الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الموسیقی / ابن عائشة، أبوجعفر /

فهرس الموضوعات

ابن عائشة، أبوجعفر

ابن عائشة، أبوجعفر

المؤلف :
تاریخ آخر التحدیث : 1442/11/22 ۱۴:۳۸:۰۴ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ عائشَة، أبو جعفر محمد، موسیقي ومغن في النصف الأول من القرن 2هـ / 8م. كان ینسب إلی أمه فعرف بابن عائشة، ویلقبه من عاداه بـ «ابن عاهة الدار» (أبو الفرج، 2/203). لم یُعرف اسم أبیه بدقة، ویُزعم أنه جعفر (ن.ص). ویقول أبو الفرج نقلاً عن ابنه عبید الله: الولید بن یزید أو الولید الثاني الخلیفة الأموي الحادي عشر (حكـ 125-126هـ/743-744م) سأله عن أبیه ولِمَ نسب إلی أمه، فأجاب: «كانت أمي ماشطة وكنت غلاماً، فكانت إذا دخلت إلی موضع قالوا: ارفعوا هذا لابن عائشة، فغلبت عی نسبي» (ن.ص).

لانعلم سنة ومكان ولادة ابن عائشة ولكن أمه من موالي كثیر بن الصلت الكندي حلیف قریش، وقیل إنه من موالي المطلب بن أبي وداعة (ن.ص)، أو وداعة السهمي (النویري، 4/280). وذكر أن سنة وفاته كانت في حدود 100 هـ/ 718م (الزركلي، 6/179؛ العاملي، 75)، ویبدو أنه لیس صحیحاً، فقد ذكر أبو الفرج الأصفهاني أن ابن عائشة كان في عنفوان شبابه حینما دخل مجلس الولید بن یزید، وعنده الموسیقیان الكبیران آنذاك معبد ومالك (أبو الفرج، 2/210-211)، وكان الولید خلیفة، فقد خاطبه معبد بأمیر المؤمنین (م.ن، 2/211)، وبذلك یتبین أن سنة 100هـ هي ولابد سنة ولادة ابن عائشة لا وفاته. ونظراً لما ذكر أنه مات في عهد الولید، (EI2؛ الموسوعة العربیة…، 1/21)، ومن المحتمل أن تكون سنة وفاته 125هـ/743م.

أخذ ابن عائشة الموسیقی بالمدینة عن معبد ومالك (النویري، 4/281) وقیل عن جمیلة (فارمر، 82). ولما كان معبد تلمیذ نشیط الفارسي (م.ن، 55)، وجمیلة تلمیذة خاثر الإیراني (م.ن، 54-53)، أمكن القول إنه كان للثقافة والفن الإیرانیین دور كبیر وغیر مباشر في تفتح مواهبه، مما رفعه بسرعة كأساتذته إلی أوج الشهرة، وألف بعده بسنین كبار الفنانین كإسحاق الموصلي (تـ 235هـ/850م) وأبي أیوب المدني كتباً حوله (ابن الندیم، 158، 165). وفي روایة لیونس الكاتب أول كاتب للمتون الموسیقیة أن ابن عائشة كان كأكثر الموسیقیین في ذلك العصر أو بعبارة أصح بناء علی ما یقتضي، مغنیاً وعازفاً أیضاً وكان یضرب علی العود (أبو الفرج، 2/205)، ولكن غناءه أحسن من ضربه ولاسیما صوته الجمیل. فإذا غنی فناهیك حسناً یفتن السامعین (ن.ص؛ العاملي، 76). ویتجلی فن ابن عائشة في ارتجاله وابتدائه، ولذلك ضرب به المثل فقیل: كأنه ابتداء ابن عائشة (الشیخاني، 31).

وكان مع فنه البدیع في الغناء شدید الحساسیة سریع الغضب، فإذا طلب إلیه أحد أن یغني غضب وانقطع عن الغناء، أو إن كان یغني وقال أحد معجباً به «أحسنت» ینقطع عن الغناء. وكان مقابل ذلك لطیف المعشر، طیب القلب، ظریف المجلس (م.ن، 32). وهو حسن الوجه بالإضافة إلی صوته الحلو البدیع (الموسوعة، ن.ص).

رُوي عن فن أو تفنن ابن عائشة الكثیر من القصص والروایات ربما وضعت معر مرور الزمن ,امتزجت بالمبالغة والخیال، منها: أن الولید بن یزید، بلغ به الطرب بغنائه حداً، جعله ینزع ثیابه ویلقیها علیه ویهبه 1,000 دینار (أبو الفرج، 2/226)، أو قیل: إن أحد أصحاب ابن عائشة رآه في موسم الحج واقفاً متحیراً، فسأله عن السبب، فقال: إنی أعرف رجلاً لو تكلم لحبس الناس هاهنا فلم یذهب أحد ولم یجئ، فقال له الرجل: من ذاك؟ قال: أنا، ثم اندفع فغنی بیتاً من الشعر، فحبس الناس واضطربت المحامل ومدت الإبل أعناقها، فأتي به هشام ابن عبد الملك (حكـ 105-125هـ/723-743م)، فعاتبه، وكان ابن عائشة تیاهاً، فقال له هشام: ارفق بتیهك، فقال: حق لمن كانت هذه مقدرته علی القلوب أن یكون تیاهاً، فضحك منه وخلی سبیله (أبو الفرج، 2/208).

اختص أبو الفرج الأصفهاني فصلاً من كتابه بأخبار ابن عائشة (2/203-241)، وكان ضمن إیراده القصص والأخبار المتعلقة بعهد خلافة هشام بن عبد الملك والولید بن یزید، یذكر الرواة وأسماء الشعراء الذین نظموا أشعارهم في مناسبات مختلفة، ووزنها ولحنها وطریقة عزفها تحت عنوان «صوت». ویبدو من الشواهد الموجودة أن لفظة «صوت» هنا كما یقول عبد القادر المراغي (ص 250) اصطلاح موسیقي وهي تعني «صوت الوسط» في الأناشید. ویتابع أبو الفرج: إن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب‌‌(ع) كان مكرماً لابن عائشة محباً له، فأصر علیه الحسن أن یخرج معه إلی البُغَیبغة وهي قرب المدینة أوقفها الإمام علي‌(ع) علی أولاد فاطمة‌(ع) (یاقوت، 1/698)، فغناه في الطریق وفي ثلاثة أیام أقامها فیها أجمل الغناء، ثم مارآه بعدها (أبو الفرج، 2/217-220). ویقول أبو الفرج نقلاً عن حماد الروایة أیضاً: إن حماداً انتهي إلی الولید بن یزید في عمل وهو بالبخراء في الشام، وهي مصیف في ثغر الحجاز، فرآه علی سریر ممهد، وعنده معبد ومالك، وفي هذه الأثناء أتاه الحاجب وقال: الرجل الذي طلبت بالباب، قال أدخله، فدخل شاب لم أر أحسن وجهاً منه في رجله بعض الفَدَع، فقال غنني، فغناه، فلما انتهی، قال له غنني أیضاً، فغضب معبد وقال: یا أمیر المؤمنین، إنا مقبلون علیك وإنك تركتنا وأقبلت علی هذا الصبي، فأجاب الولید: لكن هذا الغلام طرحني مثل الطناجیر من حرارة غنائه. قال حماد الراویة: فسألت عن الغلام فقیل له هو ابن عائشة (2/210-211).

وقد أورد أبو الفرج كیفیة موت ابن عائشة بأشكال مختلفة: إحداها أن ابن عائشة كان یصطحب الغمر بن یزید إلی الشام وكان من أمراء بني أمیة، فلما وصلا إلی قصر ذي خُشُب، علی بعد 4 فراسخ من المدینة، نزلا فیه، وأقام الغمر مجلس طرب علی سطحه، فغنی ابن عائشة، وطرب له الغمر، وطلب منه أن یردده، فأبی كعادته، فأمر به فطرح من أعلی السطح فمات. وقیل بل قام من اللیل وهو سكران فسقط من السطح فمات (2/235-236؛ للاطلاع علی الروایات الأخری، ظ: م.ن، 2/235-237).

ولما مات ابن عائشة، قال أبو القاسم أشعب (ابن جُبیر من موالي عبد الله بن الزبیر ومعروف بالطامع: الزركلي، 1/332) وهو یبكي لخبر موته «قد قلت لكم: روّجوا ابن عائشة رُبیحة الشمّاسیة تخرج لكم بینهما مزامیر داود فلم تفعلوا» والناس یضحكون منه (أبو الفرج، 2/237؛ ابن شاكر، 1/199).

 

المصادر

ابن شاكر الكتبي، محمد، فوات الوفیات، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1973م؛ ابن الندیم، الفهرست؛ أبو الفرج الأصفهاني، الأغاني، القاهرة، 1383هـ/1963م؛ الزركلي، الأعلام؛ الشیخاني، سمیر، أشهر المغنین عند العرب، 1962م؛ العاملي، علي العسیلي، الغناء في الإسلام، بیروت، 1404هـ؛ المراغي، عبد القادر، جامع الألحان، تقـ: بینش، طهران، 1366ش؛ الموسوعة العربیة المیسرة، تقـ: محمد شفیق غربال، القاهرة، 1965م؛ النویري، أحمد، نهایة الأرب، القاهرة، وزارة الثقافة والإرشاد القومي؛ یاقوت، البلدان؛ وأیضاً:

EI2; Farmer, H. G., A Hitory of Arabian Music, London, 1967.

تقي بینش/ن.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: