اِبْنُ عَطیَّة، عبد الملك بن محمد السعدي (مقـ 130هـ/748م)، قائد عسكري أموي وأمیر مكة والمدینة في عهد مروان الثاني آخر خلیفة أموي. یتصل نسبه بسعد بن بكر بن هوازن (المسعودي، التنبیه، 327). وفي 130 هـ بعثه مروان الثاني إلی الحجاز والیمن علی رأس جیش قوامه 4 آلاف رجل لقمع زعیم الإباضیة عبد الله بن یحیی الكندي، المعروف بطالب الحق وعامِله أبي حمزة المختار بن عوف (الیعقوبي، 2/339؛ المسعودي، ن.م، 326-327؛ الطبري، 7/398). ولدینا في هذا الشأن روایتان، الأولی أن أبا حمزة الذي دخل مكة والمدینة داعیاً إلی عبد الله ابن یحیی بعث إلی الشام بلج بن عقبة في 600 رجل، فهزمه ابن عطیة في وادي القری وهرب أبو حمزة إلی مكة، فیما توجه ابن عطیة إلی المدینة (المسعودي، مروج…، 6/66-67؛ أبو الفرج، 20/108-109)، وبعد مضي شهر ولّی ابن أخیه الولید بن عروة علی المدینة وخرج هو إلی مكة (خلیفة، 2/618؛ الطبري، 7/399)، فوقعت فیها معركة قُتل خلالها أبو حمزة، فتفرق الخوارج وأسر منهم 400 رجل، فقتلهم ابن عطیة، وبعث برأس أبي حمزة مع عروة بن یزید بن عطیة إلی مروان الثاني، فیما خرج هو إلی الیمن (أبو الفرج 20/109-110؛ المسعودي، ن.ص). والروایة الثانیة أن أبا حمزة توجه علی رأس جیش إلی الشام فهزمه ابن عطیة في وادی القری وقتله. وعلی أي حال، فقد استعمل ابن عطیة علی مكة بعد أن فتحها رومي بن ماعز الكلابي المرّي وهو من أهل الشام (الطبري، 7/399)، ثم عزله وولی ابنه محمد بن عبد الملك وانحدر إلی الطائف (خلیفة، 2/619).

وبعد أن علم ابن یحیی الكندي بهزیمة أبي حمزة ومقتله خرج من صنعاء في 30 ألف رجل لحرب ابن عطیة والتقی الجیشان خارج صنعاء في منطقة تدعی صَعدة فقُتل ابن یحیی (خلیفة، ن.ص؛ الطبري، 7/400؛ الیعقوبي، 2/340) وأُبید عسكره وهرب الباقون إلی صنعاء. وبعث عبد الملك رأس ابن یحیی مع ولده یزید بن عبد الملك إلی مروان الأموي، أما هو فدخل صنعاء وأقام فیها أشهراً، وخرج علیه عدد من أصحاب ابن یحیی، أولهم یحیی بن عبد الله بن عمر الكلاعي، فبعث إلیه ابن عطیة ابن أخیه عبد الرحمن بن یزید، وخرج علیه ثانیة جماعة من الإباضیة بزعامة یحیی بن كرب الحمیري، فبعث ابن عطیة إلیهم جیشاً یقوده أبو أمیة الكندي فكسرهم وخرجوا إلی حضرموت منضمین إلی عبد الله بن معبد الجرمي. وجهّز ابن معبد جیشاً جراراً لمقاتلة ابن عطیة، فخرج هذا إلیه، ووقع بینهما قتال في الفلاة وفي مدینة سنام بحضرموت، تمكن فیه ابن عطیة من دحر الجرمي (أبو الفرج، 20/111-113).

وبعد قمعه الحركات الإباضیة في الیمن وحضرموت، ورد علیه كتاب من مروان الثاني ولّاه فیه إمارة الحج (الیعقوبي، ن.ص). فخرج في مجموعة صغیرة من أصحابه یرید مكة وقد خلف عسكره وخیله وراءه بصنعاء. وفي منتصف الطریق وفي منطقة تدعی الجُرف (الطبري، ن.ص؛ ابن الأثیر، 5/392) تعود لبني مراد، اعترضه جماعة من الإباضیة ثأراً لطالب الحق، ونشبت بین الجانبین معركة قصیرة انتهت بمقتله. وبلغ ابن أخیه عبد الرحمن بن یزید – وكان والیاً علی صنعاء – خبر مقتله فأرسل جیشاً إلی الجرف فقتل كل إباضییها مع النساء والصبیان ونهب أموالهم وأخرب بیوتهم (أبو الفرج، 20/114). وهناك روایة تقول إن والي المدینة الولید بن عروة السعدي هو الذي ثأر لعمه.

المصادر

ابن الأثیر، الكامل؛ أبو الفرج الأصفهاني، الأغاني، بولاق، 1285هـ؛ خلیفة ابن خیاط، تاریخ، تقـ: سهیل زكار، دمشق 1968م؛ الطبري، تاریخ؛ المسعودي، التنبیه والإشراف، تقـ: دي خویه، لیدن، 1893م؛ م.ن، مروج الذهب، تقـ: باربیه دي مینار، باریس، 1871م؛ الیعقوبي، أحمد، تاریخ، بیروت، 1379هـ/1960م.

مهدي سلماسي/ ت.