الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الادیان و التصوف / ابن عجیبة /

فهرس الموضوعات

ابن عجیبة

ابن عجیبة

تاریخ آخر التحدیث : 1442/11/22 ۱۹:۰۷:۲۶ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ عَجیبَة، أبو العباس أحمد بن محمد بن المهدي بن عجیبة الحسني (1160 أو 1161- شوال 1224هـ/1747 أو 1748– تشرین الثاني 1809م)، عارف ومفسر وعالم مراكشي. تحدث في كتابه الفهرسة بإسهاب عن نسبه ومسقط رأسه ودراسته ونزعاته الفكریة، وانتمائه إلی طریقة الصوفیة، وطیه مدارج السلوك، وحیاته العائلیة ورحلاته وغیرها من الأحداث التي مرت بحیاته، كما عدد كتبه حسب تاریخها، عند حدیثه عن سیرته.

ولد ابن عجیبة في قریة الخمیس الواقعة في المنطقة المنسوبة إلی قبیلة أنجرا علی ساحل البحر المتوسط الجنوبي بین طنجة وتطوان (میشون، 2-1؛ حمدان، 7)، وفي أسرة من السادات، ویصل نسبه عن طریق حسن المثنی والحسن بن علي(ع)، إلی علي بن أبي طالب(ع) بناء علی شجرة نسبه التي أوردها مترجم الفهرسة بالفرنسیة في مقدمة هذا الكتاب (ظ: میشون، 28). تلقی دراسته الابتدائیة وحفظ القرآن في مسقط رأسه، ثم درس الفقه والكلام والتفسیر والعلوم الأدبیة مدة في القصر الكبیر علی الفقیه محمد السوسي، ثم في تطوان علی عدد من الأساتذة مثل أحمد الرشا وعبد الكریم بن قریش ومحمد الورزازي. ولما قدم الشیخ محمد الجنوي إلی تطوان لازم درسه وقرأ علیه الفقه والحدیث ثم بحوثاً في العرفان (ابن عجیبة، الفهرسة، 29-32). وبعد وفاة محمد الجنوي، قصد ابن عجیبة فاس وحضر فیها مجلس درس سیدي محمد التاودي بن سودة، وأجازه التدریس وروایة الحدیث.

كانت فاس آنذاك مركزاً مهماً للعلوم والمعارف الإسلامیة، فتعرف ابن عجیبة فیها جماعة من كبار علماء المغرب وتعلم التفسیر والحدیث والفقه علی عدد منهم، وأجازوه الروایة عنهم (ن.م، 35-38). ثم ما لبث أن عاد إلی تطوان واشتغل بتدریس العلم، وتعرف في هذه الرحلة (1208هـ/1794م) بالعارف الشهیر سیدي محمد البوزیدي (تـ 1229هـ/1814م) ودخل في الطریقة الدرقاویة (ن.م، 32-33). كان قد مال في مجالس درس محمد الجنوي إلی العرفان، وقرأ حكم ابن عطاء الله وأصول الطریقة للشیخ زرّوق، غیر أن دخوله في الطریقة الدرقاویة أحدث تطوراً عمیقاً في فكره وروحه، فاتجه من علم الظاهر إلی علم الباطن ونبذ العلائق الدنیویة، وساح في مختلف المناطق بزي الصوفیة واشتغل بإرشاد الطلاب، وإقامة الزوایا لاجتماع الصوفیة والسیر والسلوك الروحاني. وقد بین في الفهرسة، كیف حدث هذا التغیر الروحي والباطني مع ذكر الجزئیات والعوامل التي أوجدت هذا التغیر (ص 40-48)، كما عدَّد مجاهداته وریاضاته الشاقة والمساعي والمصائب التي واجهها بإسهاب (ص 52-57)؛ ومنها ماعاناه مع أخیه وأصحابه بتطوان وكیف سُجنوا لنشر الطریقة والتبلیغ لها وبتهمة ملفقة، غیر أن دخول الدراویش معه إلی السجن وقدوم آخرین من المتصوفة إلیهم قلب السجن إلی زاویة، وصار كله بذكر الله، وانضم إلیهم أهل السجن وأتت أنواع الأطعمة من الخارج، فطعموا كلهم (ص 57-58). وبعد 3 أیام أخرج ابن عجیبة وأصحابه من السجن. وأخذ منهم عهد علی الكف عن نشر الأفكار الصوفیة وطریقتها. ثم ما لبث هذا الخبر أن بلغ فاس، فعاتب أهلها أهل تطوان علی مافعلوا بهم. وعابوا علیهم ذلك أشد العیب. وأنشد الفقیه الأدیب سیدي سلیمان الحوات قصیدة وردت في الفهرسة، یعیب فیها الذین تسبیوا في ذلك (ص 57-60).

ولم تُثن ابن عجیبة هذه الحوادث التي عبر عنها بالامتحان عن الطریق الذي رسمه لنفسه والطریقة التي اتبعها. وظل یشتغل بدعوة الناس إلی الله وتأسیس الزوایا والخانقاهات في مختلف أرجاء تلك المنطقة، وتألیف الكتب العلمیة والعرفانیة وتصنیفها إلی أن أصیب في غمارة بالطاعون ومات. وتقع مقبرته قرب طنجة علی مرتفع یشرف علی قریة زمیج وعلی البحر وصخور جبل طارق. وفي أواخر الصیف من كل عام یجتمع الدراویش الدرقاوین هناك ویحتفلون بذكراه بإقامة مراسیم خاصة (ظ: میشون، 91).

وابن عجیبة من كبار طریقة الدرقاویین، ویتعلق بفرع البوزیدیین (تریمینغهام، 112). وشجرة هذه الطریقة كما یبدو في الفهرسة (ص 62-63) تصل من جهة إلی الشاذلیة ومن جهة أخری إلی الجیلانیة. وكان یربط بین ابن عجیبة وبین أبي حامد العربي الدرقاوي (1173-1238هـ/ 1760-1823م) مؤسس الطریقة الدرقاویة صلة وثیقة، غالباً ما یستشهد في كتبه بأقواله، غیر أن دخوله في هذه الطریقة تم إثر تعرفه إلی سیدي محمد البوزیدي في 1208هـ، وفي سن الـ 47 أو 48 (ظ: ابن عجیبة، ن.م، 44). وقد اشتغل قبل ذلك سنوات في دراسة علوم الظاهر وتدریس الفقه والحدیث والتفسیر، وكان یعیش في نفس الوقت بزهد وعبادة وترك وتجرد (ن.م، 40). ولذلك كانت أكثر مؤلفاته في أوائل حیاته تختص بالمواضیع المتعلقة بالعلوم الدینیة. وأساس طریقته في التصوف، حفظ الحدود وظواهرالشرع والوصول إلی الحقیقة عن طریق الشریعة، فهو یری أن «التهیؤ للعلم الباطن هو العلم بالشریعة الظاهرة»، ویقول: ینبغي الوصول إلی علم الباطن بعلم الظاهر، ولاینتقل العمل للبواطن حتی تستقیم الظواهر: «إعلم أن ثمرة العلم العمل، وثمرة العمل الحال، وثمرة الحال الذوق، وثمرة الذوق الشرب، وبعد الشرب السكر، وبعد السكر الصحو، وبعد الصحو تمام الوصال، وهو التمكین والرسوخ في المشهود» (ن.ص). ویری في إیقاظ الهمم أن الشریعة والطریقة والحقیقة كالإسلام والإیمان والإحسان، والبدایة والوسط والنهایة كلها واحد، ویعتبرها موازیة بعضها لبعض ولازماً وملزوماً (ص 47). وكان مطلعاً علی كتب كبار الصوفیة كالقشیري والغزالي وابن الفارض والسهروردي ومشایخ المغرب. وقد شرح بعضها، غیر أن نظرته إلی المسائل العرفانیة تقوم عامة علی وحدة الوجود (ظ: ن.م، 40-46، 69، مخـ).

وكان ابن عجیبة یقتدي في معاشه وسلوكه وإفراطه في التجرد والإعراض عن الدنیا ومجاهدة النفس بطریقة الدراویش الدرقاویین وعاداتهم وأعمالهم الدرويشية فكان وأصحابه یعلقون المسبحات الطویلة بحباتها الكبیرة بأعناقهم، ویحملون العصا، ویلبسون خشن الثیاب، ویسیحون في المدن والقری، ویظهرون أحیاناً بأشكال غریبة غیر مألوفة تثیر عجب الناس وأحیاناً غضبهم وسخطهم (م.ن، الفهرسة، 49-50، 53، 54؛ تریمینغهام، 114). ویقول إنه لما دخل في الطریقة الدرقاویة بقي كما قال الله تعالی «ولقد جئتمونا فرادی» (الأنعام/6/94)، وباع كتب «العلم الظاهر» وأنفق جل ذلك علی شیخه في بنیان داره (ن.م، 53). ومع ذلك یبدو مما خلّف من الكتب في مختلف العلوم أن حیاته لم تكن محض سیر في الآفاق وریاضة ومجاهدة، بل قضی أكثرها في البحث والمطالعة والتصنیف أیضاً.

 

آثاره

تشتمل القائمة التي أوردها ابن عجیبة في الفهرسة (38-40) عن كتبه علی 38 مصنفاً بینها دیوانه، أي قصائده وتواشیحه ومنظوماته وقد أضاف إلیها مترجم الفهرسة إلی الفرنسیة 4 كتب أخری استخرجها من المصادر وذكرها في مقدمة ترجمة الفهرسة (ظ: میشون، 31-30). وورد في بعض فهارس المخطوطات أسماء كتب أخری له بالإضافة إلی ما ذكر یبدو أنها غیر ما ورد في الفهرسة، ولابد أنها دونت بعد تألیف الكتاب أو أنه نسبها أثناء كتابة الفهرسة (ظ: علوش، 2(1)/176؛ سید، 1/408، 2/85، 259؛ آربري، V/42). أهم كتبه:

1. أزهار البستان في طبقات الأعیان، وهو في بیان أحوال كبار المذهب المالكي، وتطرق خلال ذلك إلی ذكر النحویین والمحدثين والصوفیة (وكیل، 2(4)/ 25).

2. إیقاظ الهمم في شرح الحكم، وهو شرح حكم ابن عطاء الله السكندري، طبع مرة في القاهرة في 1331هـ، ومرة أخری بنفس المدینة سنة 1961م، ولایشتمل هذا الكتاب الذي ألفه ابن عجیبة بطلب من شیخه سیدي محمد البوزیدي علی عقائده وآرائه في المسائل العرفانیة فحسب، بل یعتبر أیضاً من أهم المصادر لأقوال كبار الطریقة الشاذلیة والدرقاویة وأحوالهم أمثال أبي الحسن الشاذلي وأحمد الیمني والشیخ زرّوق والعربي والبوزیدي.

3. البحر المدید في تفسیر القرآن المجید، وهو في 4 مجلدات، طبع قسم منه في القاهرة (1375-1376هـ).

4. دیوان، ویشتمل علی قصائد ومقطوعات في العرفان والخمریات، یظهر علیها تأثیر شعر ابن الفارض الصوفي، وقد ورد أكثر شعر ابن عجیبة في الفهرسة أیضاً.

5. الفتوحات الإلهیة في شرح المباحث الأصلیة، وهو شرح لمنظومة ابن بناء السرقسطي العرفانیة والتي ألفها بإشارة من شیخه سیدي محمد البوزیدي أیضاً، طبع هذا الكتاب مرة في القاهرة عام 1331هـ ذیل إیقاظ الهمم، وحققه مرة أخری عبد الرحمن حسن محمود، وطبع بالقاهرة في 1983م.

6. الفتوحات القدوسیة في شرح المقدمة الآجرومیة: وهو شرح عل مقدمة منظومة ابن آجروم الشهیرة في النحو، فسرها وشرحها ابن عجیبة من الناحیتین النحویة والباطنیة (ظ: الظاهریة، 38-382). طبع القسم الخاص بالشرح الباطني للمقدمة بإستانبول في 1315هـ.

7. الفهرسة، وهي ترجمة لنفسه. نشرت ترجمتها الفرنسیة أولاً في 1968 و1969م في العددین 15 و16 من مجلة أربیكا، ثم نشرت بلیدن في نفس السنة. حقق النص الأصلي من الكتاب عبد الحمید صالح حمدان، وطبع بالقاهرة في 1990م.

8. معراج التشوف إلی حقائق التصوف، رسالة في شرح بعض الألفاظ والمصطلحات الصوفیة، طبعت بدمشق في 1937م. وكانت ترجمتها إلی الفرنسیة دراسة حول ابن عجیبة وآثاره موضوع رسالة دكتوراه ج. ل. میشون، وقد أتمها في 1966م.

ولابن عجیبة بالإضافة إلی ما ذكر شروح مختلفة لسورة الفاتحة وقصیدة البردة للبوصیري وتائیة ابن الفارض وشعر محیي ‌الدین ابن عربي والشوشتري، ورد ذكرها في الفهرسة.

 

المصادر

ابن عجیبة، إیقاظ الهمم في شرح الحكم، القاهرة، 1331هـ/1913م؛ م.ن، الفهرسة، تقـ: عبد الحمید صالح حمدان، القاهرة، 1990م؛ حمدان، عبد الحمید صالح، مقدمة علی الفهرسة (ظ: همـ، ابن عجیبة)؛ سید، المخطوطات؛ الظاهریة، المخطوطات (النحو)؛ علوش، ي. س.وعبد الله الرجراجي، فهرس المخطوطات العربیة، الرباط، 1954م؛ وكیل، مختار، فهرست المخطوطات المصورة، القاهرة، 1390هـ/1970م؛ وأیضاً:

Arberry; Michon, J. L., L’autobiographie (Fahrasa) du Soufi marocain Ahmad ibnʿAgtba, Leiden, 1969; Trimingham, J. S,. The Sufi Orders in Islam, Oxford, 1971.

فتح الله مجتبائي/ ن.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: