اِبْنُ عَدلان، أبو عبد الله شمس ‌الدين محمد بن أحمد بن عثمان الكناني (صفر 663- ذو القعدة 749/ كانون الأول 1264- كانون الثاني 1349)، فقیه شافعي مصري. یعرف بالكناني نسبة إلی قبیلة كنانة حلیفة قریش، وذكر العامري (ص 616) أنه یلقب بالمقدسي (نسبة إلی بیت المقدس). اختلفت المصادر في سنة ولادته (ظ: ابن شاكر، 636؛ الصفدي، 2/169؛ الیافعي، 4/331؛ ابن الجزري، 2/70؛ الإسنوي، 2/237)، وذكر المقریري (2(3)/796) أنه عاش 86 سنة وهذا ما یؤكد سنة 663هـ لولادته. ویذكر ابن شاكر (ن.ص) أنه كان من أعیان مصر وكبار الشافعیة.

سمع الحدیث من محمد بن الحسین بن الخلیلي وغازي الحلاوي والعز بن صیقل الحراني وابن ترجم وأبي محمد الدمیاطي، وأجازه كل من ابن علاق وابن خطیب المزة ومحمد بن أحمد القسطلاني وغیرهم (الصفدي، 2/168؛ الیافعي، 4/331؛ ابن حجر، 5/63). أخذ القراءات علی الخلیل بن أبي بكر المراغي والنحو علی ابن النحاس والأصول علی شهاب ‌الدين الصنهاجي القرافي وشمس ‌الدين الأصفهاني والفقه علی الوجیه البهنسي وظهیر ‌الدين التزمنتي وابن السكري (الصفدي، 2/168-169؛ ابن قاضي شهبة، طبقات، 3/70). وذكر البافعي (ن.ص) من أساتذته أیضاً ابن الصواف الشاطبي في الحدیث وشرف ‌الدين الشافعي الفاسي في أصول الفقه.

وكان له حظ عظیم من العلم في الفقه والأصول والنحو والحدیث أهله لتولي التدریس في عدة مدارس كالصالحیة والناصریة بالقاهرة والمیعاد العلائي بالجامع الأزهر، وأصبح إماماً في الفتیا والفقه بالدیار المصریة (الصفدي، 2/169؛ الیافعي، ن.ص). وكان مدار الفتیا بالقاهرة علیه وعلی شهاب ‌الدين ابن الأنصاري (ابن قاضي شهبة، ن.م، 3/71). ناب في القضاء قبل 700هـ/1301م عن قاضي القضاة تقي ‌الدين ابن دقیق العید (الذهبي، 4/149) وممن أخذوا عنه تقي ‌الدين الواسطي، المعروف بابن البغدادي من مقرئي مصر وقاضي القضاة ناصر الدین الأنصاري، المعروف بابن مَیلَق (ابن قاضي شهبة، التاریخ، 3/15، 568-569). وذكر ابن قاضي شهبة أنه كان أفقه من بقي في زمانه من الشافعیة (طبقات، 3/71).

عاش ابن عدلان في عهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون من ممالیك مصر، وخلعه جاشنگیر لصغر سنه، واستمر الصراع السیاسي إلی 709هـ وانتهی بقتل الناصر لجاشنگیر. وكان ابن عدلان قد قضی حتی ذلك الوقت أكثر من نصف عمره، وتولی بعض المناصب في حكومة جاشنگیر كالوكالة للأمیر موسی بن صالح، وتوجهه رسولاً إلی الیمن في أوائل 707هـ من قبل جاشنگیر (الصفدي، 2/169؛ ابن حجر، 5/64)، الأهم من ذلك أنه كان ممن أفتی ضد السلطان الناصر محمدبن قلاوون (الصفدي، ن.ص؛ ابن قاضي شهبة، ن.ص). ومن الظاهر أن سلطاناً غضوباً كالناصر لایمكن أن ینسی هذا الأمر ولذا فإن الناصر كما أشار الصفدي (ن.ص). كان أثناء حكمه ناقماً علیه، ولكنه لم یؤذه لما كان یتمتع به من منزلة فقهیة وعلمیة. وإنما حرمه من الدروس والحكم (ابن قاضي شهبة، ن.ص). وتولی بعد النصار بعض المناصب، فولي قضاء العسكر في المنصورة أبام خلیفة ابن قلاوون الناصر أحمد بن محمد، ولم یزل علیه إلی أن مات (الصفدي، ن.ص؛ الیافعي، 4/331؛ السبكي، 5/214-215). ومن الحوادث المهمة في حیاته العلمیة والفكریة معارضته الشدیدة لابن تیمیة، فقد وقف في وجهه حینما شاهد فتواه بخطه عن مسألة الاستواء علی العرش وخلق القرآن واعتبر ذلك مخالفاً لعقائد الشافعیة والأشعریة (زرياب، 111). توفي ابن عدلان في مصر بالطاعون (الذهبي، 4/149).

بدأ ابن عدلان بتدوین شرح مسهب لمختصر المزني ولم یتم (الصفدي، 2/169؛ الإسنوي، 2/237)، منه نسخة بخط المؤلف في دار الكتب المصریة (كحالة، 8/288).

المصادر

ابن الجزري، محمد، غایة النهایة، تقـ: ج. برجستراسر، القاهرة، 1351هـ/ 1932م؛ ابن حجر العسقلاني، أحمد، الدرر الكامنة، حیدرآباد الدكن، 1396هـ/ 1976م؛ ابن شاكر الكتبي محمد، عیون التواریخ، النسخة المصورة الموجودة في مكتبة المركز؛ ابن قاضي شهبة، أبو بكر، التاریخ، تقـ: عدنان درویش، دمشق، 1977م؛ م.ن، طبقات الشافعیة، تقـ: الحافظ عبد العلیم خان، حیدرآباد الدكن، 1399هـ/1979م؛ الإسنوي، عبد الرحیم، طبقات الشافعیة، تقـ: عبد الله الجبوري، بغداد، 1391هـ/1970م؛ الذهبي، محمد، ذیول العبر، تقـ: محمد السعید بن بسیوني زغلول، بیروت، 1405هـ/ 1985م؛ زریاب خویي، عباس، بزم آورد، طهران، 1368ش؛ السبكي، عبد الوهاب، طبقات الشافعیة الكبری، القاهرة، 1324هـ؛ الصفدي، خلیل، الوافي بالوفیات، تقـ: هلموت ریتر، بیروت، 1381هـ/1961م؛ العامري، یحیی، غربال الزمان، دمشق، 1405هـ/ 1985م؛ كحالة، عمر رضا، معجم المؤلفین، بیروت، 1376هـ/1957م؛ المقریزي، أحمد، السلوك، تقـ: محمد مصطفی زیادة، القاهرة، 1958م؛ الیافعي، عبد الله، مرآة الجنان، حیدرآباد الدكن، 1339هـ.

محمد مهدي مؤذن جامي/ ن.