرآن إلی آخر سورة آل عمران (السیوطي، ن.ص؛ قا: حاجي خلیفة، 1/439)، أو إلی أثناء سورة النساء (الإسنوي، ن.ص). وقد لخص ابن عقیل هذا التفسیر وسمّاه الإملاء الوجیز علی الكتاب العزیز (ابن الجزري، ن.ص؛ قا: ابن رافع، 2/328)؛ 3. ذیل علی الجامع النفیس، علی نمط كتاب تهذیب الأسماء وللغات للنووي یذكر فیه ترجمة لكل من نقل عنه شیئاً في الجامع، ویستوفي الكلام علی ما في الجامع من اللغات وضبطها (الصفدي، 17/255؛ للاطلاع علی باقي مصنفاته، ظ: م.ن، 17/254؛ ابن الجزري، 1/428؛ البغدادي، 2/155).

المصادر

ابن تغري بردي، النجوم؛ ابن الجزري، محمد، غایة النهایة، تقـ: ج. برجستراسر، القاهرة، 1351هـ/1932م؛ ابن حجر، أحمد، الدرر الكامنة، حیدرآباد الدكن، 1394هـ/1974م؛ ابن رافع السلامي، محمد، الوفیات، تقـ: صالح مهدي عباس وبشّار عواد معروف، بیروت، 1402هـ/1982م؛ ابن قاضي شهبة، أبو بكر، طبقات الشافعیة، حیدرآباد الدكن، 1399هـ/1979م؛ الإسنوي، عبد الرحیم، طبقات الشافعیة، تقـ: عبد الله الجبوري، بغداد، 1391هـ؛ البغدادي، إیضاح؛ حاجي خلیفة، كشف؛ الخدیویة، الفهرست؛ السخاوي، عبد الرحمن، الذیل علی رفع الإصر، تقـ: جودة هلال ومحمد محمود صبح، القاهرة، الدار المصریة؛ السیوطي، بغیة الوعاة، تقـ: محمد أبو الفضل إبراهیم، القاهرة، 1384هـ/1964م؛ الصفدي، خلیل، الوافي بالوفیات، تقـ: دوروتیا كرافولسكي، بیروت، 1401هـ/1981م.

رضا أنزابي ‌نژاد- محمد مهدي مؤذن جامي/ت.