اِبْنُ عَروس، أبو العباس أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن علي بن یشكر بن یحیی بن وتران بن عروس (تـ 868هـ/1464م)، من الصوفیة الشهیرین بتونس في العهد الحفصي. وكان مولده في حدود 781هـ بقریة المزاتین في وادي الرمل (الوزیر السراج، 3/74، 75، 79). وإن كان قد أسند نسبته كما یبدو إلی العرب (م.ن، 3/77)، غیر أن برنشفیك (2/358) شكك في هذه النسبة، لأن بعض المؤرخین عده من بربر هوّارة أو من قبیلة بني عروس بالمغرب (ظ: الوزیر السراج، 3/75، 77). توفي والد ابن عروس وهو صغیر فتولت أمه تربیته، وبعد أن اشتغل بتونس فترة ببعض المهن المتواضعة، بادر إلی السفر، وأقام لفترة في مدینتي باجة ومیلة، وجلس في الأخیرة لتعلیم القرآن، ثم انصرف منها إلی تلمسان وفاس ومراكش وسبتة، وقضی فترة طویلة في المغرب الأقصی ثم عاد إلی وطنه (م.ن، 3/80-81؛ برنشفیك، 3/358-359). نزع منذ عنفوان شبابه إلی الطرق الصوفیة ورسومها، وعمل في رحلاته علی تربیة النفس وتزكیتها واكتساب المعارف الإلهیة. فكان من تلامذته أحمد زرّوق مؤسس الطریقة الزروقیة، وأبو الراوي عبد الله بن علي ومنصور السدّي (الوزیر السراج، 3/81؛ مخلوف، 65؛ تریمنغهام، 87). وعرف بعد عودته إلی تونس بالعارف وصاحب الكرامات إلی درجة أنه عدّ فیما بعد أحد السبعة الأبدال (الوزیر السراج، 3/86؛ برنشفیك، 2/359). وكان في بدایة أمره عادي السلوك یلبس جبة الصوف ولایفارق الصلوات الخمس بجامع الزیتونة، ثم تغیر عن تلك الأسباب، وظهر منه ما لایتفق مع العرف والعادات في الطرق والأسواق (الوزیر السراج، 3/81؛ برنشفیك، 2/360-361)، إلا أن تلامذة ابن عروس یؤكدون علی أنه كان یؤدي فرائضه الشرعیة في الخفاء. وهو سلوك أشبه بالملامتیة، ولیس من شك في أن الفقهاء وأهل الشریعة كانوا یرون أعمال ابن عروس منافیة للموازین الشرعیة، ولابد أن جدالاً كان یحدث حول ذلك (م.ن، 2/361-362)، غیر أن عامة الناس كانت تجلّه (الوزیر السراج، 3/79) ویكرمه رؤساء الدولة ویحترمونه، كما حدث وأن بنی له السلطان الحفصي محمد المنتصر زاویة باسمه في تونس. وكان الأعیان والأمراء یطلبون العون والرعایة منه، وقد حضر تشییع جنازته «أولاد السلطان وعامة رجال الدولة والبلد» (ابن أبي الضیاف، 1/235، 238؛ الوزیر السراج، 3/86؛ برنشفیك، 362-363). توفي ابن عروس بتونس ودفن في الزاویة التي باسمه (ابن أبي الضیاف، ن.ص). وصلی علیه إمام جامع الزیتونة أبو العباس أحمد المُسراتي (الوزیر السراج، ن.ص؛ قا: ابن الخوجة، 190، الذي ذكر سهواً أن وفاة ابن عروس في عهد محمد المنتصر).

ویعتبر ابن عروس مؤسس طریقة في التصوف تعرف بالعروسیة نسبة إلیه. ویذكر مخلوف سلسلة شیوخه وأنها تصل عن طریق أستاذه الشیخ فتح الله بن یوسف العجمي إلی أبي الحسن الشاذلي والطریقة الشاذلیة من جهة، وإلی معین‌ الدین الجشتي وطریقته الجشتیة من جهة أخری (ص 65، 66، 68). وقد بادر عبد السلام الأسمر الطرابلسي في القرن 10هـ إلی إصلاح الطریقة العروسیة وإحیائها فاقترن اسم السلامیة (نسبة إلیه) بعده بالعروسیة، وإذا كان تریمنغهام یرجح أن السلامیة فرع من العروسیة (ص 87)، إلا أن یونغ (ظ: EI2, S, 93)، یقول إن السلامیة كانت في حدود القرن 19م مرادفة إلی حدما للعروسیة بشمال إفریقیة، ماعدا مصر، حیث كانتا تعرفان فیها منفصلتین (ن.ص). ویری تریمنغهام أن عروسیة مصر طریقة انشعبت عن الطریقتین الفادریة والشاذیة (ص 278، قا: 87). وتعتبر العروسیة الیوم فرعاً من الشاذلیة في مصر، ولها أتباع بهذا الاسم (المتوفي، 2/275؛ عن السلامیة في مصر الیوم، ظ: الغنیمي، 60، الهامش).

ألف عمر بن علي الراشدي أحد مریدي ابن عروس كتاباً عنه باسم ابتسام العروس في مناقب الشیخ أحمد بن عروس، طبع بتونس (1303هـ). واختصره حفید شقیق ابن عروس باسم إجلاء البؤوس وإحیاء النفوس في مناقب الشیخ سیدي أحمد بن عروس (الوزیر السراج، 3/75، 79). ولابن عروس شعر أیضاً، وقد طبع دیوان له في مصر عام 1880م (أیضاً ظ: آلوارت، III/251، عن شرح قصیدة یشك فينسبتها إلیه).

المصادر

ابن أبي الضیاف، أحمد، إتحاف أهل الزمان، تونس، 1396هـ/1976م؛ ابن الخوجة، محمد، صفحات من تاریخ تونس، یروت، 1986م؛ برنشفیك، روبار، تاریخ إفریقیة في العهد الحفصي، تجـ: حمادي الساحلي، بیروت، 1988م؛ العروسي، محمد، السلطنة الحفصیة، بیروت، 1986م؛ الغنیمي التفتازاني، أبو الوفا، ابن عطاء الله السكندري وتصوفه، القاهرة، 1389هـ/ 1969م؛ مخلوف، محمد، تنقیح روضة الأزهار، بیروت، المكتبة الثقافیة؛ المتوفي، محمود، جمهرة الأولیاء، القاهرة، 1387هـ/1967م؛ الوزیر السراج، محمد، الحلل السندسیة في الأخبار التونسیة، بیروت، 1985م؛ وأیضاً:

Ahlwardt; EI2, S; Trimingham, J. Spencer, The Sufi Orders in Islam, Oxford, 1971.

فرامرز حاج منوچهري/ ن.