الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفقه و علوم القرآن و الحدیث / ابن عامر /

فهرس الموضوعات

ابن عامر

ابن عامر

تاریخ آخر التحدیث : 1442/11/22 ۱۴:۳۳:۲۸ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ عامِر، أبو عمران عبد الله بن عامر بن یزید الیحصبي (تـ 10محرم 118هـ/29 كانون الثاني 736م)، قارئ أهل الشام وأحد القراء السبعة. وقد اختلف في كنیته (ظ: الأندرابي، 77؛ الذهبي، معرفة….، 67). ینتسب إلی یحصب إحدی قبائل الیمن (ابن أبي حاتم، 2(2)/122)، ویقال إنه لیس في القراء السبعة من العرب غیره وغیر أبي عمرو ابن العلاء (ظ: أبو عمرو الداني، 6). ویذكر خالد بن یزید عن ابن عامر (ظ: ابن الجزري، غایة…، 1/425) أنه ولد بالبلقاء (في الأردن الحالیة) في 8هـ/629م وعلی هذا فإن أسرته من المسیحیین العرب الذین رحلوا إلی الشام من الیمن، واعتنقوا الإسلام بعد فتح الشام (13-14هـ). وتفید الروایة المذكورة أن ابن عامر قدم دمشق مع أسرته في 17هـ/638م (ن.ص). ویذكر یحیی الذماري في روایة أخری أن ابن عامر ولد في 21هـ/642م (الذهبي، ن.ص)، ولما بدأ بتعلم القراءة كان بعض أصحاب الرسول (ص) في الشام لایزالون علی قید الحیاة، وذكر في المصادر أنه أخذ القراءة عن بعضهم كأبي الدرداء وواثلة بن الأسقع (ظ: أبو عمرو الداني، 9؛ الأندرابي، 81؛ ابن عساكر، 262؛ ابن الجزري، النشر، 1/144، غایة، 1/424)، ولكن لابد من البحث عن مدی صحة هذه المعلومات، وإن صحت، فمعرفة مدی إفادته منهم.

وما یمكن الاعتماد علیه في المصادر أن ابن عامر أخذ القراءة من شخص یدعی المغیرة بن أبي شهاب المخزومي، وهذا عن عثمان (ظ: ابن مجاهد، 86؛ ابن مهران، 39؛ أبو عمرو الداني، ن.ص)، حتی إن بعض الروایات الشامیة ذهبت إلی أخذه عن عثمان نفسه أیضاً، وربما صح ذلك (ظ: ابن مهران، 40؛ أبو عمرو الداني، ابن عساكر، ن.ص). ولیس من شك في العلاقة بین نزعة أهل الشام العمیقة إلی عثمان إثر سیطرة الأمویین وما لعثمان من منزلة لجمعه المصحف، وبین سند ابن عامر باعتباره إمام الشام في القراءة، حیث كان هذا السند موضع فخر الشامیین (كنموذج ظ: المقدسي، 142-143). وربما أن هذه العلاقة هي التي دعت بعضهم كمحمد بن جریر الطبري إلی الشك في سند قراءة ابن عامر (ظ: ابن الجزري، غایة، 1/424، 2/305). ولایستعبد أن یكون هذا السند العالي في نظر الشامیین سنداً رمزیاً أكثر منه واقعیاً، لاسیما أن المغیرة بن أبي شهاب لم یعرف سوی واسطة بین ابن عامر و عثمان (ظ: ن.م، 2/305-306). وعلی كل حال لاشك في أن هذا السند كان مؤثراً في قبول هذه القراءة عند الشامیین، حتی إن بعضهم اعتبر قراءة ابن عامر، قراءة عثمان (ظ: وكیع، 3/203).

ثم إن علاقة ابن عامر الوثیقة بمعاویة مؤسس الخلافة الأمویة بالشام، ومكانة ابن عامر في قراءة هذه الدیار وما كان لقراء الشام من دور حساس في الأحداث السیاسیة في القرن الأول الهجري (مثلاً ظ: نصر ابن مزاحم، 85، 188، 222، 291، 499)، كانت كلها عوامل زادت في مكانة ابن عامر في الأوساط الاجتماعیة. ویقول ابن عساكر (ص258) إنه ولي قضاء الشام بعد أبي إدریس الخولاني (تـ 60هـ)، ولما تولی الولید ابن عبد الملك الخلافة وأمر ببناء الجامع الأموي بدمشق عام 86هـ، عین ابن عامر ناظراً علی بنائه (ظ: الذهبي، سیر…، 5/293) وبعد الانتهاء منه تولی رئاسته (ن.ص؛ البسوي، 2/403) وكانت أحكامه نافذة فیه (الذهبي، ن.ص). كما حدث وأن ضرب عالمین مشهورین «لرفعهما أصواتهما في لاعلم بالمسجد» (البسوي، 2/402؛ أبو زرعة، 1/343)، كما ضرب عطیة بن قیس وهو قارئ آخر بدمشق لأنه رفع یدیه في الصلاة (البسوي، ن.ص؛ أبو زرعة، 1/346).

وربما ولي ابن عامر قضاء دمشق بعد بلال بن أبي الدرداء في عهد الولید عام 93هـ (أبو عمرو الداني، 5؛ ابن حجر، 5/275؛ قا: أبو زرعة، 1/201؛ وكیع، ن.ص). ولاندري المنزلة التي كان علیها ابن عامر في عهد سلیمان بن عبد الملك (96-99هـ)، ولكننا نعلم أنه لم یكن قاضیاً في عهد عمر بن عبد العزیز (99-101هـ) (ظ: أبو زرعة، وكیع، ن.ص). حتی إن عمر بن عبد العزیز لم یأذن له بلقائه لما فعله بعطیة بن قیس وربما لأسباب أخری (البسوي، 2/403؛ أبو زرعة، 1/346-347). ولم یردنا بعد 101هـ معلومات عن تولیه مناصب سیاسیة أو اجتماعیة ربما لشیخوخته، أو لأسباب أخری.

ورغم أن ابن عامر لایخالف في القراءة ما مضی علیه السلف (ظ: الأندرابي، 77) فإن دراسة مواضع اختلافه مع غیره من القراء یدل أن لمصحف الشام تأثیراً عمیقاً علی قراءته (كنموذج حول آیات: البقرة/ 2/116؛ النساء/4/66؛ الأنعام/ 6/32، 137، قا: أبو عمرو الداني، 76، 96، 102، 107 مع ابن ابي داود، 44، 45 والرهني، 53؛ نقلاً عن مصحف الشام). وقد أدی التقارب بین مصحف الشام ومصحف المدینة إلی أن تقرب قراءة ابن عامر إلی حد بعید من قراءة نافع المدني، وأن یرد اسم هذین معاً في كثیر من مواضع الخلاف (كنموذج حول آیات: البقرة / 2/ 132؛ آل عمران/ 3/133؛ المائدة/ 5/54؛ التوبة / 9/107، قا: أبو عمرو الداني، 77، 90، 99، 119 مع ابن أبي داود، 44-46). والحق أنه لم یثبت قراءة ابن عامر في بعض المواضع تبعاً لمصحف الشام (في آیات: الأنفال/ 8/67؛ الروم/ 30/9؛ المدثر/ 74/33، قا: مصادر قراءة ابن عامر مع ابن أبي داود، 45 والرهني، 53-54). ولایمكن الحدیث بثقة عن مدی تأثیر اللهجة الشامیة في قراءة ابن عامر، وإن كانت في بعض الحالات لاتخلو من لهجة الشام كفتح التاء في «یاأبتَ» وإثبات الألف في «لكنا» عند الوصل (أبو عمرو الداني، 127، 143)، كما یشاهد میله غالباً في القراءة إلی تفضیل باب التفعیل علی الثلاثي المجرد (م.ن، 90، 91، مخـ)، وصیغة المعلوم علی المجهول (م.ن، 121، 138)، وتاء المضارعة علی الیاء (م.ن، 99، 107، مخـ)، ومواضع خلافها قلیلة (مثلاً م.ن، 76). وعلی هذا فإن قراءة ابن عامر یمكن أن تعتبر أكثر القراءات إغراقاً في القیاسیة وهو ما كان یفتخر به أنصاره (ظ: المقدسي، 143) وقیل إن بعض السلف انتقوا ابن عامر في حالات معدودة (ظ: المقدسي، ن.ص)،ولكن لم یشر إلی تفاصیل ذلك.

