الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / التاریخ / ابن عبدون، أبومحمد /

فهرس الموضوعات

ابن عبدون، أبومحمد

ابن عبدون، أبومحمد

تاریخ آخر التحدیث : 1442/11/22 ۱۸:۰۷:۲۸ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ عبدون، أبو محمد عبد المجید بن عبد الله بن عبدون القرشي الفهري الیابُري النحوي (تـ ح 528هـ/1134م)، أدیب وشاعر وكاتب ووزیر أندلسي، المعروف بذي الوزارتین. أسمته بعض المصادر محمد ابن عبد المجید (رفعت أفندي، 1/37)، أو محمد بن عبد الله (حاجي خلیفة، 2/1329)، فیما ذكر ابن بشكوال أن اسم جده عبد ربه (ص 369) والذهبي عیذون (19/598). ولم تشر المصادر إلی تاریخ ولادته، ویمكننا القول إنه ولد في نحو 440هـ/1048م، لأنه تتلمذ في الثالثة عشرة من عمره علی أبي الولید، المعروف بابن ضابط (ابن بسام، 4(1)/44)، وكان أبو الولید هذا قد سمع الحدیث بقرطبة في 454هـ وأقام في بطلیوس (ح 100 كم جنوب غربي یابرة) ودرّس اللغة والأدب (ابن الأبار، 1/407)، وكذلك نظراً لشكوی ابن عبدون من الأمیر الأفطسي المتوكل (مقـ 487هـ) في عدة أبیات وإشارته إلی ابیضاض شَعره (ص 125-126). أما تاریخ وفاته، فذكرت بعض المصادر القدیمة أنه في 520هـ (ابن شاكر، فوات…، 2/388)، فیما ذكرت مصادر أخری أنه 527هـ (ابن بشكوال، 370)، كما أضیف خلال الدراسات الأخیرة عام 528هـ/1134م إلی التواریخ السابقة (ظ: هوار، GAL, S, I/480, II/320; 128). وعلی أي حال اتفق الجمیع علی وفاته في سن الشیخوخة بیابرة إثر مرض تحدث عنه في شعره ونثره (ص 165-167، 196).

ولد ابن عبدون في یابرة وهي مدینة قدیمة ومن كور باجة بالأندلس (الحمیري، 197) وتقع في البرتغال الحالیة. ویبدو أنه أمضی فترة طفولته وتعلمه في مسقط رأسه حتی لفت ذكاؤه وثروته الأدبیة انتباه حاكم المدینة عمر بن محمد الأفطسي. وعندما استقل هذا الأمیر بعد وفاة أخیه یحیی في 473هـ/1080م (آیتي، 142) وأمسك بزمام الدولة الأفطسیة في بطلیوس وتلقّب بالمتوكل، استصحب ابن عبدون إلی مركز الحكومة وعینه كاتباً ووزیراً. وظلّ في هذا المنصب حتی نهایة عهد المتوكل، وشهد سقوط بطلیوس علی ید الأمیر سیر بن أبي بكر المرابطي ومقتل المتوكل وولدیه العباس والفضل في 487هـ وتأثر لذلك، لكنه لم یلبث – ربما بدافع الحاجة – أن تولی الكتابة لدی الزعیم الفاتح قَتَلة ولي نعمته السابق. وعندما تربّع علي بن یوسف بن تاشفین علی عرش المرابطین، استدعی ابن عبدون إلی مراكش وولّاه الإنشاء (المراكشي، 164)، لكنه عاد إلی یابرة مسقط رأسه قبیل 521هـ لزیارة من له بها كما یبدو، وأقام فیها حتی وفاته (ابن بشكوال، 370).

ومن أساتذته الذین أشارت إلیهم المصادر أبو الولید ابن ضابط وأبو الحجاج الأعلم الشنتمري وأبو بكر عاصم بن أیوب أبو مروان ابن سراج (م.ن، 369؛ المراكشي، 87-88؛ المقري، 3/397-398). ومن بین الكثیرین الذین أخذوا عنه نعرف القاضي أبا الفضل عیاض بن موسی والقاضي أبا عبد الله ابن زَرقون (ابن الزبیر، 42). ویعتبر الفتح بن خاقان الذي عدّ نفسه من أصدقائه (ص 145) أحد تلامذته أیضاً (ظ: المقري، 7/30).

وكان ابن عبدون بارعاً في كافة الأغراض الشعریة في زمانه ولاسیما في المدح والرثاء، ومغرماً بالمتنبي. وتعد قصیدتاه الیائیتان في مدح المعتمد بن عباد (ص 110، 114) من أفضل النماذج التي تدل علی تقلیده لأسلوب المتنبي (التنیر، 85). ویلاحظ قلة الغزل في آثاره التي وصلتنا، لأن طبیعته المتمردة والظروف التي أجبرته علی المهاجرة، لم تدع للحب أي دور مهم في حیاته، كما لم تسمح له بالتمتع والتلذذ كثیراً (م.ن، 71، 72). ولهذا یمكن أن یكون الأنین والشكوی اللذان یشكلان أصدق أنواع شعره، أكثر انسجاماً مع شخصیته. وكان شعره حافلاً بالبدیع كالطباق والترصیع والتضمین. ورغم ذلك فهو شاعر قلیل التحدث، ویعود جلّ شهرته في بلاطي بني الأفطس والمرابطین إلی كتابته للرسائل، هذا رغم أن المصادر نقلت عنه رسالة رسمیة واحدة باسم الأمیر سیر بن أبي بكر، بینما تعد باقي رسائله من الإخوانیات (ابن عبدون، 196 فما بعد). استخدم ابن عبدون في رسائله السجع والتصنع والبدیع كالجناس والطباق. وأثار الاهتمام رهافة حسّه المتجلیة بجمعه لحروف الزیادة في الكلمات العربیة المشتقة بلفظة «أمان وتسهیل» وعرضها من خلال بیت شعري (ابن دحیة، 180-181). هذا فضلاً عن أنه كان عالماً بالخبر والأثر ومعاني الحدیث (ابن بشكوال، 370). وما أغرب ما رواه أبوبكر الحفید ابن زُهر (تـ 595هـ/1199م) حول مقدرته علی الحفظ وكیف أنه حفظ كتاب الأغاني في ذكاء خاطره وجودة قریحته (المراكشي، 91). وأثنی كل من الفتح بن خاقان (ص 145) والذهبي (9/599) والمراكشي (ص 75-76) بعبارات رائعة علی فضله وأدبه.

 

آثاره

من بین الآثار التي خلّفها ابن عبدون، أشعار ورسائل متفرقة أوردها بعض المؤلفین القدامی في ترجمته وذِكر مشاعراته ومكاتباته مع معاصریه. وقد جمع سلیم التنیر كافة آثاره في كتاب أسماه دیوان ابن عبدون. كما نُسب إلیه كتاب الانتصار لأبي عبید علي ابن قتیبة (الذهبي، 19/599؛ قا: البغدادي، 1/619)، ولم نعثر علی أي نسخة منه حتی الیوم. وورد في بعض المصادر المعاصرة أن ابن عبدون نظّم كتاب الانتصار لابن قتیبة بشكل جدید («دائرة معارف الترك»، XIX/489). والبغدادي هو المؤلف الوحید الذي نسب إلیه أثراً آخر عنوانه المستعرب في تعلیم رمي البندق (ن.ص).

ومن آثاره التي عملت علی ذیوع صیته، قصیدته التاریخیة الشهیرة التي عرفت بـ «البسامة بأطواق الحمامة» أو «البَشامة» أو «القصیدة العبدونیة» أو «رائیة ابن عبدون» (للاطلاع علی القصیدة، ظ: فروخ، 5/195-199).

ومطلع هذه القصیدة: «الدهر یفجع بعد العین بالأثر»، وهي تتألف من 50 إلی 75 بیتاً حسب المصادر التي أوردتها. تتحدث الأبیات الثمانیة الأولی عن قضایا عامة ذات علاقة بالدهر وصروفه والبیت التاسع یربط مقدمة القصیدة بالقضایا التاریخیة التي اختصّ بها حوالي 58 بیتاً علی النحو التالي: 9-21 في رجال تاریخ ما قبل الإسلام، 22-42 في مَن قُتل من شخصیات العصر الإسلامي حتی المقتدر العباسي، 43-65 في أمراء بني المظفر أو بني الأفطس ومناقبهم والمصائب التي حلّت بهم وتحسّر الدهر علیهم. أما باقي الأبیات فهي في العزاء والصبر وذكر صروف الدهر وأمله في اشتهار هذه القصیدة والسلام علی الرسول‌(ص) وآله وأصحابه. اشتهرت هذه القصیدة في العالم الإسلامي شهرة لانظیر لها، وأثنی الكتّاب بعد ابن عبدون علیها، فقالوا عنها إنها قلّ مثلها وعزّ نظیرها (المراكشي 76؛ ابن دحیة، 27)، وجمعت تاریخاً كثیراً (ابن خلكان، 7/217؛ ابن الخطیب، 189)، غیر أن هذه النقاط التاریخیة تزید من صعوبة فهمها. ولهذا بادر البعض إلی شرحها. وأوفی شروحها وأشهرها، شرح الأدیب أبي مروان عبد الملك ابن بدرون (ن.ع) وأسماه كمامة الزهر صدفة الدر، أو كمامة الزهر وفریدة الدهر (ابن شاكر، عیون التواریخ…، 12/247؛ حاجي خلیفة، 2/1329).

ونشر دوزي هذا الشرح في لیدن (1846م) مع القصیدة، مشفوعاً بتعلیقات كثیرة. ونُسب شرح آخر إلی جمال ‌الدین عبد الرحمن ابن الجوزي (تـ 597هـ/1201م) (حاجي خلیفة، ن.ص). وهناك شرح ثالث لإسماعیل بن أحمد ابن الأثیر الحلبي (تـ 699هـ/1300م) یدعی عبرة أولي الأخیار من ملوك الأمصار (حاجي خلیفة، ن.ص؛ زیدان، 3/30). وقد أوجز ابن الأثیر شرح ابن بدرون، فأخذ ما وجده جیداً وأشاح عما لم یحبذه منه. كما قام بحل المشاكل اللغویة فیه. هذا فضلاً عن أنه ذیّل قصیدة ابن عبدون بأكثر من 50 بیتاً علی نفس الوزن والقافیة، أشار فیها إلی أكثر من 40 دولة ممتداً بتاریخها من 333 إلی 697هـ (صبري، 3)، طبعت أجزاء من شرح ابن الأثیر مع كامل ذیله مرفقاً بنص القصیدة في نهایة شرح ابن بدرون عام 1340هـ بالقاهرة. واعتبر دوزي إطراء الكتّاب العرب القدامی علی القصیدة مبالغة وأمراً بعیداً عن الحقیقة، وهي من وجهة نظره تكشف عن علم مُنشدها الواسع، إلا أنها لیست نابعة من صمیم قلب الشاعر، وأثقلها التزویق اللفظي والتصورات البعیدة عن الذهن (جنثالث پالنثیا، 119-120). فیما یعارض نیكل رأي دوزي ومؤیدیه، ویری أن هذه القصیدة تستحق كل تلك الشهرة التي نالتها؛ ویعتقد أن المرء ما لم یكن مسلماً أو قادراً علی فهم مشاعر المسلمین، وما لم یقف علی النقاط التاریخیة التي أشارت إلیها القصیدة، لایستطیع أن یجد أصداءها في نفسه (ص 176؛ للاطلاع علی الطبعات المختلفة لها وشرحها وترجمتیها الفرنسیة والإسبانیة، ظ: EI2).

 

المصادر

آیتي، محمد إبراهیم، آندلس، طهران، 1363ش؛ ابن الأبار، التكملة لكتاب الصلة، تقـ: عزت العطار الحسیني، القاهرة، 1956م؛ ابن بسام، الذخیرة في محاسن أهل الجزیرة، تقـ: إحسان عباس، لیبیا/ تونس، 1979م؛ ابن بشكوال، خلف، الصلة، تقـ: عزت العطار الحسیني، القاهرة، 1374هـ/1955م؛ ابن الخطیب، محمد، أعمال الأعلام، تقـ: لیفي بروفنسال، بیروت، 1956م؛ ابن خلكان، وفیات؛ ابن دحیة، عمر، المطرب، تقـ: إبراهیم الأبیاري وآخرون، 1374هـ/ 1955م؛ ابن الزبیر، أحمد، صلة الصلة، تقـ: لیفي بروفنسال، الرباط، 1937م؛ ابن شاكر الكتبي، محمد، عیون التواریخ، تقـ: فیصل السامر، بغداد، 1397هـ/1977م؛ م.ن، فوات الوفیات، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1971م؛ ابن عبدون، دیوان، تقـ: سلیم التنیر، دمشق، 1988م؛ البغدادي، هدیة؛ التنیر، سلیم، مقدمة ديوان (ظ: همـ، ابن عبدون)؛ جنثالث پالنثیا، آنخل، تاریخ الفكر الأندلسي، تجـ: حسین مؤنس، القاهرة، 1955م؛ حاجي خلیفة، كشف؛ الحمیري، محمد، صفة جزیرة الأندلس، تقـ: لیفي بروفنسال، القاهرة، 1937م؛ الذهبي محمد، سیر أعلام النبلاء، تقـ: شعیب الأرنؤوط، بیروت، 1405هـ/1984م؛ رفعت أفندي، أحمد، لغات تاریخیة وجغرافیة، إستانبول، 1299هـ؛ زیدان، جرجي، تاریخ آداب اللغة العربیة، القاهرة، 1957م؛ صبري، محیي‌ الدین، مقدمة شرح قصیدة ابن عبدون، القاهرة، 1340هـ؛ الفتح بن خاقان، قلائد العقیان، بولاق، 1284هـ؛ فروخ، عمر، تاریخ الأدب العربي، بیروت، 1983-1984م؛ المراكشي، عبد الواحد، المعجب، تقـ: محمد سعید العریان ومحمد العربي العلمي، القاهرة، 1368هـ/1949م؛ المقري التلمساني، أحمد، نفح الطیب، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1388هـ/1968م؛ وأیضاً:

EI2; GAL, S; Huart, Cl., Littérature arabe, Paris, 1923; Nykl, A. R., Hispano-Arabic Poetry, Baltimore, 1946; Türk ansiklopedisi, Ankara, 1971.

یوسف رحیم ‌لو/ ت.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: