اِبْنُ الضّابِط، أبو عمرو عثمان بن أبي بكر بن حمود الصدفي السفاقسي (385- ح 440 هـ/ 995-1048م)، محدث مالكي وأدیب وشاعر. ولد في سفاقس بتونس (ابن بشكوال، 2/408). أول ما نعرف عن دراسته یعود إلی مابعد 420هـ/1029م في العراق ثم في إیران. سمع الحدیث من أبي عبد الله محمد الفسوي ومبارك بن علي الهراس وطاهر ابن عبد الله الطبري وعبد الملك بن سیاوش الكازروني وكریمة بنت أحمد السرخسیة وغیرهم. وكان أجل ما لقي من شیوخه أبا نعیم الأصفهاني الذي لزمه ابن الضابط في أصفهان، وقال عنه «لم ألق مثله في العلم والعمل» (الحمیدي، 2/481؛ الضبي، 410؛ ابن بشكوال، ن.ص). سافر قبل 436هـ/1044م إلی الشام والحجاز ومصر (م.ن، 2/409) وفي 436هـ توجه إلی قرطبة وأسمع هناك الحدیث، وقضی فترة في مدن الأندلس الأخری منها طلیطلة، ثم عاد إلی قرطبة. سمع منه كثیر من علماء الأندلس (الحمیدي، ن.ص؛ ابن بشكوال، 2/408-409)، منهم الحمیدي وأبو محمد شعیب بن سعید العبدري وعبد الله بن حیان الأروشي (الحمیدي، ن.ص؛ شكیب أرسلان، 3/27، 88). ویقول الحمیدي إن ابن الضابط عرف كثیراً من أخبار البلاد التي دخلها ومن فیها من أهل الروایة والعلم (2/481)، وكان عارفاً للغة والأدب، مشهوراً بالفضل (ابن بشكوال، 2/409؛ ابن فرحون، 2/85).

نقل قسماً كبیراً من أدب المشرق الإسلامي إلی مغربه، منه شعر ابن المعتز وأبي عبد الله المفجَّع (الحمیدي، 2/482؛ قا: ابن فرحون، ن.ص، ذكر أبیاتاً لابن المعتز ناسباً إیاها لابن الضابط). وكان ابن الضابط ینظم الشعر أیضاً، وإن لم یبق من شعره سوی عدد من الأبیات (ظ: الحمیدي، ابن بشكوال، ن.ص) تنمّ عن طول باعه في هذا الفن أیضاً. یقول أبو علي الصدفي نقلاً عنه إن شعراء القیروان مثل ابن رشیق القیرواني وابن شرف وابن حجاج وغیرهم كاتبوه حین إقامته في القیروان، وأرسلوا إلیه أبیاتاً تفیض بالمدح والثناء ووصفوا شعره بأنه یذكر بأدب المشرق (ظ: ابن بشكوال، 2/409-410). ولعل هذا ما دعا إلی تعجب التجاني (ص 78) والوزیر السراج (1(2)/335) وتساؤلهما عن عدم ذكر ابن رشیق اسمَه في الأنموذج.

عاد ابن الضابط إلی القیروان بعد رحلته الثانیة إلی قرطبة، ویبدو أن أبا عمر ابن الحذّاء كان یكاتبه حتی حدود 440 هـ (ظ: ابن بشكوال، 2/409)، ثم تنقطع أخباره عنا، سوی أن المعز بن بادیس الصنهاجي وجّهه بین عامي 440 و444 هـ في مهمة سیاسیة إلی القسطنطینیة، فمات في طریقها (ابن بشكوال، ن.ص؛ قا: الحمیدي، ن.ص).

لیس لدینا شيء من كتبه، إلا أن ابن خیر (ص 435) یشیر إلی فهرسة نسبت إلیه روایةً عن أبي محمد ابن عتاب الذي یبدو أنه أكبر راوٍ وتلمیذ لابن الضابط. كما ذكر له الوزیر السراج جزءاً في الحدیث (1(2)/336؛ قا: الزركلي، 4/204).

المصادر

ابن بشكوال، خلف، الصلة، القاهرة، 1966م؛ ابن خیر، محمد، فهرسة، تقـ: فرنسشكه قداره، بغداد، 1963م؛ ابن فرحون، إبراهیم، الدیباج المذهب، تقـ: محمد الأحمدي أبو النور، القاهرة، 1394هـ/1974م؛ التجاني، عبد الله، رحلة، تقـ: حسن حسني عبد الوهاب، تونس، 1958م؛ الحمیدي، محمد، جذوة المقتبس، تقـ: إبراهیم الأبیاري، بیروت، 1403هـ/1983م؛ الزركلي، الأعلام؛ شكیب أرسلان، الأمیر، الحلل السندسیة في الأخبار والآثار الأندلسیة، بیروت، دار مكتبة الحیاة؛ الضبي، أحمد، بغیة الملتمس، القاهرة، 1967م؛ الوزیر السراج، محمد، الحلل السندسیة في الأخبار التونسیة، تقـ: محمد الحبیب الهیلة، تونس، 1970م.

مریم صادقي/ ن.