الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / التاریخ / ابن عثمان /

فهرس الموضوعات

ابن عثمان

ابن عثمان

تاریخ آخر التحدیث : 1442/11/22 ۱۹:۰۰:۱۳ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ عُثمان، أبو عبد الله محمد بن عبد الوهاب بن عثمان المكناسي (تـ 1213هـ/1798م)، كاتب ورجل دولة في عهد ثلاثة من ملوك المغرب. لاتتوفر معلومات عن تاریخ ولادته، ویبدو أنه ولد في أواسط القرن 12هـ/18م بمدینة مكناس بالمغرب. كان أبوه وراقاً وواعظاً بأحد مساجد مكناس. امتهن ابن عثمان مهنة أبیه وهو لایزال في طور الشباب، ثم رقاه السلطان محمد بن عبد الله لوظیفة سرد الكتب بالقصر السلطاني، ثم عینه كاتباً لدیه وولي قضاء تطوان لفترة، ومن ثم ولایتها، وقد أبدی البعض شكوكه في ولایته تطوان (الفاسي، 44).

ویُفهم من كتابه إحراز المعلّی، الذي تحدث فیه عن رحلته إلی الشرق الإسلامي، أن السلطان محمد بن عبد الله بعثه سفیراً إلی إسبانیا في 1193هـ/1779م، فاستطاع أن یرسي قواعد الصلح بین دولتي إسبانیا والمغرب. وألف خلال مهمته رحلة تدعی الإكسیر في فكاك الأسیر. توجه ابن عثمان في 20 شوال من ذلك العام من الرباط (ابن عثمان، 7)، ووصل إلی مدرید في 4 محرم 1194 (م.ن، 84). وزار خلال هذه الفترة ومابعدها أماكن عدیدة وقد فصّل ذلك في رحلته (ص 75-83)، كمدینة شقوبیة (مدینة كبیرة وقدیمة تقع إلی الشمال من مدرید تبعد عنها 90 كم) التي زار فیها الأسری المسلمین من أهل الجزائر، وزّع علیهم الصلات التي وجهها لهم سلطان المغرب (م.ن، 129-130). وطلب من ملك إسبانیا أن یطلق سراح الأسری، لكنه أطلق سراح أسیرین فقط (م.ن، 140). بعد الاتفاق علی معاهدة السلام في 26 جمادی الأولی 1194، زار بعض مدن إسبانیا، كما تجوّل في غرناطة ومن ثم دخل تطوان مع الأسری المسرحین (الفاسي، 48-49). وعندما عاد من سفرته الناجحة استوزره السلطان، وبعد ثلاث سنین كلفه السلطان محمد بتتمیم ماكان بدأه بإسبانیا، فأوفده سفیراً إلی مالطة ونابلي لافتداء الأسری المسلمین في هاتین الولایتین وحمله مالاً وفیراً. وألف في هذه السفارة رحلة سماها البدر السافر .وخرجت السفارة من مراكش في 2 ذي الحجة 1195. وفي هذه السفرة أبرم ابن عثمان معاهدة مع نائب ملك نابلي وصقلیة (فردناند الأول ابن الملك كارلوس الثالث) في 12 ذي القعدة 1196 بنابلي تؤكد الصلح والسلم (م.ن، 49-51).

وفي مطلع عام 1200هـ وجهه السلطان محمد، إلی إستانبول لملاقاة السلطان عبد الحمید العثماني مرسلاً معه الهدایا. وفي أواخر هذا العام وصل إلی إستانبول مع الوفد المرافق له، وبعث السلطان عبد الحمید من یستقبله ومن ثم اجتمع بالسلطان في 27 شوال، وقد ورد تفاصیل ذلك اللقاء في رحلته، ثم أقام ابن عثمان فترة طویلة في إستانبول، أمضاها في زیارة مشاهدها وآثارها ومشاهد البلاد الأخری وتعرف ببعض الشعراء الأتراك مثل صدقي مصطفی (م.ن، 61-62). وفي رجب 1201غادر إستانبول متوجهاً إلی الحجاز، وشبت أثناء خروجه الحرب العثمانیة الروسیة، وكان قد وعد الأتراك بتقدیم الدعم لهم، كما نظم قصیدة أشاد فیها بشجاعة الجنود الأتراك (م.ن، 64).

وفي 9 ذي الحجة 1201 وصل إلی مكة وحج البیت وأقام فیها 18 یوماً. ثم توجه إلی فلسطین وزار القدس وعكا والتقی أحمد باشا الجزار أمیر فلسطین، وقرر التوجه إلی قبرص عبر البحر، وفي وسط الطریق هاج البحر واضطربت الأحوال فاضطر التوجه إلی تنس فأقام فیها أیاماً قبل عودته إلی المغرب ووصل العاصمة في رمضان 1202 (م.ن، 66-67). ثم توجه إلی مكناس بغیة الاستراحة ورؤیة عائلته وأبنائه، إلا أن السلطان محمد كلفه فور وصوله أن یتوجه إلی تلسمان لیصاحب جماعة من الأسری الجزائریین العائدین من إسبانیا. وقد أورد ابن عثمان في رحلته إحراز المعلی تفاصیل تبادل الأسری بین إسبانیا والجزائر، ودور السلطان محمد في إطلاق سراحهم، والأموال التي أنفقها في هذا السبیل، وقد نجح في هذه المهمة الجدیدة أیضاً. وبعد عودته إلی المغرب أقام بمسقط رأسه للاستراحة ثم التحق بمنصبه الوزاري في القصر السلطاني بفاس (م.ن، 68).

وفي رجب 1203 توفي السلطان محمد وخلفه ولده یزید الذي اشتهر في تاریخ المغرب بحدته وقسوته. ولایعرف دور ابن عثمان خلال مدة دولة یزید القصیرة. ویستشف من الوثائق التي جمعها «بالاو» من المحفوظات الوطنیة بمدرید، القسم الخاص بالعلاقة بین إسبانیا والمغرب، والتي نشرها مع دراسة وافیة، أن یزید وجه ابن عثمان سفیراً إلی كارلوس الرابع ملك إسبانیا وذلك بعد بضعة شهور من مبایعته، إلا أن الأوضاع توترت بعد ذلك بین المغرب وإسبانيا فعزل یزید الیزید ابن عثمان عن السفارة وكلف بها ابن عمه علي بن أحمد بن إدریس في 1205هـ/1791م، ولكن ابن عثمان لم یرجع في الحین وأخذ یحاول حل المشاكل بین الدولتین حتی وجه یزید بعد خمسة أشهر یكلفه من جدید بالسفارة. وبقي ابن عثمان بإسبانیا إلی أن بلغه خبر وفاة یزید فرجع إلی المغرب، حیث وقعت له حظوة كبیرة عند أخیه وخلیفته سلیمان. وفي أیام السلطان سلیمان ظهر ابن عثمان كشخصیة سیاسیة بارزة في الحكومة المغربیة لها اختصاص بالشؤون الخارجیة، كما لعب دوراً مهماً في السیاسة الداخلیة. وعندما دخل سلیمان مدینة مراكش في 1212هـ/1797م وفي معیته وزیره ابن عثمان، كان نفوذه قد ثبتت دعائمه في كل البلاد عدا مدینة آسفي، وذلك أن أمیرها عبد الرحمن بن ناصر كان مبایعاً لهشام أحد إخوة سلیمان. فكلف السلطان وزیره ابن عثمان بحل هذه المعضلة، فأبلغ أمیر آسفي بوجوب تقدیمه الطاعة للسلطان، واعتذ عبد الرحمن بالمرض عن عدم استطاعته المثول بین یدي السلطان سلیمان ولكنه كتب بیعته له وأدی طاعته (م.ن، 68-70).

وعلی العموم كانت العلاقة القائمة بین المغرب وإسبانیا وباقي البلدان الأوروبیة علاقة متینة في أیام قوة ابن عثمان وقد بذل جهوداً حثیثة لحل المشاكل بین المغرب والبلدان الأخری بصفته نصیراً للصلح والتفاهم في العلاقات بین الشعوب. وقد عمل علی إبرام معاهدة سلم وتجارة وملاحة بین المغرب وإسبانیا في 1213هـ (السلاوي، 8/102-106؛ المراكشي، 5/142-143؛ الفاسي، 71).

توفي ابن عثمان إثر إصابته بوباء شاع في المغرب (م.ن، 73).

 

آثاره

ولابن عثمان مصنفات كثیرة أكثرها رحلاته التي سجل فیها أحداث زیارته لمختلف البلدان: كتاب الإكسیر في فكاك الأسیر، وهو رحلته في سفارته الأولی لإسبانیا. طبع في الرباط عام 1965م بتحقیق محمد الفاسي. وتناول المؤلف فیه كل وقائع سفره منذ البدایة وحتی النهایة بشكل رائع. قدم فیه في إطار ما لمسه معلومات واضحة ومهمة عن الناس والشخصیات السیاسیة والاجتماعیة والعلمیة والدینیة والجامعات والمدارس والمستشفیات والطرق و الشوارع والمساجد والكنائس والأدیرة والراهبات والجنود والحصون العسكریة والسوق والأوضاع الاقتصادیة والزراعة والازدهار العلمي والصناعي وحیاة الناس وأعرافهم وتقالیدهم وأخلاقهم وسلوكهم. كما تناول بدقة اجتماعه مع كارلوس الثالث ملك إسبانیا وتحدث عن أحواله وتاریخ أسرته وتطرق بإسهاب إلی المدن الكبیرة مثل مدرید والمدن القدیمة كأشبیلیة وقرطبة وطلیطلة وغرناطة، ویصفته كاتباً مسلماً ذا غیرة إسلامیة، فقد تناول بشغف ووله إسبانیا بشكل عام ومدن العهد الإسلامي بشكل خاص، ودفعته غیرته الإسلامیة إلی ذكر عبارة «أعادها الله دار إسلام» بعد تطرقه لمدن إسبانیا وقصباتها، أو إلی وصم ملك إسبانیا بـ «الطاغیة». وبشكل عام فهو یتحدث بأسف ومرارة عندما یشیر إلی الآثار الإسلامیة هناك. وتدل المعلومات التي قدمها في مضمار التاریخ الإسلامي بإسبانیا، وكذلك التاریخ المسیحي والحكام المسیحیین فیها علی تضلعه من التاریخ والسیاسة والعقائد.

وله أیضاً كتابا رحلة آخران، الأول، إحراز المعلی والرقیب في حج بیت الله الحرام وزیارة القدس الشریف والتبرك بقبر الحبیب. في رحلته إلی البلاد العثمانیة ومكة وفلسطین، توجد نسخة منه في الخزانة الزیدانیة (الفاسي، 45)؛ والثاني، البدر السافر في افتكاك الأساری من ید العدو الكافر، توجد نسخة منه في الخزانة الزیدانیة أیضاً (م.ن، 50-51). كما نُسب إلیه أثر آخر هو منظومة في المناسك (كحالة، 1/271).

 

المصادر

ابن عثمان، محمد، الإكسیر في فكاك الأسیر، تقـ: محمد الفاسي، الرباط، 1965م؛ السلاوي، أحمد، الاستقصاء، تقـ: جعفر الناصري ومحمد الناصري، الدار البیضاء، 1376هـ/1956م؛ الفاسي، محمد، «الكاتب الوزیر محمد بن عثمان المكناسي»، مجلة معهد المخطوطات العربیة، القاهرة، 1381هـ/1961م، ج 7، عد 2؛ كحالة، عمر رضا، معجم المؤلفین، بیروت، 1957م؛ المراكشي، عباس، الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام، فاس، 1357هـ/1938م.

حسن یوسفي إشكوري/ ت.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: