اِبْنُ العَلّاف، أبو بكر الحسن بن علي النهرواني (ح 218-318هـ/833-930م)، شاعر من قری النهروان ولذا عرف بالنهرواني. كان أبوه یبیع القَتّ في قنطرة بَرَدان (قریة قریبة من بغداد) (ابن المعتز، 359) ولهذا اشتهر بابن العلاف (قا: السمعاني، 9/411؛ EI2). تلا علی أبي عمر الدوري (الذهبي، سیر…، 14/515؛ ابن الجزري، 222)، وسمع حمید بن مسعدة البصري ونصر بن علي الجهضمي ومحمد بن إسماعیل الحسّاني (الخطیب، 7/379). وتلا علیه أبو بكر أحمد بن نصر الشذائي وأبو الفرج الشنبوذي (الذهبي، ابن الجزري، ن.ص)، وروی عنه جماعة كأبي عبد الله بن الحسن النحاس وأبي حفص عمر ابن شاهین (الخطیب، السمعاني، ن.ص؛ ابن خلكان، 2/108).

توالی علی الخلافة خلال فترة حیاته اثنا عشر خلیفة عباسي، لكن یبدو أنه لم یتصل إلا بالخلیفة المعتضد (حكـ 279-289هـ) الذي وجد فیه آداب المنادمة كالمعرفة بالشعر والتاریخ والظرافة بشكل خاص (الخطیب، 7/380؛ ابن خلكان، 2/107). ومع ذلك لایمكن إبداء رأي قاطع حول مدی اتصاله ببلاط الخلافة، لأن معلوماتنا في هذا المجال لاتتجاوز روایة أو روایتین. فابن خلكان (2/108) یشیر إلی الصحبة الأكیدة التي كانت بینه وبین ابن المعتز، وقصیدته في رثاء الهر، ربما أراد بها ابن المعتز، ولكن هذا رأي غیر قاطع. وصحیح أن ابن المعتز ترجم له بإیجاز في طبقاته (ص 359-360)، غیر أن الروایة الوحیدة التي أوردها عنه (ص126) نقلها بواسطة ولیس بشكل مباشر. وأورد ابن خلكان (ن.ص) قولاً لنجل ابن العلاف جاء فیه إن أباه كنّی بالهر عن المُحَسِّن بن الفرات الوزیر. وهذه الروایة لاتكشف أیضاً عن نوع العلاقة بین الشاعر والوزیر وابنه وطبیعتها، كما لاتقدم أي دلیل علی وجود صداقة بینهما خلافاً لما ذهب إلیه فروخ (2/394).

كان ابن العلاف مصاباً بإحدی عینیه، وعمي في شیخوخته (ابن المعتز، 359؛ الذهبي، العبر، 1/477)، وقد عبر عن تبرمه بذلك في مقطوعة قصیرة (ابن شاكر، 10/195؛ الصفدي، 12/173). عاش مائة عام، وتوفي في 318هـ وقیل في 319هـ (ظ: الخطیب، 7/380؛ ابن خلكان، 2/111؛ السمعاني، 9/413؛ ابن الجوزي، 6/238).

وفضلاً عن كونه راویة للشعر القدیم والحدیث، كان یقرض الشعر أیضاً (ابن المعتز، 360)، وأورد ابن الندیم (ص 194) أن بعض أهله جمع شعره مع بعض أخباره ومَن مدحه في أربعمائة ورقة. ولم یصل إلینا من مجموع شعره هذا سوی 123 بیتاً وهي عبارة عن مدیحتین قصیرتین ومقطوعات في الغزل والرثاء وشعر المناسبات، وردت في آثار ابن المعتز (ص 359-360)، وابن خلكان (4/319)، وابن الجزري (ص 222)، وغیرهم، وجمع صبیح ردیف شعره في دیوان (بغداد، 1974م). وصحیح أن بعض شعره قد اشتهر، وكان ابن الجوالیقي كثیراً ما ینشد مقطوعة من شعره في رثاء المبرّد (ابن خلكان، ن.ص)، غیر أن جل شهرته تعود لدالیته الطویلة في رثاء هرة والتي كان عدد أبیاتها 65 بیتاً (ابن خلكان، 2/109)، ولم یصلنا سوی 58بیتاً منها (ردیف، 16).

وبكاء الشاعر في موت الهر – الذي ذبحه الجیران لأكله حمامهم – كان مریراً جداً، بحیث حاول الكثیر أن ینظروا إلیه كمقطوعة رمزیة ویفسروه علی أنه في رثاء ابن المعتز أو المحسّن أو ابنه أو غلامه (ابن خلكان، 2/108-109؛ النویري، 9/293؛ قا: ردیف، 15).

ولایمكن الأخذ بهذا الرأي أو رفضه، لكن لابد من الإشارة إلی أن للشاعر مقطوعتین أخریین في الهر (ردیف، 39، 44)، هذا فضلاً عن أن النظم في هذا المجال لیس بجدید، كالمقطوعة الجمیلة الشهیرة لأبي الشمقمق (ن. ع) في قطته «ناز» (ضیف، 440). ومن الشعر الذي قیل في الهر قصیدة لابن العمید عارض فیها ابن العلاف (ظ: الثعالبي، 3/179).

المصادر

ابن الجزري، محمد، غایة النهایة، تقـ: ج. برجستراسر، القاهرة، 1351هـ/1932م؛ ابن الجوزي، عبد الرحمن، المنتظم، حیدرآباد الدكن، 1357هـ؛ ابن خلكان، وفیات؛ ابن شاكر الكتبي، محمد، عیون التواریخ، النسخة المصورة الموجودة في مكتبة المركز؛ ابن المعتز، عبد الله، طبقات الشعراء، تقـ: عبد الستار أحمد فراج، القاهرة، 1375 هـ؛ ابن الندیم، الفهرست؛ الثعالبي، یتیمة الدهر، تقـ: محمد محیي ‌الدین عبد الحمید، بیروت، دار الفكر؛ الخطیب البغدادي، أحمد، تاریخ بغداد، القاهرة، 1349هـ؛ الذهبي، محمد، سیر أعلام النبلاء، تقـ: شعیب الأرنؤوط وأكرم البوشي، بیروت، 1404هـ/1984م؛ م.ن، العبر، تقـ: محمد السعید بن بسیوني زغلول، بیروت، 1405هـ/1985م؛ ردیف، صبیح، شعر ابن العلاف، بغداد، 1974م؛ السمعاني، عبد الكریم، الأنساب، تقـ: شرف‌ الدین أحمد، حیدرآباد الدكن، 1398هـ؛ الصفدي، خلیل، الوافي بالوفیات، تقـ: رمضان عبد النواب، بیروت، 1399هـ/ 1979م؛ ضیف، شوقي، العصر العباسي الأول، القاهرة، 1973م؛ فروخ، عمر، تاریخ الأدب العربي، بیروت، 1401هـ/1981م؛ النویري، أحمد، نهایة الأرب، القاهرة، وزارة الثقافة؛ وأیضا:

EI2.

عباس حجت جلالي/ت.