ویعتبر یحیی بن حارث الذماري أهم طالب عَمِل علی نقل قراءة ابن عامر إلی الخلف، وتعلم راویان شهیران قراءة ابن عامر وهما هشام بن عمار وابن ذكوان (ن.ع) بواسطة واحدة عن یحیی (ظ: ابن مجاهد، 86؛ ابن مهران، 39؛ الأندرابي، 77-79؛ ابن الجزري، النشر، 1/135-144). والحق أن قراءة ابن عامر انتشرت إلی حدما أیضاً بروایة بعض الرواة الآخرین (ظ: الأندرابي، 79-80؛ ابن عساكر، 258؛ ابن الجزري، غایة، 1/425). ویبدو اختلاف كبیر بین روایتي ابن عامر الشهیرتین، أي روایة هشام وروایة ابن ذكوان، لایمكن غالباً أن ینسب إلی ابن عامر نفسه، ویظهر ذلك علی الأكثر في المباحث التجویدیة. ویمكن أحیاناً تفضیل إحدی الروایتین علی الأخری بالاعتماد علی بعض الشواهد الخارجیة كاتفاقها مع مصحف الشام. ومن قراءات ابن عامر الشاذة التي یشك في صحة نسبتها إلیه ما جمعه ابن خالویه في المختصر، حیث وضع ابن عامر في بعضها إلی جانب أبي الدرداء الذي ربما كان أستاذه (ظ: ص 23، 42، 68، 146)، وقد یعرف ابن عامر في كتب القراءات بالشامي، ومع ابن كثیر بـ «الابنان» (ابن خلف، 40؛ الصفاقسي، 28، مخـ).

وفي القرنین 3 و4هـ/9 و10م أصبحت قراءه ابن عامر معتبرة ببغداد وغیرها من المناطق، وأوردها آنذاك كل من أبي عبید القاسم بن سلام وأحمد بن جبیر الأنطاكي وإسماعیل بن إسحاق المالكي ومحمد بن جریر الطبري ومحمد بن أحمد الداجوني في كتبهم، كما أثبتها ابن مجاهد (تـ 324هـ) في كتاب السبعة واحدة من القراءات السبع (ظ: ابن الجزري، النشر، 1/34).

وأما انتشارها، فلم تكن قراءة ابن عامر شائعة في النصف الأول من القرن 4هـ/10م في أرجاء الشام فحسب، بل غلبت علی أهل الجزیرة (شمال بین النهرین) وشاعت قلیلاً في مصر (ابن مجاهد، 87). وفي النصف الثاني من هذا القرن، حافظت هذه القراءة علی نفوذها في شمال بین النهرین إلا أن قراءة أبي عمرو البصري نافست قراءة ابن عامر وغلبت علی أرجاء الشام، وظلت قراءة ابن عامر شائعة في دمشق فقط، وغدت أضعف القراءات فيمصر (ظ: المقدسي، 142، 180، 202).

وبلغ هذا الضعف المستمر أشده في نهایة القرن 5هـ/11م (ظ: ابن الجزري، غایة، 1/424). وكان لابن عامر معرفة بالعلوم المتعلقة بالقراءة أیضاً. ویذكر ابن الندیم (ص 39) أنه ألف كتابین باسم اختلاف مصاحف الشام والحجاز والعراق وكتاب في مقطوع القرآن وموصوله، كما أخذ أهل الشام عنه العدد [عدد الآیات] أیضاً (ظ: وكیع، 3/203).

وكان ابن عامر قلیل الحدیث أیضاً (ظ: ابن سعد، 7(2)/158)، فقد سمع عدداً من الأحادیث من معاویة لها شهرة خاصة في كتب الحدیث (ظ: مسلم، 2/718؛ أحمد بن حنبل، 4/99، 100؛ للاطلاع علی أحادیث أخری، ظ: ابن عساكر، 258-261). ومن مشایخه في الحدیث أیضاً واثلة بن الأسقع وفَضالة بن عُبید والنعمان بن بشیر (ظ: الخطیب، 2/748؛ ابن عساكر، 258). ووصفه من علماء الرجال بالثقة كل من أحمد بن حنبل والنسائي والعجلي وابن حبّان (العجلي، 262؛ ابن حبان، 5/37؛ ابن عساكر، 264؛ الذهبي، سیر، 5/292). وأورد ابن عساكر (ن.ص) فهرستاً برواته في الحدیث.

 

المصادر

ابن أبي حاتم، عبد الرحمن، الجرح والتعدیل، حیدرآباد الدكن، 1372هـ/ 1953م؛ ابن أبي داود، عبد الله، المصاحف، القاهرة، 1355هـ؛ ابن الجزري، محمد، غایة النهایة، تقـ: ج. برجستراسر، القاهرة، 1351هـ/1932م؛ م.ن، النشر، تقـ: علي محمد الضباع، القاهرة، مكتبة مصطفی محمد؛ ابن حبان، محمد، الثقات، حیدرآباد الدكن، 1399هـ/1979م؛ ابن حجر العسقلاني، أحمد، تهذیب التهذیب، حیدرآباد الدكن، 1326هـ؛ ابن خالویه، الحسن، مختصر في شواذ القرآن، تقـ: ج. برجستراسر، القاهرة، 1934م؛ ابن خلف، إسماعیل، العنوان في القراءات السبع، تقـ: زهیر زاهد وخلیل عطیة، بیروت، 1405هـ/1985م؛ ابن سعد، محمد، كتاب الطبقات الكبیر، تقـ: زاخاو وآخرون، لیدن، 1904-1915م؛ ابن عساكر، علي، تاریخ مدینة دمشق (من الجزء الرابع والثلاثین، عبد الله بن سالم – عبد الله بن أبي عائشة)، تقـ: مطاع الطابیشي، دمشق، مجمع اللغة العربیة؛ ابن مجاهد، أبو بكر، السبعة، تقـ: شوقي ضیف، القاهرة، 1972م؛ ابن مهران، أحمد، المبسوط، تقـ: سبیع حمزة الحاكمي، دمشق، 1407هـ/1986م؛ ابن الندیم، الفهرست؛ أبو زرعة، عبد الرحمن، التاریخ، دمشق، 1400هـ/1980م؛ أبو عمرو الداني، عثمان، التیسیر، تقـ: أوتوپرتزل، إستانبول، 1930م؛ أحمد بن حنبل، مسند، القاهرة، 1313هـ؛ الأندرابي، أحمد، قراءات القراء المعروفین، تقـ: أحمد نصی، الجنابي، بیروت، 1405هـ/1985م؛ البسوي، یعقوب، المعرفة والتاریخ، تقـ: أكرم ضیاء العمري، بغداد، 1394هـ/1974م؛ الخطیب البغدادي، أحمد، تلخیص المتشابه، تقـ: سكینة الشهابي، دمشق، 1985م؛ الذهبي، محمد، سیر أعلام النبلاء، تقـ: شعی الأرنؤوط وآخرون، بیروت، 1403هـ/1982م؛ م.ن، معرفة القراء الكبار، تقـ: محمد سید جاد الحق، القاهرة، 1387هـ/1967م؛ الرهني، محمد، مقدمات علم القرآن (القسم الباقي)، تقـ: أحمد پاكتچي (لم ینشر)؛ الصفاقسي، سیدي علي، «غیث النفع»، ذیل سراج القاري المبتدي، بیروت، دار الفكر؛ العجلي، أحمد، تاریخ الثقات، تقـ: عبد المعطي القلعجي، بیروت، 1405هـ/1985م؛ مسلم بن الحجاج، الصحیح، تقـ: محمد فؤاد عبد الباقي، القاهرة، 1955م؛ المقدسي، محمد، أحسن التقاسیم، تقـ: دي خویه، لیدن، 1906م؛ نصر بن مزاحم، وقعة صفین، تقـ: عبد السلام محمد هارون، القاهرة، 1382هـ؛ وكیع، محمد، أخبار القضاة، القاهرة، 1366هـ/1947م.

أحمد پاكتچي/ن.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: